أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعود سالم - بيان من أنصار البدعة















المزيد.....

بيان من أنصار البدعة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 12:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد تم أخيرااقتلاع تمثال طه حسين من فوق قاعدته الهرمية بمدينة المنيا القريبة من مسقط رأس الكاتب المصري، وفي مدينة المنصورة تم محاولة تغطية تمثال أم كلثوم الفنانة المصرية المعروفة، بنقاب أسود، حيث لم يجرؤا على إسقاط التمثال، لمعرفتهم بمكانتها في قلب كل الشعب المصري. . وتم الإطاحة برأس تمثال أبي العلاء المعري وإسقاطه من قاعدته في بلدة معرة النعمان في شمال سوريا. وتمت أحداث مشابهة في ليبيا وتونس ومالي، من تهديم أضرحة الصوفيين والأولياء ومنع المعارض الفنية والحفلات الموسيقية وعرض الأفلام وحرق الكتب والمكتبات. ناهيك عن العنف والإستفزاز الذي يمارسه مجانين الله ضد النساء وفرض تغطية الشعر والوجه وبقية أطراف الجسد، وضد الذين يشربون البيرة ولا يذهبون للسجود والإنبطاح على حصائر المساجد. وقائمة أعمال العنف طويلة ولم تنته بعد. وللرد على كل هذه الأعمال التخريبية وغيرها نوجه هذا البيان إلى من يهمه الأمر.
" المبدعون"
13 مارس 2013
بيان لمن يهمه الأمر
الكارثة التي تمر بها اليوم العديد من المجتمعات المسماة بالإسلامية أو بالعربية الإسلامية مثل ليبيا وتونس ومصر وبقية بلدان شمال أفريقيا ليست جديدة ولا وليدة البارحة، وإنما ترجع جذورها إلى عدة قرون مضت. وبالتحديد يوم خرج الله على ظهر جمل أجرب يقود جيشا من سلف الأمة والتابعون وتابعوا التابعين لينشروا نور الإسلام وضياء الحق، دين الرحمة والعدالة، ويهدي البشرية إلى الطريق المستقيم، ويجعلهم عبيدا لله ولمن يمثلونه على الأرض. ولم يكن هذا الجيش الإلهي العربي آخر المحسنين للبشرية ولا أولهم. فقد جاء من بعده، الأسبان والبرتغاليون والهولنديون وغيرهم لنشر نورالحضارة في القارات الجديدة، وقتلوا وشردوا الشعوب والقبائل التي كانت تعيش في هذه الأصقاع البعيدة، ومارسوا كل أنواع الإغتيال والإبادة، الإبادة الجماعية والعرقية والثقافية واللغوية. كانوا يمسكون الإنجيل بيد، لنشر كلام الله، والسيف باليد الأخرى لسرق كل ما يمكن سرقته وشحن البواخر والأساطيل بخيرات الشعوب المذبوحة. أما فيما يخص المنطقة التي تهمنا هنا، فقد جاء من قبلهم الروم واليونان والوندال وغيرهم، وجاء بعدهم الإيطاليون والفرنسيون والإنجليز وأبناء العم سام والأب ستالين والقائمة طويلة. وعندما حط الله رحاله في هذه البقعة المسالمة من أفريقيا، لم يتوقع أن يجد كل هذه الخيرات والموارد الطبيعية الزراعية المزدهرة، من قمح وشعير وعنب وتين، وكل هذه والثروة الحيوانية المتنوعة جاهزة تنتظرجنوده لتتحول إلى غنائم، نوع من الرخاء والرفاهية والإزدهار لم يكن يعرفها في صحراء العرب القاحلة. ولكنه لم يكن يتوقع أيضا أن