أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرات محسن الفراتي - وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم















المزيد.....

وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 4036 - 2013 / 3 / 19 - 18:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما ان تحدث سلسلة انفجارات ارهابية في بغداد حتى يسارع العديد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية خاصة فيسبوك بنشر الصور المؤلمة من مشاهد الدم والموت والخراب والنار، وكتابة التعليقات الحزينة المليئة بالتساؤلات الوجودية حول (الله) احدهم يسأل الى متى يا الله؟ واخر يسأل اين الله مما حدث؟، شخص يتمنى من الله رحمة لمن قتلوا بلا ذنب بيد الارهاب، واخر يعد المرتكبين للقتل بعذاب الله، فيستدركه ثالث ويقول ان الارهابين قتلوا الابرياء بأسم الله.. فيرد رابع انهم لا يعرفون الله، فيتداخل خامس الم تشاهدوا جثة الانتحاري وقد وضع بجيبه كتاب قرأن صغير عندما فجر جسده وسط سوق شعبي وقتل عشرات النساء والرجال والاطفال! ترى انه يتبع اي الله؟ او ليس هنالك الله واحد!
ثم يتحدث معلق معاتباً الله ويصفه بأنه صديق روحي له يبتهل له بكل شيء ولكن كيف يسمح بكل هذا الموت! ويختلف المعلقين حوله فبعضهم يتعذرون بأن ما ارتكب من موت ليس بسبب الله واخرين يقولون انه يقدر كل شيء فكيف قدر موت طفل او امرأة.. فيعود ثالث ويكتب ان انفجارات اليوم قتلت بائع فقير يعيل اسرة من الايتام قتل اباهم بأنفجار مماثل قبل عامين! فيعلق رابع ليرحمه الله وترد خامسة بل ليرحم الايتام الذين فقدوا معيل اخر لهم.. ويختتم التعليقات سادس ليقول ولماذا سمح الله بكل هذا الموت والعذاب من الاساس!
سيدة نشرت صورة كاركاتيرية لشاب ممسك بسماعة الهاتف بفزع ونظراته متجهة للسماء وقد كتب قرب فمه (ارجوك يا الله رد فالناس ذبحوا بالعراق.. رد رد رد)، سيدة اخرى كتبت انها تبكي منذ ثلاث ساعات بهلع بعد ان شاهدت ثلاث اطفال لم يتجاوزوا الثامنة وقد تناثرت اشلائهم على احد ارصفة بغداد بسبب انفجار انتحاري قرب احد الاسواق.. وتتعالى التعليقات اين الله وكيف يا الله ثم يكتب احد المعلقين نصاً غير مفهوم المعنى او المراد منه فهو يقول ان الله يحب الاطفال ومن المستحيل السماح بقتل احبته! وسرعان ما يرد عليه معلق ان اشلاء الاحبة تشضت على الارصفة يا صديقي!
ترى متى سيتوقف القتل بأسم الله هكذا كتب احد المعلقين وصمت، تذكرت مقولة امين معلوف الشهيرة عندما سؤل (ان قابلت الله في يوم من الايام ماذا تتمنى ان يقول لك؟ فرد: اتمنى ان يقول لي بأنه برئ من كل الجرائم التي ارتكبت بأسمه)، وعدت اطالع النصوص والصور والتعليقات التي لعل بعضها كتب بأستعجال عاطفي الا ان العديد منها برز العمق في تساؤلها عبر التعليقات الحوارية تحت النصوص.
كتب احدهم كنت اتشكك بوجود الله بسبب فكرة العذاب وجهنم.. اشعر بأن هذا ينافي فكرة الرحمة ويصطدم مع العدالة فكيف يمنح انسان حياة بمقدار محدد من السنوات ثم يعذب الى ما لا نهاية! اين العدالة في ذلك؟.. ثم استدرك نفس الشخص يقول ولكن شكوكي هذه لم تعد تؤرقني كثيراً فأصبح لدي ادلة اكثر على عدم وجود اله في هذا العالم! وهنا سأله عشرات الاصدقاء كيف واخرون دعوه للاستغفار وغيرهم سخروا وقالوا ان اكتشافك متأخر يا صديقنا.. اما هو فرد ببساطة لو كان هنالك اله لما سمح بكل هذا الظلم.. ودب الصمت على جدار صفحته وازدحمت علامات الاعجاب تحت كلماته الاخيرة وكأنها اشارات تأييد صامتة.
