|
تحليل نقدي للمجتمع الفلسطيني: البنية الثقافية والمجتمع المدني/الأهلي
بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي
(Bilal Awad Salameh)
الحوار المتمدن-العدد: 4033 - 2013 / 3 / 16 - 23:02
المحور:
المجتمع المدني
في النقاشات الغربية المتطرقة للمجتمعات العربية من حيث بنيتها الثقافية والاجتماعية وحتى النواحي السياسية من حيث تشكيل البنى السياسية والاقتصادية وتشكيل الدولة اعتاد الإستشراق الكلاسيكي أن ينسب للمجتمعات العربية الإسلامية والعالمثالثية بشكل عام بالتخلف والتسلطت والاستبداد والإذعان...الخ (Kedouri,1994)، وعلى أن الشعوب العالمثالثية هي شعوب مذعنة وراضخة أمام الأنظمة والدول، إلا ان الثورة الإيرانية شكلت أعادت الاعتبار للشعوب دورها في الفعل الاجتماعي والسياسي (Sadowski,1993).ويدعى علم الاجتماع الغربي أن المجتمع العربي يفتقر إلى مؤسسات المجتمع البرجوازية المستقلة، والتي كسرت قبضة الإقطاع على المجتمعات الغربية، ووفقا لهذه التوجه يعد (Turner,1984) إن المجتمع الشرقي يفتقر إلى المدن المستقلة والطبقة البرجوازية المستقلة والبيروقراطية العقلانية والمحاسبة القانونية والملكية الشخصية التي تمثل وتجسد الثقافة البرجوازية، انه يتميز بغياب المجتمع المدني، أي بغياب تلك الشبكة من المؤسسات الوسيطة ما بين الفرد والدولة .
هذه التصورات وعلى شاكلتها تنظر للعوالم من منطلق المركزية الثقافية للغرب، باعتبار أن النماذج الثقافية والسياسية والاقتصادية التي لا تنسجم مع الرؤى الغربية ليست بنماذج، الحالة الهندية والإيرانية مثال صارخ على تحيز الغرب على عدم اعتبارهما قطعا شوطاً كبيراً باتجاه بناء مجتمع ديمقراطي خصوصاً الهند، ومن جانب آخر قراءة وفهم المجتمع الشرقي بمعزل عن السياق الكولونيالي والاستعماري التي مرت به المنطقة يؤدي إلى تشويه الرؤية وكما أننا نرى أو نشاهد ونقيم تجربتنا كما يريد المستعمر أن نراها. وسياق البحث لا يستوعب الإسهاب في هذا الجانب رغم أهميته.
عودة إلى عنواننا وهو البنى والأنساق الثقافية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني، فما الذي نعنيه بالبني والأنساق الثقافية . أنها التصورات والقيم والقواعد وأسلوب الحياة التي ينظم فيها المجتمعات حياتهم وتنظم حياتهم وتسيرها وفقاً لما هو دارج ومتفقٌ عليه(بركات، 2000)، ولتطبيق ذلك على المجتمع الفلسطيني من ناحية عامة نرى أن تكوينة المجتمع الفلسطيني الثقافية مزيج من سمات ثقافية للمجتمع المحافظ والمنفتح بنفس الوقت(أبو عمرو،1995)، بمعنى انه ما زال متمسك بتراثه القيمي والأخلاقي والثقافي التقليدي الذي يحافظ على وجوده، ومنفتح بمعنى انه يسعى للتغيير والنهوض وتشكيل نموذج مختلف عن باقي الدول العربية على الأقل من الناحية الخطابية، فإننا نستطيع القول أن هنالك قيمة مجتمعية يصطلح عليها في علم السوسيولوجيا "بالإجماع" أو " العقل الجمعي"، هذه الآلية تشكل الشرعية والتي تنظم عمل المجتمع الفلسطيني وتشكل مرجعيته في التقييم أو اتخاذ القرارات، أو حتى في حال التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي.
يتميز المجتمع الفلسطيني بسمات حداثية منفتحة كـ: التعددية، قيم التسامح، المشاركة المدنية والسياسية، احترام الآخر، حرية المعتقدات، تـأييد الأغلبية النظام الديمقراطي(أبراش،2006؛ معياري،2003؛ بركات،2000؛ أبو عمرو،1995؛)، ولكنه أيضاً يتميز ببعض الخصوصيات التي تجعل منه مجتمعاً محافظاً، يورد (أبو عمرو،1995 : ص ص 49-53) أهم الخصائص التقليدية التي يتسم بها المجتمع الفلسطيني: • الولاء الجهوي: يلعب الولاء الجهوي والمناطقي دوراً مهماً ومحدداً أساسياً في تحديد الخيارات الاجتماعية والسياسية التي يواجها الفرد في المجتمع، وبالرغم من أن الإنتماءات السياسية اخترقت الولاءات الجهوية إلا أنها ما زالت مهمة في انتماء الأفراد، ويعزز من هذه الولاءات الضيقة عدم قدرة تحقيق الاندماج الوطني ديموغرافياً وجغرافياً وسياسياً وثقافياً ونفسياً. • الولاء العائلي: تشكل العلاقات العمودية (الولاء القبلي والعشائري والحمائلي) أساساً مهماً في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، حيث تقوم بإعاقة تطور المجتمع المدني وحداثة المجتمع الفلسطيني، وبالرغم من أن هذه العلاقات قد أسهمت بدور مدني في ظل غياب سلطة وطنية أو أجهزتها الأمنية ما بعد أوسلو – في الانتفاضة الأولى عام 1987 وانتفاضة الأقصى عام 2000- حيث حافظت هذه الولاءات على درجة من المدنية وشكلت رادعاً للتجاوزات الخطيرة، ولعبت دوراً في فض النزاعات والحيلولة دون انهيار النظام الاجتماعي. • الولاءات الفئوية: بدأت الولاءات الحزبية بتزامن مع نشوء وتأسيس الفصائل الفلسطينية المشاركة في المقاومة، تمثلت بتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، حيث في كثير من الأحيان تم وضع مصلحة الفصيل على حساب المجتمع، وبالرغم من أن الانتماء الفصائلي قد لعب دوراً في التخفيف ومواجهة الانتماءات العائلية، إلا وانه له سلبيات عدة منها، عدم إشراك شريحة واسعة من أصحاب الخبرات والكفاءات والفاعلين في منظمات المجتمع المدني في المجتمع الفلسطيني والتي لا تنتمي إلى فصائل سياسية، ووفقاً لهذا التوجه فقدت تلك الشريحة أهليتها بالمشاركة السياسية الفاعلة، وعدم الاستفادة من هؤلاء أدى إلى عرقلة عملية تطور المجتمع المدني الفلسطيني. • الولاء الديني: يتكون المجتمع الفلسطيني في غالبيته من المسلمين، بينما يشكل المسيحيون الفلسطينيون فيه أقلية عددية ذات نفوذ واسع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالرغم من الولاء الديني الموروث يظل الانتماء الوطني هو الطاغي لدى المسلمين والمسيحيين، كما وان وجود اتجاه فكري علماني ويساري والذي ينتمي اليه المسيحيون والمسلمون ساعد على عملية الاندماج مع بقية المجتمع، والذي ساهم هذا الانتماء إلى تعميق الثقافة واللغة ومجموعة القيم الاجتماعية والوطنية والسياسية المشتركة، إلى جانب ذلك عدم وجود المسيحيون في جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية أحال دون الاحتكاك وبالتالي الاندماج مع المجتمع على سبيل المثال كما هو الحال في محافظة الخليل. • التركيبة الطبقية: أثرت التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي مر بها المجتمع الفلسطيني تاريخياً على نمو طبيعي كما حال شعوب العالم الأخرى، وبالتالي غابت عنه المعالم الطبقية الواضحة والاصيلية، نتيجة تشرذم المجتمع الفلسطيني في أعقاب النكبة عام 1948، إلى جانب غياب لسلطة وطنية، إلى جانب هيمنة مقتضيات النضال من أجل التحرر على أشكال النضال الطبقي والاجتماعي. وطرأ تغيير على البنية والعلاقات الطبقية في المجتمع الفلسطيني حيث تراجع دور ونفوذ الطبقة العليا التقليدية لصالح طبقة وسطى حديثة، والطبقة العمالية. ولكن بالرغم من اتساع الطبقتين الوسطى والعمالية إلا وانه مازال هنالك فجوة من حيث اقتسام الموارد السياسية والاقتصادية، حيث ان العمال والفلاحين لا يحظون بتمثيل أو نفوذ سياسي داخل هياكل السلطة الوطنية. • التقسيمات السكانية: ارتبط النمو السكاني الفلسطيني بثلاث معضلات أساسية حسب رأيي، الأولى: مرتبطة بالبناء الاجتماعي والثقافي القائم على التمايزات الثقافية والاقتصادية ما بين سكان المدن والقرى باعتبار وجود فجوة اجتماعية من حيث اختلاف نمط وأسلوب المعيشة لكليهما، الثانية : مرتبطة بتعميق الفجوة الثقافية والاجتماعية ما بين سكان المدن والقرى وفيما بعد مخيمات اللاجئين الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال والتي أعاقت التواصل الجغرافي والثقافي فيما بينهم ويرجع ذلك إلى سياسة الحصار المفروضة على جميع المواقع السكنية، والنقطة الأخيرة: مرتبطة بنشوء السلطة الفلسطينية حيث ارتبطت معظم الموارد المالية والإدارية والسياسية المتوفرة للشعب الفلسطيني لسكان مركز الضفة الغربية وعلى وجه الخصوص مدينة رام الله على حساب المدن الصغرى والقرى والمخيمات خصوصاً في جنوب الضفة الغربية. • المرأة: قطعت المرأة الفلسطينية شوطاً كبيراً في مجال التحرر الاجتماعي والعمل الو-ني والسياسي، وتحافظ المرأة الفلسطينية على الأسرة في الظروف القاسية التي يمر بها المجتمع الفلسطيني، وبالرغم من ذلك فإنه ما زال هنالك فجوة كبيرة ما بين الرجل والمرأة، حيث أن الأوضاع الراهنة ومجموعة القيم السائدة في المجتمع الفلسطيني لا توفر أسباب المساواة بين الرجل والمرأة، ولا تبدي التنظيمات السياسية والمؤسسات الوطنية لتمكينها من تعزيز دورها في المجتمع، والذي يستند إلى رؤية شمولية وذكورية.
هذه الملامح السابقة الذكر هي مكون أساسي للهوية الاجتماعية والثقافية للفلسطيني، ومن دواعي التحليل للحالة التقليدية التي يختبرها المجتمع الفلسطيني فإننا نورد في هذا المجال النموذج النمطي الرابع للسلوك الثقافي في مواجهة الإخطار الثقافية، كالتعرض للاحتلال كما هو حال الفلسطينين، يقول Tomas Meyer كما ورد في موللر (2005:ص87) حيث أن رد الفعل يتمثل في التأكيد على القديم، ويتم استخدامه ترساً ضد الغريب الذي اقتحم حياتهم بشكل ساحق، فتتحول هذه التحديات إلى لوحة للتهديف، وهم يؤكدون في أثناء الدفاع المحموم عن إرثهم الثقافي وعلى موقفهم الجماعي، فالهوية الثقافية في هذا المجال تصبح موضع تساؤل. وهذا ما أميل إلى تفسيره في مجال سمات الهوية التقليدية للفلسطيني، ونطرح هنا مدينة الخليل، حيث انه من المتعارف عليه أن هذه المدينة من أكثر المدن الفلسطينية محافظة، وهذا ما سنقوم بتوضيحه لاحقاً. وحول بنية العقل العربي يقول الطاهر لبيب(1992) أنه في سياق التطور العربي والإسلامي تشكل هنالك اتفاقاً ضمنياً يشكل القانون والقواعد في تقييم الأمور أو النظريات أو حتى المواقف الدينية والاجتماعية أطلق عليها مصطلح (البرادييم) بمعنى النموذج والذي عنى به " منظومة المفاهيم والمبادئ المترابطة في الذهن أو الخطاب بصورة صريحة أو ضمنية" والتي من خلالها يتم عمل الأجزاء- البشر- بالتضامن البنيوي " أو يعوض وظيفياً بعضها بعضا"، إذاً هنالك حالة من التوافق والإجماع الشرعي والدنيوي على ما يجب أن تكون عليه الحياة وأية مخالفة لما هو متفق عليه في البنى الثقافية والاجتماعية والدينية يسمى الخروج عن الجماعة وبالتالي النبذ والرفض، وفي حالات كثر محاربة التيار الذي يدعو للتغيير أو الخروج عما هو متفق وهو ما اصطلح عليه تاريخياً "بالفتنة" من خلال بعض المقولات " الفتنة أشد من القتل" ، وبذلك يفسر لبيب أن تاريخ العالم العربي ما هو إلا تراكم للاستبداد والطاعة- استبداد من ناحية الحكم وسطوة الحكام على الشعب، وفرض الطاعة العمياء على شعوبهم- او التدخل الامبريالي في وصفاته لناء نموذج دولة يتفق ومصالحه،
والخروج عما هو متفق عليه، يعني التمرد ورفض المجتمع والجماعة والإجماع المتفق ضمنياً ووظيفياً عليها. في نفس السياق بنية المجتمع الفلسطيني ليست ببعيدة عن هذا التحليل. حيث أنه يقدس الإجماع ويرفض الاختلاف حتى ولو كان على صواب؟؟، وهذا ما نستطيع إدراكه في إدارة سريعة لريموت المحطات الإعلامية والنظر والاستماع إلى خطاب القوى السياسية المختلفة في المجتمع الفلسطيني والتي تعبر في كثير من الأحيان عن حالة حرب ضمنية هدفها السيطرة وإحكامها من خلال استخدام مفاهيم كـ" المصلحة الوطنية العليا، المصلحة العامة" فهذه المفاهيم حسب هربرت ماركوزة في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد" ما هي إلا أداة فاعلة لحصار الآخر وردعه، وهو في هذه الحالة الجهة المعارضة وتكبيلها وقولبتها ودمجها في خطاب السلطة أو سلطة الحزب الحاكم، وفي هذا السياق نطرح تساؤلاً من الذي يمثل المصلحة الوطنية العليا؟، وما هي؟؟ ومن يقرها؟ الأقوى!!، أم الأغلبية البرلمانية التي تمثل الإرادة العامة للشعب حسب تعبير جان جاك روسو.
