نائل جرجس
الحوار المتمدن-العدد: 4037 - 2013 / 3 / 20 - 22:15
المحور:
حقوق الانسان
المشهد الأول في بريطانيا: إحدى الساحات الرئيسية يجتمع فيها مبشرون إنجيليون يحملون مناشير للتوزيع ويلقون كلمات يدعون فيها المارة لاعتناق مذهبهم. في الجهة المقابلة وعلى بعد بضعة أمتار يوجد منضدة لمجموعة من الشبان المسلمين يدعون فيها إلى الاسلام ويوزعون نسخ من القرآن الكريم باللغة العربية والانكليزية.
المشهد الثاني في ليبيا: تفكيك شبكة تبشير من طرف جهاز الأمن الوقائي الليبي وتقرير لتلفزيون الجزيرة عن القبض على خلية تقوم بالتبشير في ليبيا واستعراض أفرادها كإرهابيين والكتب المسيحية المصادرة كمتفجرات.
أثارت ممارسة التبشير ولاتزال العديد من القضايا الحساسة في دول العالم العربي التي استصدر بعضها قوانين تجرم هذه الممارسة كما هو الحال في الجزائر، بينما تصمت أغلبها عن التجريم، ومع ذلك يتم توقيف المبشرين تحت تهم جنائية أخرى كزعزعة الأمن العام والوحدة الوطنية أو ازدراء الأديان السماوية.
يعتبر التبشير أحد أهم أركان الدين المسيحي ومع ذلك غالبا ما يتعرض المسيحيون للاعتقال والتوقيف لقيامهم بالتبشير الذي تحترم ممارسته الدول الأوروبية بمقتضى الحق بحرية التعبير والحرية الدينية. إلا أنه لابدّ من التمييز بين نوعين من أساليب التبشير: أولهما التبشير الذي يتستر خلف أمور انسانية كالمساعدات الغذائية والوعود بالسفر وتقديم الأموال واستخدام ضغوط أخرى كلامية وغيرها من أجل حضّ الأفراد على اعتناق دين معين. أمّا النوع الثاني، فيتمثل بدعوة الآخر لاعتناق دين معين دون اللجوء إلى الأساليب المذكورة أعلاه، الأمر الذي ينضوي تحت نطاق حرية التعبير وممارسة الحرية الدينية، على خلاف النوع الأول الذي من المفروض حظر ممارسته.
إنّ التيار السائد في العام العربي لايميز بين هذين النوعين من التبشير كما هو واضح من القوانين والممارسات العملية بحق المبشرين. وغالبا ما يعزز الاعلام من هذا الفكر المغلوط، الأمر الذي تمثّل أخيراً بتقرير للجزيرة عن القبض على خلية تقوم بالتبشير في ليبيا واستعراض أفرادها كإرهابيين والكتب المسيحية المصادرة كمتفجرات. كما تعرض هؤلاء الأفراد لأصناف عديدة من التعذيب والمعاملة اللاانسانية أسفرت عن بتر يد أحد الأشخاص ووفاة آخر تحت التعذيب في بلد قضى لتوه على أحد أعتى الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة العربية، ومع ذلك لا تنبئ هذه الممارسات بالاتجاه نحو الديمقراطية بل بتكريس نوع جديد من الديكتاتورية.
#نائل_جرجس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