أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!















المزيد.....


طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4042 - 2013 / 3 / 25 - 00:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من كان يتوقع أن الإنتفاضات العربية الحديثة ستنتج كل هذه الفوضى والمآسي؟ المحافظون من العرب كانوا يفضلون أن تبقى الأمور كما هي لأنهم كانوا يخافون على مصالحهم، ويمكن أن يخسروها الآن على أية حال. أما دعاة التغيير، ومن ضمنهم المثقفون الحقيقيون الذين يتوقون إلى تقدم شعوبهم، والحركات الدينية التي كانت تتحين الفرص للإنقضاض على السلطة، والطبقات الفقيرة والمسحوقة التي لم تكن تتوقع أن تفقد سوى "قيودها" -- إذا استعرنا تعبير ماركس وإنغلز الوارد في المانفستو الشيوعي -- فمعظم هؤلاء اصيبوا بخيبة أمل كبيرة لأسباب مختلفة، كل حسب هدفه. من كان يتوقع أن قسما كبيرا من الشعوب العربية سيندم على ما حصل، وأن يتمنّى بعض الناس أن يعود الحكام السابقون للحكم، ولسان حالهم يقول: كنا نبكي منه فلما ذهب صرنا نبكي عليه؟

في كل الدول العربية التي شهدت إنتفاضات شعبية رأينا بزوغ نجم الإسلاميين، واستقبلتهم الشعوب بخليط من الخوف والأمل، وأخيرا استسلمت للنتيجة. بعض المثقفين وقادة الرأي دعوا إلى ترك الأسلاميين يحكمون لكي يختبروهم، وكانوا شبه متأكدين أنهم سيفشلون في هذا الإختبار، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يكون الفشل ذريعا لهذا الحد. لقد توقع بعض الكتاب هذا الفشل، ومنهم كاتب هذه السطور، وظهر مقال عل موقع الحوار المتمدن تحت عنوان: "دعوا الإسلاميين يحكمون" قبل أكثر من سنة، وكانت الفكرة الأساسية أن الإسلاميين ربحوا الإنتخابات وأن الطريقة الوحيدة التي ستثبت أن الإسلام السياسي فاشل هو أن ندع الذين ربحوا الإنتخابت في تونس ومصر يحكمون هذين البلدين، وكانت التنبؤات صحيحة أكثر مما توقعنا لأنهم ليس فقط لم يستطيعوا أن يحكموا بل عجزوا عن تحقيق أي إستقرار في هذين البلدين، ولم يستطيعوا إقناع الناس، حتى نظريا، بإمكانية نجاحهم. لقد قلنا: "دعوا الإسلاميين يحكمون. إنهم سيضطرون لتغيير كثير من أفكارهم وهذا سيقود إلى تغيير أفكار الذين انتخبوهم، وهذا في حد ذاته سيكون انتصارا للتقدم والحرية الفكرية والتحرر في العالم الإسلامي. "

إن المصائب التي نراها في العراق وسوريا، بالإضافة لمصائب تونس ومصر، كلها سببها خلط الدين بالسياسة. لو لم يخلط الدين بالسياسة لما رأينا حربا بين الشيعة والسنه في العراق. من الواضح أن الشيعة في العراق أصيبوا بخيبة أمل من تصرف جيرانهم من الشعوب العربية تجاه محنتهم. إن شيعة العراق يعتزون بعروبتهم وقد حاربوا إيران مع صدام حسين ثماني سنوات وأجبروا الخميني على "تجرع السم" كما قال، ولكن معاداة الدول والشعوب العربية لهم، وخاصة الذين حارب العراقيون إيران للدفاع عنهم، دفعتهم في النهاية إلى أحضان إيران.

