|
قلم قاصر
غادا فؤاد السمان
الحوار المتمدن-العدد: 1162 - 2005 / 4 / 9 - 12:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- قلم قاصر - غادا فؤاد السمان
مابين 1948-1968 كانت ولادتي ، وولادة قائمة من الإحتمالات الرثة ، تكاد الأبجدية عينها تلعنها ! ... فكل الصفحات تطالعنا بمفردات متشابهة ، وكل الخطب تُكتب بياناتها بلهاث واحد ، وكل العناوين ترفع لأجلنا ، فتصيب أجلُنا المسمّى بالمصير نصب أعيننا الشاخصة بلا معنى ؟ ! .. هل أتابع أم أتوقّف عند علامات الرعب والتعميم حيث استفهام واستفسار وفواصل ونقاط لاعدّ لها ولاحصر ولانهاية ولاتأويل ، غير الهذيان والثرثرة والمجّانية ؟!! هل حقّا نحن نقول ماينبغي أن يُقال ؟! .. هل ننصّب كائننا الأصيل الذي توارث عن أجداده سمات قابلة للذوبان ؟ ! .. يضحكني مليّا سخطنا المتفاقم تجاه أمريكا وتبعاتها ذات الأنياب . وثمّة مساهمات وافرة لاتقلّ شأنا عن الطغمة المذكورة كإعلامنا الذي يكمن فيه إعدامنا الفعلي ، ولدى ساستنا اختناقنا الدائم وليس أمامنا ووراءنا سوى صفوف من القطعان المتراصّة بحبور قاتل ! مامن فضاء كتابيّ حرّ فعليا يتسع للتفاصيل والتشريح والنزف والمواجهة ، مامن سماء ثقافية تصلح للمناورة ! .. مجرد أقلام قاصرة تلك التي نحملها لقليل من المراوغة ، ولنحمّلها مزيدا من التحايلات على الرقيب الذاتي المتعملق فينا ، والرقيب الغيري المتعملق علينا هنا وهناك .. مرجعياتنا ، مهازلنا المعلنة ، الأحرى المزمنة .. مربِكة حقّا قراءة الواقع ، ومرهق جدا رصد المتناقضات وأين الحول والقوة لمعرفة لمعرفة ماذا نريد ، وكيف نستحوذ على مانستحق ؟ ! ... التفسّخ الذي نجت منه أوربا .. يغرقنا رويدا ، رويدا .. والشقاق الذي تمّت معالجته في الكونفراليات العالمية ، يمزقنا بلا هوادة . نلعن ديموقراطية أمريكا ، وديكتاتوريات حكوماتنا لعنة بحدّ ذاتها ، نناقش نظريات وفلسفات وقواعد ورؤى وأدبيات ومرجعيات وفنون وإبداعات الغرب بدقة متناهية وانهماك مثير ، لنستخلص منهجا واحدا لاغير ، لصناعة نصّ لايتعدّى أبعاد المقاولة والتسويق والمتاجرة الرخيصة في أحسن الأحوال ، إمّا لفرط الهرمونات الشعاراتيّة ، أو لتفريط المنشطات التسويغية مشكلتنا الحقيقية إمّا اللامبالاة أو الخوف من البحث في الواقع ووقائعه الملتبسة التي تتلخّص بما يلي :
• إشكالات السياسات المحكمة وضغوطاتها المتينة . • إبرام الحوارات المغلقة التي لاتخلو من شبهة مؤكّدة . • تعسّف الأنظمة وعصفها البربري . • تسليم المواطن ، واستلاب قراره . • انعدام موضوعية المشاركة . • إلغاء التكافؤ الإجتماعي . • استشراس الطبقة المدعومة باسم السلطة وأحاديتها ، في استثمار خيرات الوطن ومواقعه ومناصبه . • انقراض الحسّ الثوري . • تلاشي أسس الحوار وفتح أولويات التشاور بين الحاكم والمحكوم . • انحسار الحريات الحريات الشخصية وحصارها . • مصادرة الأدمغة السليمة وتهجينها ، وتدجينها ، وغسلها ، وتفصيلها ، وتحليلها ، وتركيبها على مقاس السلطة وهيئتها . • انتماء المثقف إلى جماعات التغيير ، أو التغرير ، أو الأصولية ، والمزايدة دائما القاسم المشترك . • تلغيم بالتنفيس الغرائزي . • تطعيم الذهنيات بالعقم الإستخباراتي ، وتخصيب النفوس بالسفاح الإستخباراتي كذلك . • تخبّط اللغة في بيزنطية المراحل المتوالية باسم الأبدية . • تسفيه الغير ، وتنشيط الوثنيات الريادية . • دونيّة الذات مقابل تفوّق الآخر . • دنيوية الإسفاف ، نظير عصبيّة التدين . ... عنوة أستوقف قلمي ، وبإيعاز من مصدر خفي أكاد أدقّ عنقه ، لإتمام هذه المحاولة الكتابيّة اليائسة التي ستُضاف إلى المتراكم الكتابي بعبثيّة واستهتار متزامن ، وأنا أعلم تماما باستحالة بثّ أيّ شحنة تفاعلية تُذكر في شرايين قارىء ما ، ويحزّ في عنقي السؤال كحدّ النصل .. مالذي يجري في نشر النصّ حين يكفّ عن الصدى بحكم التصدّي السلفي لمفعولية التواصل ؟!.
هل ينبغي أن نواصل الأدعية والصلوات وقصّ العرافين والمشعوذات علّ خلطة سحرية تعيد للكتابة وهجها الآفل منذ : قاسم أمين ، وطاهر الحداد ، ولطفي المنفلوطي لتتوقّف عند " هيكل " وتنتهي معه ؟! .. أين هي المقالة اليوم التي تفتح أبواب الحوارات وشهية الأقبية وشغف النوافذ ولهفة الزازين ، وحريّة القضبان وجدران الإرادة الكتيمة ؟ ! .. هل تحولت المعتقلات إلى مجرد ذاكرة ، ومتاحف للشمع والإنصهار ؟! . هل فرغت الساحات من شغف التظاهر لتمتلىء باستعراضات الإستعراص المنظّم والنظامي والذي تبارك استفحاله الأنظمة . إذ أن الخطط الخماسية والسداسية تعتمد في اقتصاداتها الحديثة على إيرادات الخصور والنهود والأردفة ومالفّ لفيفها ، ليسلم بذلك شرف الرجل الشرقيّ الرفيع عند إراقة حياء المرأة العربية وهتك حيائها على الشاشات والفضائيات والشوارع والنوادي و " الكرخانات " والشقق المشبوهة هل هذا هو الوطن الكبير الواعد لبقائنا وعزّتنا ومجدنا وكبريائنا وصمودنا وحقّ تقرير المصير أم أنّه مسلخ الرحمة لنعاج طيّعة تنتظر الذبح بنفس راضية مرضيّة ، مسلّمة آمنة مطمئنّة لقرارات الأنظمة واستبداد الدكتاتوريات ؟! فهل ماتبقّى منا جدير حقا بلعن أمريكا ؟! وتبعاتها ذات الأنياب ؟ ! …
* مقالة نشرت في مجلة الشاهد عدد 214الصفحة الأخيرة " مدارات " .
#غادا_فؤاد_السمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|