|
الدستور الجديد وحقوق القوميات وحرية المعتقدات الدينية في العراق
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1160 - 2005 / 4 / 7 - 11:50
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد عسر ولادي دام حوالي شهرين استطاعت الجمعية الوطنية انتخاب السيد حاجم الحسني رئيساً لها وما ان اطل يوم 6 / 4 / 2005 حتى تم انتخاب السيد جلال الطلباني رئيساً للجمهورية وغازي الياور و عادل عبد المهدي نائبين له وهي بادرة لم يشهدها التاريخ المعاصر حيث اصبح ولأول مرة، كردياً رئيساً للدولة العراقية، وعلى الرغم من كل ما قيل او سوف يقال فان هذه البادرة ستكون دليلاً واضحاًعلى استمرار تآخي القوميات في العراق وعدم اعتبار اية قومية مهما كان عددها من الدرجة الثانية في المواطنة، وقد تناقل البعض من وسائل الاعلام خبراً عن وزير وزارة حقوق الانسان بختيار امين " واتمنى ان يكون صحيحاً " ان صدام حسين وعشرة من اعوانه سيشاهدون مايجري في العراق لأول مرة منذ سقوط النظام" سيشاهدون اجتماع الجمعية الوطنية العراقية وعملية انتخاب رئيس الجمهورية ونائبيه فيالها من مسرحية تراجيدية يعيشها ذلك الطاغية الجبار في مظهره والفأر الرعديد في جوهره ، وليتذكر ماضيه المأفون و كم من الذنوب والخطايا والجرائم المروعة قد ارتكبها واعوانه المجرمين ضد ابناء الشعب كافة وبدون استثناء، وعسى ان يسرع الرئيس الجديد في تكليف رئاسة الوزراء وتعيين الوزراء لعرضهم على الجمعية الوطنية فيسارعوا لاستلام مهامهم الوظائفية والسياسية وعدم التراخي والمط مثلما حدث لانتخاب رئيساً للجمعية الوطنية وعلى ما نعتقد ان من المهمات الدقيقة والملحة اولاً: سن الدستور الدائم فالبلاد بحاجة اليه في هذه الظروف، دستوراً ديمقراطياً تراعي فيه جميع الحقوق وتشخص مستقبلية البلاد فيه، وثانياً : تقديم رؤوس النظام وفي مقدمتهم الطاغية صدام حسين الى المحاكمة لينالوا قصاصهم العادل ووفق القانون لا كما كانوا ينتهجون ابان حكمهم الشمولي الدكتاتوري البغيض. وهذا لا يعني نسيان الملفات الاخرى التي تحتاج الى جهود غير قليلة. لا يختلف اثنان على ان حقوق الاقليات القومية والدينية كانت طوال عهود طويلة قد خضعت الى النفس الشوفيني القومي العربي مما الحق ضرراً بالغاً في تطور العراق وظلت هذه الاقليات تعاني من السياسة الفوقية للسلطة الحاكمة وان ادعت كذباً وبهتاناً بانها تمثل جميع اطياف الشعب وليس قسماً منه، لقد كانت حصة الكرد نجمة في العلم العراقي في زمن الملكية بينما نص الدستور المؤقت بعد ثورة 14 تموز 1958 على ان العرب والكرد شركاء في العراق الا ان الواقع الفعلي لم يكن الا تمويها وتستراً وتسويقاً لسياسة شوفينية مخطط لها وهي منح اقل ما يمكن من الحقوق للكرد ثم التجاوز عليها مثلما حدث لاتفاقيات آذار 1970 حول الحكم الذاتي، وضد التركمان والكلدواشوريين ومحاصرة المعتقدات الدينية المختلفة وعدم السماح لها بالعلنية والتمييز في وظائف الدولة وبخاصة العليا منها، واستمر هذا النهج في سياسة الحكومات العراقية المتعاقبة وان خفت الغلوائية في بعض العهود لكنها لم تتقدم بالكثير من اجل حل هذه المشكلة التي اصبحت على مرور الايام اكثر تعقيداً مما جعل الكثير من منهم ان يترك البلاد هجرةً او تهجيراً او هرباً من البطش والارهاب بينما عاشت الاكثرية الباقية في اغتراب داخلي وضعف الاحساس بالانتماء الى الوطن الا اللهم الجنسية العراقية، وقد تصادف الكثير من هؤلاء وهذا قبل سقوط النظام الشمولي واحتلال العراق وبعد دقائق من النقاش حول الانتماء الوطني والجذور والتقاليد وغيرها من القضايا التي تخص المواطنة فيجيبك بصراحة " كيف تريديني ان انتمي لوطن لا املك فيه ليس نخلة بل قبضة ريح؟ كيف تريد مني الولاء وانا في نظرهم مطارد وكافر مشكوك بامره مهما قدمت من خدمات وتضحيات لهذا الوطن فهو سيبقى وطنهم وانت دخيل عليه؟! " لعل الاجابة مؤذية في واقعيتها وتعتبر اجحافاً بحق الوطن الذي يعتز به كل وطني مخلص وهي بالتالي نوع من اليأس والاحباط اللذان عششا في ذوات الكثيرين من العراقيين خارج العراق او حتى داخله، كما ان السبب الحقيقي في معاناة هؤلاء تكمن في الارهاب المنظم ضدهم وعدم وجود دستور دائم يحفظ حقوقهم المشروعة، ان هذه الظاهرة المؤلمة نتيجة للارث الغوغائي المتطرف بكلتيه القومي الشوفيني والديني المتطرف وعلينا ان نفكر بها بشكل سليم اذا ما ادركنا حالات