أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فوزية الحُميْد - سائق تاكسي














المزيد.....

سائق تاكسي


فوزية الحُميْد

الحوار المتمدن-العدد: 4047 - 2013 / 3 / 30 - 01:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك من البشر من تعجب بهم دون مقدمات أو دعايات, وحدها المصادفة العامل الرئيسي في ذلك وأنموذجي هنا يعمل سائقا لتاكسي من المهاجرين العرب في باريس, حيث هاجرت عائلته منذ أكثر من خمسين عاماً, واستأذنكم التعبير عن هذا الوجه خاصة أن هناك وجوهاً تسكن الذاكرة لسبب ما. لقد أكبرت فيه التجربة برغم بساطتها وكُبْر معناها بالنسبة لي على الأقل كون تعليمه بسيط ولم يدخل جامعات .ومع ذلك يتحدث باللغتين الفرنسية والانجليزية! وعندما سألته أجاب اكتسبتهما بالاحتكاك والتعلم الذاتي ! حيث هاجرت عائلته من بلده الأم لأسباب أهمها الفقر وضنك العيش, أو كما يعبر هو وبطريقة أدق بتدني الحس الإنساني في المجتمع العربي .ويقول بأسى/ أحسسنا وعوائلنا في هذا المكان بإنسانيتنا .
أجل هناك أمكنة تسكننا وتبقى في القلب .أو كما يعبر الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بعبارته (المكان يستمدّ قيمته من العلاقة الإنسانية)
والسيد السائق عندما يتحدث تبهرك ثقافته وكأنما أنت في تألق شاعر, وفي ألق مفكر! يتحدث عن باريس الثقافة والفن ,عن متاحفها و قصورها العتيقة ،وعن تاريخ كل ساحة وجادة وقهوة . في حديثه عن الحي اللاتيني المكان المبهر للأدباء العرب وغيرهم من أصقاع الدنيا -في فترة من التاريخ –وهو المكان الذي شهد العلاقة الجدلية و التنوع الثقافي والعقائدي بين الشرق والغرب في نهضة شارك فيها رواد التنوير العربي من مفكريه ومثقفيه ومبدعيه 0وحيث يحدثك بشغف المعرفة عن عميد الأدب العربي طه حسين وثلة من أدباء أوروبا والعالم .كان يتحدث تحدث المتمكن المثير للذهنية .ورأيتني في إنصاتي أسترد قراءة رواية (الحب الضائع لطه حسين ) الذي كان مسرحها وأبطالها من باريس وهي ذات بعد إنساني . تحن فيه البطلة إلى عالم الطفولة من صدمات الواقع في ترتيبات و لعب الكبار وهو العمل الأدبي المتقدم والذي لا يرى الآخر بوصفه ذاتا مغايرة بل شريكا في الإنسانية والحضارة, ورواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس والتي تمثل أهم قراءاتي في المنتج الروائي العربي والعالمي واعتبرها الرواية الأدق في مفصل وجدل العلاقة بين الشرق والغرب .علاقة رعاها الحب وخذلها الاختلاف وأبدعها الحس الحضاري .
وعلى الجانب الآخر في الأدب الغربي الفرنسي وبالقرب من كاتدرائية نوتردام يحدثنا السيد السائق عن رواية أحدب نوتردام للكاتب العالمي العظيم فيكتور هيجو , والتي مرتكزها الروائي الكاتدرائية وهي من أعظم الروايات التي تفيض إنسانية ,كنت قد قرأتها في مكتبة والدي في سن مبكرة .ما يلفت أن السائق يمتزج بالمكان والتجارب الانسانية بوعي وثقافة فارهة!. لقد أثار السيد السائق في مخيلتي أهم قراءاتي, وحرك الراكد في ذهني .ولأن بعض البشر كالكتب فيها الثري والممتع الذي يستحق وقتك , ويصب الحكمة في إنصاتك ,وفيها من لا يستحق ذلك .
لقد سألت نفسي ماذا لو بقي هذا السائق العربي في مجتمعه ؟ هل سيتوفر له السكن في حي يشبه الحي الذي يقطنه في باريس ضاحية اللاديفانس ؟هل سيتوفر لهم العلاج في أفضل المستشفيات ؟أم سيموت وملفه قيد الانتظار! هل سيتوفر له من وقت للاطلاع والتثقيف والأناقة ؟أم أنه سيظل ذلك الانسان المطحون كما في رواية تاكسي للكاتب المصري خالد الخميسي
وعندما يتحدث عن وطنه يتمنى أن يدفن فيه.. إنه هاجس العودة المتشبث بقبر, وهاجس المنفى المتدثر بالفقد 0هذا الانطباع أحدث لدي حيرة المنفى والعودة مقابل الحياة والموت .لقد استفزتني صديقة مترفة بسؤالها / لماذا المنفى ؟قلت يصبح المنفى أمراً ضرورياً للمواطن العربي عندما يفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة . وما يحدث في المشهد العربي يكفينا إجابة .ولأن في باريس كل الأشياء تفصح عن ذاتها رأيت أن أتناول هذا الوجه من أشياء ترى. ومما يلفت أثناء إقامتنا في باريس أنه لم يتخلف عن القراءة ,ويستغل لحظات الانتظار لممارستها 0 معللا شغفه بها ,ويصفها بالفعل الإنساني. وحيث يقول إنها عادة من عاداتي علمتني إياها مدينة باريس الجميلة.! أجل هي عادة لم تستغلها أمتنا أمة اقرأ حيث نثرثر أكثر مما نقرأ ونفكر ونعمل! لدينا من حملة الشهادات العليا وقد يعجز الفرد فيهم عن القراءة الجادة ,وعن كتابة مقال ,وعن حوار ناضج! تشاهد في البلدان المتقدمة فعل القراءة في الفندق و الشارع والقطار والحدائق ,وفي كل مكان.و حيث الثقافة ليست ترفاً بل سلوك وأسلوب حياة ! وسؤالي عن حال تعليمنا العربي .وماهي الخطط والاستراتيجيات القادرة على خلق بيئات مختلفة للتعلم تكون المدرسة أو الجامعة أحد أقطابها لا مرتكزها؟
لكنني سأختم ذلك بمقولة السائق المثقف (إحنا لسىه مابدأناش هو التعليم العربي بيعمل حاجة)



#فوزية_الحُميْد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوز مرسي وحسابات الاختيار
- تدوير المناصب
- قراءة في أعمال الفنانة التشكيلية /خديجة زين
- قائد وشعب
- القصيبي /المثقف النموذج في المنجز الثقافي السعودي
- قراءة لقصيدة (سواد مدجّج بالتآويل) للشاعر السعودي/ أحمد عائل ...
- صوت !
- أمية!
- وطن نصفه منصور.. ونصفه الآخر فاطمة !
- آفة الإسلام...اختزاله وشخصنته
- تمتمات
- نصوص
- الثقافة المنتجة.. القيمة الأهم في الفعل الحضاري!!!
- التمرد الحوثي!
- تكامل الإسلام في الجمع بين علوم الدين والدنيا !!
- الفكر الخرب والذهنيات المعتلة !!
- ناشطات الحملات الهزيلة وثقافة العرائض!!
- للحنين ذاكرة تفيض بالجمال!!
- الثقافة العربية والأجوبة العمياء
- الفكر يعيد خلق الحياة في هزالها !!!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فوزية الحُميْد - سائق تاكسي