|
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(7)
مسَلم الكساسبة
الحوار المتمدن-العدد: 4043 - 2013 / 3 / 26 - 01:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في السياسة ، خاصة إذا كنت رئيس دولة محاطة بسياج من الأخطار والتحديات .. قد تقول ما لا تعنيه بينما تعني ما لا تستطيع قوله ، أو لا تستطيع قول ما تعنيه حقا ، لتجد نفسك مضطرا لقول ليس لك فيه لا خير ولا مصلحة ، بل وليس هو القول الذي تود أن تشرح وتعبر عن ذاتك من خلاله .فهل كان حديث الملك الأخير متأثرا بهذه الحقيقة مدفوعا بها..ام أن كل ما قاله كان يعنيه حقا ؟ لا ادري ؟
إذ لا افهم كأردني اعتبر نفسي متعلما "وإن كنت من قرية نائية " تتبع لمدينة نائية وليس عمّانيا .. لكنني احمل ثلاث شهادات أكاديمية جامعية احدها في الهندسة والأخرى في الإدارة والثالثة في السيكولوجي عدا عن اهتمامي في الأدب والشعر والتاريخ ولي قراءات في كل تلك الحقول - أقول لا أفهم دواعي حديث الملك وتصريحاته ومناسبة توقيتها وما هي الرسائل والوجهات التي أريد بثها من خلالها ، وان كانت ثمة معاذير أو مسوغات تبررها مما ورد في المقدمة هنا مثلا .. لكن مضمونها بدا هروبا مما يشغل بال الأردنيين أو بعيدا عن ما يلح عليهم أو يلحون هم في طلب الإجابات له ويشغلون أوقاتهم بالحديث فيه والسعي لتحقيقه.
..فالملك بدا في تصريحاته كما لو انه ليست لديه مشكلة في الأردن أو بشكل أدق مشاكل هي من صنعه هو كقائد وصانع قرار وحيد ، أو قل مشاركته وتأثيره على الأقل ..بحيث صار لديه مبرر ترف التفرغ لانتقاد الجوار أو عينات مختارة من ذلك الجوار والتي يثير اختيارها بالذات بدوره الأسئلة ، فلماذا مصر ، تركيا ، سوريا وإسرائيل بالذات ؟ إذ ماذا بشأن دول الخليج مثلا ، وقد بدا الحديث وهو يوزع التبعات ويلقي باللوم شمالا ويمينا ، حتى أشرس المؤسسات دفاعا عن النظام ورأسه بالذات ، إلى حد يكاد ينحصر دورها ووظيفتها في تلك المهمة بالذات.. والتي يعتقد جل الأردنيين أنها تصلي لله ركعة وللملك ركعتين ، مع ذلك فقد طالها لومه وسهام نقده وبدت في حديثه من أهم أسباب إعاقة إرادته المفترضة في الإصلاح ..مع أنني وأنا اكتب هذه السطور اشعر أن المخابرات ذاتها وليس الملك هي من ستدون في ملفي هذه السطور للتعقيب على حديث "سيدنا" ، وانه إذا كان من احد سيكون مستاء من مواطن يناقش حديث الملك فإنها المخابرات قبل أي احد سواها..ففي وعي ووجدان كل أردني لو سألته لقال لك أن الدور الأول والأول والأول للمخابرات كان وما زال هو الملك وهيبة الملك وتنفيذ حتى رغبات الملك باعتبارها أوامر.. لدرجة حتى التبلي على الناس وتلفيق التهم لهم بإطالة اللسان لأجل خاطر الملك ، لا بل وحتى ملاقاتهم في الشوارع وفشخهم وتبكيسهم فقط لمجرد أنهم تجرءوا بنصح الملك كما حصل لليث الشبيلات مثلا.. وإن كان الشعار الذي يـُرفع هو: الله الوطن الملك لكن الحقيقة هي ان الشعار الذي تفرضه المخابرات هو الملك ثم الملك ثم الملك .. ثم بعد ذلك الوطن أو الشعب أو أي شيء آخر وبما يسمح به الملك وبالطريقة التي يرتئيها، وقد نهبت أموال الأردنيين في بورصات وهمية على سمع وبصر المخابرات ولم تحرك ساكنا وبيعت مقدرات الوطن ومؤسساته على مرأى ومسمع منها ولم تنبس ببنت شفة لأن شغلها بتقديري هو طاعة الملك لا حفظ أموال الأردنيين أو مقدرات الأردن ، فما معنى حديث الملك عن جرأة المخابرات عليه وعرقلتها لمساعيه الإصلاحية إلى درجة بدا حديثه عن مدراء حوكموا كما لو كان شماتة وتشفيا وكما لو أنهم وُرِطوا لتأديب الدائرة والانتقام منها حتى تسمع وتطيع وتكون إرادة الملك لديها حتى فوق مصلحة الوطن ذاته ؟
لا بل يرى الأردنيون في المخابرات أكثر من هذا ..ففي الأردن إذا كان عندك سر تريد أن تبوح له لأحد فلن تجد من تثق به حتى لو كان ممن يدبكون في الشارع ويشتمون الملك .. فالمخابرات متغلغلة في كل التفاصيل حتى في الزاد والماء ، وهمها الأكبر هو النظام وليس الوطن ، ففي عقيدتها لا يوجد فصل بل هناك اندغام وانصهار بين النظام والوطن ، لا بل أن النظام عندها هو وطن أكثر من الوطن ذاته ، وإذا تعارضت المصالح قدمت مصلحة النظام عندها .. عدا عن هذا فالمخابرات في هيراكيتها كتنظيم عسكري يتبع أفرادها أوامر ضباطهم ويتبع هؤلاء أوامر من هم أعلى منهم والذين يتبعون بدورهم لأوامر مدير الدائرة الذي يتلقاها بدوره من الملك ولا يعصي له أمرا .. هذه هي المخابرات التي يقول حديث الملك أنها تعرقل مساعيه للإصلاح..فمن أين ستأتي لها القدرة على تلك العرقلة ؟؟