ليس غريب ما يحدث فالصدمات تعيد تفكير الانسان بمعتقداته وتجعله يتسائل عن القوى الخفية التي تنصر الخير على حساب الشر.. ترى اين هي؟ او هل هي موجودة حقاً؟ ام هي فقط من صنع الانسان القديم.. كما قال عبد الرحمن منيف (نحن من خلق الجلاد كما خلق الانسان القديم الهته)، الا ان الانسان القديم خلق الهته لتحميه من العواصف من البرق من الزلازل ومن اي ضاهرة فشل عقله بتفسيرها.. ولكن ماذا عن ما يحدث اليوم اين الرحمة!.. وهنا استذكرت قصة ايلي ويسيل الكاتب الحائز على نوبل للسلام عام 1986 وهو احد الناجيين من جحيم الهولكوست النازية.. وقد كتب معللاً الحاده راوياً (كنا في معسكر اعتقال اوشفيتز وفي احد الايام قام النازيون بجمع جميع المعتقلين وجلبوا طفل يهودي بالسادسة كان يمتلك وجهاً ملائكياً وقاموا بنصب محكمة له امامنا جميعاً ثم امروا بأعدامه وهو صامت وجرى رفعه على المشنقة بطقوس بطيئة استمرت حوالي الساعة لتحطيم جميع من يشاهدون نفسياً وعندما شدوا الحبل حول رقبته الصغيرة ودحرجوا الطاولة من تحته ليتدلى مشنوقاً وبصمت، قال احد المعتقلين الواقفين قربي: اين الله؟.. حينها ادركت ان الله شنق مع هذا الطفل ولم اؤمن بوجود اله منذ ذك اليوم)، وتذكرت سيدة بريطانية ملحدة سألها صحفي لما لا تؤمنين بوجود اله فردت (لقد فقدت حفيدتي بسن اربع سنوات تحت الم السرطان اي اله يقبل بتعذيب طفلة بسن الرابعة! منذ ذلك الحين ادركت ان الله ليس سوى خدعة)، وهكذا الحال مع العديد ممن عاشوا اجواء الحروب من خوف ورعب تجدهم اما قد تشبثوا بفكرة اله يحميهم حيث لا قانون على الارض او طردوا فكرة وجود اله حيث يسمح بكل ما شاهدوه من ذعر.
وتناسى العديد الموت والانفجارات واحتدموا بنقاش اثبات ونفي وجود الله.. فالملحد استخدم رأي العالم البيولوجي الكبير ريتشارد دوكنز القائل (ان العلم لم يستطع اثبات وجود الله) فرد عليه المؤمن (الله حقيقة ركز بقلبك وستكتشفها) وازدحمت اراء تزردي الله واخرى تقدسه وتحذر من بطشه.. فدخل معلق جاد وقال انا كنت اؤمن بالله.. مفجراً نقاشات جديدة حول معنى كنت وما انت عليه الان؟.. فرد اخر قائلاً اذهبوا ليوتيوب واكتبوا تمزيق القرأن وشاهدوا عشرات المقاطع التي مزق بها القرأن واهين من اناس سئموا رجال الدين وسئموا الارهاب بأسم الله.. او سئموا تصديق الناس بفكرة قديمة جداً اخترعها الانسان اسمها الله! وزاد هذا التعليق من الطين بلة وقام بعض المعلقين بمهاجمة اراء البعض او بكتابة ايات قرأنية في حين قام اخرون بنشر روابط لمقاطع فيديو لشاب مصري اسمه (مصري ملحد) على يوتيوب يمزق القرأن ويتحدى الله على الشاشة ان يثبت وجوده ويتحدى شيوخ الدين ان يثبتوا له وجود الله!.. وهنا صرخ احد المعلقين نعم صرخ لآنه مد بالحروف كلمة كفى ليكتبها هكذا (كفىىىىىىىىىىىىىىى هل بعد كل هذا الدم بأسم الله تختلفون كل هذا الخلاف حول الله!).. ولم يتوقف النقاش ولا اعتقد انه سيتوقف!
فكما تسائل الانسان الاول عن قوى الطبيعة الغريبة من حوله واعتقد بفكرة الله كمفسر لها.. يختلف الانسان المعاصر حول وجود وعدمية الله في اطار ما يسفك من دم بأسمه.



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة بين تجاذبات الماضي وخوف الحاضر
- كذبة الثقافة العربية
- الصابئة المندائيين الاقلية المهاجرة جبراً من العراق
- تجذر الخرافة بالعقل المسلم.. تنبؤات نهاية العالم انموذجاً
- ان كنتم تستخدمون الدين لمصادرة الحريات وقتل الاخريين.. فأنا ...
- روح الاوان السبعة
- وهم الانفتاح الثقافي وازمة الترجمة
- على مشارف السبات
- ملل المعاناة
- قراءة في الدور التركي في ازمة المختطفين اللبنانيين بسوريا
- مشكلة الاقليات الدينية في مصر
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة
- تراجع الذائقة الفنية بين جمعية الثقافة وعولمتها
- اخر حوار صحفي مع النحات محمد غني حكمت قبل رحيله
- ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية
- كذبة الديمقراطية


المزيد.....




- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرات محسن الفراتي - وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم