أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خضير الاندلسي - العراق عام 2059!














المزيد.....

العراق عام 2059!


خضير الاندلسي

الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 14:25
المحور: المجتمع المدني
    


السماء ناصعة الزرقة والارض شديدة الخضرة اما الناس فتتجمع حول نصب الحرية ببغداد للإحتفال بيوبيله الذهبي حيث مضى مائة عام على تشييده من قبل الفنان الخالد جواد سليم (1921-1961). تتقدم الحشود الكبيرة امرأة انيقة قيل انها الآنسة (ألق سعيد عبد الله) وزيرة السياحة والاثار. في الجانب المقابل تجمع لبعض الشباب بملابس انيقة وموّحدة وهم يضعون اكاليل زهور بقرب نصب الخلود الذي أبدعه الفنان العراقي كوركيس حنا (عام 2017) يُخلد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي عصف بالمدنيين العُزل في منطقة الباب الشرقي عام 2007 . منظر نصب التحرير رائع جداً خصوصاً من شرفة مركز بغداد التجاري الذي تم بناءه عام 2020 وهي تتصدر قائمة أعلى بنايات العالم منذ ذلك الحين حتى يومنا.
سألني ابني عن معنى ضحايا الإرهاب بعد ان رأى تجمعاُ يضع الزهور هناك, فأجبته انهم قد استشهدوا بطريقة بشعة لا يمكن للمرء ان يتصورها, تم استهدافهم بسيارة مفخخة تناثرت جراءها اجسادهم الطاهرة في الارض وتعالت ارواحهم الزكية الى السماء.
- وماذا تعني بسيارة مفخخة؟ سألني متعجباً !
- عبارة عن كمية من المتفجرات توضع بسيارة معينة وتُفجر وسط الناس. أجبته بحسرة!
-لماذا يفجرون الناس؟ ومن هم؟
- بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 اخذت الناس تتصارع فيما بينها من اجل الظفر بالمنصب الرئاسي وحكم الدولة العراقية فأخذ كل طرف يتنعت برأيه الى ان وصل بنا الحال الى قتل بعضنا بعضاً.
-ولماذا لم يكن احد يرى المتفجرات؟ سألني متحيراً
-لان السيارات كانت مصنوعة من الحديد الصلب وليس زجاجية كما الآن فلهذا لم يكن احدا يرى المواد المتفجرة!
- حسنا ولماذا لم يعش العراقيون انذاك بسلام كما نعيش اليوم؟
-ولدي! انقسم الناس آنذاك الى شيعة وسنة,
- وماذا تعني بالشيعة والسنة؟ قاطعني متعجباً
- كانت معابد الناس مُقسّمة الى جوامع وحسينيات, الأولى للسنّة والثانية للشيعّة, وليس كما اليوم كلنا نُصلي في معبد واحد! تم استغلال الطوائف الدينية في الحياة السياسية فأنتقل الصراع من البرلمان العراقي الى منابر الصلاة عن طريق الخطب التحريضية والوحشية. أخذت كل طائفة تنتقم من الأخرى حتى عام 2013 عندما صحت بغداد على انفجارات ضخمة غيّرت الحال الى ما نحن عليه الآن من امن وسلام و إزدهار (عسى ان تكرهون شيئا وهو خير لكم)!
- كيف؟ استفسر منصتاً وكأني اروي قصة مشوقة!
- اسمعني! في عام 2013 وبعد سلسلة الانفجارات هذه, أجتمع البرلمان العراقي وقرر حل الحكومة التوافقية المؤلفة من جميع الكتل السياسية وتم تشكيل حكومة اغلبية بقيادة نوري المالكي آنذاك وتكونت فيما بعد اول معارضة عراقية في برلماننا (احتوت القائمة العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري) وفي عام 2014 تم تشريع قانون عراقي يعود اليه كل الاعمار الذي شهدته الدولة العراقية فيما بعد الا وهي المادة السابعة من الدستور العراقي المُعدل لسنة 2005 ,فتم اضافة ما معناه "يحكم بالسجن مدى الحياة كل من يروّج للطائفية" وتم آنذاك اعتقال اكثر من نصف مليون عراقي بتهمة الترويج لها في فترة لم تتجاوز سنة واحدة.
بعدها تغيّر الوضع تغيراً جذرياً وأخذت الشركات الإسثتمارية تتسارع لنيل مقعد لها في العراق. شركة يابانية شغلت اولى محطات الطاقة الكهربائية في مدينة بابل بغضون سنتين كان لها الفضل الكبير في إعادة نسبة كبيرة من المصانع والمعامل العراقية الى العمل بعد غياب عشرة سنين. في عام 2025 حقق العراق الإكتفاء الاقتصادي الذاتي وثم بسنة واحدة اخذ يصدر البضائع الصناعية والزراعية الى دول الجوار وبحلول عام 2030 اصبح بلدنا اقوى مصدر للبضائع في الشرق الاوسط.
- يعني ان فضل ازدهارنا يعود لرئيس الوزراء نوري المالكي؟
-كلا حبيبي كل الفضل يعود الى قوى المعارضة البرلمانية التي لولاها لما وصلنا الى هذه المرحلة من الإزدهار. تصور ان بين الاعوام 2003-2013 قُدرت سرقات الميزانية العراقية السنوية حوالي 400 مليار دولار عراقي دون ان يتحمل احدا مسؤوليتها, وبفعل المعارضة البرلمانية القوية اخذ الناس يحاسبون الحكومة حتى على بضعة دنانير. اتذكر ان في عام 2015 تم الحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على وزير التجارة ,لأنه اظهر تلاعباً بكمية المواد الغذائية قدرت سرقاتها حوالي 10 ملايين عراقي وهو ما يُعادل سعر سيارة انذاك.
بينما انا انظر من شرفة مركز بغداد التجاري للكرنفال الرائع, استئذنت ابني بتأجيل الحديث عن تأريخنا فيما بعد,لأن الفرقة القومية العراقية دخلت ساحة التحرير بإستعراض رقصة شعبية بديعة على انغام بغدادية والإنارة تتساقط على شخوصهم من كل مكان, ولولا انني بلغت من الكبر عتياً لكنت قد شاركتهم الرقص!
الهاتف يرن, استيقظت مذهولاً,والدي العزيز يتصل, نظرتُ الساعة وأذا بها الثامنة صباحاً. بعد ساعة من الآن يبدأ دوامي الجامعي, نهضتُ وغيّرتُ تقويم الغرفة, اليوم هو الخميس الموافق 21.03.2013....



#خضير_الاندلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانفلات الخطير في مظاهرات الانبار
- خيّاطة تُلهمني معنى الحياة!
- حول مواقف بغداد وأربيل المتشنجة!
- حول ازمة الحريات في العالم العربي!
- كاردنال مع مثلي وشيخ مع إيمو!
- نزعة التصوف في فكر السيد الموسوي!
- اغتيال حرية الفكر-المدون السعودي مثالا-!
- شكرا لمن احرق القرآن!
- ارفع رأسك انت عربي
- تراث الإهانة في الاسلام


المزيد.....




- بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
- رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا ...
- بوليتيكو: -حقا صادم-.. جماعات حقوق الإنسان تنتقد قرار بايدن ...
- منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي ...
- بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ ...
- كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا ...
- بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
- تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم ...
- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خضير الاندلسي - العراق عام 2059!