|
الغناء والانشاد الديني الذى غزا الكنيسة في طريقه لغزو المساجد!!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 10:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تمتاز الكنيسة التقليدية ومنها الارثوذكسية والكاثوليكية بطابع فريد وهو ما يسمى بالقداس وهو يعتبر الخدمة الدينية الرئيسية بالكنيسة التي يتوجب على كل مسيحي حضورها ليمارس أي طقس أو نشاط كنسي أخر. والقداس فى العرف الارثوذكسي يشمل كل شئ فى المسيحية وقد كان من العصور الاولى وقد رتب القداس الارثوذكسي ثلاثة هما القديس أغريغوريوس الذي وضع نوع من القداسات و القديس كيرلس الكبير الذي عدل في القداس الذي تم وضعه من قبل مارمرقص الرسول كاروز الديار المصرية، اما النوع الثالث فوضعه القديس باسيليوس الكبير. وقد هدف الثلاثة الى أن يخرج المسيحي من القداس وقد مارس كل الانشطة المسيحية الممكنة. ولكن من الملاحظ غياب التراتيل أو الانشاد الديني عن هذه القداسات لانها لم تكن هناك فى الاساس وكان يكتفى بالالحان القبطية التي تتناول صلوات ومقاطع من الكتاب المقدس باللغة القبطية وكانت ترتل بطريقة مميزة. أما وجود تراتيل وتسابيح وأغاني روحية بلغة المصليين فلم يكن لها وجود في القداس!! ولذلك من أين أتت التراتيل وكيف أقتحمت الكنيسة وتحدد لها وقت أساسي في العبادة ، بل أصبحت عبادة في حد ذاتها ومعتمدين في ذلك على نصوص كتابية كثيرة!! بالرغم من أن القداسات ظلت بلا تغيير، الا أن الكنيسة الارثوذكسية أصبحت تهتم بالانشاد الديني داخل أسوار الكنيسة في الاجتماعات الكنسية الاخرى الخاصة بمراحل عمرية مختلفة لأنها أيقنت أن الناس أصبحت تميل للموسيقي فبدلاً من خسارة قدر كبير من المتعبدين تم إدخل الموسيقى والانشاد الديني لمحاصرة هؤلاء الناس حتى لا يتركوا الكنيسة!
ولكن من أين أتى هذا؟! أتى هذا من قبل الحملات التبشيرية البروتستانية الغربية. وقد كانت الكنيسة الكاثوليكية الغربية تقليدية أيضا فى تحريم الموسيقى والغناء.. ولكن بعد ثورة لوثر على الافكار الكاثوليكية وقد تبعه الكثيرين في جميع أنحاء أوربا وتوالت أعتراضات كالفن وغيرهم من رجال الدين على الكاثوليكية بادئين ما قد تعارف عليه بأسم البروتستانتية. ومما أدخل في العبادة تحت لواء البروتستانتية وأصبح جزء أصيل ولا يتجزء منها هى الموسيقي والترتيل أي الانشاد الديني. وقد كان يثير العواطف الجياشة وأستخدمت في جذب أكبر قدر ممكن من أتباع الكاثوليكية والتلاعب في عقولهم؛ حيث تعزف مقطوعات وترتل تراتيل معينه عند التقدمة والعطاء مثلاً! أو عند الوعظ عن غضب الله فيرهب السامعين بسماع موسيقى صاخبة غاضبة وهكذا....! وقد دخلت البروتستانتية مصر , وانتشر بالفعل هذا المذهب كإنتشار النار في الهشيم لآن المصريين قد ملوا الرتابة في العبادة الارثوذكسية وترك الكثيرين الارثوذكسية وتبعوا الراية البروتسانتية بما فيها من تنوير واستنارة تناسب وتواكب العصر حينئذ وقت الاستعمار! ومن بين ما أثار أعجاب المصريين هو التراتيل االتي ترتل بالعربية لا بالقبطية التي لا يفهمها الا الاكليروس ( الكهنة) وبعض الشمامسة وتقريبا لا يفقهها اي من جمهور المتعبدين ...!