أين كانت هذه المصائب مستترة؟ من غير المعقول أن تنتهي بنا حركات تحررية واضحة الأهداف ونقية إلى هذه المصائب. هل كانت كل العوامل التي أدت إلى ما نراه الآن "مخبأة بقشة" كما يقول المثل العامي؟ هل كان الكره بين المذاهب من الشدة بحيث كان يحتاج فقط إلى دولة أجنبية "لتنكشه" وتحدث حربا شعواء لا تنتهى؟ لماذ كل هذا الحقد والكراهية؟ هل كانت الثورات العربية سببا في تفجير هذا الحقد وهذه الكراهية؟ يمكن أن يكون ذلك صحيحا في سوريا ولكن حالة العراق تختلف تماما لأن النزاع الشيعي- السني بدأ مباشرة بعد سقوط دكتاتورية صدام وكأنّ الزعيم العراقي السابق كان يجلس على فوهة بركان وبمجرد أن أزيح عن الفوهة خرجت الحمم الملتهبة من باطن الأرض لتاتي على الأخضر واليابس؟

بعد إحتلال العراق إختار بول بريمر، بناء على توصيات من أعضاء المعارضة السابقين، مجلس دولة مبني على المحاصصة الطائفية والإثنيه، وتم تجاهل إثنين من أهم الشخصيات العراقية: الأول سُني بنى نفوذه وشعبيته على أن جده كان قائد ثورة العشرين، والثاني شاب شيعي بنى نفوذه وشعبيتة على أن عمه، الذي أعدمه صدام حسين وسماه "مقبور" بدل "باقر،" كان أكبر زعماء المعارضة لنظام صدام. وشعر السياسيان أن بريمر تجاهلهما فبدأ الاثنان بخلق المشاكل للحكومات العراقية المتعاقبة بعد أن أقنعا الناس أن تنظيميهما يتزعمان مقاومة الاحتلال. رفض الأول التعاون مع الحكومة العراقية بحجة "أن هذه الحكومة ليست لها سيادة." وأخيرا اضطر إلى السفر إلى خارج البلاد ليحارب الأمريكان ب "الريموت كنترول،" من على قناة الجزيرة، وبالنيابة، من خلال القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية السنية. أما الثاني فتزعم حركة معارضة عجيبة تدعو إلى حرب الأمريكان ولكنها تنضمّ للحكومة وتتظاهر أنها صديقة للسنة وفي نفس الوقت تتغاضى عن تشكيل جيش المهدي "فرق الموت" لتقتيل السنة على الهوية. ورغم هذا التناقض العجيب ورغم سطحية هذا الزعيم وعدم نضجه السياسي، استطاع أن يستقطب الملايين من الشيعة العراقيين. وعندما بطشت قوات المالكي بأتباعه ذهب إلى إيران "ليتابع دراساته الدينية،" وعاد بعد ثلاث سنوات ليحث أتباعه "على محاربة الاحتلال بكل وسيلة" ولكن "سلميا."

منذ الغزو الأمريكي للعراق، لم تحاول الأنظمة العربية ولا وسائل الإعلام العربية أن تحث العراقيين أن يتّحدوا ويسامح بعضهم بعضا. وبدأت تكيل الاتهامات للشيعة والأكراد بأنهم عملاء لأمريكا وإيران، ومعنى هذه الاتهامات انه لم يبق في العراق من يعارض أمريكا إلا العرب السنة -- وهذا طبعا ليس صحيحا -- والسنة لا يشكلون سوى ربع الشعب العراقي، لأن نصف العراقيين على الأقل شيعة والربع الآخر أكراد، ومعنى هذا أن الأغلبية كانت تهدف إلى نشر الهدوء ليتسنى للبلاد أن تستقر ويُعطى الشعب الفرصة ليختار حكومة المستقبل. لقد كان من الممكن أن يتجنب العراقيون كل هذا التقتيل والفتن التي حصلت لولا أن أقلية من الشعب العراقي ومن يؤيدوها في الخارج أرادت ذلك. وفي النهاية، ماذا يضير العراق إذا حكموها الشيعة، ولو على سبيل التغيير؟