اليأس والاحباط التي كان يحس بها الناس من القوميات غير العربية والاديان غير الاسلام ، لكنها والحقيقة تقال تكاد تمثل موقفاً وان لم يعلن عنه بالضد من الظلم والنظام الشمولي ومؤسسته الحزبية وسياسته الشوفينية الدكتاتورية المتسلطة على رقاب الشعب بجميع قومياته ومعتقداته الدينية فلا فرق عندهم بين اسود وابيض الا بمقدار الطاعة والتنفيذ وعدم المعارضة. ان المؤذي حقاً ان تغمط حقوق عشرات الآلاف من ابناء القوميات في العراق بحجج غير صحيحة كما يتم التجاوز على حقوق الاديان الاخرى غير الاسلامية بشكل غريب ، والتجاوز بمعناه الحقيقي ليس منع دور العبادة لهم وفي مقدمتهم المسيحيين واليهود والصابئة والازيديين وانما في الضغط عليهم من خلال المعاملات الرسمية وعلاقة الدولة ومؤسساتها بهم ، وحتى عندما قام انقلاب 17 تموز 1968 واستلم حزب البعث العراقي السلطة كانت هذه الاديان محط ريبة وشكوك من قبل الدولة وقيادة هذا الحزب وعاملتهم دائماً وكأنهم معادين لها بانتماهم لاحزاب المعارضة وبخاصة الحزب الشيوعي العراقي وهم يتحينون الفرصة للانقضاض عليها، ما عدا من جند نفسه لخدمتهم او غير قوميته او دينه لا بل هناك تشجيع معنوي ودعم مادي لمن يغيّر قوميته او دينه، ولعبت المؤسسات الدينية الرسمية دوراً كبيراً في مساندة الدولة واتجاهاتها غير الديمقراطية والمعادية لحقوق الانسان وحرية المعتقد والانتماءات الفكرية والدينية ولمجرد تشريع قانون للاحوال الشخصية بعد ثورة 14 تموز 1958 قامت قيامة هذه المؤسسات والكثير من رجال الدين الذين اعتبروه مخالفاً للشريعة الاسلامية لأنه منح بعض الحقوق للمرأة العراقية .. لقد ولى الماضي وها هي التركة الثقيلة التي تراكمت خلال السنين ومنذ تأسيس الدولة العراقية تضغط على صدور الملايين الذين يأملون بازاحتها عنهم لكي يتنفسوا بكل حرية وامان فقد سقط النظام الشمولي بفعل العوامل الخارجية واصبحت قوانينه القرقوشية في مهب الريح ولو عدنا الى الدساتير الدائمة وغير الدائمة لنطقت الحقيقة بصوتها الجهوري لا توجد فيهم ضمانات قانونية وحقوقية للقوميات والمعتقدات الدينية وانما اشارات عابرة وخطب لرؤساء الدولة او القيادين فيهم بأنهم لا يفرقون بين ابناء الشعب العراقي ويعتبرون انفسهم اباء لهم وهي كذبة سوداء كشفت بمرور الزمن، اما اليوم ونحن مقبلين على عملية سن الدستور فيجب مراعاة هذا القضية الانسانية والحقيقية لأن الدستور وحده المعيار الحقيقي لوجه الدولة القادمة ومن هذا المنطلق يجب ان يحتوي بنوداً واضحة بخصوص حقوق القوميات الاخرى والمعتقدات الدينية غير الاسلامية، الكرد والتركمان والكلدو اشوريين، المسيحيين واليهود والصابئة المندائيين والازيدين وغيرهم وعسى ان تكون نقطة لبدأ تكاتف حر ديمقرطي بين جميع فئات الشعب العراقي وتتحول ارض العراق الى ارض المحبة والسلام والبناء والتخلص من تلك القوى الظلامية الارهابية من ازلام النظام البعثفاشي والارهابين والتطرف الديني الاصولي والسلفي على حد سواء.. وليكن العراق دولة ديمقراطية تعددية وفدرالية يضمن الحقوق المشروعة للجميع .
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لائحــــة حقوق الإنسان والإغتيال السياسي للنساء
-
قـــوى اليسار الديمقراطي ما لها وما عليها في الانتخابات القا
...
-
قلـــق مشــروع
-
عدنـــــــــــــان كــــــــان
-
حول الجنسية.. لماذا التهجم على الكرد واحزابهم وعلى احزاب اخر
...
-
مؤشر خطر من قبل التطرف الديني في الاعتداءات على حرية الطلبة
...
-
ذكرى حلبجة القديمة
-
السيد علي السيستاني ومنح الجنسية العراقية
-
جائزة نوبل والتحفظ على الاكراد
-
الحكومة العراقية الجديدة ومستلزمات المرحلة الحالية
-
التداخل العذري لهمس النداء
-
في عيدها الـــوردُ يعطرُ نفسه ... 8 آذار الجميل
-
رغيف الخبز الملاحق من قبل وزارة التخطيط ومركز الاصلاح الاقتص
...
-
ثقافــة التحوير ثقافـة شوفينية وايدز عنصري معروف.. هل الكرد
...
-
أسئلة : كيف نفهم اغتيال رفيق الحريري والاتهام الفوري الموجه
...
-
بعيـــداً عنهــــــم
-
على الطريق الفرعي عند حوافي حقل الحنطة
-
عذراً قناة الفيحاء ـ لكذبة - ما كو مهر بس هلشهر -
-
هـــل رفيق الحريري هو آخر القطاف الإرهابي ؟
-
المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات والموقف العادل من التجاو
...
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|