ولم تسكت الكنيسة الاثوذكسية على ذلك ، فقد كانت تفقد رعاياها ولذلك ضربت عصفورين بحجر واحد حافظت على القداسات الثلاث المستخدمة في العبادة سليمة intact وأدخلت الموسيقى والتراتيل بكثرة فى الاجتماعات الفرعية؛ والخاصة بالاطفال والشباب والنساء وغيرها! وبذلك حاصرت الارثوذكسين حتى لا يضلوا للخارج! ولكني أتسائل اليس ذلك تجديد ديني في العبادة، وربما حدث تجديدات لا حصر لها شبيهة بذلك الامر أدخلت على المسيحية عبر العصور حتى كادت المسيحية الاصلية أن تختفي!!
ومن ناحية أخرى، يلاحظ المسلم من عشرات السنيين كيف يتم تحريم الموسيقى والاغاني من قبل الشيوخ المتشددين وكيف كان ينبذهم الشباب. وأنقسم الشعب الاسلامي الى من يحرم الاغاني والموسيقى في البيت، و الى من لا يرى فيها غضاضة! ولكن بمرور الزمن تزايد أعداد من يؤيدون عدم تحريم الموسيقى ويرون في تحريمها تشدداً وتطرفاً! ولذلك ولكي لا يخسر الدعاة والشيوخ شبابهم أدخلوا الموسيقي فيما يسمى بالانشاد الديني ( ولقد كان في القديم على هيئة مدائح للرسول) بالرغم من معاداته في البداية! وهذا الانشاد أصبح يعالج كل المشاكل النفسية والاجتماعية والروحية والسياسية التي تجتاح المسلم! ولذلك تم تعويض المسلم عن الموسيقى الدنيوية بموسيقى روحية دينية!
ونحن نرى ذلك الان فى القنوات الفضائية الحديثة المخصصة للشباب والاطفال، حيث يكثر الانشاد الديني الذي يحاصر الاطفال والشباب حتى لا يجدوا مبتغاهم خارج إطار الدين! ولكن اليس هذا تجديد لم يكن يفعله السلف الصالح! ولماذا التجديد في العبادة؟! أبسبب أن الدين أصبح لا يناسب هذا العصر؟!
وكما دخلت التراتيل الكنيسة وأصبحت جزء لا يتجزء ولا ينفصم عن العبادة بل هي عبادة في حد ذاتها، فلك أن تنتظر أيها المسلم حتى يغزو الانشاد الديني المسجد، وربما يصبح جزء من صلاة الجمعة، في طائفة اسلامية جديدة! واللبيب يفطن لذلك الامر، أنه قد تم البدأ فى الامر! فأنا أرى الان المسلم يردد في أوقات الفراغ أغاني دينية وقد كنت أرى المسلمين في أوقات الفراغ يرددون إستغفار وحمد وأيات قرأنية! ألم يتغير الزمن؟! وكذلك تغير المسلمون؟! وأيضا يا عزيزي تغير الاسلام!! وتغيرت المسيحية وتغيرت اليهودية وتغيرت باقي الاديان! فهكذا وأبداً أذا تغير الزمن والانسان، حتى الايدولوجيات التى من المفترض أنها ثابته نجدها تتغير بقدرة قادر!!!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أصبع الله.... أم عشوائية؟!
-
رحمة يا دنيا رحمة !!!
-
إختيار صعب: إما موت يونان النبي ( يونس ) في بطن الحوت أو عدم
...
-
ثلاث إشكاليات منطقية تنتظر الرد في أول صفحة فقط في الكتاب ال
...
-
تقويض فكرة الثواب والعقاب الدينية
-
المسيح والشيطان يؤكدان أن الارض مسطحة من إنجيل متى!
-
الصوم من منظور لا ديني
-
قصة عبور البحر الاحمر للشعب العبراني فى سفر الخروج من التورا
...
-
مجهودات باسم يوسف تصب في مصلحة الرئيس!!
-
لا بيض بل حليب
-
مجمل الأقداس
-
كوانتم الشفاء
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|