|
حركة 20 فبراير وأصدقاءها الأعداء
علي المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 15:42
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بغض النضر الى ما الت اليه الاوضاع الاجتماعية و السياسية في بعض البلدان التي سميت ببلدان" الربيع العربي"، بعدما انهارت الانظمة السياسية الحاكمة بهذه البلدان، تحت ضغط من الشارع الملتهب و انتفاضة الشعوب، يبقى السابق لاوانه الحكم على هذه التجارب و حشرها في ثنائية النجاح او الفشل، وكذلك من الخطأ منهجيا تفسير ما حدث و مايحدث قياسا على جهاز مفاهيمي سابق و هو ما يؤدي عادة الى استخلاصات عقيمة تفوت الفرصة على فهم و استيعاب مايحدث وبلورة الاجابات المناسبة في اللحضة المناسبة. فاذا ما احتكمنا الى السيرورة العامة لتطور الصراع الطبقي في اي مجتمع، لا يسعنا الا ان نقول : تعم نجحت الانتفاضة التونسية و نجحت الانتفاضة المصرية و نجحت كل اشكال التململات النضالية و الانتفاضات التي عرفتها بلدان "الربيع" في مستويات معينة كما خفقت في مستويات اخرى و هذا امر طبيعي، نجحت حين اخرجت الجماهير الى الساحات و الشوارع لنكتشف نحن معها الحقيقة العظمى ان قوة الشعوب لا تقهر، و ان صرخة مواطن مقهور في الشارع العام في لحظة ما تصبح اقوى و أجدى من دزينة من المقالات والبيانات النارية، نعم نجحت حين اخرجت المتربصين من جحورهم، و كشفت وجهم الحقيقي امام العالم بعد ان سلوا سيوفهم في وجه من كانوا حطب الثورة بالامس، نجحت ايضا حين كشفت حقيقة انظمة على راسها حكام و من طول فترات حكمهم واستبدادهم صار يبدو لهم وكأنهم ورثوا شعوبا عن اسلافهم يحق لهم التصرف فيها وكانها تركة مسجلة باسمهم و باسم عائلاتهم، قبل ان يطارد منهم الهارب و يحاكم المخلوع و يسحل المجنون و البقية لا تعرف ماذا يخبئ لها قدر الشعوب، كل هذا سيسجل بمداد من الفخر في ذاكرة الشعوب و ستذكره الاجيال القادمة كما نذكر نحن الان بطولات المقاومة المغربية في الاطلس و في الريف في معركة المطالبة بالاستقلال، و نقف اجلالا لشموخ روادها. رغم فشلها السياسي، هكذا يسير التاريخ فالشعوب لا تخطئ و لا تفشل انها مسألة وقت معادلة تؤول الى حلها على محور الزمن طال هذا الاخير او قصر، و ان كان هناك من فشل فهو فشل في مستوياته السياسية تتحمل مسؤليته تلك التنظيمات و القيادات التي جعلت من نفسها ناطقة باسم الجماهير وحاملة لمشروع التغيير كما تدعي، مسؤولية ايضا تلك النخب المثقفة كما يحلو لها ان تسمي نفسها دعاة التقدمية والحداثة و الداركين بخبايا الامور و هم الذين عجزوا على استيعاب ما يحدث من حولهم من تحولات عميقة ا تمر منها مجتمعاتهم . الان وبعد مرور اكثر من عامين على انطلاق الحراك الشعبي بالمغرب تحت راية حركة 20 فبراير التي وضعت المغرب في سياق المد الشعبي في محيطه الاقليمي، قيل الكثير حول الحركة من مؤيدين مباشرين ومن مهاجمين دعاة "الاستقرار" و من داعمين "متعقلنين"، وسكت البعض عن الكلام، اختلفت المنابر و اختلفت الاهداف في قراءة الحركة لكن الظاهر انها لا تعبأ بما يقال حولها فقبل ايام وحين كانت الحركة تستعد لتخليد ذكرى انطلاقتها الثانية باشرت وسائل الا علام وخبراء اخر زمن بنصب خيم التعازي وهم ينعون الحركة، في هجمة شرسة