أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرقوري - خطأ إستراتيجي في الثقافة العربية














المزيد.....

خطأ إستراتيجي في الثقافة العربية


محمد قرقوري

الحوار المتمدن-العدد: 4037 - 2013 / 3 / 20 - 07:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت الأمة العربية تعاقبا مريبا لأجيال من الجدب و التصحر الفكري الملقي بظلاله على الثقافة و الموروث الحضاري الذي إتسم بإنتاج الأكاذيب و السفاهات بحلة عربية متجددة تكاد تلفيها تنتقل كالعدوى السرطانية مستفحلة في كيان العروبة المثخن بجراح النكبة و الهزيمة . أبىت البشرية إلا أن تقف مشدوهة أمام حالة عزّ نظيرها و لم تجد لها مثيلا في قصة الحضارة عن حضارة كانت تكتب التاريخ فإذا بها قد إستحالت مزبلة للتاريخ و ألهبت قرائح المفكرين عن أسباب هذا الإنحطاط المعرفي الذي طبّع المسيرة الحضارية للأمة العربية زمن الثابت و المتحول فهل هو خطأ إستراتيجي في الثقافة و العقل المفكر ؟ أم أنها نظرية تطور حتمي للمسار الحضاري ؟ إن المتأمل للثقافة والمسلكيات الحضارية العربية و المحلل لأنماط تطورها و تفاعلها في سياق الحضارة الكونية الإنسانية يمكنه أن يسمها بسمتين متلازمتين قد تعجّلان بتقويض أسسها و بالتالي فإن ما يتجلى اليوم من مظاهر الإنهيار الذي هيمن على كافة المفاصل العربية ليس إلا نتيجة حتمية لسيطرة هذه المفاهيم في النسيج المعرفي العربي أما السمة الأولى فإن الثقافة العربية تقوم على مبدأ الإستئصال الذي يتجلى في كافة أركان الحياة حيث أن العربي بطبعه لا يستسيغ الآخر سواء كان رأيا مخالفا أو منهجا مغايرا لما أنف عليه و تكبله سلطة الموروث نحو رفض كل فكر مناهض و ثقافة مغايرة و لهذا السبب فإن الركود الفكري قد هيمن على دواليب الثقافة العربية التي لا تقبل الجدال و ساهم في حالة الإضمحلال التي تعيشها
و مبدأ الإستئصال نجده حاضرا و بقوة في مختلف شرائح المجتمع العربي بداية من الفرد الذي يعجز عن الإندماج في حضارة أخرى و تقبل أنماط فكرية مختلفة دون أن ينسلخ عن موروثه و ثقافته و وصولا للحاكم العربي الذي طبق مبدأ الإستئصال طيلة فترة حكمه فكان يخمد أي صوت لا يشاطر أهواءه و أفكاره و إذ أن الثقافة العربية لها من الغرور و التكبر ما يجعلها تأنف لغة الحوار و إحترام مبدأ الإختلاف فرأيها دوما يجانب الصواب و بذلك شهدت أجيالا من الإنعزال و التقوقع لا سيما إبان عصر النهضة الغربية
أما السمة الثانية التي طبّعت الثقافة العربية فهي حالة العجز و القصور الفكري عن عملية إنتاج الوعي حيث صارت الأمة في مرتبة المتقبّل للوعي المستورد المعلّب المزركش و صارت العولمة مطيّة تنفذ من خلالها الإرادات الدولية لفرض أجندة إمبريالية إستغلت حالة العجز العربي و تواطئ حكامهم لتنفيذ مآربها و هذا ما قد ينجرّنا للحديث عن دور مفترض لأصحاب القرار في صياغة فصول هذه الأزمة المعرفية و الحقيقة أن دورهم لا جدال فيه حيث ساهم هذا الزعيم أو ذاك في سياسة تجفيف منابع الوعي حتى بات الفرد بلا هوية بلا ضمير و بلا روح و بالتالي فإن الحركات الثورية التي هدفت إلى تحريره من قيود الظلام قد عادت عليه بالوبال لأن الشعوب لا تزال قاصرة عن الوعي بالأزمة . هي إذن أزمة وعي و أخلاق تتحمل وزرها كل الأطراف المتدخلة في النسيج الثقافي العربي بدءا من الفرد إلى الحاكم العربي إلى المثقف العربي الذي تنصّل من دوره و تنكر لمسؤوليته التاريخية في نشر الوعي
و قد إستغل الحكام العرب طيلة عقود من الجدب و التصحر ثغرة في العقل العربي لصالحهم فالثقافة باعتبارها تعيش حالة من العجز الفكري فهي تتّسم بالأحادية التي تعترف بوجود القائد الملهم الذي يلتف الجميع حوله و على هذا المنوال نصب هؤولاء أنفسهم أوصياء على الحضارة العربية فجروها نحو الهلاك و بئس المصير
إن السبيل لتصحي المسار الحضاري العربي و إنقاذ ما يمكن إنقاذه ليس بالمستحيل شرط توفر عوامل معدة لعل من أهمها الوعي بحتمية التغيير الذي لا يتجلى فقط في إسقاط أنظمة مهترئة عادة على العرب بالوبال بل يتجاوز ذلك إلى ثورة عارمة في العقول و طرائق التفكير ثورة فكرية تشارك فيها كل مكونات النسيج الفكري العربي المدعوة لتحمل مسؤولياتها التاريخية إزاء الثقافة للنهوض بالواقع العربي البائس



#محمد_قرقوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظريّة المؤامرة
- القمة العربية لنصرة شعبنا في سوريا
- أي معنى لسباق التسلح العربي ؟


المزيد.....




- سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع ...
- مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ ...
- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرقوري - خطأ إستراتيجي في الثقافة العربية