|
العبقرية السويسرية: حوار مع مهجرة سورية
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4039 - 2013 / 3 / 22 - 13:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا اريد هنا ان اسرد لكم ماضي سويسرا ولا حاضرها ومنجزاتها والسلام الذي تتمتع به ومركزها العالمي رغم صغرها. اريد فقط ان اسرد لكم حوار بيني وبين سيدة سورية مهجرة تعيش حنينها الى وطنها في سويسرا الثانية لبنان الحبيب. وقد ربطتني بها صداقة منذ مدة قصيرة من خلال الفيسبوك. لعل هذا الحوار يعطي افكاراً تفيد أوطاننا المعذبة. وسوف اطلق على هذه السيدة لقب شهرزاد المستوحى من الف ليلة وليلة. شهر زاد: كيف تم تعرفنا؟ من تعرف على الآخر؟ أتذكر؟ ما هذه الصدفة الجميلة؟؟ سامي: ما بعرف مين تعرف على الآخر أولا. شهرزاد: ولكنني اذكر انني قرأت مقالاتك وكنت أضحك كثيرا. سامي: ليش تضحكي من مقالاتي... انا مضحكة ولا شو؟ شهرزاد: لأنها كانت جدا مضحكة. مثلا عن سجلات المسيح. قلت انت لست موظف. ومثل هذه الأشياء. سامي: نعم غريب الأطوار. شهرزاد: نعم كان ظاهرا من كتاباتك. ولم أفهم وقتها كيف كنت تعيش. أنا ظننت بأنك متستر في مكان ما وتحت رقابة دائمة. سامي: وهل فهمتي؟ شهرزاد: الى الآن لا. فالهرج والمرج لا يمنعني من رؤية ما تقصد. لا أعرف عن الآخرين. ولكن بالنسبة لي الى الآن لم أفهم. ربما سهوت من عيونهم. لا أعرف. هذا سر بالنسبة لي. سامي: انا لساني فالت وكتاباتي فالتة. شهرزاد: نعم بشكل متهور كمان. سامي: بفكر اكتب مقال عن هل ضروري تقتل المتشددين دينيا حتى تقضي عليهم كما يحدث في جمهورية مالي وما العمل حتى ننتهي من مشكلتهم مثل في مصر... فهل ضروري وضع الإخوان المسلمين في سجن كما فعل جمال عبد الناصر؟ شهرزاد: مقال شيق والاجابة عليها صعب لأنني انا أيضا فكرت بالموضوع كثيرا. القتل، يؤدي الى ولادة جيل ثاني أكثر وحشية. السجن يؤدي الى الكبت والانفجار. سامي: تقطع راس يطلع الف راس. شهرزاد: النفي يؤدي الى تأسيس مستعمرات جرثومية في الخارج. لا مجال الا في تغيير التعليم وخاصة التعليم الديني. سامي: لا بد اذن من غسيل المخ... من خلال نشوء دين جديد جميل مثل الدين السامي يحل محل الدين الحالي اللئيم. هذا ما كنت قد ذكرته في مقالي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=335895: موش مشكلة إخوان مشكلة تعليم ديني. ليلة سعيدة. شهرزاد: ليلة سعيدة.
وفي تلك الليلة كتبت مقالي: الغرب محتل من الإسلاميين وعميل لهم http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=350717
شهرزاد: صباح الخير يا حلو. كيف الأحوال. هل تعرف؟ الفيس بوك اصبح كمهرب لي عندما أدخله أنسى نفسي وأكون شخصا آخر له أراء. له شيء يؤمن به ويحاول جاهدا تحقيقه. تركي لسوريا كركبني كثيرا. سامي: كركب الكل عزيزتي حتى انا رغم اني لست سوريا وأعيش في بلد سلام. شهرزاد: نعم صحيح والمشكلة انه يوم بعد يوم تتعقد المشاكل أكثر ولا ارى أملا في الرجوع الى بيتي ومكاني. سامي: وفي حالتك أكثر من مليون شخص. شهرزاد: قل لي كيف هي أحوالك، وهل المقالة التي كتبتها بعد ان تركتك، أم كنت قد كتبتها من قبل؟ سامي: كتبيتها بعد ما تركني القمر ولم اعرف النوم قبل كتابتها. الكتابة تجبرني على التفكير وترتيب الأفكار. شهرزاد: ههههه شعرت بذلك. سامي: انا اتعلم من الكتابة ولهيك اكتب. شهرزاد: لديك قدرة هائلة على الكتابة بسلاسة أنا أتعب كثيرا الى أن تخرج مني كلمة. سامي: كنت اريد ان اعرف ما هو الختان فكتبت كتاب في 700 صفحة. كنت اريد ان افهم القرآن فترجمته الى الفرنسية والإيطالية والإنكليزية. وكنت اريد ان افهم المقابر فكتبت كتاب في 160 صفحة.. شهرزاد: المقابر؟ ما هي المقابر؟ سامي: نعم لي كتاب عن المقابر. شهرزاد: تقصد مقبرة؟؟ سامي: نعم. شهرزاد: وما الذي كنت تريد ان تفهم عنه وما الذي كتبت عنه؟ سامي: شفتي... اصبحتي حوشرية... حابة تعرفي البيضة ومين باضها. شهرزاد: ههههه جد بس ما هي موضوع المقابر هيك بالمختصر؟ سامي: اتعلمي فرنسي ابعثك لك كتابي وتفهمي. شهرزاد: ههههه طيب يعني مصمم ان لا تعطيني رؤوس أقلام مثلا؟ سامي: عندنا في سويسرا كان الدستور الذي كتب عام 1874 وبقي حتى عام 2009 فيه مادة عن المقابر فتعجبت ليش بضعوا مادة عن المقابر... فدرستها... عقلهم غريب هذول السويسريين. شهرزاد: ماذا كتبوا عن المقابر؟ وما هي المادة عن المقابر، هل للمقبرة أيضا مادة في الدستور؟؟!!!! عجبي... في البلدان العربية المواطن العايش يا دور يلاقي مادة عنه أو لا يلاقيها، بينما في سويسرا مادة عن المقابر؟ سامي: المقابر ملك البلدية ولكل واحد الحق في الدفن المكرم. فهمتي شيء؟ شهرزاد: يعني، تقصد ان لم يكون لشخص ما أي اقارب، البلدية تتكفل بدفنه مثلا؟ سامي: ليس فقط... فكري شوية حتى نشوف ان كنتي ذكية يا شاطرة. شهرزاد: الحكومة تتكفل مثلا بدفن موتاها. عصرت دماغي قدر الامكان. سامي: ليس فقط... شو يعني تفكري؟ الموتي ترمى للكلاب؟ شهرزاد: حسنا. تطبق الاشتراكية بالدفن، أي لا فرق بين غني فقير، كلهم يدفنون بنفس الشكل؟ مثلا؟ هل اقتربت؟ سامي: تقريبا تقريبا... اعملي عقلك. شهرزاد: لم يبقى شيء له دخل للدفن الا اذا كنت ستقول لي أن الحكومة توزع خيرا على أرواح المرحومين بدلا من أهاليهم، او تقيم ولائم العزاء لهم؟ سامي: سويسرا كانت مهددة بالانقسامات والحرب بين الكاثوليك والبروتستانت... وحتى يتم السلام خذفوا الانقسام بين المقابر حتى يعيش الأموات بسلام فيعيش البشر بسلام. شهرزاد: يعني الكل لهم مقبرة واحدة. سامي: نعم. شهرزاد: طيب والأقليات؟ مثلا انت لست سويسري هل تملك طائفتك مقبرة أم هي واحدة للجميع؟ سامي: لا لا. ممنوع الكل مقبرة واحدة... ولكن ابقوا فقط على مقابر صغيرة لليهود فعملوا غلطة كبرى والآن يتحجج بها المسلمون لكي يطلبوا مقابر للمسلمين... وهنا المشكلة. شهرزاد: ولما دائما لليهود شيء خاص؟ سامي: يعني خلقوا المشكلة من أول وجديد... وانا من معارضي تقسيم الناس في المقابر حسب ديانتهم. قالوا اليهود قليلون وسوف يدفنون مع غيرهم آخر الأمر... وفعلا هناك من يدفن في المقابر العامة كما الكاثوليك والبروتستانت. شهرزاد: حسنا. الأرمن ايضا اقلية. هل لديهم مقبرة خاصة مثلا؟ سامي: لا لا. ممنوع. الدفن بالدور مثل ركوب الباص. شهرزاد: لا تقل لي انهم ينتظرون دورا للدفن؟؟ سامي: لا لا... ان متي تدفني بقرب آخر قبر... ومن يموت بعدك يدفن قربك الخ. لا فرق بين كاثوليكي وبروتستانتي أو غيره. شهرزاد: طيب، اذا أردت ان ادفن قرب شخص معين. سامي: لا يمكن ذلك. يعني انتي ونصيبك... ممكن تقعي قرب ابن وسخة. شهرزاد: حسنا مثل الحياة لكل قانون ايجابياته وسلبياته. سامي: وحدوا الموتى حتى يوحدوا الأحياء. وحدوا ليس فقط هذا... اخذوا اجراءات لحذف صلاحيات الطوائف الدينية. فمثلا حذفوا السجل الكنسي واصبح سجل مدني. وحذفوا الزواج الديني واصبح زواج مدني. واعطوا حرية تغيير الدين بعد عمر 16 سنة. وسمحوا لمن عمره 16 ان لا يتعلم التعليم الديني. وحذفوا الطلاق الديني وصار طلاق مدني . شهرزاد: هل يمكن ذلك؟ واو هذا أكثر مما تصورت. شهرزاد: طيب اذا انا كتبت في وصيتي انني اريد ان احرق. سامي: أكثر من 70% يحرقون في سويسرا. شهرزاد: جيد لأنني أنوي أن اكتب في وصيتي هذا. سامي: وانا كاتب في وصيتي بحرق جسمي. شهرزاد: ههههه نقاط مشتركة وأنا احب أن يحرق جسدي. سامي: شفتي ليش سويسرا متقدمة؟ شهرزاد: لا تنسى وعي الشعب أيضا هناك وعي عام. سامي: وتصوري كل هذا في دستور 1874 وهي الدولة الوحيدة في العالم اللي في دستورها مادة عن المقابر وليس فقط هذا... هناك مادة عن ذبح الحيوان. شهرزاد: لا يمكن ذبحه الا في مكان مخصص له. وربما كمية معينة؟ سامي: لا لا... فكري يا شاطرة. شهرزاد: لا تقل لي ينوموه لكي لا يشعر هو بموته؟ سامي: نعم... يجب تنويم الحيوان قبل ذبحه. شهرزاد: طيب. هذا التنويم يدخل في جسم الحيوان ويصل الى اللحم ؟؟؟ أليس هذا مؤذ للإنسان؟ سامي: يعني لما يعملوا عملية الك ينوموك... رحمة بك. ونفس الرحمة للحيوان. شهرزاد: صحيح. ولكن أنا لحمي لا يؤكل! ولحم الحيوان يؤكل، وهذه المادة المنومة ستدخل في جسدي. سامي: عندهم وسائل مقننة كيف تذبحي الحيوان دون تأليمها أو بأقل الم ممكن. شهرزاد: أها لديهم قانون لكل شيء. هذا جيد. سامي: شفتي ليش بلد كافرة مثل سويسرا متقدمة؟ لأنه في روسهم مخ مش تبن. هلا فهمتي ليش سويسرا تنتج ناس مثلي غريبي الأطوار؟ شهرزاد: ههههه. عندما يكون كل شيء منظم، لا ضرر في أن تذهب الى التفاصيل. سامي: أول مرة دخلت كلية القانون وقرأت في الصف مادة المقابر بقيت اضحك طول اليوم. شهرزاد: الشعب واعي، الحكومة واعية. المناهج جيدة جدا. الجو العام مساعد. سامي: مثل ما انتي ضحكتي من مقالاتي انا ضحكت من قانونهم. شهرزاد: لم نقوم بعد الخطوط العريضة لقوانينا ههههه صحيح لم أتخيل. سامي: وصاحبك مقصوف الرقبة صار اشطر من السويسريين فيعتبر القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول. شهرزاد: ههههه. الآن فهمت سر تحاملك، طبعا عندما ترى الفرق الشاسع تصدم. سامي: سويسرا تنبت ناس مخبلين مثلي في نظر الشرقيين. أكثر بلاد العالم اختراعات مسجلة هي سويسرا وعدد سكانها لا يزيد عن 8 ملايين. شهرزاد: لا أبدا. بل مصدومين، كما أظن، لأنني انا أيضا مصدومة. لا استطيع أن اتخيل ما هو منهجهم التعليمي لكي يستطيعوا ان يخرجوا مواطنين بهذا المستوى. على كل، يجب أن اذهب الآن دق نفير العمل نلتقي من جديد.
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغرب محتل من الإسلاميين وعميل لهم
-
مسلسل جريمة الختان 118: أثر الختان على العلاقة مع الأهل
-
مسلسل جريمة الختان 117: آثار صدمة الختان على الطفل
-
مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير
-
مسلسل جريمة الختان 115: الأفارقة والتدخّل الغربي في ختان الإ
...
-
نسخة جديدة من القرآن بالتسلسل التاريخي
-
مسلسل جريمة الختان 114: الغرب وختان الإناث في عهد الإستعمار
-
مسلسل جريمة الختان 113: ختان الإناث ومعادة الإسلام
-
مسلسل جريمة الختان 112: إتّهام اليهود بنشر ختان الذكور
-
مسلسل جريمة الختان 111: ختان الذكور ومعاداة الساميّة
-
مسلسل جريمة الختان 110: الختان وسلاح المال
-
مسلسل جريمة الختان 109: الختان والزواج كصفقة تجاريّة
-
مسلسل جريمة الختان 108: معدّل الختان يعتمد على من يدفع تكالي
...
-
الإسلام في طريقه للانقراض
-
اعدام أبو العلاء المعري اعدام لإنسانيتنا
-
القرآن وألف ليلة وليلة
-
كتب مكدسة وانبياء مشعوذون
-
دين جديد وكتاب مقدس جديد : عرض للنقاش
-
هل حد الردة من الإسلام؟
-
مسلسل جريمة الختان 107: جمال البنا والختان
المزيد.....
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
-
عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب الديمقراطي المسيحي عن رفضه حزب البدي
...
-
259 مستعمراً يقتحمون المسجد الأقصى
-
أستراليا: إحباط هجوم ضد الطائفة اليهودية قرب سيدني
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|