ومن هنا نستطيع أن نفهم تحليلياً وليس منطقية القرار، لماذا لم ترغب السلطة الوطنية الفلسطينية منذ تطبيق اتفاقية أوسلو من سبتمبر 1993، حتى أواخر 2000 وضع إستراتيجية لتطوير المجتمع الفلسطيني ثقافياً واجتماعياً " لأن ذلك يستدعى مساهمة أطراف متنوعة ومختلفة تقدمية أو غيرها في إطار هذه العملية، يعني ذلك التنازل عن صلاحيات وامتيازات كثر من قبل السلطة الوطنية، وأيضاً باعتبار أنها تستمد سلطتها وقوتها من البنية التقليدية الموجودة، فهي تناغمت ولم تعمل على تغيير المجتمع لأنها لا تريد أن تضع نفسها في مواجهة مع بنية المجتمع التقليدية بقواها المتعددة - القوى الدينية والاجتماعية -، وينطبق في هذا السياق مفهوم ميشيل فوكو عن بنيوية السلطة الموجودة في الأجزاء( الفرد، الجماعة، الخطاب الاجتماعي والثقافي) يستمد منها النظام ورموزه قوته وشرعيته، وحتى سطوته في أعلى الهرم السياسي أو الاجتماعي، وبالتالي عملت وأبقت " أي السلطة الوطنية الفلسطينية" على ترسيخ البنى الثقافية والاجتماعية التقليدية في الممارسة اليومية للمواطن " القوة العشائرية وقوانينها، قوانين المجتمع كالأحوال الشخصية، وقوانين العمال، والسيطرة على قوانين الطبع والنشر...الخ" وبهذا نستطيع التلخيص بأن المجتمع الفلسطيني تسيطر عليه حمى الإجماع ورفض التغيير.
وهذا الجانب ليس مرتبط فقط بالتشكل الداخلي الاجتماعي والثقافي للمجتمع الفلسطيني في سياق التطور التاريخي فحسب، وإنما أيضاً تبلور نتيجة مواجهته للاحتلال، حيث أن تقليدية ومحافظة المجتمع الفلسطيني(مدناً، وقرى، ومخيمات) جاءت في محاولة بائسة لاستعادة ما تم استلابه من أراضي وسلطة على أرضه المحتلَة، ومن هنا نفهم أن التشكيلة العشائرية وقوانينها جاءت نتيجة لغياب القوى والسلطة الوطنية والقانون المدني الوضعي، وأن الخيار كان التقوقع على الذات الثقافية والاجتماعية بإيجابياتها وسلبياتها للمحافظة على الهوية، هذه الحالة تفترض مسبقاً حالة من الإجماع وليس الاختلاف. وبالتالي تم رفض التعدد التنوعي- لا الحصصي، والذي تواجد نتيجة تقسيم الحصص، مثال على ذلك تشكيلة منظمة التحرير الفلسطينية-، على حساب المفهوم القيمي الذي يصطلح عليه " بالإجماع الوطني" أو " المصلحة الوطنية العليا" لإقناع، بل لترهيب أي جهة تحاول الخروج عن برادييم المجتمع الفلسطيني، ومن هنا نرى أن جميع التشكيلات المؤسساتية الفلسطينية من منظمة التحرير بمؤسساتها، مؤسسات المجتمع المدني والأهلي، حتى السلطة والأحزاب السياسية كان تتفق ضمنياً على الإجماع وعلى المحاصصة والتفاهم وليس التنوع الذي يقود إلى حالة ديمقراطية حقيقية.
وإذا أردنا وضع خطوط تاريخية لتلك المحاولات نجدها متجذرة في تجربة الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987 ، حيث أنها كانت طريقة وإدارة جديدتين في إدارة الصراع مع المحتل من جهة، وتنظيم المجتمع ومؤسساته وتوفير الخدمات بطريقة فعالة وايجابية تعبوية قائمة ولو بصورة ضمنية على حق الاختلاف والتعدد لوجهات النظر والرؤى السياسية والاجتماعية من جهة أخرى. باعتبار أن مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية هي انعكاس مباشر لتركيبة الأحزاب من الناحية الوظيفية والبنيوية، فنرى ان كثيراً من القيم التقليدية كـ " الطاعة، الإذعان للكبار بغض النظر عن صواب قرارهم أو عدمه، التقييد بالعادات والتقاليد، مكانة المرأة، التضامن والتكافل، المشاركة الشعبية ...الخ"، جميعها قد اختبرت حالة ثورية وتغيير على الصعيد الاجتماعي والثقافي للمجتمع الفلسطيني وكان التغيير لصالح الشرائح المسحوقة بقيمه التحررية على كافة الصعد، وبذلك استطاع المجتمع الفلسطيني أن يطور لبنات المجتمع المدني ويفعلها بطريقة خلاقة ومبدعة، وهذه المرحلة تتناقض مع التحليل السابق في بداية هذا المحور، باعتبار ان هنالك مزيج من النماذج في الحالة الفلسطينية، فهو يختبر الإذعان وبنفس الوقت يكون لديه التمرد، وهو محافظ وتحرري، وفي إشارة أخرى للابراش(2006) يؤكد أن المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع الفلسطيني تم بناءها قبل نشوء وتطور الدولة وهي حالة نادرة في التاريخ، وبالتالي تشكل هذه الحالة عاملاً محفزاً ومشجعاً لتطوير ونمو المجتمع المدني بما يضمن وجود تداخلات في القيم الثقافية والاجتماعية والتي ستفضي بالضرورة إلى تحول ديمقراطي إذا تم استثمارها بالشكل الصحيح. ولكن للأسف، لا الحالة المدنية ولا السلطة الوطنية الفلسطينية استثمرت هذا التراث بعد مجيئها، والتي جاءت كنتيجة للاتفاقيات المبرمة ما بين منظمة التحرير وإسرائيل، فبعد سبتمبر1993 لاتفاقية أوسلو، حدث منعطف تاريخي في حياة المجتمع الفلسطيني، ليس على الصعيد السياسي فحسب وإنما أيضاً على صعيد القيم الثقافية والاجتماعية وعلى صعيد القطاع القيادي بما يمثله من مصالح منسجمة مع مرحلة التسوية السياسية( بشارة،2007)، وبالتالي حصل نكث للوعود للقيادات الميدانية والتي حلمت طويلا ًمن أن تمثل في صنع القرار، وفي هذا الإطار المفرز طبقياً وعضوياً عن الاتفاقيات السياسية لم تجد المنظمات غير الحكومية أو المدنية الدور المفترض أن تقوم به وهو الدفاع عن الشرائح المضطهدة والمسحوقة، وإنما عزلت نفسها عن الشارع السياسي واكتفت بإدارة جلساتها وورشات عملها في قصور عاجية لا يصلها إلا النخب فقط، إذن اختبرت حالة من التهميش والاحتواء في كثير من الأحيان، وهذا ما يفسر التراجع الذي حصل على صعيد الحركات النسوية، الطلابية، الأحزاب السياسية، قطاع الشباب ومؤسسات المجتمع المدني.
