أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السياسة بين الطائفية والعلمانية














المزيد.....

السياسة بين الطائفية والعلمانية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 16:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحكى في رواية غير سائدة أن الدين الإسلامي قد بذرت شجرته في رحم نزاع سياسي على السلطة بمكة بين بطنين قرشيين، بني أمية المتربعين حينذاك وبني هاشم الطامحين، الذي في نهاية المطاف استطاع أن يحسمه لنفسه القائد/النبي محمد بن عبد الله الهاشمي على حساب أبي سفيان الأموي. وتزعم هذه الرواية أيضاً أن الحاكم الجديد، محمد بن عبد الله، نازع الحكام السابقين على السلطة من منطلق دين جديد، الإسلام، في محاربة الدين السابق، الوثنية وعبادة الأصنام. في هذا الصراع السياسي الذي لم يكن بحال الأول من نوعه في مثل هذه البيئة الصحراوية القبلية مفرطة الحركة والخطف والسلب والنهب والسبي والأسر والاقتتال، كانت السياسة والدين تسيران معاً جنباً إلى جنب كوجهين ضروريين لعملة واحدة- الحكم. إذا كان، وأحياناً لا يزال حتى الآن، أحد عاقل يطمح في خوض غمار المعركة السياسية في مثل هذه البيئة الساخنة والمتقلبة والشرسة والمتعصبة كان لابد أن يسلح نفسه أولاً بالسلاح الديني، مجمع العواطف العاصفة والمنفلتة والمدمرة خلاف ذلك. وقد تكرر نفس هذا السيناريو بتطابق لافت للنظر في نفس المكان بعد انقضاء ألف عام وبضعة قرون، إذ ما كان يستطيع آل سعود الحاليين أن يصلوا إلى الحكم ويستمروا فيه حتى اليوم من دون تحالف وثيق كوجهين لعملة واحدة مع آل محمد بن عبد الوهاب منذ البدء.

من ناحية أخرى، أحسبه متسرع ومخطئ هذا الذي قد يستنتج مما سبق أن مثل هذه السياسة الدينية/الطائفية/المذهبية كانت أو لا تزال قدر لا نجاة منه، أو أن هي طوال هذا التاريخ كانت القاعدة بينما غير ذلك كان الاستثناء. مجمل التاريخ العربي والإسلامي لا يؤيد ذلك؛ على العكس، الأحداث تثبت بالدليل المادي القاطع أن السياسة الدينية/الطائفية/المذهبية قد بقيت غالباً على الهامش ونادراً ما نجحت في أن تخترق قلب العملية السياسية، أو أن تستمر هناك لمدة طويلة إذا ما صادفها الحظ وتمكنت لسبب أو لآخر من الإنفراد بالحكم. على سبيل المثال التاريخي، هذه السياسة الدينية/الطائفية كما سنها القائد/النبي محمد بن عبد الله ما استطاعت أن تعمر بعده بضع أعوام قليلة من دون مشاكل هيكلية خطيرة دفع ثمنها بأرواحهم ثلاثة من أعظم القادة الإسلاميين في كل العصور- عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب. هل يمكن، في ضوء مثل هذا العمر القصير والإخفاق الواضح والنهاية المأساوية، أن توصف هكذا سياسة بالناجحة؟

للمفارقة وطبقاً للرواية أعلاه، هؤلاء الذين انطلقت العملية الإسلامية في الأصل لانتزاع السلطة والحكم من أيديهم هم أنفسهم الذين أنقذوا الدين الإسلامي والدولة الإسلامية معاً من هلاك محقق. بواسطة سياسة ميكافيلية ناجحة تجمع بين العصا والجزرة لم تتردد في إجزال العطاء للمؤتلفين معها وإعمال السيف وقطع الرقاب وسفك دماء حتى الصحابة وأئمة المسلمين المعارضين لها، أفلح السياسي المخضرم معاوية بن أبي سفيان وآله من بعده في فك الاشتباك المهلك بين السياسة والدين وأطفأ فتنة كادت تضع نهاية مبكرة للمشروع الإسلامي كله ديناً ودولةً معاً. لأول مرة منذ القائد/النبي محمد بن عبد الله يتخلى حاكم مسلم عن سلطة السيف الديني ويسندها لرجال دين خالصين منفصلين نظرياً عن الحكم حتى لو كانوا من اختياره وتحت طوعه، ويكتفي فقط بسلطة سيف الحكم. هكذا، بحكم خبرتهم وحنكتهم وممارستهم الطويلة في السياسة والحكم حتى من قبل الإسلام، أنقذ الأمويون الدين الإسلامي ذاته والدولة الإسلامية ذاتها من الهلاك بفضل الفصل الواضح للدين عن الدولة (الخلافة) عقب تجربة الفتنة المريرة، إذ بداية من معاوية بن أبي سفيان لا يملك أن يدعي أحد أن أي خليفة لاحق (أموي أو عباسي أو فاطمي أو عثماني...الخ) ملك من السلطة الدينية ما كان للقائد/ النبي محمد أو أي من خلفائه الراشدين الأربعة. مع ذلك، ورغم هذه العلمانية السياسية المؤكدة منذ بداية الخلافة الأموية وحتى إنهاء الخلافة العثمانية في القرن الماضي، كانت الدين/الطائفة/المذهب/الفرقة/الجماعة...الخ تطل برأسها من زمن لآخر في خلفية ووسط المعارك والخصومات السياسية الكثيرة، لكنها بقيت دائماً على الهامش ولم تعود أبداً إلى القلب الذي نالته مطلع الإسلام.

خلاصة المقال، أظن أن السياسة الدينية/الطائفية كما أسسها القائد/النبي محمد بن عبد الله انتهت بفتنة دينية مهلكة وفشل سياسي ذريع كاد أن يقضي على المشروع الإسلامي من أساسه، وأن معاوية بن أبي سفيان بقتله الخليفة الرابع علي بن أبي طالب قتل في حقيقة الأمر القائد السياسي في النبي محمد بن عبد الله وترك منه فقط النبي المرسل والزعيم الديني، الذي لا يزال حياً بأشكال متغيرة إلى اليوم. العلمانية- فصل الدين عن الدولة- كانت، للمفارقة، الحل الناجع الذي به أنقذ معاوية دولة محمد من الهلاك. أي الدولتين يختار الساسة والحكام الإسلاميون المعاصرون في مصر وتونس والعراق: دولة دينية لم تعمر بضع سنين وأوصلت إلى فتنة كارثية كان مشعلوها أول ضحاياها، أم دولة علمانية كالتي أقامها معاوية وأنقذ بها الإسلام والمسلمين؟

حتى لو كانت الحقيقة لا تسر الإسلاميين: لولا السياسي معاوية، ما كان النبي محمد اليوم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين العري والنقاب
- لصوص لكن إسلاميين
- اتركوا الرئاسة قبل أن تضيعوا كل شيء
- عودة الجيش المصري إلى الحكم
- تحرش جنسي بميدان التحرير!
- استمرار استعباد المرأة بسلطة التطليق والتوريث
- أنا ضد الشريعة
- سوريا، لا تخافي من الإسلاميين
- صلح السنة والشيعة
- أخطاء قاتلة في التجربة الإسلامية في الحكم
- موضوع في خدمة مشروع سياسي
- يعني إيه ثورة
- حرية الارتباط والزواج قبل الديمقراطية
- جبهة الإنقاذ وضرورة العمل المتعدد المسارات
- حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)
- المرشد العيرة والتقليد الفاشل
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السياسة بين الطائفية والعلمانية