نشات نصر سلامه
كاتب وباحث علم الاجتماع وخبير علم الاجرام ومهندس استشارى
(Nashat Nasr Salama)
الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 18:07
المحور:
المجتمع المدني
اذا اردنا ان نلق بعض الضوء عن علاقة المواطن المصرى برئيسه خلال الستين عاما الاخيرة ومدى قبول او رفض المواطن لرئيسه .. وفى استعراض سريع يمكن القول بالاتى
بعد الانقلاب العسكرى فى 23 يوليوعام 1952 والذى سمى بعد ذلك بثورة يوليو تولى رئاسه مصر اللواء محمد نجيب بصفته شخصيه محبوبة فى القوات المسلحة انذاك وخلال اول سنتين كان الصراع داخل ما بسمى بالضباط الاحرار على اشده ... وفى هذا الوقت فرح بهذه الثوره كل المعارضين لنظام الملك فاروق وكل الكارهين لتدخل الانجليز فى الحكم ولم يشعر المواطن المصرى بأى تغيرات جذرية فى المجتمع .. وفى عام 1954 نجح عبد الناصر فى اقصاء محمد نجيب ونفيه حتى اخر عمره... وبدا الحكم الشمولى فى مصر والغيت الاحزاب وكان عبد الناصر يميل للنموذج الاشتراكى فالغى النظام الاقطاعى واصدر قوانين الاصلاح الزراعى والذى وزع فيه خمسه افدنة على المعدمين من الفلاحين واعلن مجانيه التعليم حتى التخرج من الجامعة وبنى كثير من المساكن الشعبية ووزعها على محدودى الدخل وقام بتأميم كل المصانع فاصبحت كل ادوات الانتاج فى يد الدولة واصبحت الدولة ايضا تقوم بتعيين كل الخريجيين لديها سواء كان هناك احتياج لعملهم ام لا . وجدير بالذكر ان ماجاء بعاليه والاتى فيما بعد ليس لتقيم مدى ايجابيه او سلبيه هذه القرارات وانما مجرد رصد لها.
كما قام بتأميم قناه السويس عام 1956 ودخلت مصر حربا عسكرية انهزمت فيها عسكريا ولكنها نجحت سياسيا.
مست القوانين السابقة معظم فئات المجتمع المصرى وذادت شعبية عبد الناصر لدى اوساط المجتمع المصرى خصوصا انه خلال فتره حكمه قلت الفجوه بين مستوى الدخول واصبح كل من لديه مال لا يجاهر به خوفا من تاميم نشاطه .... وانتقلت اسر مصرية كثيرة من اسر فقيرة الى اسر متوسطة ... وبدأت الاسر المصرية فى انتهاز فرصة مجانية التعليم ليبدا سباق تعليم ابناءهم ..والتكالب على التعليم الجامعى لحصول ابناءهم على الشهادات والوظائف التى لم يستطيعوا هم الحصول عليها قبل 1952
ولكن الحياه لم تكن وردية هكذا ففى ذلك الوقت حاول الاخوان المسلمين استمالة عبد الناصر ليدخل فى ركابهم الا ان ميوله الاشتراكية وقفت حائلا امامهم فحاولوا اغتياله بميدان المنشية بالاسكندرية اثناء القاءه احدى خطبه فقام على اثر ذلك باعتقالهم وتعذيبهم بالسجون ... ولم يقتصر ذلك على الاخوان .وانما كان الاعتقال والتعذيب يطال اليساريين وكل المعارضين ايضا وكان احيانا يتم تجنيد احد الافراد داخل الاسرة الواحدة لمراقبة فرد من داخل نفس الاسرة وعاش المصريين فترة عصيبة من الشك كل فيما حوله .
وخلال حكم عبد الناصر قامت مصر بارسال جيشها الى اليمن لمساعدة الثورة اليمنية ... وادى ذلك الى استنزاف بشرى واقتصادى لمصر كان له اثر كبير على المواطن المصرى انذاك .
كما ان سيطرة العاملين بالجيش على معظم اجهزة الدولة دون خبرة كاقية ادى الى تراجع شديد فى الاداء او يسمى بعسكرة اجهزة ومؤسسات الدولة
ثم كان الخطا الاكبر لعبد الناصر عندما تحرش باسرائيل عام 1967 فطرد قوات الامم المتحدة الموجودة على الحدود واغلق طريق باب المندب امام الملاحة البحرية لاسرائيل ودفع بوحدات كبيرة الحجم الى سيناء فى حشد عسكرى ضخم ,, مما اعطى ذريعة فى هذه الاجواء لتقوم اسرائيل بشن حرب خاطفة وتحقق اسهل نصر فى التاريخ وتحتل سيناء بالكامل .. ويستيقظ المواطن المصرى على حجم الفجوة الكبير بين الشعارات المرفوعة والواقع المرير .. وكل مواطن مصرى بكى من كل قلبه فى ذلك اليوم وشعر بالمهانة والذل والقهر والاحباط والغضب ايضا .وكانت مصر حتى ذلك الوقت فى صدارة الدول العربية سياسيا وعسكريا .. وكل الدول العرييه تدور فى فلك مصر بارادتها ام مرغمة .
عام 1970 توفى عبد الناصر وتولى السادات الحكم وكانت اكبر مشكلتين تواجهانه هو احتلال جزء من الوطن ,, ووجود مراكز قوى سياسية حوله تريد ان تقصيه وان تستاثر بالسلطة ... واستطاع بدهائه ان يقضى على كل المناوئين له .