وإذا ذهبنا بالتحليل إلى الانتفاضة الثانية 2000 من حيث ملامح التغيير في بنية المجتمع-ناهيك عن التحليل السياسي البحت بالرغم من أهميته- فنرى أن طبيعة ونوعية الشريحة الاجتماعية وخلفياتها الثقافية والاجتماعية والتعبوية هي ليست نفسها التي شكلت حاضنة اجتماعية في الانتفاضة الأولى، ففي الأولى كانت جميع الشرائح (نساء ورجال، أطفال وشباب وشيوخ) قد وجدوا لهم أدواراً في الأنشطة والفعاليات الوطنية والاجتماعية، وهذه الأدوار هي قواعد مسلكية ووظيفة ثقافية وأخلاقية وقيمية نتيجة لحالة التشابك والتفاعل اليومي، هي مناخ صحي وتقدمي، هي ضمانة للاستمرارية والتواصل. أما الانتفاضة الثانية "الاستقلال" فقد أختزلت في مجموعة وشريحة مسلحة، والتي تعني بالضرورة تهميش كل من لا يستطيع أو لا يريد المقاومة بالسلاح، فليس له مجال سوى تشييع الجثامين ومشاهدة الأخبار في حالة ثورية لقلب المحطات الفضائية للإطلاع على أي خبر عاجل؟؟ هذه ثقافة تعزز القدرية وتبث الثقافات الغيبية، هي وبالضرورة نتيجة التهميش لقطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، ناهيك عن الفوضى الأمنية التي خلقتها بعض المجموعات المسلحة والانتهاكات السافرة لحقوق المواطنين، لغياب إطار وطني وثقافة تقدمية فكانت البندقية غير المسييسة قاطعة للطريق في كثير من الأحيان(سلامة،2003).
مكونات المجتمع المدني/الأهلي. يرى الأبراش(2006) أن فضاءات المعجم السياسي في العالم العربي من حيث الاستخدام المفاهيمي لبعض المصطلحات قد كثرت. ومن الأمثلة على ذلك " الديمقراطية، المجتمع المدني، NGOs ، ...الخ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فنجد الكثير من المفكرين وعلماء الأنجزة!؟، يخضعون تلك المفردات ويقولبونها في معجم اللغة بتصريفاتها مثل " دمقرطة " حتى بات البروبوزال كلمة عربية تعني المشروع، وكل ذلك نرى انه نتيجة لارتباطه الوثيق بالمؤثرات العالمية والإقليمية في سياق فرض نموذج محدد المعالم والوظائف. ولإنصاف الأبراش وحتى المصطلح، يقول أن الخطأ والعيب ليس في تلك المصطلحات وإنما في من يستوردها وكأنها أداة سياسية واجتماعية نبتت في بيئة قريبة للواقع العربي، وهذا غير صحيح، لأن شروط ومستلزمات بنية المجتمع الأوروبي البرجوازية وتطورها التاريخي هي التي أتاحت وهيئت التربة لإخصابه ونشوءه ككيان اجتماعي سياسي اقتصادي مستقل حتى عن الدولة؟.
إذن قبل العروج في تشخيص المدخل ومقاربتها للحالة الفلسطينية، نطرح تساؤلات أثارت حالة من الجدل في أوساط المثقفين وعلماء الاجتماع والسياسة العرب: ما هو المجتمع المدني، وعن أية صيغة نتحدث هنا؟؟ وما هي مكوناته؟؟، نطرح منها على سبيل التأكيد لمداخلة لعزمي بشارة على كتاب زياد أبو عمرو(1995) عن وجود مجتمع فلسطيني مجزأ( الضفة، القطاع، فلسطينيو 48) أو في دول النطاق ( الأردن،سوريا، لبنان) باعتبار أن المسارات التاريخية لها مجزأة ومختلفة، وبالتالي عن أي نموذج لمجتمع نحن نتحدث، وبنفس السياق عن أي مجتمع مدني نحن بصدده، وبالتالي ما هي مؤسساته؟ وعن أية نظرية أو أيدلوجية نحن نشخص؟؟.
وبعيداً عن حالة الجدل هذه، نستطيع الافتراض بوجود مجتمع فلسطيني على الأقل في الضفة والقطاع. وبالتالي افتراض وجود مؤسسات مجتمع مدني وأهلي قائمة. حيث أننا لسنا هنا لحسم هذا الاتجاه أو عكسه.
الابراش وبشارة يتحدثان هنا عن قضيتين محوريتين: الأولى: ما هي الصيغة أو التعريف المناسب للمجتمع المدني العربي وبالتالي مكوناته؟ الثانية: ما هو الإطار النظري أو الأيدلوجي في التشخيص؟ ومن أجل معالجة المحورين، نسرد هنا في سياق تعريف المجتمع المدني بصيغه المختلفة بالاعتماد على مجموعة من علماء الاجتماع والسياسة العالم العربي، حتى يتسنى لنا معرفة عن ماذا نتحدث، وماذا نريد الوصول إليه. فحسب سعد الدين إبراهيم(1995) فإن المجتمع المدني يتكون من " عناصر أو تنظيمات غير حكومية، كالأحزاب السياسية، والاتحادات العمالية، والنقابات المهنية.." ولا تشمل تلك العناصر على العضوية التي يرثها الفرد "باعتباره عضواً من أسرة أو دين أو طبقة"..، أما عالم الاجتماع برهان غليون(1992:ص108) فيضم تلك التنظيمات الإرثية التي يستثنيها إبراهيم من تعريفه وللتوضيح نقول" الدواوين والجمعيات العائلية والعشائرية والدينية"، أما محمد عابد الجابري(1993) فيرى المجتمع المدني هو ذلك المجتمع الذي "تنتظم فيه العلاقات بين أفراده على أساس الديمقراطية".
