|
سائح بمرتبة رئيس
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 12:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أفضل ما يمكن أن يقال عن جولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي شملت فلسطين المحتلة والأردن ،بأنها جولة سياحية للراحة والإستجمام ،مع تحقيق بعض الإنجازات السياسية ،البعيدة عن الملف الرئيسي وهو ما يسمى "عملية السلام"،لذلك يجب تسمية الأمور بمسمياتها ،وهي أن الأمر كله، كان بمثابة سائح بمرتبة رئيس،لأننا لم نلمس أي مبادرة خاروقية سياسية أحدثت إختراقا سياسيا في العملية . حظي السائح-الرئيس الضيف خلال جولاته في فلسطين المحتلة ورام الله والأردن ،بإستقبال ،يمكن وصفه أنه إستقبال لعريس ثري عاقل،وكان إستقباله من قبل الإسرائيليين مبالغا فيه ،وقد رحب بفكرة الدولة اليهودية في إسرائيل ،ويكون بذلك قد إرتد علانية عن أفكار سلفه هاري ترومان، الذي رفض يهودية الدولة في إسرائيل عام 1948، وشطب النص وإستبدله بخط يده "إسرائيل"،وهذه مخالفة كبرى إرتكبها رئيس أكبر دولة في العالم ،والذي يفترض فيه أن يكون قد تحرر من ضغوطات اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في ولايته الثانية. وفي حركة لها مغزى ،إستقبل الإسرائيليون الرئيس أوباما بالحمص والفلافل والتراث الفلسطيني المسروق ،ليوهموه أن هذه الأشياء إنما هي جزء من تاريخهم وتراثهم،بمعنى أن لهم إمتدادا تاريخيا في المنطقة . واقع الحال يقول أن الرئيس أوباما في ولايته الثانية،أظهر نفسه مكبلا بالضغوط اليهودية ،وقد وضع القلنسوة اليهودية على رأسه ،وزار قبر مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل ،وقبر إسحق رابين الذي وقع إتفاقيات أوسلو مع الفلسطينيين، وقضى إغتيالا على يد متطرف يهودي،إضافة إلى زيارته لما يسمى بمتحف " المحرقة". وما هو أكبر من ذلك ،فقد بدا الرئيس السائح أو السائح الرئيس لا فرق ،وكأنه في جولة إنتخابية ،حيث كال المديح لإسرائيل وقادتها ومستوطنيها،وكأنه يشحذ أصواتا إنتخابية،لذلك كانت إبتسامات كل من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز،ورئيس وزرائه نتنياهو عريضة ،لأنهما نجحا في إعادة المياه إلى مجاريها بين إدارة أوباما وإسرائيل،بمعنى أن أوباما أنجز مصالحة تاريخية مع الرأي العام الإسرائيلي. يبدو أن لذلك صلة بتعيين وزير الدفاع ومدير السي آي إيه ،حيث وافق الكونغرس الأمريكي في نهاية المطاف، على تعيينهما بعد ضجة كبيرة مفتعلة،وبذلك يكون أوباما قد انهى سنوات من التوتر بينه وبين نتنياهو،فمن هو المنتصر يا ترى؟حيث لا نزال نتذكر حجم الإهانات التي وجهها نتنياهو للرئيس أوباما سواء إبان زيارة أوبامل لإسرائيل ،أو زيارة نتنياهو للكونغرس ،وخطابه الشهير فيه دون التنسيق مع الرئيس أوباما،حيث صفقوا له في الكونغرس 33 مرة حتى عندما رغب بتناول كوب الماء . لا بد من التذكير أن الصلف اليهودي بلغ حده في إسرائيل، وجعلوا الزيارة تتم في نهاية أعياد الفصح اليهودية ،وبذلك حرموا على الرئيس السائح ،تناول ما يحبه من الوجبات ،وحصروا خياراته في الطبخ اليهودي،فأي عقلية هذه؟ في محطته الثانية في رام الله ،لم يكن الإستقبال أقل حفاوة له مما لاقاه عند الإسرائيليين،ولكنه لم يقدم أي شبهة تنازل للفلسطينيين، بل كشر عن أنيابه أمامهم، وحذرهم من الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية لتقديم الشكوى ضد إسرائيل، حتى لو كان الأمر يتعلق بالإستيطان،كما أنه لم يعدهم بشيء ،رغم أنه أعلن مرات عديدة حتى قبل أن يصل إلى المنطقة ،إلتزامه بأمن إسرائيل ،ولذلك زار قبتها الحديدية . رام الله الرسمية إستقبلته بالفرح وكأنه المنقذ ،مع أن شبابا فلسطينيين قاموا بالتظاهر ضد زيارته وهذا أمر مستساغ ولكن .....