يرفض هؤلاء الهمج الكفار كلام الله، والإيمان بجنته، مما أخر السيطرة على المستعمرات الجديدة عدة سنوات. ولم يستطع جنود الله فرض مملكتهم الإلهية إلا بقوة السيف والقتل والتدمير والتخريب للحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لسكان المنطقة. وروجوا فيما بعد، لأسطورة "الفتح" السلمي وإنتشار الإسلام بقوة الكلمة والحجة والإقناع، وبأن الله فتح صدور الكفار ليملأها بالمحبة والإيمان ويسهل إقناع هؤلاء الناس بفكرة السلام والأخوة والعدل والمساواة، إلى آخر قائمة الدعاية الإيديولوجية في ذلك الوقت البعيد، ذلك أنه هو نفسه لم يكن مقتنعا بها تماما، فقد كانت مجرد خطاب دعائي لإقناع شيوخ القبائل وأهل السلطة، والذين كالعادة، وفي نهاية، الأمر تقبلوا التعاون مع الغزاة وبنفس الحيلة القديمة: الغزاة الجدد لن يكونوا أسوأ ممن سبقهم. ومنذ عامين ونحن نشاهد نفس المسرحية المملة، ونفس الخطاب القديم: نتحالف حتى مع الشيطان لإسقاط النظام. لكنهم في حقيقة الأمرـ وذلك ليس سرا لأحد، فالكل يعرف ذلك وقرأ السيناريو الردئ قبل تنفيده ـ تحالفوا مع الله ذاته بجلبابه ولحيته القبيحة. ولم يأت على جمل هذه المرة وإنما على ظهر بارجة حربية فرنسية وحاملة طائرات أمريكية وسيارة رباعية يابانية وبسيوف ومنجنيقات فرنسية وأمريكية وإنجليزية الصناعة. وكعادتهم سرقوا ثورة الفقراء المساكين، وبنوا بجثت آلاف المواطنين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية سلما للسلطة، وشيدوا بأجسادهم الدامية منصة لنشرالجهل والخرافات والحقد والعقد النفسية، وعاثوا في البلاد فسادا وتدميرا وما زالوا ينشرون الرعب في قلوب المواطنين بإسم سيدهم الطاغية، سيد الطغاة وملك ملوك الدنيا والآخرة، الله العظيم الذي لاإله إلا هو السيد الجبار المنتقم الحسيب المذل المانع المنتقم المتكبر الضار الرقيب المهيمن القوي القهار المميت .. مرددين كلمة آخر أنبيائهم، محمد بن عبدالوهاب وهو يوقع وثيقة التحالف بينه وبين محمد بن سعود لتأسيس الدولة السلفية: " هذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد "
لقد حان الوقت إذا لتصفية الحساب مع. فنحن شعب حر لانمتلك أحدا ولا نريد أحدا يمتلكنا، ونحن شعب مسالم، لا نحارب أحدا ولا نحب أحدا يحاربنا، ولكنكم أعلنتم علينا الحرب، فلا تتوقعوا أن نستقبلكم بالزهور وماء الورد. إن كلماتنا هي السلاح الوحيد الذي سنستعمله ضد متاريسكم وقلاعكم ومدرعاتكم ورصاصكم، فليس لدينا سلاح آخر غير الفكر والعقل والبصيرة والمنطق السليم. ونحن نعرف خوفكم من الحقيقة ورهبتكم لبعض الكلمات التي تثير الرعب في قلوبكم وتجعلكم ترددون كالمهووسين: أعوذ بالله أعوذ بالله .. ونعرف أيضا أن رعبكم من الحقيقة قد يدفع بكم لحد الجريمة، لدرجة القتل والتمثيل بجثت ضحاياكم وقطع أطرافها. غير أن ذلك لن يغير من الأمر شيئا، ولن يجعل الأرض مسطحة، ولن يقنع أحدا بأن المرأة خلقت من ضلع رجل يسمى آدم.