في سياق نقاشنا للتعريفات السابقة، فنرى أن المجتمع المدني أوسع من مساواته بالمنظمات غير الحكومية كما يراها سعد الدين إبراهيم، فهي تشكل كل التنظيمات التي تكون خارج إطار الدولة والتي قد يندرج تحتها "المنظمات والنوادي الدينية والعائلية، وقوى السوق ونقابات المهندسين ورجال الأعمال، والحركات الطلابية...."، والتي تعمل كجماعات ضاغطة ووسيطة ما بين الأفراد من جهة والدولة من جهة أخرى كحالة وظيفية تلعبها في إطار بنية المجتمع، ولا نستطيع إخراج أو إقصاء الجهات التقليدية من المنظمات غير الحكومية عن مكونات المجتمع المدني، ليس دفاعاً عنها، وإنما حتى نرى الواقع العربي بأعين عربية، وهذا حال بعض من مثقفينا.
وبالتالي نشخص الواقع باحتياجاته ومكوناته ونلاءم التعريف استناداً إلى هذه الرؤية البعيدة عن وضع أي نموذج غربي جاهز، وهذا ما يقصده الأبراش من خلال ما عناه "بالتبيئة" للمصطلح، أي عدم إفراغه من محتواه الثقافي والاجتماعي بدلالاته المتعددة وإعطاءه أبعادا قريبة ومناسبة للبيئة العربية، وما نراه أن الكثير يتناول المصطلح كنموذج جاهز من بيئة مختلفة ويحاول تقريب الواقع العربي وأيضاً الفلسطيني منه، وهذا ما لا أتفق وإياه.
وما ينطبق على تشخيصنا للمجتمع المدني ينطبق أيضاً على الديمقراطية، فأية ديمقراطية نعني؟ أهي الانتخابات؟! والتي تركز عليها من الناحية الشكلية كما هو الحال لأمريكا وإهمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أم مضامينها الاجتماعية وعدالة التوزيع في الثروات وإهمال الحريات السياسية، لسنا هنا بباب من المجادلة بقدر ما يمليه علينا مسار التحليل و إلا فلا داعي للكتابة من الأصل، إذاً: هل نستطيع أن نقول بأن هنالك ديمقراطية في السويد، وفي سويسراً، ولا يوجد في فرنساً، وهل نستطيع أن نفاضل كأن نقول أن ديمقراطية الدينامارك أفضل من الإيطالية، ما أسعى للوصول إليه هو رفض عدم احترام الخصوصية التاريخية والثقافية كما يجري حالياً من العولمة وكمبرادورها الثقافويون، والذي تسعى ويسعوا إلى مدنا بنموذج جاهز ومعد مسبقاً، ونتاج العولمة مست بنية المجتمع الفلسطيني ونخبه السياسية والاجتماعية وحتى مؤسسات المجتمع المدني ونتائجها في الحروب الشعواء التي تشنها في فرض ديمقراطيتها، لأنها لا تحترم لا الإنسان العربي ولا حتى تجربته. و إلا فلماذا النماذج الجاهزة؟؟.
عودة إلى المجتمع المدني وتنظيماته من الأكثرها نخبوية إلى الأكثرها تقليدية، وسنناقشها في واقعنا الفلسطيني من بُعد استقلاليتها من الناحية الثقافية والمادية وهي الأهم، فنرى الأخيرة أي التنظيمات والنوادي الدينية والعائلية كمكون من تكوينات المجتمع المدني مرجعيتها الثقافية والأيدلوجية هي محلية بالبحت- باستثناء البعض منها وهذا ليس ما أطمح في نقاشه- تعتمد في ثقافتها وعملها على المشخصات الثقافية التالية: ( سلطوية، مركزية، هرمية، ولاءات دينية وعائلية ضيقة، رجولية تفتقد إلى عنصر المرأة) ومن الناحية التمويلية فإنها تمول نفسها بنفسها، وتستطيع الحصول على الأموال دون اشتراطات مسبقة، وبالتالي طبيعة عملها وبرامجها تكون هي مرجعيتها وليس جهة أخرى، والجانب الأهم أنها تملك حاضنة جماهيرية ملتفة حولها، وتستطيع تحريك عناصرها بصورة سريعة.
إدارياًً، هنالك انتخابات تمثيلية لممثلي تلك التنظيمات التقليدية في كثير من الأحيان أو بالتزكية، لعدم وجود مرشحين منافسين
في المجتمع الفلسطيني، تاريخياً موجودة هذه التنظيمات التقليدية، إلا أنها تراجعت في كثير من الأحيان، بل واستثمرت وقولبت في إطار العمل الحزبي لفصائل العمل الوطني الفلسطيني والتي هذب من حدتها وتراجعت سلطتها في مقابل سلطة التنظيمات السياسية، وهذا التحليل ينطبق على الانتفاضة الأولى1987، بالرغم من المحاولات المتكررة من قبل الاحتلال لتقوية بعض من تلك التنظيمات، إلا نستطيع القول أن التنظيمات الفلسطينية السياسية استطاعت استيعاب تلك التنظيمات التقليدية لصالح العمل الوطني، ونستطيع القول بأنها نجحت في ذلك بصورة أو بأخرى.
لم يستمر الحال على ما هو، سرعان ما عادت تلك التنظيمات لتنشيط وتغذية ذاتها بعد تطبيقات الاتفاقيات ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة تل أبيب، وكما سبق وقلنا أن السلطة الوطنية لم تحتوي تلك التنظيمات ولم تشغلها في صالح الحدود لمظاهر الحياة المدنية، بل أنها في كثير من الأحيان شجعت العرف العشائري في فض النزاعات على القانون المدني- وهذا شيء إيجابي إذا كان تحت إشراف القانون؟-، وبالتالي أبقت على كل ما هو تقليدي داخل المجتمع وداخل تلك التنظيمات بعناصرها التقليدية. في مقابل ذلك يعد تراجع فصائل العمل الوطني، وخصوصاً اليسار الفلسطيني باعتباره الأكثر داعية للديمقراطية على الأقل من الناحية النظرية عاملاً آخر في تقوية تلك التنظيمات ونشر ثقافتها على الصعيد الشعبي، حيث لم يكن لديه القدرة على خلق بديل سياسي أو اجتماعي. مما أدى إلى انعزاله كلياً عن الشارع الفلسطيني وعن محركات الفعل الاجتماعي والسياسي في المجتمع، وهروب جزءاً آخر للعمل في المنظمات غير الحكومية، في مقبل تنامي الحركات الدينية وعلى وجه الخصوص حركة حماس، وسنقوم لاحقاً بالتطرق إلى الفصائل السياسية وعلاقتها بالديمقراطية.
