رمانة أم الفهد عصيّة على الموت

احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 12:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

صباح الخير
ألربيع أزهر في بلدنا، نفسي اتعمشق على لوزتنا واملأ حرجي من حباتها، كل حبة من حباتها تنعش الروح، عندما حبلت بابني البكر فهد يا ابن عمي جاءني الوحام في عز الصيف، توحمت على اللوز، غلبت سماء زوجي "ابو الفهد" من اين يحصل على اللوز في هذا الفصل، طلع المرحوم من حبال عقله، أخذ بيدي الى حاكورتنا وبطني لحلقي، كانت حاكورتنا بستانا من الجنة فيها كل ما تشتهي الانفس من اشجار، رمان وتين وعنب وتفاح وحامض ولوز، اعتقد ابو الفهد انه بعد الجولة في بستان الدار تفتح نفسي واتوحم على رمان او عنب او تين، كان الله يرحمه يردد "الجود من الموجود" اقنعي نفسك يا عائشة بحبة تين مشطبة، بقطف حصرم حمّاضي مزرّق، ولكن هيهات ان تختفي حبات اللوز من مخيلتي، خفت ان ما اكلت اللوز تطلع وحمة في صباح او خد مولودنا المنتظر بشكل قلب لوز تشوه منظره. بدون طول سيرة ركب ابو الفهد الفرس الاصيلة وتوجه الى سوق عكا وعاد مع صلاة العصر يملأ الخرج لوزا يابسا، قال من تعبه "كلي لوز حتى يطلع من مناخيرك"، "مطرح ما يسري يمري"، لم يقل حرام "مطرح ما يسري يهري"، وغشغشت من الضحك حتى دمعت عيونها، تذكرت المسكينة عز ديارها قد ما كان مستتها ومدللها.
في كندا يا ابن عمي محرومين من ثمار بلادنا بعد ما حرمنا من ريحة بلدنا، الفلسطيني مثل الذهب العصملي عمره ما بتغير لونه وما بنسى اصله، حفيدي محمد ابن الفهد سمى ابنته البكر فلسطين والوسطاني فهد على اسم والده وقريدة العش سماها مثل الكنديين باسمين، عائشة على اسمي وبروة "بيرفا" في الكندي على اسم بلدنا المهجرة، بصراحة لم يعجبني مناداتها بـ "بيرفا" خفت اللقب ينسيهم اسم بلدهم.
في المطار نشفوا اولاد الحرام ريقي بعد ما عرفوا انك ابن عمي، شفعتلي شيخوختي وجنسيتي الكندية المزورة. عملت حسابي على زوم البهدلة في المطار عند اولاد الشياطين ولكن كل شيء يهون امام شوفتكم والحج الى بلدنا حتى ابوس ترابها وازور قبور امواتنا قبل ما اموت. يا ترى بقي شيء من اثرنا في بلدنا؟
- هولاكو مر من بلدنا يا ابنة العم، لم يبق حجر على حجر من البيوت، على ارض الجامع المهدوم بنى التتار اصطبلا للبقر وحولوا اطلال الكنيسة الى مرقد لطرشهم، مقابر اجدادنا بقيت شاهدا على الجذر والعصر، على فكرة الرمانة اللفانية المزروعة امام بوابة داركم عصية على الموت والفناء، تنتظر الغياب، قصفت من اغصانها وزرعت ريف رمان حول دارنا، رمان دار ابو الفهد مزروع في ارض الوطن، نعستي يا ابنة عمي قومي استريحي، سنسافر مبكرا الى بلدنا المهجرة.
يعني رايحة اعرف انام، بروتي في حضني.
نامي والصباح رباح يا ام الفهد.

#احمد_سعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات