|
الأرهاب .. والرد الحضاري
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4037 - 2013 / 3 / 20 - 07:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تبرز اليوم عشرات التعاريف للارهاب على الساحة العالمية بحيث يختلط الحابل بالنابل كما يقال ،فدول محتلة توصم صاحب الارض بالأرهاب ودول عظمى تؤشر كل من يعارض مصالحها بالأرهابي،ولكنه على أي حال فالأرهاب عندنا، مكشوف للجميع بأنه لامبدء ولاضمير له بأستهدافه المدنيين بمختلف فئاتهم الطفل والمرأة والمسن وفي الأماكن العامة كالشوارع والأسواق والمزارات ولم تسلم حتى سرادق العزاء والمستشفيات والجوامع ،ومن لايتعرض مباشرة لنيران الأرهابين فأنه يفقد نعمة الأمان وتنعدم بذلك راحته النفسيه وتحدد مديات حركته وهذا مما لاشك فيه بلاء عظيم. أنهم يستسهلون قتل النفس التي حرم الله لأجل تحقيق اهداف دخلت عقولهم سواء بالترغيب الدنيوي او بالخداع الفكري أو بكليهما . يقول الله تعالى ({مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} )(الأية 32من سورة المائدة)..فاذا تبصرنا في كلام الله تعالى ،فكيف بالله يكون من المسلمين من قتل ويجرح المئات من المسلمين وغير المسلمين الذين لاجريرة لهم ، في يوم واحد . ولايعرف على وجه التحديد الجهات المباشرة الداعمة والممولة للأرهاب ،غير أن اصابع الأتهام تشير الى بضع دول لها مصالح خاصة في ما ينفذ على خارطة الأرهاب العالمية وهناك دول ممولة له بالمال وهناك دول ساندة بالأستراتيجية والتوجيه . ولكن أذا كان كل ماتقدم أصبح معلوم للعراقيين وأتضح أن العراق مستهدف منذ اليوم الأول بعد أحداث العام 2003وظهر ذلك جليا" بالتخريب المتعمد للبنى التحتية للبلاد وما تبعه من أرهاب مستمر ،فمن حق المواطن العراقي أن يتسائل عن مستوى رد أجهزة السلطة في البلاد وهل كان بمستوى التحدي ،وهل وضعت خطط ودراسات للقضاء على الأرهاب والحد من خطورته ،وهل شجعت الدولة على مكافحته واستعانت بالخبرات المحلية والدولية في هذا المجال ، وما هي درجة الأنجاز المتحققة بعد كل هذه المواجهة ؟ و الأجابة ستكون بالنفي مع الأسف ،وقد كان الرد تقليديا" عفى عليه الزمن ،وهو عسكرة الشارع ووضع الحواجز والمعرقلات والأكثار من السيطرات التقليدية ،والتي سرعان ما يتكيف معها عناصر الأرهاب ،وتضر اجراءاتها الروتينية بالمواطن وتزيد من آلامه وتعطل اعماله دون أن يكون لها جدوى واضحة . أن ما يحصل اليوم هو مواجهات غير متكافئة بين المواطن الأعزل وقوى الأرهاب المدججة بالسلاح والمسندة بالتخطيط الشيطاني بأتجاه قتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء ،حيث أن الأرهابيين هم من يختار ساحات المواجهة ،ودائما" يمتلكون السلاح والوقت لتحقيق مآربهم قبل وصول قوات الدولة . ما المطلوب مع هذا المستوى من التحدي ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ــ ان الرد الحازم الذي يمكن أن يرتاح له المسؤول ويسعد له المواطن ،هو تعافي أجهزة الدولة الأمنية والأستخبارية ،بحيث أنها تستطيع الدخول مع أذرع الأرهاب الأخطبوطية واكتشاف عناصرها ورؤوسها ومموليها وبالتالي منع الكوارث من الوقوع نهائيا" ،وهذا ارقى أنواع الرد. 2ــ وأن حصل لاسمح الله حادث ارهابي ( كما يحصل مع الأسف كل يوم ) في العراق، فعلى الأقل أن تكون أجهزة الدول قادرة على الكشف السريع للمعتدين ،وفضح وكشف الرؤوس الساندة لهم وشفاء غليل المواطن برد فوري وعقاب سريع ليكونوا عبرة لأمثالهم من الذين من المحتمل أن يغرر بهم ،فما أشد جرأة أولئك المنادين بضرورة العفو عن الذين اوغلوا بدماء العراقيين ،ولماذا يترك من يدان ويثبت جرمه وقتله المئات من العراقيين ،لفترات طويلة دون تنفيذ أحكام القضاء فيه ،أن نيله الجزاء العادل سوف لايترك مجال للتشجيع على هذا السلوك الأرهابي الذي لاترتضيه الأعراف والأديان ولا القيم الأنسانية ،ولكن مما يؤسف له أن قيادات عليا في الدولة يكتشف ، بين الحين والآخر ،أنها تعمل مع الأرهابين وتشد ازرهم وتدافع لهم !