في مقابل هذه الصورة، نجد المنظمات غير الحكومية، أو منظمات النخبة والفاعلة في المجالات الإنسانية والحقوقية والتنموية والثقافة المدنية، وهي تدار من شخصيات محسوبة على اليسار الفلسطيني، قد تنامت بدرجة مثيرة للجدل بعد التسوية السياسية، حتى أصبحت هذه الظاهرة توصف بالدكاكين الثقافية، وذلك للإقدام بكثافة عليها، وحتى سياسة التمويل والدعم قد تنامت: أبرزها البنك الدولي، والإتحاد الأوروبي والمؤسسات الأمريكية، جميعها وجهت سياسات دعم لتلك المؤسسات، لدرجة أن كثير من بعض من النقاد وأنا من بينهم قالوا أنه" صحيح أن تلك المؤسسات غير حكومية باعتبار علاقتها مع السلطة الوطنية، ولكنها حكومية بعلاقتها مع الجهات المانحة والداعمة " فنرى أن بعضاً من تلك المؤسسات تذعن وتقولب أجندة عملها وبرامجها وأنشطتها بما يتلاءم مع البرامج التي تعدها أو التي تقبلها الدول الداعمة، وللإنصاف يوجد هنالك الكثير منها ما زال ملتزماً بالأجندة الوطنية، إلا أن درجة انتشار تلك المؤسسات "المحترمة" ما زال محدوداً ويفتقد إلى الالتفاف الجماهيري حولها.
الحالة الديمقراطية والانتخابات فيها ليست بالشكل المطلوب نتيجة غياب الرقابة الذاتية والرقابة من قبل السلطات المختصة، ثقافتها هي ثقافة نخبة تقدمية، لكن ليس بما يلاءم مع الثقافة الشعبية ومع حسها العام حسب المفكر الإيطالي غرامشي، كما أنها عزلت عن حمل أي أجندة سياسية وفهمت دورها من الناحية الاجتماعية فقط، وهذا أيضا سرع في حسرها وعزلتها.
ما بين الصورتين نجد المجتمع الفلسطيني ما زال يحمل في ثنايا بناه الثقافية والاجتماعية أجندة وقيم مثل" التسامح، احترام الأخر، التعددية، حقوق الأفراد والجماعات" حتى في التنظيمات التقليدية، والتي تقوم بالدور الوظيفي لمنظمات المجتمع المدني، وكذلك تعمل المنظمات غير الحكومية على تنمية وتوعية المجتمع.
وبهذا نستطيع القول أن مؤسسات المجتمع المدني تساهم في تمدين الحياة الفلسطينية، ولكن هذا الجهد كما سبق واشرنا غير كافي فالمطلوب ما يلي لملاءمة الحالة الفلسطينية بالحياة المدنية التي نطمح إليها: • إدراك الجميع من منظمات مجتمع مدني بمن فيها من الفصائل السياسية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية بأننا ما زلنا تحت الاحتلال. وبالتالي فإن شروط ومستلزمات العمل المدني والسياسي والتعبوي الثقافي لا بد من ملاءمة نفسه بما يتوافق مع المرحلة وشروطها. • تقوية الفصائل الوطنية وإعادة تجديد رؤيتها ونوعية برامجها، أو حتى تأسيس فصائل وحركات جديدة، حيث أثبتت التجربة بأنه كلما كانت الفصائل قوية، كلما زادت فعالية مؤسسات المجتمع المدني، وتوسيع حجم المشاركة الجماهيرية لها والعكس صحيح. • عمل مصالحة ورؤية تنسجم مع محددات الحياة المدنية ما بين مؤسسات المجتمع المدني التقليدية أو النخبوية وما بين القانون المدني الوضعي والعشائري، فوظائفهم جميعاً يجب أن تصب في قاعدة احترام القانون وإحقاق السلم الجماعي برقابة قانونية واضحة المعالم. • تعميق القيم الديمقراطية وتأصيلها، وفهمها بشكلها الواسع وعدم اختزالها بالانتخابات رغم أهميتها. ولكن ليس على حساب العدالة الاجتماعية. • على منظمات المجتمع المدني إدراك دورها السياسي والاجتماعي معاً، دون هيمنة واحد على الآخر، فمهمة منظمات المجتمع المدني أيضاً الهيمنة الثقافية التقدمية والوصول إلى دفة الحكم وبالتالي تقديم رؤية تقدمية للواقع، وإلا أنها تفهم بأنها في إطار التكييف الوظيفي في دعم السلطة أو الدولة، ولن تحقق التغيير الذي تطمح إليه، ولن يكون لبرامجها الشكل التمثيلي لمصالح المواطنين من وراء المكاتب.
التجربة الديمقراطية عند معالجة هذا المحور، نجد صعوبة جمة، ليس للتعامل معه، بقدر ما تفرضه مؤثرات ومتغيرات أخرى في التحليل، نظراً إلى المتغيرات الخارجية والتي تؤثر عليه من ناحية، وأيضاً حداثة التجربة على الأقل من الناحية السياسية والقانونية وما يرتبط بها، فنستطيع أن نفترض بأن المجتمع الفلسطيني هو مجتمع تعددي لديه ثقافة عامة وشعبية قاعدتها المشاركة لجميع عناصر المجتمع، وما ينطبق على العام ينطبق على الخاص.
وهذا ما رسم طبيعة الحياة الفلسطينية في الضفة والقطاع لفترات طويلة موغلة في القرن العشرين والواحد والعشرين، لكن كيف نستطيع تقييم التجربة الديمقراطية بفلسطين على الأقل في الربع الأخير من القرن المنصرم حتى اللحظة بمعزل عن التغييرات البنيوية التي صقلت وشكلت المجتمع الفلسطيني في هذه اللحظة، وما نورده هنا مجموعة من الملامح والتشخيصات للمرحلة السابقة: الأولى: ننوه في هذا المجال أن منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الاجتماعية والسياسية والثقافية كانت تدار إدارياً وتنظيمياً على قاعدة التعددية والمحاصصة وليس على أساس ديمقراطي تمثيلي انتخابي (شبيب،1997)، فالمنظمة مرجعتها وناظمها الأساسي يختلف بشكل أساسي مرجعية السلطة والبرلمان، ومن هنا جاءت الإشكالية في فهم الأدوار، ومن جانب آخر تعذر إجراء انتخابات لمنظمة التحرير همش من دور منظمة التحرير نسبياً. الثانية: تم تجميد منظمة التحرير وخلق بديل تحت الاحتلال هو البرلمان الفلسطيني، وأصبح هذا الجسم يمثل الشعب في المناطق الفلسطينية التي تقع تحت سيطرة ونفوذ السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالمقابل تم تجميد وتهميش منظمة التحرير وحتى الكيانات الفلسطينية التي لا تقع تحت سيطرة السلطة، أو في دول النطاق. وكانت خطوة ومحاولة لجعل البرلمان الفلسطيني هو المرجعية الفلسطينية وليست منظمة التحرير. الثالثة: قلنا سابقاً أن الاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي أبرمت ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة الاحتلال، شكلت انعطافاً ليس سياسياً فحسب وإنما اجتماعياً وثقافياُ واقتصادياً، حتى لامست هذه التغيرات التفاصيل الدقيقة لحياة الفلسطيني، وأيضاً أثرت على بروز نخبة تنسجم مع متطلبات المرحلة السياسية(بشارة،2007).
