|
بحث بعنوان :أسباب انتهاء العلاقات القنصلية
عبد الحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 01:56
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
بحث بعنوان :أسباب انتهاء العلاقات القنصلية د.عبد الحكيم سليملن وادى رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية
مقدمة : عرف العالم بعد الحرب العالمية الثانية نزوعا جديدا نحو علاقات دولية اكثر اتزانا و تعددية ، و ادراكا من المجتمع الدولي لأهمية اقامة علاقات جدية و متوازنة ، دخل العالم في مرحلة جديدة من تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة. فبوجود هيئة كالأمم المتحدة و حرصا من مؤسسيها على ضمان استقلالية العلاقات البين دولية ، قامت لجنة القانون الدولي المنضوية تحت لواء الامم المتحدة بتقعيد مجموعة من القواعد و المعاملات العرفية ، و خلال هذه المرحلة ستتجه لجنة القانون الدولي الى الاهتمام بتقنين العلاقات الدولية القنصلية بعدما اكتمل صرح العلاقات الدولية الدبلوماسية ، و بالرجوع الى العلاقات الدولية القنصلية خرجت مدونة القانون الدولي القنصلي الى الوجود سنة 1963، التي نظمت واجبات و حقوق الدول في تعاملاتها القنصلية. الى جانب ذلك، ستتطرق ذات الاتفاقية الى حالة انهاء العلاقات القنصلية ، و رتبت هذه الحالة و التطرق اليها في مجموعة من المواد . و يعتبر موضوع انتهاء العلاقات القنصلية، من المواضيع الاكثر جدلا في العلاقات الدولية المعاصرة. نطرا لتشابك أنماط السياسات الدولية ، و تضارب و اختلاف الرؤى حول مجموعة من القضايا الدولية. ونتيجة لتصرفات الفاعلين الدوليين على الساحة العالمية ، قد يدخل طرفان أو أكثر في حالة نزاع سياسة، قد يترتب عنها الاتجاه نحو قطع او انهاء العلاقات القنصلية ، كشكل من اشكال المعاملة بالمثل. وعلى هذا الاعتبار ماهي الحالات التي ينتج عنها قطع العلاقات القنصلية في اوجهها العامة و الاستثنائية؟ و في حالة قطعه هذه العلاقات ، ماهي الوضعية القانونية للموظفين القنصليين و كذا البعثة القنصلية؟ ولإحاطة بهذا الموضوع تم اعتماد المنهج القانوني و المنهج التحليلي و المنهج التاريخي.
و سنعالج الموضوع على الشكل التالي: أسباب انتهاء العلاقات القنصلية(مبحث أول) و النتائج المرتبة على انتهاء الوظيفة القنصلية(مبحث ثاني).
المبحث الاول : أسباب انتهاء العلاقات القنصلية نصت المادة 25 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية على ما يلي : "من الحالات التي تنتهي فيها مهام الموظف في البعثة القنصلية: أـ إبلاغ الدولة الموفدة الدولة المضيفة إنهاء أعماله. ب ـ سحب الإجازة القنصلية منه. جـ ـ إبلاغ الدولة المضيفة الدولة الموفدة بتوقفها عن اعتباره في عداد موظفي البعثة القنصلية".
