أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - قبل الانفجار العظيم














المزيد.....

قبل الانفجار العظيم


الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 18:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السؤال الأساسي الذي يحاول المؤمنون استغلاله يتمثّل في مسألة السبب الأول أو العلّة الأولى. فأغلب المؤمنين يطرحون السؤال التالي: ((إذا كنتم _أنتم الملحدون_ لا تؤمنون بالله، من الذي خلق الكون إذن؟)). لطالما أثارني مثل هذا السؤال، وقد لاحظت أنّه ليس فقط المؤمنون المتزمّتون هم الوحيدون الذين يطرحونه، بل يطرحه الأشخاص المتديّنون بشكل عام أيضاً. في أغلب الأوقات يحاول هؤلاء المتديّنون الزعم بأنّ العلم يقدّم دليلاً على وجود محرّك أول غير متحرّك أو إله وكأنّ الحجّة من التصميم أو السبب الأول جديدتان بالنسبة لعالم الفلسفة الحديثة.
إنّ هؤلاء الذين يلجأون إلى العلم ويستغلونه لإثبات وجود الله يبدو أنّهم لا يفهمون العلم أو طريقة عمله بشكل جيد أو كما هو في الحقيقة. فهم ينطلقون من مسلّمة دوغمائية بأنّ الله موجود ثم يحاولون إيجاد الدليل لإثبات صحّة حجّتهم الموضوعة مسبقاً، لكنّ العلم لا يسير بهذا الشكل. فالعلم ينطلق من الملاحظات والأرصاد التي يحصل عليها ثم يستقي الأدلّة والبراهين منها ثم يضع النتائج الأخيرة. ومن المهم جداً أن نذكر أنّ العلم منفتح كلياً على إعادة تقييم تلك النتائج وإعادة النظر فيها من جديد في أي وقت وقد شجّعت العلوم على ذلك وهناك الكثير من الأمثلة عن إعادة النظر في النظريات والنتائج العلمية. وبهذا الشكل يمكن للعلوم الأخرى أن تختبر النتائج وترى إن كانت قابلة للتكرار أو قابلة للتنبؤ بها.
إنّ إعادة طرح حجّة قديمة كحجّة السبب أو المبدأ الأول بثوب جديدة أو بصياغة معاصرة باستخدام مصطلحات وألفاظ علمية لا يجعلها حقيقة كما لا بجعل منها علماً صحيحاً. وفي مناسبات عديدة نلاحظ أنّ المتديّنون يقتبسون أقوالاً لعلماء وفيزيائيين مشهورين وعظماء كألبرت آينشتاين وستيفن هوكينغ كدليل أو إثبات مستمدّ من مرجعية علمية على صحّة حججهم حول وجود الله.
عندما كشفت الأرصاد العلمية عن نظرية الانفجار العظيم، حار أغلب المتديّنين ولم يكن لديهم ما يقولونه بشأن ذلك. وحتى في يومنا هذا، هنالك العديد من المتزمّتين الدينيين الذين لا يمكنهم قبول نظرية الانفجار العظيم ببساطة كنموذج صحيح ودقيق لنشأة الكون لأنّهم ينظرون إلى النظرية وكأنّها تتعارض مسبقاً مع فكرتهم الدوغمائية التي تبنّوها هم مسبقاً بأنّ الله هو من خلق هذا الكون. من ناحية أخرى، العديد منهم قبلوا بالدليل الواضح والبيّن على صحّة حادثة الانفجار العظيم، لكنّهم طرحوا السؤال المنطقي الذي يتبع ذلك: لكن ماذا كان قبل الانفجار العظيم؟
المثير للدهشة، في عام 2007، قدّم البروفيسور ستيفن هوكينج محاضرو بمعهد بيركلي للفيزياء Oppenheimer Lecture تناول فيها هذا السؤال بالضبط. بدأ هوكينغ المحاضرة بأسطورة قديمة عن الخلق. في حين أنّه لم يستخدم تلك الأسطورة التي ذكرت في الكتاب المقدّس، كان بإمكانه التبديل بين الأساطير وبسهولة دون أن يحدث أي تغيير ملحوظ.
