|
مصالحة نتنياهو اردوغان سكاكين جديدة فوق الجسد الفلسطيني
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 13:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أبى الرئيس الامريكي باراك اوباما ان يترك وراءه خلال غارته الأخيرة لعدد من دول الشرق الأوسط مزيجاً من الروائح والعلامات المريبة ، هكذا تفعل الحيوانات الكاسرة عندما تريد أن تفرض هيمنتها على منطقة معينة في البراري والغابات ، فالشرق الاوسط بالنسبة لأمريكا كان ولا زال محمية يتوجب المحافظة عليها ، ومن حق الديناصور الامريكي ان يتفقدها بين الحين والآخر لتثبيت اقدام نواطيرها او استبدال بعضهم اذا لزم الأمر .
كشفت تحليلات بعض الروائح التي خلفها اوباما وراءه في داخل محميته بأنه كان كاثوليكي في صهيونيته اكثر من بقية القادة والزعماء الاسرائيليين ، وهناك رائحة دخلت في جيوب الاسرائيليين الأنفية أكدت بأنه مستوطن اكثر من المستوطنين ، وداعم للاحتلال اكثر من المحتلين ، ومتعبد في محراب الصهيونية اكثر من الصهيونيين .
أما بخصوص الروائح التي أفرزها وتركها في مباني الأمة أمام طلاب الجامعات ، فقد فضحته أكثر ، لأنها لم تكن اكثر من صراخ لا قيمة تاريخية او مبدئية له ، خاصة بعد ان حاول جعله مميزا موجه كما قال الى الاجيال الشابة ، وطالبهم بأخذ زمام المبادرة من قادتهم ، لكنه لم يجرؤ على ذكر اية مبادرة !!؟ هل يريدهم ان يكونوا الجيل الثاني والثالث الذي يحافظ على سياسة اسرائيل الاحتلالية والعدوانية ؟ الغريب ان مستشارية لم يضعوا امامه الصورة الحقيقية لهذا الجيل الذي قرر مخاطبته ، لم يبلغوه بانه يقف امام جيل لا ينظر الى نفسه والى العالم الا بعيون عنصرية ، جيل موجه فاقد الارادة ، يعيش في حالة من الطيش والتخدير ، كل يوم يتم حقنه بأمصال مركزة مشبعة بالعنصرية و شرعنة الاحتلال والاستيطان ، كان اوباما يخاطب جيل صهيوني مترهل ، أدمن على استعباد الآخرين وغارق في نشوة النهب ، ينهب ثروات الفلسطينيين واستغلال عرقهم في اقامة مشاريعه الاستيطانية ، جيل تربى على الانانية والشوفينية والسادية ، يعاني من تخمة الدعم الاوروبي ، لكن تبقى الروائح التي تركها اوباما لها آثارها والتي اكدت بان محميته تحت السيطرة ، هي اذعان الحمل الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته والحمل التركي وحكومته الى مطالبه وهي التخلص بسرعة وبدون قيد او شرط من جليد الخلافات المصطنع بين تركيا واسرائيل ، لأن الدولتين بالنسبة لأمريكا توأماً واحدا جيناتها السياسية من فصيلة واحدة .
لم يحتمل كلا الحملين المذكورين اكثر من اشارة واحدة من سيدهما المشترك فسارعا الى اعادة الضوء داخل انفاق العلاقات التاريخية بين الدولتين ، كان نتنياهو اول الراكعين فقد كسر وبلع كل وعوده وغطرسته وتهديداته ورفضه الاعتذار لحلفائه الاتراك على الجريمة التي ارتكبها جنوده بأمره وقاموا بسفك دماء تسعة من رسل الانسانية الذين حملوا سلاماً واحداً وهو بعض الاغذية والمساعدات لسد رمق المحاصرين في قطاع غزة .
كسر تراجع نتنياهو وتقلباته السياسية عنجهية اسرائيل بكاملها واكد بأنها كانت دائماً الدولة المعتدية وتسفك دماء الأبرياء من اطفال ونساء وشيوخ ، بلع نتنياهو هذا السكين وتبعه بقية وزرائه وقائد جيشه ، وقد حاولوا ايهام العالم بأن بلع هذا السكين انتصاراً مع انه اعترافا بجريمتهم وادانة لهم ، حاول نتنياهو ايجاد مبرر لفقدانه مياه كرامته وحيائه ، فبدلاً من الاعتراف بالجريمة التي ارتكبتها حكومته بحق المواطنين الاتراك ، ادعى بأن ما دفعه للاقدام على هذه الخطوة هو سعيه للتعاون مع تركيا ضد سوريا .
اما نصيب أردوغان رئيس وزراء تركيا من اوباما والرائحة التي تركها في محميته التي زارها ، فقد كانت كافية لتعريته وكشفت عن وجهه الحقيقي واكدت بانه كان يستخدم خلافاته الشكلية مع اسرائيل كمنفذ يدخل من خلاله للانضمام الى الانظمة العربية والاسلامية التي تستخدم القضية الفلسطينية والاقصى كشماعة لتمرير سياستها وتواطؤها مع الولايات المتحدة ضد حركات المقاومة وضد النظام الممانع في سوريا .