لقد حان الوقت إذا للثورة على سلطة الفقهاء والمرشدين والمفسرين ومعابد الإفتاء ومساجد الدعوة للعودة قرونا إلى الوراء. حان الوقت للتغيير وقلب النظام الغيبي الذي يشل حركة مجتمعاتنا منذ أزمان سحيقة. حان الوقت لتحطيم الأصنام وتفجير الأسس التي يرتكز عليها هذا المجتمع الذي ينخره السوس ويتآكله الصدأ وتفوح منه رائحة القدم والعفونة. لا بد من تحطيم الأوثان واحدا واحدا حتى يستطيع الفكر أن ينمو ويتجدد، وللمجتمع أن يزدهر، وللحرية أن تتفتق خلقا وإبداعا. لا بد من فتح الأبواب على مصراعيها، كل الأبواب والنوافذ والفتحات والشقوق ليدخل الهواء ويتجدد داخل هذا البيت-التابوت-القبر المغلق والمشمع منذ دهور.
الصنم الأول الذي نوجه له ضرباتنا هو الله بذاته المقدسة، هذا الوثن الذي يكبل العقول ويعمي البصيرة ويحتل الأحلام. هذا الله لا بد أن يسقط ويتخلى عن سلطته، ولكننا لن نقتله، فنحن لسنا قتلة، فلن نغتاله بالسم، ولن نطلق عليه الرصاص، ولن نفجره بالديناميت، ولن نشق رأسه بفأس أو ساطور كما أننا لن نعلقه في حبل مشنقة ولن نذبحه بسكين، فنحن شعب مسالم، لا نقتل أحدا ولا نريد أحدا يقتلنا. إننا فقط سنجره من لحيته وننزله من على عرشه النوراني ونضعه في مكانه المناسب في فترينة زجاجية في متحف الآثار الوطني، قسم الآلهة بجوار آلهة الفراعنة الإغريق والفينيقيين والرومان وغيرهم. هذا الله، مهما كان المضمون أو المعنى الذي نضعه وراء هذه الحروف وهذه الكلمة، يجب أن يسقط اليوم أو غدا أو الأسبوع القادم، فأيامه معدودة، فقوائمه وهنت وجذوره تفسخت ولم يعد له أي مستقبل، وسيموت بالعطش والوحدة والبطالة وربما بالملل. فهذا الله الذي يستعمر العقول ويستعبد البشر لا بد من تصفية حسابه اليوم مرة واحدة، ولن نطلب منه حتى دفع الفاتورة، فقط تصفية الحساب، وطي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا. في هذا الزمن الذي يتزايد فيه هؤلاء الذين يقايضون ويشترون ويراهنون ويزايدون بإسمه وعلى حسابه، لا مفر لنا من القول جهرا وأمام الجميع بأن الله بضاعة لا نريدها ولن نشتريها لا بالجنة ولا حتى برطل من الملح.. فنحن على هذه الأرض نتنفس حريتنا، لا نسعبد أحدا ولا نريد أحدا يستعبدنا. ولسنا في حاجة إلى إله أو قائد أو مرشد أو معلم سماوي ولا أرضي ولا بحري ليخطط لنا حياتنا ويرشدنا إلى الطريق المستقيم في كيفية التعامل مع من يسرق أو يقتل أو يعتدي أو يستعبد أو يستغل أويمارس العنف ضد الآخرين. هذه أمورنا وشؤوننا نستطيع بإنسانيتنا البسيطة أن نقننها ونجد لها الحلول المناسبة بدون الرجوع إلى خرافة الثواب والعقاب والجنة والنار. مع العلم بأن الحلول الإلهية للأمور الإنسانية لم تنجح حتى الآن في إجتتاث الفقر والظلم والإضطهاد والعنف والسلطة، بل على العكس من ذلك، نرى أن كل الشعوب وكل الأمصار والأصقاع التي يسيطر عليها الله، هي في الحضيض الأسفل من الفقر والتخلف والتعاسة وتفشي العنف السياسي والإجتماعي، وإنتشار الرشوة والمحسوبية والجشع والتمسك بصولجان السلطة والإلتصاق بالكراسي، وإهدارأبسط الحقوق الإنسانية في الحياة الكريمة. فلا حرية مع الله .. وإنما الإستسلام ‪والتسليم‬ والعبودية والركوع والسجود والإنبطاح والخنوع والخضوع والطاعة والإمتثال والرضوخ والإنصياع وخفض البصر .. والخوف هو المادة الأولى من دستور العبيد .. عبيد العقيدة .. عبيد الرأسمالية .. وعبيد الله. وإذا كان الله، كما يبدو هو رأس المصائب والكوارث الـتي حلت وما زالت تحل بهذه البلدان البسيطة، وهو الأساس الذي ترتكز عليه كل الأصنام الأخرى، فإن سقوطه أو إستقالته أو إحالته على التقاعد أو حتى مجرد هروبه للسعودية، سيعجل في سقوط بقية الأصنام ويسهل عملية تفتيتها الواحدة تلو الأخرى.