خلال بداية المحاضرة يصرّح هوكينج قائلاً: ((من غير المنطقي على الإطلاق التحدّث عن زمن ما قبل بداية الكون, وسيكون الأمر أشبه بالبحث عن نقطة واقعة جنوب القطب الجنوبي. فهي ليست محدّدة)). يوضّح هوكينج تصريحه هذا لاحقاً خلال المحاضرة حيث يقول: ((لنفترض أنّ بداية الكون كانت على غرار مسألة القطب الجنوبي للأرض، ودرجات خطّ العرض، تلعب دور الزمن. عندئذٍ سيبدأ الكون كنقطة في القطب الجنوبي. وكلّما اتجه المرء أكثر نحو الشمال، فإنّ دوائر خطوط العرض، التي تمثّل حجم الكون، ستتوسّع. والسؤال عمّا حدث قبل بداية الكون، سيكون سؤال بلا معنى، لأنّه لا يوجد شيء جنوب القطب الجنوبي)).
إذن ما الذي كان قبل ولادة الكون؟... في حال أنّك لم تستنتج حقيقة الأمر ممّا قاله هوكينج،فانتبه إلى ما سأقوله هنا: إذا كان الزمان والمكان متصلين [الزمكان] حسب نظرية آينشتاين في النسبية العامة قبل بداية الكون، عندئذٍ لم يكن للزمان وجود، أي أنّ الوقت لم يكن قد وجد بعد. وبما أنّ كلمة "قبل" تدلّ على الوقت أو الزمان، فذلك يعني مبدئياً أنه لم يكن هناك شيء اسمه "ما قبل" الكون كما نفهم الأمر نحن.
لكنّ ذلك لا يعتبر جواباً كافياً وشافياً بين جمهور المؤمنين بالله. إذ يقول هوكينج مازحاً في نهاية المحاضرة: ((نحن جميعاً نتاج التقلّبات الكمومية خلال المرحلة المبكرة من عمر الكون. فالله يلعب النرد بالفعل.)) والعبارة الأخيرة هي مجرّد تلاعب لفظي بمقولة آينشتاين الشهيرة وليست إقراراً بمفهوم الله كما يفهمه الأشخاص المتديّنون منها. لسوء الحظ، ذلك هو الجزء الوحيد الذي يستطيع المؤمنون اقتباسه ضمن المحاضرة كلها.
في حين أنّه من الصعب فهم واستيعاب مفهوم الزمان أو الوقت في أغلب الأحيان، فمن المحبط والمخيّب للآمال بالنسبة لبعض الناس التعامل مع فكرة زمان بدون زمان. فدائما سنجد أنّ الناس بحاجة إلى تفسير ما كان قبل ولادة الكون. ماذا كان السبب الأول أو المحرّك الأول؟ لكن ربما ليس هناك سبب أوّل كما نفهمه نحن. ربّما يكون ستيفن هوكينج على حق والسؤال بحدّ ذاته لا معنى له. وهذا لا يعني أنّنا يجب أن نتوقف عن التساؤل أو طرح السؤال، لكن علينا أن نتوقّع بأننا قد لا نسمع جواباً مقنعاً وشافياً على هذا السؤال.



#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاتيكان لا يختار إلا ذوي السوابق
- نفتقر المنطقية!
- شجرة عيد الميلاد
- المجتمع عندما يحكمه سلفيان وعاهره
- الإيمان ... هو أن تذبح ابنك بسكين
- الذاكره تصنع العقيدة
- مهرجان ازدراء الأديان
- من يدخل الجنة ؟
- في حرية التعبير عن الميول الجنسية: هل نحن بحاجة لثورة فكرية ...
- ما بعد الإلحاد
- الله .. ذلك المجهول
- الإيمان و التدين عند الملحد
- الله ليس أخلاقيا
- وردة على قبر الله
- لمصلحه من نكره بعضنا البعض ؟؟!!!
- حدود الممارسة الجنسية عند اللاديني
- السعوديين تاجروا بالجواري حتى عهد قريب
- نقد الأخلاق البوذية
- لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟
- خرافة نوح


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - قبل الانفجار العظيم