الرابعة: ما يهمنا هنا هو، أن ديباجة الاتفاقيات( أوسلو 1993،اتفاقية غزة أريحا في1994، والاتفاق حول الضفة وغزة في 1995) وما تبعهن من ملاحق وبروتوكولات سياسية واقتصادية شكلت مرجعية أسياسية وناظماً إدارياً واقتصاديا وسياسياً، ليس في علاقة المجتمع الفلسطيني مع دولة تل أبيب فحسب، وإنما أيضاً على صعيد إدارة الفلسطيني لحياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والبيئة...(الخالدي،1997)، بحيث أنه لا يمكن للبرلمان الفلسطيني أن ينص على قوانين أو مشاريع تتعارض مع الاحتلال ومصالحه، أو تتعارض مع تلك الاتفاقيات، وهذا بشكل أو بآخر قولب الحياة الفلسطينية وديمقراطيتها وحركتها بما يتناغم مع مصلحة الاحتلال وليس المجتمع الفلسطيني. والذي أدى بدوره بروز قطاعات وقوى جديدة ومؤثرة ومعارضة في المجتمع الفلسطيني على ذلك، وهي بروز ظاهرة الإسلام السياسي في المجتمع الفلسطيني المعبر عنها في حركة المقاومة الإسلامية حماس، ترجمتها الانتخابات الأخيرة والتي عقدت بتاريخ 25 كانون أول من 2006 ، والتي شكلت فيها حركة حماس الأغلبية الساحقة لمقاعد البرلمان الفلسطيني. الخامسة: فصائل منظمة التحرير التي لم ترتبط بالاتفاقية السياسية، خصوصاً اليسار: فقد القدرة على إدارة الصراع بالطريقة وبالشكل الجديد، المفروضة عليه نتيجة التسوية السياسية، ووقف عاجزاً أمام التساؤلات والاحتياجات التي يطرحها المجتمع، وهذا بدوره أدى إلى تراجع تأييده بصورة ملحوظة، خصوصاً في الانتخابات الأخيرة. السادسة: انعزال منظمات المجتمع المدني سياسياً وتركيزها على أجندة منفصمة عن الواقع ومع متطلبات التنمية، باعتبار أن الجهات التمويلية كانت تحدد طبيعة الأنشطة والبرامج، وبالتالي لم تنطلق برامجها من أولويات واحتياجات المجتمع المحلي. السابعة: وهي الأهم فشل جميع التسويات السياسية ما بين منظمة التحرير وحكومة تل أبيب، وبرهن أن الاحتلال يفرض حالة من الأمر الواقع وعلى الفلسطينيين عليهم تقبلها فقط، وبالتالي لم يكن هنالك مفاوضات بقدر ما كانت إسرائيل توظف عامل الزمن في خدمة مشاريعها وخططها. الثامنة: محاصرة الشعب الفلسطيني وقواه السياسية جميعها اقتصادياً وجغرافياً وسياسياً ومالياً. التاسعة: الفساد المالي والإداري والسياسي في السلطة الوطنية ومؤسساتها الرسمية والمؤسسات غير رسمية.
العاشرة: انتهاكات لحرية الإعلام وحقوق الإنسان (جمال،1999)، وانتشار حالة من الفوضى الأمنية وتغييب القانون ومحاصرة سيادته المفترضة، الحادية عشرة: فقر مدقع وسوء الأوضاع الاجتماعية والسكانية والاقتصادية للإنسان الفلسطيني، وعمت البطالة في صفوف المجتمع الفلسطيني. الثانية عشرة: انعزال المدن الفلسطينية في كانتونات صغيرة مجزأة غير متواصلة نتيجة سياسة الحسار المفروضة على المدن والقرى والمخيمات، مما أعاق نمو وتطور الحياة الثقافية والاجتماعية في المدن، وبالتالي شوه الاحتلال الملامح الحداثية التي أخذت بالنمو ما قبل الانتفاضة الثانية عام(2000) من المسارح والسينما والفضاء العام، والنوادي القهاوي الثقافية التي أخذت بالنشوء في المدن الفلسطينية . الثالثة عشرة: انعزال وانحسار الطبقة المتوسطة لما تعنيه هذه الشريحة من المجتمع في بناء مجتمع تعددي ومنفتح وديمقراطي.
أمام كل هذه المؤثرات والتشخيصات نجد أن المجتمع الفلسطيني مقيد ومحاط من كل الجهات، متأثراً بالسياسات الداخلية والتي هي نتيجة الاحتلال، وواقف أمام إملاءات عالمية شرق أوسطية، والتي تناغم معها نخبة من المجتمع الفلسطيني والسلطة الوطنية، في ضوء ذلك وجد المجتمع الفلسطيني نفسه أمام حالة مذهلة من الانقسامات نتيجة التجاذبات في المنطقة، عبر عنها بحالة من الاستقطاب المذهل من قبل حركة فتح وحركة حماس، أما تيار اليسار والمستقلين فلم يعد من وجودهم أية قوة للتأثير.
في إعادة توزيع علاقات القوى السياسية شكلت حركة فتح حزب الدولة الحاكم، ومثلت حماس المعارضة الفلسطينية، إذن هيئت الظروف الداخلية والخارجية إلى تسريع وتيرة انقسام المجتمع الفلسطيني إلى تياران قويان في الساحة الفلسطيني، وهذا يعني برنامجين للعمل السياسي والاجتماعي مختلفين ومتناقضين ستؤدي بهم الظروف إلى حالة من التناحر وهذا ما حصل في غزة. حيث شكلت نتائج الانتخابات التشريعية في 2006 منعطف حاد في الإرادة العامة للمجتمع الفلسطيني، فبعدما كانت فتح تمثلها، أصبحت حركة حماس تمثل الإرادة العامة للمجتمع الفلسطيني، وهذا أدى إلى صدمة لحركة فتح ولإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. أعراضها تمثلت برفض حركة فتح تسليم الحكومة الجديدة الأجهزة الأمنية والوزارات التي يعتقد أنها سيادية؟!، إسرائيل سارعت في تبرير سياسة المحاصرة والتجويع للشعب الفلسطيني المفروض ما قبل الانتخابات بفوز حركة حماس، مقاطعة أمريكية وأوروبية وعالمية للحكومة وعدم احترام خيار الشعب الفلسطيني وديمقراطيته.