المطلب الاول : الاسباب القانونية
أولا : تبدل الوضع القانوني للدولتين :
فيما يتعلق بالنقطة الاولى فإن تبدل الأوضاع القانونية في الدولتين الموفدة أو المضيفة أوفي احداهما قد يؤدي إلى إلغاء البعثات القنصلية . يأخذ تبدل الأوضاع أشكالا عدة كزوال إحدى الدولتين أو تغيير نظام الحكم في إحداهما او استقلال الإقليم أو انضمامه إلى دولة أخرى . و من المعروف أن اكتساب الصفة القانونية يتم بتوافق إرادة الدولتين و بالتالي فإن انعدام احدى هاتين الإرادتين يؤدي إلى انهاء المهمة القنصلية . و مما لا شك فيه أن في زوال الدولة زوالا لإرادتها و انتهاء للصفة القنصلية و قد تزول الدولتان معا أحيانا نتيجة انصهارهما في دولة جديدة مما يؤدي إلى إلغاء بعض بعثاتهما القنصلية و تحويل بعضهما الآخر إلى بعثات للدولة الجديدة و اعتبر مشروع فريق هارفرد في مادته العاشرة أن زوال إحدى الدولتين سببا أساسيا من أسباب انتهاء المهمة القنصلية. لكن بالمقابل نجد أن الدولة الموفدة قد تفقد سيادتها دون أن يؤثر ذلك في أوضاع قناصلها في الدولة المضيفة لأسباب و عوامل سياسية فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا سمحت للقناصل البابويين لديها بالاستمرار في اعمالهم بعد قيام ايطاليا بضم البابوية إليها . في حالة وقوع الإقليم تحت الاحتلال أو انضمامه إلى دولة أخرى أو إعلان استقلاله يتوقف استمرار المهمة القنصلية على سياسة كل من الدولتين فإن أصرت الدولة المضيفة على ضرورة حصول الموظف القنصلي على إجازة قنصلية جديدة منها ورفضت الدولة الموفدة كان لابد من اقفال مقر البعثة القنصلية و انهاء مهامها ففي سنة 1949 و اثر احتلال ألمانيا النازية لتشيكوسلوفاكيا رفضت الولايات المتحدة الاستجابة لطلب وجهته ألمانيا إلى جميع القناصل العاملين في براغ يقضي بضرورة حصولهم على اجازات قنصلية جديدة منها خلال 6 أسابيع و إلا تم اقفال مراكز بعثاتهم أما إذا وافقت الدولة الموفدة على طلب الدولة المضيفة أو إذا وافقت الدولة المضيفة على استمرار هذه الأعمال فإن المهام القنصلية لا تتوقف و لا تنقطع . و لا يؤدي تغيير رئيس الدولة في إحدى الدولتين الموفدة او المضيفة أو تغيير نظام الحكم في احداهما إلى انتهاء مهام رؤساء البعثات القنصلية و لا يتوجب على القنصل في الحالتين تقديم كتاب تعيين جديد أو الحصول على اجازة قنصلية جديدة . ومن جهة أخرى قد يقع انقلاب أو ثورة في بلد ما تقوم فيه حكومة واقعية غير معترف بها من الدولة الموفدة ففي هذه الحالة يتوقف استمرار الوضع القنصلي أو انتهاؤه على موقف نظام الحكم الجديد الذي له الحق في انتهاء الصفة القنصلية الممنوحة من الحكومة السابقة كما يتوقف على رغبة الدولة الموفدة في استمرار بعثاتها القنصلية في العمل او انتهاء مهامها .