وبعد سقوط الله، يجب شن الحرب على كلامه، كلام الله، أي القرآن ككتاب مقدس، ووثن يقبله ويتمسح به المؤمنون ويرددون آياته وسوره ليل نهار، به يصلون وبه يقسمون ويحكمون وبه يكفرون ويقتلون، وبه يمنعون ويحرمون ويحللون. وإذا كان الله مجرد فكرة أو خرافة، فالقرآن كتاب ونص له وجود مادي وحقيقي، مكتوب ومطبوع بحبر على ورق، ومنه آلاف وملايين النسخ موزعة في كل أنحاء المعمورة.
ويحتوي على آلاف الكلمات والآيات والسور، التي تكون أحكاما وقوانينا وحدودا يجب تطبيقها كما هي حسب رغبة بعض خلفاء الله في الأرض والآمرون بحكمه. فالهدف إذا هو إسقاط القدسية عن هذا النص ومحتواه، فهو كلام عربي ينتمي إلى بيئة عربية وتاريخ عربي محدد ومعين ويعكس طبيعة هذه البيئة وظروفها الإجتماعية والسياسية ويعكس كذلك شخصية كاتب أو كتاب هذا النص ومن جمعه وثبته ونسقه في صورته النهائية التي وصلتنا. ولا أحد اليوم يمكن أن يصدق وجود علاقة سببية بين فكرة الله وبين نص القرآن، إلا إذا أفترضنا سوء النية. فكيف لإله في مقام الله كما يدعون يمكن أن يقول كلاما مثل: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ. هذا كلام لا ينطق به إلا إنسان ذكر لحل مشكلة إجتماعية تخص الذكور على حساب النساء، ومع ذلك هناك من يصدق أن هذا القانون هو قانون إلهي يجب تطبيقه اليوم في مجتمعاتنا المعاصرة، فليس لدينا ما نقوله لهم سوى أننا نرفض هذا القانون حتى ولو أن الله حقا هو الذي بعثه إلى محمد على إيميله الشخصي. نرفض نص القرآن جملة وتفصيلا حتى ولو كان كلام الله، لأن نصوصه لا تناسبنا وتتناقض مع عقولنا وتحد من حريتنا في إختيار حياتنا، ولأننا نعتقد بأن النساء مساويات للرجال إن لم يكن أفضل. وأنه لا يمكن لأي مجتمع إنساني مهما كان متخلفا أن ينظم أمور حياته اليومية المتعلقة بكيف يأكل وكيف يشرب وكيف يبول وكيف يمارس الحب، كيف يلبس وكيف يتكلم وكيف يسلم وكيف يسير في الشارع وكيف يغطي رأسه وكيف يحلق لحيته، معتمدا على قوانين وقواعد من زمن آخر ومن مكان آخر.