أمام هذه المعطيات وجدت حماس نفسها: في ورطة سياسية حيث أنها الآن تمثل الشعب وتقوده، ولا تملك برنامج سياسي للمرحلة وهي لم تكن معدة نفسها لهكذا وظيفة، ولا تملك الصلاحيات الأمنية والتي من خلالها تفرض سيطرتها، كنتيجة لرفض الحكومة السابقة المتمثلة بحركة فتح التعامل معها أو الدخول في حكومة وطنية واحدة في البداية، ورفض التنازل عن سلطتها على الأجهزة الأمنية، نشأ توترات في القطاع نتيجة المواقف الفلسطينية المتناقضة والمتناحرة، عبر عنها في الاقتتال الداخلي ما بين الحركتين. وبتدخل دول عربية أبرزها السعودية، تمت دعوة الطرفين إلى مكة لإجراء حوار وطني، تمخض عنه حكومة وطنية لجميع فصائل العمل الوطني والإسلامي- باستثناء حركة الجهاد الإسلامي- لم تكن أسسها واضحة ولم تعالج القضايا والمفاصل الأساسية التي قام عليها الاختلاف، وسرعان ما سقط الاتفاق في الأحداث الأخيرة.
نستخلص أن التجربة الديمقراطية الفلسطينية الشكلية(الانتخابات) محكومة بضوابط سياسية حددتها إسرائيل وفرضتها على المجتمع بقواه السياسية، وبالتالي لا نستطيع تقييم ممارسة الفصائل أو انتهاكاتها للعملية الديمقراطية أكانت حركة فتح أو حماس، بمعزل عن علاقتها وتناقضاتها مع الاحتلال، وبذلك نرى أن ما حدث بغزة ما هو إلا: • نتيجة رئيسية للاحتلال وسياساته، واختلاف وجهات النظر ما بين التياران المتصارعان بطبيعة البرنامج السياسية المناسبة لمواجهة سياسة الاحتلال وإدارة الصراع، وتنظيم الحياة اليومية للمواطنين وما يتطلبه ذلك من فرض الأمن. • أن الاكتظاظ السكاني الهائل في غزة هو نتيجة سياسات الاحتلال، فعند الحديث عن قطاع غزة يجب علينا الحديث عن مخيم كبير مكتظ للاجئين(بشارة،2007)، وحسب علماء النفس التجريبي وعلم النفس الاجتماعي تشكل هذه الحالة مختبر صغير محدد لإمكانيات الحياة وخيارات التفاهم مما يؤدي إلى بروز حالة من العنف والعدائية، وهذه ظاهرة عالمية.
أما فيما يتعلق بالمشاريع الفئوية عبر عنها بجلاء من خلال تلفزيون فلسطين التابعة لفتح، وتلفزيون الأقصى، وتم استغلال الإعلام للمشاريع الفئوية متناسين المشروع الوطني الكبير، هذا إلى جانب تراشق الاتهامات والتخوين والتجريح لكلا منهما، حالة الضجر مست حلم المواطن الفلسطيني. وبالمقابل اثبت المعلومات التي تلقاها المواطن من الطرفان أن هنالك فشل ذريع ونزعة فئوية من قبل الجهتين لإدارة السلطة وتنظيم المجتمع. والحل الوحيد ليس الاحتراب وإدارة الخلاف عسكرياً، كما أن الديمقراطية ليست طريقة لإدارة الخلاف فقط وإنما هي حقوق مجتمعية مدنية واقتصادية للمواطن، وبالتالي القضية الفلسطينية ليست ملكاً لفصيل دون آخر، وعلى الجهتين أن تدرك أن الإرادة العامة يمثلها الشعب وحده هو الذي يقرر. أما فيما يتعلق بباقي الحقوق المدنية والاقتصادية فنرى أن مساحات هامش حرية التعبير وحقوق المواطن الاقتصادية والاجتماعية، قدر تراجعت بشكل ملحوظ بعد 2000، وهذا ما نستشفه من حجم البطالة الهائل في صفوف المواطنين ومن الخريجين الجدد، وانتشار ظاهرة الفقر المدقع خصوصاً في القطاع، فساد إداري ومالي، تبعية مطلقة للسوق الإسرائيلية، انتهاكات للمواطنين دون محاكمة عادلة؟!، كل ذلك يمثل الهم الأكبر للمواطن الفلسطيني، وحقوق ملحة يجب النظر إليها بمحمل الجد والعمل عليه، ولن يتم ذلك إلا من خلال التوافق الفلسطيني الفلسطيني.
وإدراك حقيقة مطلقة بأنه لن تتحسن الظروف طالما هنالك احتلال، ولن تعطي إسرائيل الشعب الفلسطيني حقوقه، على الأقل في المرحلة الراهنة، وبالتالي الرهان عليها وعلى الفتات ليس بمصلحة الشعب الفلسطيني.
المطلوب فلسطينياً هو الحفاظ على الذات وعلى المواطن وحقوقه، وعدم القدرة على استحقاق الحقوق في المرحلة الحالية، لا يعني الانصياع والتنازل لموازين الدول العالمية والإقليمية. المطلوب حوار وطني شامل يعمل لمصلحة المواطن أولاً وأخيراً.
#بلال_عوض_سلامة (هاشتاغ)
Bilal_Awad_Salameh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكونات وعناصر المجتمع المدني في الخليل (فلسطين)
-
الخطاب السياسي لدى الطفل الفلسطيني: أطفال مخيم الدهيشة بين ر
...
-
ثقافة المدن، مرآتها سكانها: دراسة مقارنة ما بين الخليل وبيت
...
-
المرأة والمشاركة السياسية
-
محاولة بحثية لموقع ومكانة المرأة في المؤسسات الاسلامية في فل
...
-
ملاحظات عامة في قضايا مرتبطة بالمدن العربية
-
القهر الاجتماعي والفراغ السياسي وأزمة الشباب: مخيم الدهيشة ا
...
-
قراءة نقدية للاعلام الفلسطيني: تشخيص ورؤية مستقبلية للإعلام
...
-
تكاد تتحول العمليات الاستشهادية إلى ايدلوجية فلسطينية1
-
لاجئو مخيم الدهيشة : حق العودة لا يسقط بالتقادم
-
اريتريا الافريقية : درس للفلسطينيين
-
ثقافة الغالب والمغلوب في فكر ابن خلدون: قراءة فلسطينية
-
العدوان على غزة : انها لحظة تصحيح الاعوجاج في سبيل الفعل الم
...
المزيد.....
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|