ثانيا: اغلاق مقر البعثة و دمجها في بعثة أخرى
و يرجع ذلك – على مايبدو – إلى أنه في إطار العلاقات الدبلوماسية يكون عادة للدولة سفارة واحدة ( بالعاصمة ) في اقليم دولة المقر بينما في اطار العلاقات القنصلية يمكن ان تتعدد المراكز القنصلية نظرا لاتساع اقليم الدولة او لتعدد الموانئ او المطارات فيها او لضخامة الأعمال القنصلية . و بالنسبة للأسباب التي تدعو الدول إلى غلق أحد المراكز القنصلية فهي متعددة و يمكن ايجاز أهمها في الآتي : سبب وظيفي : بحيث يصبح النشاط الذي يقوم به ضئيل لذلك لا داعي لاستمرار وجودها في الدائرة المخصصة لها . سبب اقتصادي : ضغط النفقات و المصروفات بسبب ضائقة مالية تمر بها الدولة المرسلة مثلا أو نتيجة لإتباع سياسة تقشف. سبب اتفاقي : بين الدولتين على تقليل عدد المراكز القنصلية الموجودة فوق اقليم كل منهما. سبب إرادي فردي : من جانب الدولة المرسلة أو نتيجة لقطع العلاقات القنصلية و يمكن أن يتحقق نفس السبب الإرادي أيضا بطلب أو مبادرة من دولة المقر نفسها . و من جهة أخرى تلجا الدولة المضيفة إلى طلب اغلاق بعض القنصليات الأجنبية العاملة ضمن أراضيها لأسباب سياسية أو امنية أو تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل أو مبدأ التعادل القنصلي وقد تعاملها الدولة الموفدة بالمثل ففي سنة 1941 و قبل دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية اقفلت قنصليات ألمانيا و ايطاليا لديها و قنصلياتها لدى الدولتين . و في عام 1980 أغلق الإتحاد السوفياتي قنصليته في مدينة رشت الإيرانية على بحر قزوين استجابة لطلب ايران بسبب رفضه افتتاح قنصلية ايران بالمقابل بإغلاق قنصليتها في ليننغراد في حين أن العلاقات القنصلية بين الدولتين استمرت عبر سفارتيهما و عبر القنصلية الروسية في اصفهان و القنصلية الإيرانية في بكو عاصمة أذربيجان السوفياتية .
ثالثا : انتهاء مدة عمل القنصلي :
تنتهي مهمة الموظف القنصلي بمجرد إبلاغ الدولة المضيفة بذلك على أن توفر له هذه الدولة التسهيلات اللازمة لمغادرة أراضيها بسلامة و كرامة.: الاستقالة : يجب على القنصلي الذي يرغب في تقديم استقالته أن يبلغ حكومته بشكل مسبق بذلك و يبقى في مركز عمله حتى تشعره حكومته بموافقتها على الاستقالة. النقل: بالنسبة للموظف القنصلي يتم نقله بقرارات تصدر عن السلطة المختصة في الدولة الموفدة. التقاعد: تحدد القوانين الداخلية لكل دولة سن تقاعد موظفيها العاملين في السلك الخارجي و لا تختلف عادة عن سن تقاعد الموظفين العاديين. المرض : لا يؤدي إلى إنتهاء المهمة القنصلية ولو تسبب في انقطاعات بصورة مؤقتة، أما إذا اشتد المرض وأصبح من المتعذر معه أداء الموظف القنصلي مهامه فلابد من صدور قرار ينهي مهمته . الوفاة : تؤدي إلى إنتهاء مهمة القنصل فورا , وعند وفاة القنصل يتولى أعلى الموظفين في البعثة القنصلية مرتبة القيام بالأعمال بالنيابة حتى تعين حكومته خلفا له . وتقوم الدولة الموفدة عادة بنقل جثمان القنصل إلى موطنه على نفقتها ويشارك عادة زملاء الموظف القنصلي وممثل عن الدولة المضيفة في مراسيم تشيع الجثمان حتى الطائرة وفقا لقواعد المراسم في هذه الدولة .
