|
وأنتصر العراق الجديد بأرتقاء الطالباني دفة الحكم
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 1163 - 2005 / 4 / 10 - 12:13
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لا شك أن لحظة صعود الطالباني إلى منصة القسم ولحظة التصفيق التي قوبل بها ، وهذا الإجماع الوطني الكبير في البرلمان العراقي على تكليفه ، هي لحظة من تلك اللحظات المفصلية الخالدة في تاريخ الشعوب . لحظة أكبر من أن تكون زمنية حسب مثل المليارات من اللحظات التي تعد بوحدات قياس الزمن المعتادة ، لا بل إنها في قناعتي لحظة ذات وزن نوعي ثقيل جدا وشفيف بذات الآن . لحظة ذات كثافة رهيبة ، لحظة إنقلابية ، لحظة تجلي حقيقي ، لحظة أنتصار الجغرافيا والتاريخ على الإديولوجيا والطائفة والعرق والقومية . أقسم أن تلك اللحظة سيخلدها التاريخ العراقي إلى أبد الدهر ، ولا ينبغي إلا أن نفعل جميعا ، عربا وكردا وقوميات منتآخية أخرى ، أن نخلد اللحظة . لحظة أنتصار العراق على نفسه أولا ، قبل أن يكون إنتصارا على الأخرين من أعدائه الكثر ، في الداخل والخارج . لحظة إنتصار المولود الديموقراطي إذ خرج من رحم الحرب والإرهاب والردة وهو معافى بشكل رهيب ، وقوي بشكل خارق . لحظة إنتصار الوطنية العراقية الحقة التي أرادها كل النبلاء الذين رحلوا والذين لم يقيض لهم زمنهم أو أزمانهم فرصة تحقيقها ، مع الإختلاف في الرؤية لديهم جميعا ، أعني عظماء العراق الحديث الكبار ، البارزاني الكبير وعبد الكريم قاسم والملوك النبلاء الذين سبقوه والمرحوم الجادرجي وجعفر أو التمن والجواهري الكبير والمرحوم الخالد فهد و...و....و...الخ . لقد أنتصر العراق الحقيقي الوطني ، عراق الكرد والتركمان والعرب والآشوريين والصابئة واليهود والأيزديين وغيرهم ، إنتصر على نفسه ، على تشرذمه وتيهه وضلاله وقسوته بحق نفسه وبحق أعضاء جسده الخالد المقدس ، أعني أبناءه المتميزون كُل بهويته الخاصة الصغيرة الجميلة التي تشكل جزءاً عضويا من اللوحة ، ولا يمكن إلا أن تكون في صميم هذه اللوحة لا في الإطار ولا في الخلفية . إنتخاب السيد الطالباني ، الجميل للغاية بروحه وبوطنيته العراقية وبإنتماءه الكردي العذب وبديموقراطيته ورحابة صدره وحكمته الكبيرة وعشقه للعراق وللعرب وأحترامه الكبير لكل المكونات العراقية ، إنتخابه هذا هو الثمرة الناضجة لهذا الفعل الحضاري الرائع الذي حصل في التاسع من نيسان الخالد ، أعني إجتياح الأمريكان للعراق وتحريره من الفاشية الهمجية القبلية الطائفية المتخلفة المعيقة لحركة التاريخ الإنساني في هذه المنطقة . حقيقة كنت قلقا وخائفا من المطالب أو بعض المطالب التي رفعها أخوتنا المفاوضون الكرد ، حقيقة كنت كذلك وأنتقدت ببعض القسوة المنضبطة ، ولكنني لم أشك في وطنية أخوتنا الكرد ولم أشكك في حقوقهم القومية العادلة ، إنما أن يرفع سقف المطالب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق وحيث الأرهاب على أشده ، وحيث الأعداء متربصون بنا وبالذات في دول الجوار ، فهذا والله ما كان يرعبني ، إذ آمنت أو أوشكت بإن هناك مؤامرة جدية لتفتيت العراق ، والإضرار بالكرد قبل العرب أو التركمان أو الآشوريون ، والأخوة الكرد وكلنا يعلم كانوا أبرز ضحايا النظام ، ولا نتمنى لهم أن يكونوا ضحايا جدد لتفتيت مرعب للعراق ، تكون محصلته إجتياح تركي أو إيراني او تحالف بين الأطراف الثلاثة لخنق التي لديها شعب كردي ضمن نسيجها الوطني . لكن بحمد ربك وبحكمة الأطراف جميعا ، أعني القوائم الفائزة مضافا لعقلاء الطائفة السنية ، بحكم هذا نجح العراق في جهاد النفس وأنتصر على إرثه الشوفيني ، ودفن أسمال العروبية الظالمة والشوفينية الدينية الجائرة وسلم مفاتيح مقبرة الفاشست للسيد الطالباني ، ليكون أمينا على العراق وحارس كهف الماضي ومقبرة الإرث القميء . بصراحة ( وليس إنتقاصا من أحبتنا أهل السياسة في العراق ) ، لولا الأمريكان ما تحقق هذا النصر الذي شهدناه في هذا الإسبوع النيساني الجميل الخالد . ليس لأن