ولانعلم هل تغيرت مبادئ الشرف والرجولة والوطنية أم ماذا يحصل بالضبط ؟ 3 ـــ أن دولتنا لاتريد أن تعترف انها في عصر العلم والتكنلوجيا ،وان لجوءها الى التكنلوجيا المتطورة والمتوفرة اليوم سيدعم أجراءاتها الأمنية ويزيد من منعتها ،فالمواطن العادي يلمس تقادم أجراءاتها وأجهزتها التي زودت بها كوادرها الأمنية ،فالجهاز الوحيد الذي يستخدم في بعض المناطق المهمة كمداخل المدن لكشف المتفجرات والأسلحة ،ثبت فشله في أكثر من مناسبة وبدأ الشارع يتندر بالسؤال التقليدي ( هل أحد الركاب يحمل قنينة عطر ،وهل أن احدا" من الركاب قد ركب حشوة اسنان أو بلاتين ) ولاشئ غير ذلك ، كما أشيع في الأعلام أن صفقات فساد مالي كبيرة وراءشراء هذا الجهاز وكان الأولى بالدولة وعلى أعلى المستويات تدارك الأمر واستبداله باجهزة اكثر قدرة على الكشف وهي متوفرة اليوم في العالم ،لما هو عليه تطور التكنلوجيا والعلوم من تقدم كبير. 4ـــ أما مسألة الكاميرات والتي هي من المسائل الرقابية الكشفية الحديثة والمتطورة والتي يخشاها السارق والأرهابي وكل من ينوي فعل الشر ،فاننا قصرنا كثيرا" في توفيرها على الرغم من بساطتها وسهولة نشرها في دوائر الدولة ومؤسساتها وواجهات المحلات والشوارع ، صحيح ان البعض قد تحدث عنها في الأعلام ولكن دون أي تطبيق وكأننا نعيش في امان وليس هناك أي تهديد لأمن البلاد . 5ـــ أنهم يحاولون بكل ماأتوا من جهد ان يشوهوا صورة الأسلام الحقيقية ويصلوا بشعب العراق الى فرق طائفية متناحرة متقاتلة ،ليوغلوا بتدمير البلاد ،والسيطرة على خيراته ،وهذا يتطلب من القيادات السياسية والدينية وعموم المواطنين من كل الأطياف فهم هذه الأهداف الشريرة وفضحها في الأعلام وغيره من الوسائل والأخذ والعطاء مع بعضها البعض بأنفتاح وبدون عصبيات وتشنج،وعدم اعطاء فرصة تصب في أي أتجاه يخدم الأرهاب وفرقة البلاد وتناحر أهلها . 6ـــ من الامور الهامة الأخرى هي توفير فرص العمل ،و أيجاد الحياة الحرة الكريمة لكل عراقي ،لكي لانترك فرصة للأرهابين والمتصيدين في استغلال الظروف المعاشية وقسوة الحياة للأرتماء في احضانهم والأنحراف بالضد من مصلحة البلاد . 7ـــ أن يكون مسؤلينا مثالا" يحتذى في التضحية ونكران الذات وأن يكونوا ثوارا" وهم يجلسون على كراسي الحكم كما كانوا بالأمس ثوارا" يقارعون الظلم والدكتاتورية ، وعدم الأنخداع بالمظاهر الزائفة للسلطة ولنا خير الأمثلة في رسولنا الكريم وآل بيته الأطهار،الذين كانوا يضعون نصب أعينهم ثواب الآخرة وهم يعملون في الدنيا فكسبوا الدنيا والأخرة ،وهذا من دون شك سيؤدي الى مقارعة الفساد وزواله . 8ــ على مواطنينا تحمل المسؤلية الكاملة وتبليغ السلطات عن أي اعمال وتحركات مشبوهه ،خصوصا" وان التكنلوجيا توفر اليوم سهولة الأتصال ،وفي هذا الجانب على السلطات بث أرقام هواتف الطوارئ لتلقي أي معلومات مهمة والتعاطي معها باهتمام . 9 ــ ان تعترف الدولة لمواطنيها بفشلها الذريع لحد الأن في الحد من خطورة الأرهاب وان تتعهد بوضع خطوات جادة ورصينة لمكافحته وكشف الجهات التي تقف وراءه والتي تسانده .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقة برنارد لويس بما يحصل لنا اليوم
-
العراقييون .. الرقص على أكتاف الموت
-
أمريكا من كولمبس الى الأمبراطورية العظمى
-
بروتوكولات صهيون ..هل أصبحت حقيقة ؟
-
الى العراقيين.. كلام اخوي هادئ
-
العراق .. البناء وحده ينهي الأزمات
-
نزهان الجبوري ..ووحدة المصير العراقي
-
البطالة.. مشكلة أقتصادية وأجتماعية وسياسية
-
نار الحب ... بين الأمس واليوم
-
ضياع الثروة ... الفساد السياسي والأداري
-
الخرافة ...لا تزال تؤدي الى مقتل الملايين وتدمير أمم
-
كذب من أدعى مقاتلة الشيعة للأمام الحسين
-
الأنسان .. بين الحداثة والتوحش
-
هل نجحوا في أمتصاص زخم ثورة مصر؟
-
هل أن راية الأسلام تحمل من غير العرب ؟
-
مصر .. تحديات كبرى
-
عجائب ثورة الحسين
-
ساحة الجهاد المشرف
-
العرب ... لافرق قبل وبعد الربيع
-
واقعة كربلاء... إعجاز الخلود الأبدي
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|