المطلب الثاني : الاسباب الاستثنائية
اولا : توتر العلاقات بين البلدين :
قد تتوتر العلاقات بين الدولتين ويصل الأمر إلى حد نشوب الحرب بينهما ولأي دولة كانت الحرية الكاملة بقطع العلاقات القنصلية و بدون شروط و دون استمزاج لرأي الدولة المعنية وقد ينعكس نشوب الحرب بين الدولتين سلبا على علاقاتهما الدبلوماسية و القنصلية فتنقطع الاولى دون الثانية أو تنقطع الإثنان معا . الحرب تتعارض و استمرار الوظيفة القنصلية مع ما يلازمها من حصانات و امتيازات و قد لا تصل درجة التوتر إلى حد قيام نزاع مسلح بينهما و إنما تقتصر على انتهاء علاقاتها مع ما يصاحب ذلك من قطع علاقاتهما الدبلوماسية القنصلية . وقد يكون الخلاف بين الدولتين حادا فيصاحب قطع العلاقات الدبلوماسية قطع العلاقات القنصلية و انتهاء للوظائف القنصلية ففي سنة 1956 قطعت مصر علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا و فرنسا نتيجة لحرب السويس في سنة 1971 قطعت الولايات المتحدة الامريكية علاقاتها الدبلوماسية و القنصلية مع كوبا اثر استيلاء الرئيس فيديل كاسترو على الحكم . و يتم قطع العلاقات الدبلوماسية و القنصلية باعلان رسمي تصدره حكومة الدولة صاحبة العلاقة و قد تستمر هذه العلاقات بعد قطعها عبر بعثة دولة ثالثة تقوم برعاية مصالح الدولة الموفدة فبعد قطع العلاقات الدبلوماسية و القنصلية بين المانيا الغربية و يوغوسلافيا في أوائل الستينات استمر القسم التواصلي في السفارة الألمانية في بلغراد في العمل تحت راية السفارة الفرنسية بينما استمر القسم القنصلي في السفارة اليوغوسلافية في بون في العمل تحت راية السفارة السويدية .
ثانيا : طرد الموطف القنصلي لأسباب سياسية :
قد تلجا الدول لا سباب سياسية خاصة بها خصوصا في اوقات الازمات او تطبيقا لمبدا المعاملة بالمثل او لمبدا التعادل القنصلي الي اعتبار بعض الموظفين القنصليين اشخاصا غير مرغوب فيهم وسحب اجازاتهم القنصلية ففي عام 1949 ادى طرد القناصل الفرنسيين من بولندا الى اتخاذ فرنسا إجراءات مماثلة في حق الرعايا البولنديين وبينهم قنصل بولندا. وفي عام 1937 و1938 اثار الاتحاد السوفياتي مبدا التعادل القنصلي وطبقه كما طبقته دول عدة اخرى. وفي عام 1941 طلبت و.م.ا سحب القناصل الالمان والايطاليين العاملين في اراضيها اثر تدهور العلاقات السياسية بين و.م.ا وهاذين البلدين متذرعة بقيام القناصل بنشاطات غير مشروعة تضر بالمصلحة العليا للبلاد.
ثالثا: التدخل في الشؤون الداخلية للدول المضيفة
فهذا التدخل ولا سيما في الشؤون السياسية يؤدي الى خروج الموظف القنصلي عن الحد الادنى من السلوك المتوجب عليه اتباعه وبالتالي اعتباره من جانب الدولة المضيفة شخصا غير مرغوب فيه وقد يصل الحد الى طرده من اراضيها . ففي عام 1863 سحبت حكومة هندوراس الاجازة القنصلية من القنصل البريطاني بسبب تدخله في شؤونها السياسية الداخلية وفي عام 1873 سحبت حكومة الاوروغواي اعترافها بالوكيل القنصلي الامريكي لتدخله في الشؤون السياسية المحلية واستعمال منزله كملجأ لا شخاص معادين للحكومة . وفي عام 1876 تم استدعاء قنصل و.م.ا في ميناء طرابلس بعد ان طلبت السلطات التركية ذلك نتيجة لخلافه مع السلطات المحلية بسب ارتكابه بعض التصرفات. وفي عام 1949 طردت تشيكو سلوفاكيا نائب القنصل الامريكي بزغرب لتحريضه عناصر معادية للنظام على القيام بأعمال تخريبية. وفي عام 1957 طردت سوريا نائب القنصل الامريكي والملحق العسكري الامريكي ومساعده في دمشق بعد ان اتهمهم بالتخطيط لقلب نظام الحكم.