وكنا فيما مضى نسمع العبارة التقليدية التي يتم تسريبها بان هناك قوى شد عكسي وحرس قديم و...الخ تفرمل العجلة وتصادر على إرادة الملك في الإصلاح دون أن نسمع تأكيدا أو نفيا رسميا لتلك التسريبات أو نعرف مصدرها .. لكن هذه المرة الملك نفسه يقولها منتقدا أهم مؤسسة يتكئ عليها النظام ذاته والتي تعد وظيفتها الأولى خدمة النظام والتمكين له أولا وتنفيذ إرادة الملك ومن خلاله بعد ذلك الوطن بما يأمر ويريد وكيفما يأمر ويريد ؟
لقد بدا الملك في حديثه كما لو كان رئيسا منتخبا يحمل أفكارا راديكالية في الإصلاح والديموقراطية بينما كل من حوله يعيقون جهوده وبذلك ألقى بالتبعة كاملة على الآخرين ليس في الداخل فقط بل وفي الخارج أيضا ، ولم تظهر في حديثه نهائيا صورة الملك الذي يستأثر بكل أوراق اللعب وصنع القرار ..والذي يمنع أي مسؤول حتى مجرد أن ينصحه سوى أن يقول خادمكم المطيع يا مولاي حتى لو كان هو رئيس الحكومة .. فما زال الأردنيون يتساءلون في حيرة ممن يطلبون دم وطن بيعت مؤسساته في صفقات مشبوهة ومن هو الذي اتخذ القرار ؟ فإذا كانت المخابرات محافظة ولا تتناغم مع إرادة الملك في التحديث وبالتالي فهي ضد تلك البيوعات ، والعشائر بدورها هي بزعامات تشبه ديناصورات بائدة .. إذا من الذي باع واشترى وقرر وأمر ؟
ولأجل هذا لم يتحمس الأردنيون لمحاكمات جرت لمدراء سابقين للدائرة أو يعتبروها هدفا احرزه النظام في مرمى الفساد من شأنه أن يزيد من أرصدة النظام لديهم ، بل نظروا بعين الريبة لتلك المحاكمات وأعدوها إما تصفية حساب أو محاولة لإخضاع وإرهاب جهاز المخابرات ورؤسائه كي يقدموا فروض الولاء والطاعة للملك أكثر مما يفعلون ..تماما كما جرى إقصاء وإهانة رؤساء حكومات حاولوا بدورهم ان يتصرفوا كرجال دولة ويكون لهم قرار مستقل فابعدوا بشكل مهين مذل وآخرهم كان القاضي عون الخصاونة رئيس الوزراء المقال .فوجود مؤسسات وطنية مستقلة برأيها وقرارها يعني بالتالي استقلالية للشعب وهذا ما حافظ حكام الأردن على منعه وتحريمه .
فطوال تاريخهم شجع الهاشميون سواء عن قصد أو بغير قصد نهج التملق والنفاق فيمن يحيطون بهم حتى على مر الوقت تطورت وترعرعت حولهم كائنات منزوعة الشخصية والإرادة .. لا وظيفة لها إلا أن تزين لهم عملهم وتنحني لأوامرهم ولا تعرف سوى حاضر سيدي وأمرك مولاي ، وكل من حاول أن تكون له شخصية ورأي وان يُكوّن معهم علاقة الند والإنسان الحر الشريف الذي ينصح ويبدي رأيه ، إما أقصي أو وُرِّط وحوكم كعقوبة له على تطاوله على "اسياد البلد" وحتى لا يفكر غيره أن يفعل مثله.
وللحديث تتمة.....
#مسَلم_الكساسبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(6)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(5)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(4)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(3)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(2)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(1)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (2-2)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (1)
-
قراءة في رسالة شبيلات الأخيرة..
-
- للفسادِ ربٌ يَحميه -
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (4)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (3)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (2)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (1)
-
عمال ضد الفساد والاستبداد
-
مساءكم كرامة وحرية ..
-
دفاعا عن قيم الإصلاح .. نهاية القذافي .. كيف ولماذا * ..؟!
-
كل عام وأنتم في حراك...!
-
إلمامة سريعة في الأول من أيار ...
-
الأنظمة العربية .. هل يصلح العطار ما أفسد الدهر ...؟ (2)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|