أهلنا في النخبة السياسية لا يمتلكون الإرادة والحكمة والقوة ، ولكن لأن من الصعب عليهم أن يحسموا الإرث الشوفيني لوحدهم ، فهو أرث عمره يفوق عمر الدولة الوطنية العراقية . إنه يمتد إلى مئات إن لم نقل آلاف السنين من الحكم الشمولي الأجنبي ( تحت لواء الإسلام أو العروبة ) ، وبالتالي من الصعب على أي طرف من الأطراف ممن أعتاد على هذا الإرث منذ مئات السنين أن يقبل بأن يأتي غير العربي ليستلم سلطة العراق . صحيح أنهم كانوا يجيزون للتركي أو الفارسي أو الألباني المملوكي ذلك ، ولكن كان هذا يأتي لا كألباني أو تركي أو كردي ( أي بجذره وهويته الإجتماعية القومية الحقيقية ) ، بل كمسلم فقط ، وكان غالبا ما يلتجيء إلى بضع ألاعيب كأن يغير إسمه يإسم عربي ، أو أن يغير دينه ، ليغش الناس وما أسهل ما كان الناس يغشون بالمظاهر البائسة التي لا تنطلي في زمننا هذا على أبسط فلاح أمي . أما أن يأتي كردي ويقول أنا كردي ولقوميتي الحق في المشاركة في السلطة فهذا جديد على الناس . جديدٌ عليهم أن تسمى الحقائق بأسمائها الحقيقية وبلا تزويق . بلى ...جديد علينا أن نتخلص من إرث قيمنا الفاسدة التي من أبرزها الكذب والنفاق والظلم المقنع بأقنعة التقوى . مبروك لنا جميعا ، عربا قبل الكرد أن تنتصر طلائعنا الكردية العراقية على إرث الماضي وأن تكرمنا بزعيم عراقي رائع هو السيد الطالباني ، ومبروك على الكرد تلك القيادة الفذة المتنورة المتماسكة . ومبروك للعراق إنتصاره على نفسه . مبروك للجغرافيا والتاريخ قرانهما ، ومبروك لنا هذا الوليد الجديد الذي أسمه الوطنية العراقية والأمة العراقية الواحدة الخالدة . وشكرا للأمريكان على كل هذا الذي فعلوه من أجل العراق والشرق كله ومن أجل مستقبل الإنسانية جميعا بتحريرنا من صدام حسين والبعث الشوفيني الفاشي .
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ورحل الغالي المناضل نمير شابا - قلوبنا معك يا نسرين شابا
-
رحل الرجلُ الطفلُ الأجملْ - شعر
-
مؤسسة الذاكرة العراقية - مقترحات لإغناء المشروع
-
الفساد المالي والإداري في الدولة العراقية
-
دعوا الرجل ( علاوي ) يكمل المشوار ...أليسَ هذا أفضل ..؟
-
إلتفتوا إلى الأحواز أيها الأمريكان
-
خذوا البترول وأتركوا لنا الخمر والقمر
-
لقد بالغت قيادات الأخوة الكرد في لي الذراع ، حتى أوشك أن ينك
...
-
بؤس الخطاب السوري المدعوم بهستيريا حزب الله اللبناني الإيران
...
-
إرهابيات - الجزء الثاني -السادس عشر من آذار من عام الجراد- ق
...
-
أرحمونا وأرحموا العربية يا بعض كتاب الحوار المتمدن
-
إرهابيات - ثلاث قصص قصيرة
-
تأثير التصورات الذهنية في إنتاج السلوكيات المختلفة - مقال سي
...
-
عن الثامن من آذار والحوار ونسرين إذ تزهو عند عتبة الدار
-
تعرف على ذاتك - الجزء الثاني
-
عراكََََََية وسلوته الدمعة - شعر شعبي عراقي
-
المهمة العاجلة لقوى التحرر والتقدم - الوقوف مع البرنامج الشر
...
-
أسطورة - قوى - اليسار والديموقراطية في عراق ما بعد الفاشية
-
ضعف النضج العاطفي لدى الإنسان الشرقي - مقال سيكولوجي
-
عيناها ...غابتا نخيلي - شعر
المزيد.....
-
بعد مقتل نصرالله.. وزير الدفاع الأمريكي يتعهد بحماية إسرائيل
...
-
شاهد.. دخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية بينما تصف مراسلة CNN ا
...
-
-حان الوقت لإتمام الاتفاقيات-.. أول تعليق من بايدن على مقتل
...
-
مشاهد لمقاتلات إسرائيلية تقلع في مهمة القضاء على حسن نصر الل
...
-
أول تعليق لبايدن على مقتل نصرالله
-
-كتائب القسام- تنعى نصر الله وتؤكد: إسرائيل تعيش نشوة مؤقتة
...
-
لافروف يدعو إلى الوقف الفوري لقتل الفلسطينيين بالأسلحة الأمر
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن فرض حصار عسكري على لبنان
-
-يديعوت أحرنوت-: هجوم إسرائيل الأخير على ضاحية بيروت الجنوبي
...
-
رئيس أركان الجيش الإيراني: قريبا يتحدد مصير فلسطين والمنطقة
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|