رابعا: القيام بنشاطات غير قانونية واساءة استعمال الوظيفة:
ومن هذه النشاطات اعمال التجسس والتهريب والاتجار بالأسلحة ومخالفة القوانين الجمركية والتهجم المستمر على السلطات المحلية وعلى العادات والقوانين المعتمدة في الدولة المضيفة واساءة استعمال الحصانات والامتيازات القنصلية. ففي عام 1756 سحبت و.م.ا اجازات 3 قناصل بريطانيين بسبب محاولتهم تجنيد رجال لخدمة الجيش البريطاني . وفي عام 1780 طلبت و.م من اسبانيا سحب قنصلها بنيويورك لاستمراره في منح التأشيرات القنصلية بشكل مخالف للقوانين الامريكية على الرغم من لفت نظره الى ذلك. وفي عام 1922 سحبت بريطانيا اجازة القناصل الامريكيين في نيوكاستل لأساءتهم استعمال سلطاتهم عندما قاموا بحصر منح التأشيرات القنصلية للأشخاص المسافرين عبر بواخر امريكية. وفي عام 1948 سحبت و.م.ا اجازة القنصل السوفيياتي العام بنيويورك لقيام القنصلية العامة السوفياتية بخطف المدرسة السوفياتية كاسنكينا وحجزها في مبنى القنصلية مما دفعها الى محاولة الانتحار. وفي عام 1949 القي القبض على بعض القناصل الفرنسيين في بولندا وطردوا من البلاد بتهمة التجسس المبحث الثاني :النتائج المترتبة على انتهاء العلاقات القنصلية
يترتب على إنتهاء المهمة القنصلية عدة آثار، تتحدد أساسا في تلك الواجبات التي تقع على عاتق الدولة المضيفة، هذه الواجبات منها ما يتعلق بالموظف القنصلي و أفراد عائلته عند إنتهاء مهمته، و منها ما يتعلق بالبعثة القنصلية عند توقفها عن العمل بشكل دائم أو مؤقت.
المطلب الأول: الوضع القانوني للموظف القنصلي بعد انتهاء المهمة القنصلية
تنص المادة 26 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 على ما يلي: " على الدولة المضيفة، حتى في حالة النزاع المسلح، منح موظفي البعثة القنصلية و خدمهم الخاصين من غير رعايا الدولة المضيفة و أفراد عائلاتهم الذين يشكلون جزءا من أسرهم، بغض النظر عن جنسياتهم، الوقت و التسهيلات الضرورية لتمكينهم تهيئة سفرهم و مغادرة البلاد في أول فرصة ممكنة بعد انتهاء وظائفهم، و عليها بصورة خاصة و عند الاقتضاء أن تضع تحت تصرفهم وسائل النقل الضرورية لهم و لأمتعتهم باستثناء الأمتعة التي اكتسبوا ملكيتها فيها و التي يكون تصديرها إلى خارج البلاد ممنوعا عند المغادرة" يمكن أن نستشف من خلال هذه المادة واجبات الدولة المستقبلة تجاه الموظف القنصلي، التي تنحصر في خمسة أمور : ـــ واجب الدولة المضيفة تسهيل مغادرة الموظف القنصلي و أفراد أسرته و خدمه مهما تكن جنسياتهم، من غير رعايا الدولة المضيفة و من غير المقيمين أصلا إقامة دائمة فوق أراضيها. ـــ تضع المادة 26 معيارين زمنيين يتوجب على الدولة مراعاتهما : الأول يفرض عليها منح الموظفين