كيف يمكن ابداء أية ثقة بتصريحات اردوغان الخاصة بحصار غزة من قبل اسرائيل ، وقد اعترفت الأخيرة بان لا علاقة بين اعادة المصالحة مع تركيا تخفيف الحصار عن قطاع غزة كما اعترفت وسائل الاعلام الاسرائيلية وكشفت بان الخلافات مع تركيا خلال الثلاث سنوات الماضية اتخذت منحى اعلامي اكثر منه واقعي وميداني ، وكشفت بان التعاون الاقتصادي خلال الفترة المذكورة قد تضاعفت اربع مرات وان اسرائيل قد عقدت صفقة مع تركيا لبيع طائرات بدون طيار ، واكدت المعلومات بأن الخطوة الاولى من إعادة العلاقات بين الدولتين سوف تبدأ بالسماح لإسرائيل من تشغيل راردارات المراقبة التي كانت تستخدمها في تركيا .
كما سوف تسمح تركيا لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي لتدربت طياريها وهذا يهدد ايران وسوريا وتشجع حكومة اليمين في اسرائيل على شن عدوان على كلتا الدولتين .
بعد الكشف عن هذا التواطؤ من قبل تركيا أردوغان من حق كل فلسطيني ان يتساءل : ماذا قدمت تركيا اردوغان لفلسطين حتى اليوم ؟ فالأقصى معرض للانتهاك كل يوم من قبل اوباش المستوطنين !! وغزة لا تزال محاصرة ، بل ازداد حصارها بعد قيام نظام الاخوان المسلمين المتهالك و المتواطىء في مصر بتدمير عشرات الانفاق التي يستخدمها الغزيون كرئة اقتصادية يتنفسون منها ، اما السلطة الفلسطينية فهي في حالة احتضار مالي وسياسي .
حاول اردوغان استخدام اسلوب المراوغة والكذب مثل صديقه نتنياهو فقام بالتستر على هذه المصالحة مع اسرائيل وركوعه امام مطالب اوباما بأن ادعى بانه استشار كل من اسماعيل هنية رئيس سلطة حماس ومحمود عباس في رام الله قبل موافقته على الاستجابة لطلب نتنياهو بالاعتذار واعادة العلاقات الى سابق عهدها مع اسرائيل !!؟ ماهي قيمة هذه الاستشارة بالنسبة لملف العلاقات الضخم بين تركيا واسرائيل ؟ ماذا لو طلب كل من هنية وعباس من أردوغان عدم الاستجابة للطلب الاسرائيلي ؟ هل سيكون لهذا الرفض قيمة عند اردوغان ؟
العلاقات بين الدولتين استراتيجية وتاريخية قبل اردوغان وفي زمنه وسوف تستمر بعده ، لأن تركيا مثل باكستان سخرت نفسها لتكون قاعدة متقدمة للدولة الامبريالية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم ، انها عضو بارز في اكبر حلف استعماري توسعي حلف الاطلسي ، استخدمها هذا الحلف دائماً كرأس حربة لخدمة مصالح اسرائيل والدول الاوروبية ، خاصة ايام الحرب الباردة كانت تمثل الخط العدواني الأول ضد الاتحاد السوفياتي من خلال حلف بغداد وحلف المركز ، كما كانت تقف دائما في الصف المعادي لحركة التحرر العربية التي قادها جمال عبد الناصر .
ان تركيا لم تتغير زمن اردوغان فقد بقيت اداة طيعة بأيدي امريكا والدول الاوروبية ، ولولا ذلك لما كانت من اوائل الدول في المنطقة التي دعمت الارهابين في سوريا وجعلت من نفسها جسرا لإمدادهم بأسلحة من اسرائيل وغيرها !! اما تصريحات اردوغان المجازية في الدين خاصة فهي ليست اكثر من عباءة يتستر وراءها لزيادة النفوذ التركي داخل الدول العربية والاسلامية ، والمؤسف بان حركة حماس كانت من اوائل الذين رقصوا على نغمات هذه الإطراءات الفارغة، واليوم ترى باردوغان المهدي المنتظر الذي انتظرته كما اعتبرت محمد مرسي من قبله الزعيم والقائد المعصوم عن الخطأ .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في حكومة نتنياهو تعددت الضفادع والنقيق واحد
-
طقع حكي بماركة صهيونية
-
اليمين الاسرائيلي يريد انتفاضة ثالثة
-
لكل قديس نزوة
-
الجيش خاسر إن لم يربح الحرب والمقاومة رابحة إن لم تخسرها
-
الازمات تلد الهمم
-
حق القوة لا يهزم قوة الحق
-
عباس فرط بكل الثوابت الفلسطينية وماذا بقي ؟؟؟
-
السجن في الوطن ولا الحرية في المنفى
-
من مذكرات معلم سابق (1): مدير ليوم واحد .. !
-
أمريكا تحصد زرعها..!
-
نتنياهو ومرسي ينفخان في قرب الخداع
-
الحشاشون الجدد
-
مبروك لمصر بعد أن استقر مرسي تحت عباءة عبد الله وإبط كلنتون
-
صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار .
-
صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار
-
ابنكم نظيف ( الى روح الشهيد اسامة عقل حسن منصور )
-
في حديقة الربيع العربي أمريكا ترفع يدها..!
-
انقلاب طنطاوي الابيض
-
وعِزُّّ الشرقِ أوّلهُ دِمشق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|