وبسقوط أسطورة كلام الله، تنفضح شخصية المخرج لهذه الملحمة الشعرية السياسية الضخمة، ويصبح النبي الذي أرسله الله وسيطا بينه وبين عباده، وكأن الله بقدرته المطلقة غير قادر على الإتصال بمخلوقاته الضئيلة مباشرة، يصبح محمد إبن عبدالله مجرد رجل سياسي، مفكر ومصلح لأمور قبيلته وبقية القبائل التي كانت ترعى قطعانها وتمارس التجارة في مكة وما حولها في ذلك الوقت. أهتم بأمور مجتمعه وتخيل نظاما إجتماعيا أكثر عدالة وأكثر عقلانية مما كان متعارفا عليه حتى ذلك الزمن، من وجهة نظره على الأقل. وأستقى مبادئ وأسس هذا النظام من المنظومة الفكرية المتاحة له في ذلك الوقت، أي المعارف والمعلومات والقصص والأساطير الدينية القديمة المسجلة في كتب التوراة والإنجيل والتي كانت تحكى من قبل اليهود والنصارى الذين كانوا يعيشون في تلك المنطقة بالإضافة إلى العديد من العادات والتقاليد والطقوس الدينية العربية. والقرآن كان هو سلاحه النظري طوال عشرين عاما، والذي كان يمرر به كل قراراته السياسية والإجتماعية بدون أن يواجه أية معارضة لكلام الله. وكون دولة في المدينة وأصبح قائدا روحيا وسياسيا وعسكريا. ومن بعده تكونت الإمبراطورية الإسلامية بجيوشها وغزواتها الإستعمارية المتعددة والتي كان هدفها الأول إقتصاديا، الغنائم أولا والخراج والضرائب ثانيا، ثم إيديولوجيا أي نشر الإسلام بقوة الجيش والسلاح. وبقى محمد الدليل الروحي والمؤسس لهذه الإمبراطورية العسكرية. وليس هناك ما يمكن تقديسه في شخصية عسكرية وسياسية، ربما قد يعجب البعض بشجاعته وقوة طموحه وقدرته القيادية وقدرته في الإقناع، أو بولائه لقبيلته قريش رغم عداوتها ورفضها لمشروعه الجديد إلخ، مثلما يمكن أن نعجب بسبارتاكوس، هانيبال أو الإسكندر المقدوني أو نابليون. ولكن هذا لا يضفي صفة القدسية على شخصه ولا على أقواله أو أفعاله. محمد إبن عبدالله شخصية تاريخية عربية يمكن دراستها تاريخيا واجتماعيا ونفسيا بطريقة علمية وموضوعية مثل أية شخصية أخرى لمعرفة الظروف والملابسات التي كتب فيها فصول القرآن طوال عشرين عاما. بإرجاع محمد إلى بعده التاريخي وحجمه البشري، يسقط الوثن الأخير الذي يقوم عليه الإسلام برمته، أي السنة والحديث. فأقوال محمد ليست أكثر عمقا أو أكثر حكمة من أقوال مئات الرجال والنساء الذين أتتنا أقوالهم وكتاباتهم عبر التاريخ، من حكماء الصين والهند واليونان والفرس والفراعنة واليهود وغيرهم من الشعوب والثقافات، ولعلمنا لم يطلب أحد حتى الساعة تطبيق ما يقولونه وترسيمه في الدساتير.
بتفكيك هذا المربع المقدس، الله والقرآن ومحمد والسنة، يسقط هذا السجن الكبير الذي كانت أسواره العالية تحجب عنا الشمس وتمنعنا من التنفس، وتسقط كل المعايير والقيم البالية والقيود والسلاسل المقيدة للعقل والخيال والشعور والتي هي السبب المباشر للكارثة الفكرية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والأخلاقية التي تمر بها مجتمعاتنا بكل أطيافها. وإن كنا لا ننسى، وإن كان هذا موضوع آخر، دور الإستعمار والرأسمالية في استعبادنا وتفقيرنا وتجهيلنا وامتصاص ثروات الأرض التي نعيش فوقها. غير أنه لولا هذا القفص الديني الذي أنغلق علينا منذ أربعة عشر قرنا لربما كانت علاقاتنا مع الغرب الأوربي علاقة مغايرة، ولربما كان للتاريخ مجرى آخر.