وفى عام 1973 خاضت مصر الحرب ضد اسرائيل لتحرير ارضها .. ثم قام باسترداد سيناء بالكامل من خلال معاهدة كامب ديفيد مع بعض الشروط الخاصة بالتواجد العسكرى قى سيناء .
وسمح السادات بانشاء بعض الاحزاب الورقية لتكتمل فى نظرة صورة الديمقراطية ,,, ثم قام تدريجيا بتقليص النظام الاشتراكى وقام بفتح الباب ليبدا نظام راسمالى تدريجيا وعانى المواطن المصرى فى عهده من صعوبات كثيرة فى الحياه اليومية نظرا لخوض مصر حربين متتالتين .. ولكن نظرا لعدم وجود تفاوت كبير فى الدخول ,,, لم يكن هناك صراع اجتماعى طبقى فى عهده.
وجاء الخطأ الاكبر الذى ارتكبه السادات .. وهو تنقيذ فكرة محافظ اسيوط فى اطلاق العنان للتيار الدينى الاسلامى للقضاء على التيار اليسارى المعارض للسادات
ونجح فعلا التيار الدينى الاسلامى فى القضاء على التيار اليسارى ولكنه قضى على السادات نفسه باعتباره خائنا بتوقيعه معاهدة سلام مع اسرائيل.
وتولى مبارك حكم مصر عام 1982 ... واقرج عن المعتقلين ايام السادات بل وقابلهم بالقصر الجمهورى عقب الافراج عنهم
وشهدت مصر قى بدايه حكم مبارك مظاهرة عمرانية كبيرة .... وشهدت الاستثمارت تدفق كبير وتم عمل مشروعات عملاقة على اعلى مستوى هندسى لمشروعات المياه والصرف الصحى والكبارى والتليفونات وتم انشاء والتوسع فى المدن الجديدة مثل 6 اكتوبر والعاشر من رمضان وبرج العرب والعبور وغيرهم
واختفى النظام الاشتراكى تدريجبا فى عهد مبارك وحل محلة نظام راسمالى ولكن بنقابات ضعيفه اهدرت كثير من حقوق العاملين
كما تنصلت الدولة تدريجيا من تعيين الخريجين وانعدام التنسيق بين الجامعة وسوق العمل .. دفع بمئات الالاف الشباب العاطلين للشارع كل عام ... واذا كان مبارك قد نجح فى تجنيب مصر كثير من المواجهات العسكرية وادى ذلك الى استقرار كبير لمصر الا ان البعض يسميه جمود وليس استقرار .
والخطأ الكبير الذى وقع فيه مبارك هو عدم ادراكه باهمية التفاعل مع مشاكل الجماهير خاصة فى الفترة الاخيرة .. فالتفاوت الكبير بين الدخول جعل الحياة اليومية للمواطن المصرى فى غاية الصعوبة ... وانتشار الفساد فى معظم اجهزة الدولة لتعويض هذا التفاوت ادى الى الضغط على المواطن المصرى فى حياته اليومية ,, واصبحت تجاوزات الشرطة تزيد من الاحتقان المجتمعى ومن غليان الشارع المصرى وجاء ذلك مواكبا لتزوير الانتخابات بفجاجة لا يقبلها عقل طفل .. مع مظاهر لتوريث ابنه الحكم بعده كما لو لن مصر تحولت من دولة لعزبة
وفى 25 يناير بدا الاحتقان الشعبى ليتحول خلال ايام قليلة الى انتفاضة تعم معظم انحاء مصر ولا تسنطيع الداخلية المصرية بكل بطشها ان تقف امام هذا الطوفان الشعبى لينجح الشعب المصرى فى تنحى مبارك وتولى المجلس العسكرى الحكم لحين انتخاب رئيس جديد ..
وفرح الشعب المصرى بنفسه واستعاد ثقته بنفسه وفى ان بامكانه تغير رؤساءه كما يحدث فى الدول الاخرى .. ولكن اذا كان الشعب يعانى اواخر ايام مبارك من الفساد فانه ايام المجلس العسكرى اصبح يعانى من الفساد والفوضى معا.
والخطا الكبير الذى ارتكبه المجلس العسكرى هو استفتاء مارس الذى جرف بالبلاد الى مستنقع الانقسام الذى بدا ومازالت مصر تنجرف اليه بقوه ... وذادت معاناة المواطن المصرى حيث اصيب باحباط شديد بعد 25 يناير حيث لم يتحسن حاله وانما اذداد سوءا
فى يوليو 2012 جاء مرسى للحكم بعد انتخابات يتشكك الكثيريين فى صحتها وتولى التيار الدينى الاسلامى الحكم لاول مرة فى مصر فى العصر الحديث ..ولكن اذا كان التيار الدينى قد نجح بخيرته ومن خلال دعم داخلى وخارجى ان يصل للحكم ولكن الخبره فى الحكم تنقصه كثيرا ولم يسطع ان يستوعب التنوع الكبير الموجود يالشارع المصرى وقام بنظام الاقصاء لمن يخالفة
قاصبح المواطن المصرى الان يعانى من زيادة الفساد وزيادة الفوضى والانقسام المجتمعى "
واصبح رجل الشارع حاليا مكتئبا متوترا قلقا محبطا متوجسا مضطربا يأسا .. وغاب القانون لنرى المواطن يأخذ حقه بنفسه ... والكل غير راض عن نفسه او عن من حوله.. وذاد العاطلين وارتفعت الاسعار وقل الامن والامان .. والوجوه حائرة عابسه ولا امل يلوح فى الافق حاليا .
#نشات_نصر_سلامه (هاشتاغ)
Nashat_Nasr_Salama#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