القنصليين الملة الكافية لتهيئة أنفسهم للسفر و إنجاز أعمالهم و تحضير وسيلة السفر الملائمة لهم. و الثاني يفرض عليها تسهيل مغادرتهم لأراضيها في أول فرصة ممكنة فور ‘نجاز استعداداتهم للسفر. ـــ على الدولة المضيفة في حال تعذر حصول الموظفين القنصليين على وسائل نقل ملائمة نتيجة كوارث طبيعية كالزلازل و الفيضانات مثلا، أو نتيجة نزاع مسلح أو حرب أهلية، أن توفر لمن تشملهم المادة 26 بأحكامها وسائل النقل الضرورية. ـــ على الدولة المضيفة أن تسهل للأشخاص المعنيين بالمادة 26، نقل أمتعتهم باستثناء تلك التي تملكوها أثناء إقامتهم في الدولة المضيفة و التي تجيز الأنظمة النافذة فيها يوم المغادرة تصديرها للخارج، و نذكر كمثال : التحف الأثرية و المحفوظات. ـــ إن تسهيل المغادرة المنصوص عليها في المادة 26، لا يقتصر فقط على الظروف العادية، بل يشمل كذلك الظروف الاستثنائية كحالة نشوب نزاع مسلح أو ثورة أهلية. و في الواقع تصبح المساعدة التي تقدمها الدولة المضيفة للموظفين القنصليين و أفراد أسرهم و خدمهم لتسهيل مغادرتهم لأراضيها، أكثر إلحاحا و ضرورة في مثل هذه الظروف الاستثنائية . و نشير إلى أنه يتوجب إبلاغ وزارة خارجية الدولة المضيفة بانتهاء مهمة الموظف القنصلي، و تبليغها تاريخ مغادرته النهائية، و المغادرة النهائية لكل فرد من أفراد أسرته و خدمه الخاصين به . أما في حالة وفاة الموظف القنصلي أو أحد أفراد أسرته، فيتوجب على الدولة المضيفة تقديم التسهيلات اللازمة لنقل جثمان المتوفي إلى بلاده، كما يتوجب عليها أن تسمح بتصدير الأموال المنقولة التي كان يملكها المتوفي ما عدا تلك التي تم اكتسابها أثناء إقامته في أراضيها مما تجيز قوانينها العمول بها وقت الوفاة تصديره . المطلب الثاني : واجبات الدولة المضيفة اتجاه البعثة القنصلية
ميزت المادة 27 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 و عنوانها "حماية الدور القنصلية و المحفوظات القنصلية و مصالح الدولة الموفدة في الظروف الاستثنائية " بين حالتين : حالة قطع العلاقات القنصلية، و حالة الإغلاق المؤقت أو الدائم للبعثة القنصلية مع استمرار العلاقات القنصلية.
اولا : في حالة قطع العلاقات القنصلية:
الدولة المعتمدة لديها تلتزم باحترام و حماية مقار البعثة و ممتلكاتها و أموالها و محفوظاتها، و يرجع ذلك إلى أن تلك الأمور تظل معتقدة بالدولة المعتمدة، فضلا عن ذلك تفوضه المساواة و السيادة بين الدول . كما يتوجب على الدولة المستقبلة في حال قطع العلاقات القنصلية، أن تتيح للدولة الموفدة، إن هي شاءت، تكليف دولة ثالثة توافق عليها الدولة المضيفة، القيام بواسطة بعثاتها القنصلية لديها، بحماية مصالحها و مصالح رعايا دار البعثة و أموالها و محفوظاتها.