إن هدف هذا البيان ليس التبرير أو الإستفزاز أو المزايدة، وإنما هو رد طبيعي لما نشاهده اليوم على ساحة الواقع، في تونس وليبيا ومصر وسوريا ومالي وغيرها، حيث الوجود المتعاظم لسفراء الله ورسله مدججين بالسلاح الخفيف والثقيل، تدفعهم قوى الخليج الوهابية، المالية والإعلامية، ومن ورائها فرنسا وبريطانيا وأمريكا، لإشعال الحرائق في كل المنطقة. ونحن نقول لهم بأن حريتنا لا مساومة عليها ولا تتجزأ. قمنا بالثورة ضد طاغية مثل بن علي والقذافي ومبارك والأسد ليس فقط من أجل حرية الصلاة في المساجد وقتما نشاء، والحق في إطلاق اللحية، وإنما من أجل حرية التعبير وحرية التفكير وحرية العقل والجسد، وحرية الحياة كما نشاء بدون سلاسل وبدون قيود. ومن أجل بناء مجتمع جديد يتمتع فيه المواطنون بحريتهم المطلقة بدون ممنوعات ومحرمات سياسية أو إجتماعية أو دينية لبناء فضاء إجتماعي تتفتح فيه قدرات كل فرد على الخلق والإبداع والتطور وحيث يتعاون الجميع ويشاركون في بناء حياة إنسانية تخلو من الفقر المادي والفقر الفكري، وتخلو من الخوف من سلطة الحكام التابعة للدولة ومن السلطات القمعية الإجتماعية.
نريد مجتمعا عقلانيا بشريا خاليا من الآلهة والأنبياء والكتب والكلمات المقدسة. خاليا من الخرافات والغيبيات والميتافيزيقا.
نريد مجتمعا مسالما، خاليا من الرصاص والسلاح والعسكر، مجتمعا مدنيا لا يعادي أحدا ولا يعاديه أحد.
نريد مجتمعا تكون فيه المرأة مساوية للرجل مساواة مطلقة وبدون مساومة أو إستثناءات، لها كامل الحقوق والحقوق كاملة بدون نقص.
نريد مجتمعا إنسانيا متحضرا خاليا من العقاب ومن الإنتقام، خاليا من عقوبة الإعدام، خاليا من السجن التعسفي ومن التعذيب.
نريد مجتمعا خاليا من الإستغلال الإقتصادي، فنحن نرفض أن يكسب الإنسان قوته من عرق وعمل إنسان آخر. نريد مجتمعا خاليا من العنصرية والتفرقة بين من يعيشون على نفس الأرض بحجة اللون أو الجنس أو اللغة أو شئ آخر. نريد مجتمعا يتمتع فيه العامل الأجنبي بنفس الحقوق كاملة مثله مثل العامل الوطني. نريد تحرير عقولنا وعقول أطفالنا من براثن هذا الأخطبوط الديني، ونريد تحرير خيالنا وأجسادنا من هذا الكابوس. نريد الحياة كما نريد وكما نتخيل، نريد جنتنا على الأرض الآن وليس غدا. نريد التمتع بنقاوة الهواء وبرودة مياه البحر وبلذة كلمات الحب وجمال الغسق ورائحة المطر والأزهار بدون أن نشعر بأن الله يراقبنا ويسجل الكلمات التي نقولها لأحبائنا، نريد ونريد آلاف الأشياء الأخرى التي قد لا تخطر على بالكم ولا على بالنا، نريد كل ما يمكن أن نتخيله الآن وفي المستقبل، وإرادتنا ورغبتنا في الحياة ليس لها حدود.
" المبدعون "
13 مارس 2013



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش
- خرائب الوعي .. 10 - المرأة التي أكلها النمل
- خرائب الوعي .. 9 - لا يحب الله والله لا يحبه
- خرائب الوعي .. 8 - الطابق الثاني
- خرائب الوعي .. 7 - قوارب الهجرة إلى الجحيم
- خرائب الوعي .. 6 - الصندوق
- خرائب العقل .. 5- الحاشية
- خرائب الوعي .. 4 - مقبرة الضباع
- خرائب الوعي .. 3 - العمياء وقصر الغول
- خرائب العقل .. 2- وطني حقيبة وأنا مسافر
- خرائب الوعي 1- البداية
- ليبيا .. الثورة القادمة
- محطة الكلمات المتصلة
- الفضيحة


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعود سالم - بيان من أنصار البدعة