كما أن غزة لم تبد إرتياحا لزيارة الرئيس السائح إلى المنطقة ،ولعل اللعبة كانت مكشوفة عندما أطلقت خمسة صواريخ قيل أنها من غزة على مستعمرة سديروت الإسرائيلية،ولعمري أن هذه الفعلة إسرائيلية بإمتياز. إستمتع الرئيس السائح بترحاب الفلسطينيين بلا حدود له ،رغم أنه لم يقدم لهم شيئا ،وأولموا له ما شاء من الطعام ،ولم يحرموه من أكلته المفضلة ،عقابا له ،ودبكوا له فرحا به وبمجيئه،وزار مدينة بيت اللحم لنصف ساعة لأن الأجواء لم تكن مواتية . معروف أن الأجواء إنتفضت إبان زيارة الرئيس أوباما للمنطقة، ولا أريد القول كما قال أحد الأمريكيين العاملين في الأردن أن الطبيعة رفضت هذه الزيارة فثارت غبارا في وجهه،بل أقول أن التقلبات الجوية التي شهدتها المنطقة، لم تساعد الرئيس أوباما على التمتع بسحر المنطقة،عقابا له ربما لأن اعطى إسرائيل الكثير وأخذ من الفلسطينيين اكثر. وفي الأردن إرتفع منسوب الحفاوة عما كان عليه في رام الله ،وكان الرئيس السائح مرحبا به أيما ترحيب على المستوى الرسمي طبعا ،لكن بعض أركان المعارضة يتقدمهم الحزب الشيوعي إنتفضوا في وجهه،وأبلغوه رسالة واضحة أنه غير مرحب به ما دام مؤيدا لإسرائيل. بدوره كال الرئيس السائح المديح للأردن ودوره ،وقدم 200 مليون دولار امريكي دعما للخزينة الأردنية ،لتمكين الأردن من الصرف على اللاجئين السوريين،وتعهد بالحفاظ على أمن الأردن،ولكن أحدا لا يدري إلى متى سيستمر مفعول هذا التعهد ،إذ أنه معروف أن امريكا لا تحمي أصدقاءها، بل تضحي بهم عند أول إنعطافة،كما أنه لم يطالب الأردن بإنجاز الإصلاحات التي يطالب بها الشعب،وجرى تجديد ثقة واشنطن بأداء النظام في الأردن. وقد لازم تقلب الأجواء زيارة الرئيس إلى الأردن ،الأمر الذي إنعكس سلبا على زيارته للمدينة الوردية "البتراء" بسبب طبيعة المنطقة وتلبد الأتربة في الجو هناك. بقي القول أن أوباما جاء إلى المنطقة، للتصالح مع إسرائيل، بعد أن لمس صعوبة تمرير خططه في الكونغرس،وبشر الفلسطينيين بأنه أوعز لوزير خارجيته جون كيري، بإعادة إطلاق مفاوضات السلام مع إسرائيل،والأهم من ذلك ،أنه أنجز مصالحة تاريخية بين تركيا وإسرائيل،ونسي المصالحة الأهم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. السؤال المهم هو:هل نحن بإنتظار حدث ما في سوريا تطلب دعما تركيا ،وفرض على إسرائيل الإنحناء أمام تركيا وتنفيذ مطالبها ؟إن غدا لناظره لقريب.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن ..الثورة المغدورة والمنسية
-
تشطير السودان..هم إضافي للعرب
-
إسرائيل لن تضرب إيران..وهذه هي الأسباب
-
اليهودية ديانة نعترف بها وليست شعبا
-
حماية الصحافيين في زمن الحرب ..وماذا عن زمن السلم؟
-
الإحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق..جردة حساب
-
الجراد الذي يزحف على المنطقة منشأه إسرائيل!
-
لا معتصماه ....لا تندهي!
-
مبارك ومرسي..وجهان لعملة واحدة
-
هاغل وزيرا للدفاع الأمريكي
-
الجيش الأردني في الضفة الفلسطينية ..فخ إسرائيلي فإحذروه
-
النسور قادم لولاية ثانية
-
لم نعد نشرب قهوة الصباح على انغام فيروز
-
تحول الرأي العام العالمي..لماذا؟
-
العراق ..هل دخل مرحلة التقسيم؟
-
ليفني إذ تقود المفاوضات...وعلى الأرض السلام
-
فلسطينيا..التصعيد هو الحل
-
السيد حمادي الجبالي ...كل الإحترام
-
الجهاد في سوريا ..أفغانستان من جديد
-
السلفية في مواجهة الإسلام السياسي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|