ثانيا : في حالة الإغلاق المؤقت و النهائي:
يتوجب على الدولة المستقبلة في حالة الإغلاق المؤقت و النهائي للبعثة القنصلية أن تقوم بحماية المباني القنصلية و أموال البعثة و المحفوظات القنصلية ، كما يتوجب عليها كذلك أن تجيز للدولة الموفدة تكليف بعثتها الدبلوماسية لدى الدولة المضيفة إن هي وجدت، أو أية بعثة قنصلية أخرى لديها، القيام بالأعمال القنصلية التي كانت تقوم بها البعثة المغلقة و القيام بحراسة دارها و أموالها و محفوظاتها، أما إذا لم يكن للدولة الموفدة أية بعثة دبلوماسية أو قنصلية في الدولة المضيفة، فيمكن عندها تكليف دولة ثالثة تقبل بها الدولة المضيفة القيام برعاية مصالحها و مصالح مواطنيها و بحماية دار البعثة و أموالها و محفوظاته ا. خاتمة : و في الختام نشير إلى أنه لا يترتب على قطع العلاقات الدبلوماسية تلقائيا قطع العلاقات القنصلية بين الدول المعنية، و هذا ما نصت عليه المادة 2 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963. و يمكن تبرير ذلك بأن بقاء العلاقات القنصلية رغم قطع العلاقات الدبلوماسية من شأنه أن يسمح للدول بوجود طريق معين للاتصال فيما بينهما، مما يجعل استئناف العلاقات الدبلوماسية في المستقبل أكثر سهولة، و كذلك يشكل بقاء التمثيل القنصلي أمرا ضروريا لحماية مصالح الدولتين و رعاياها بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، باعتبار أن قطع هذه الأخيرة هو إجراء سياسي يؤثر على العلاقات السياسية بين حكومة الدولتين، بينما العلاقات القنصلية تتعلق بأمور أخرى لا صلة لها بالعلاقات السياسية.
المراجع: الكتب : دة لبابة عاشور.القانون الدبلوماسي و القنصلي(مع دراسة معمقة للأجهزة المختصة في المجال الدبلوماسي بالمغرب).مطبعة وراقة الفضيلة.2008م. سهيل حسين الفتلاوي . الدبلوماسية بين النظرية و التطبيق . القاهرة : دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى ، 2006 عبد الفتاح الرشدان ـ محمد خليل الموسى . أصول العلاقات الدبلوماسية و القنصلية . المركز العلمي للدراسات السياسية ، الطبعة الأولى ، 2005. غازي حسن صباريني . الدبلوماسية المعاصرة دراسة قانونية . الدار العلمية الدولية للنشر و التوزيع ، و دار الثقافة للنشر و التوزيع ، عمان ، الطبعة الأولى ، 2002. أحمد أبو الوفا . قانون العلاقات الدبلوماسية و القنصلية ( علما و عملا ).دار النهضة العربية ، الطبعة الأولى ، 1996. عاصم جابر . الوظيفة القنصلية و الدبلوماسية في القانون و الممارسة دراسة مقارنة .منشورات بحر المتوسط ، بيروت ، و منشورات عويدات ، بيروت – باريس ، الطبعة الأولى 1986.
الاتفاقيات: اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م. تفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961م.
الفــهرس
مقدمة : 1 المبحث الاول : أسباب انتهاء العلاقات القنصلية 2 المطلب الاول : الاسباب القانونية 2 أولا : تبدل الوضع القانوني للدولتين : 2 ثانيا: اغلاق مقر البعثة و دمجها في بعثة أخرى 2 ثالثا : انتهاء مدة عمل القنصلي : 2 المطلب الثاني : الاسباب الاستثنائية 2 اولا : توتر العلاقات بين البلدين : 2 ثانيا : طرد الموطف القنصلي لأسباب سياسية : 2 التدخل في الشؤون الداخلية للدول المضيفة ثالثا: 2 رابعا: القيام بنشاطات غير قانونية واساءة استعمال الوظيفة: 2 المبحث الثاني :النتائج المترتبة على انتهاء العلاقات القنصلية 2 المطلب الأول: الوضع القانوني للموظف القنصلي بعد انتهاء المهمة القنصلية 2 المطلب الثاني : واجبات الدولة المضيفة اتجاه البعثة القنصلية 2 اولا : في حالة قطع العلاقات القنصلية: 2 ثانيا : في حالة الإغلاق المؤقت و النهائي: 2 خاتمة : 2 المراجع: 2 الفــهرس 2
#عبد_الحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمن القومي العربي و الأخطار الجديدة
-
الصين والأمن القومي العربي
-
الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانواعة القانونية
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|