إن محاربة الطائفية لا تتم بطريقة انتقائية وتمييزية وإنما بالتسامح وإشعار الناس بالمساواة وليس باتهامهم بالكفر وبالخروج عن الدين. هل كان الحفاظ على وحدة العراق يتم باتهام الشيعة والأكراد بالعمالة لإيران وأمريكا؟ هل كان الحفاظ على وحدة العراق وتخليصها من النفوذ الإيراني يتم بمقاطعة العراق لعدة سنوات عندما كان العراقيون يحاولون تشكيل دولتهم الجديدة، كما فعلت الدول العربية، وتركها ساحة للإيرانيين؟ هل كانت مقاطعة الأكراد واتهامهم بالعمالة لأمريكا كفيلة بان تجعلهم وطنيين عراقيين يحافظون على وحدة العراق؟ ماذا يمنعهم، إذا شعروا بالخطر أو عند الضرورة، أن يُبقوا الأمريكان عندهم ويعطوهم قواعد عسكرية وغير عسكرية إلى الأبد؟ فأمريكا لها قواعد عسكرية عند حليفتها تركيا، على حدود كردستان العراق. لو كانت الدول العربية فعلا تحب مصلحتها ومصلحة الشعب العراقي لكانت أشعرت الشيعة والأكراد بالثقة والأخوة من البداية بدل أن تدفعهم إلى أحضان إيران وأمريكا.

كيف سيكون مستقبل الشرق العربي إذا كوّنت إيران والعراق حلفا شيعيا ينضم إليه فيما بعد الحكم العلوي في سوريا، أوما سيتبقى منه بعد الحرب الحالية، وجنوب لبنان ممثلا بحزب الله؟ ألا يعني هذا أن حربا شعواء سنية-شيعية ستبقى مشتعلة لعقود طويلة؟ لماذا فشل المثقفون والعقلاء العرب في تنبيه شعوبهم إلي الخليط المذهبي والإثني في بلدانهم ويقنعوهم بفائدة الوحدة مع الإختلاف بدل تشتيت أذهانهم وإلهائهم بالحديث، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، عن المؤامرات؟ لماذا لم يحاربوا نفاق قادة هذه الشعوب وممثليها الذين تستروا عبر القرون على قنابل موقوته بدأت تتفجر الآن؟ لماذا لم يعملوا بجد وأصرار، منذ بدايات التحرر من الإستعمار، على تنوير شعوبهم وإبعاد الخلافات الدينية والمذهبية عن السياسة؟



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل دول الخليج في سوريا وبهلوانيات قطر
- المعذرة يا -دكتور-
- الهجاء في الشعر .. والردح في السياسة
- كما تكونوا يولّ عليكم
- عباءه لبشار
- القوائم الإنتخابية العديدة في الأردن عكست حب الظهور، لا حب ا ...
- هل خدم حزب الله لبنان أو القضية الفلسطينية؟
- فاروق القدومي يصر على إرجاع الضفة الغربية للأردن!!
- هل لعب المفكرون العرب أي دور في ثورات الشعوب العربية؟
- هل هذه صحوة الضمير اليهودي؟
- الحكم الديني يُفضي حتما إلى الدكتاتورية
- اليهود إذا إنتقدوا إسرائيل
- عندما يتكالب على الأردن القريب قبل الغريب
- أبو حفص الموريتاني وسياسة الجزيرة التحريرية الجديدة
- ميشال عون وسوريا، وتضحيات لبنان
- المسيح كان ثائراً على الديانة اليهودية
- ملالا يوسف زاي .. -جان دارك- باكستان
- الغرب يعوّل على الإخوان المسلمين في محاربة الجهاديين
- مؤامرات وحقائق
- الفلم المعادي للإسلام والهجوم على السفارات


المزيد.....




- الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا ...
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي ...
- إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع ...
- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!