كان رأس حربتها اقلام مسمومة وخبراء مشبوهين، لكن المفاجأة ان الحركة ستنبعث من رمادها وستعود بشعاراتها القوية الى الشارع و معها قاعدة جماهيرية لا يستهان بها، هذا ما حدث يوم 24 فبراير لتتدخل اجهزة القمع من جديد خوفا من عودة الحركة الى بريقها في محاولة يائسة لحسم المسالة بالهرواوات و الاعتقالات و هو ما ستفشل فيه بالطبع. هكذا صارت الحركة او على الاقل ما تبدو عليه للبعض ذلك الشئء الغير مفهوم ، لا الاعداء نجحوا في قتلها و لا الشباب الثائر والاصدقاء استطاعوا تثويرها، في الواقع هذا الوضع يجد مبرراته في تناقضات الزمن السياسي المغربي برمته والمحيط الاجتماعي و السياسي الذي تقاوم من داخله الحركة، حيث نجحت في تعرية جزء منه، واكتشفت معه الجماهير الشعبية اي طينة من المعارضة السياسية ( داخل المؤسسات او خارجها) تلك التي تملأ الدنيا ضجيجا في مهرجاناتها الخطابية وفي المواعد الانتخابية و المظاهرات العمالية، هي نفسها التي ابدعت حين قررت الدعم من بعيد و الجلوس على كرسيين، موقف ينطوي على الانتهازية و التخاذل و ضبابية التصور لمرحلة المد الشعبي و كانت النتيجة هي عزل كل الاطارات المناضلة عن الحراك الشعبي من نقابات و اطارات حقوقية... و حرمان الحركة من عمقها الشعبي بشكل عام و العمالي بشكل خاص، ليس المطلوب هنا من هذه القوى ان تكون طلائعا ثورية و ان تغير من تصوراتها لتصبح كذلك، بل المطلوب منها ان تكف عن لعب دور لا يليق بها فمطالب الحركة كانت واضحة و الجزء الاكبر منها مدون في كراسات و برامج هذه الاحزاب منذ سنين دون ان يرى النور ويترجم في ممارستها او نشهد من جانبها معركة ضد النظام في محاولة لتحقيقها، و حين أخرجت الحركة هذه المطالب الى الشارع عادت هي الى الوراء و تنصلت منها و أحدثت مجالس مشلولة بدعوى دعم الشباب وكانهم غير معنيين بالانخراط المباشر في الحراك و تحمل المسؤلية السياسة في ذلك. ان هذه الممارسة تكاد تكون عنصرا ثابتا في الثقافة السياسية لدى هذه القوى ساهمت و منذ عقود في تمييع و افساد الوعي الاحتجاجي لدى الجماهير الشعبية، وهي خدمات لا تقدر بثمن في لحظات احتداد الصراع بالنسبة لنظام فاقد للشرعية. و الخلاصة ان هؤلاء هم من يشكل جدار المنع امام كل تطور للوعي السياسي و الاحتجاجي للجماهير الذي تحاول حركة 20 فبراير ترسيخه و قد نجحت الى حد بعيد في ذلك، فالانتفاضات و الاضرابات المنتشرة على ربوع الوطن (زايو، ميدلت، ...) ماهي الا امتداد لثقافة الاحتجاج الذي زرعت بذورها الحركة، تنبئ لا محالة بافق خارج حسابات النظام ومعه هؤلاء.
علي - طنجة
#علي_المغربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد على مقال -حركة 20 فبراير إلى أين - لصاحبه اليزيد بن بركة
-
عولمة مبيدة للجموع الغفيرة ..تطهير عرقي
-
إلتماس المغاربة بالإسبان
-
مغرب البشاعة الإنسانية
-
مغرب المقبرة
-
عن الحب و الموت / قصيدة للشهيد الشيوعي المغربي عبد اللطيف زر
...
-
المغرب وطن مقابر الأعمار الصغيرة .
-
المغاربة المنحورون من الرقاب
-
مغرب المقابر
-
مغرب مقبرة القراء
-
مغرب مقبرة للأعمار الصغيرة
-
المغاربة المحرومون
-
المغاربة المذبوحون أحياء
-
المغاربة المنحورون
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|