|
الحب وفقا لماركس
خلدون جاويد
الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 13:01
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بقلم : لارس بيكهسكوف
ترجمة : فارس العبدلي و خلدون جاويد
قامت الماركسية على الرسالة المسيحية ، القائلة بأن تحب لغيرك مثلما تحب لنفسك ، وبذات الوقت رآى كارل ماركس ان الحب بين شخصين هو قوة مذهلة وثورية . لقد نبعت النظرات الماركسية من الرسالة المسيحية بصدد حب المرء لاخوانه في الانسانية . ويتعذر وجود نظريات كالاشتراكية في المجتمعات غير المسيحية . كما تعاطف ماركس كثيرا مع البؤساء والفقراء الذين عانوا من نير التصنيع في انجلترة ، فكان نضاله مع الفقراء نضالا مسيحيا . أراد ماركس أن يقضي على المعاناة الانسانية . كما أراد أن يقضي على المجتمع الرأسمالي الذي يعتمد المنافسة الحرة واستغلال الفرد للآخر، فيجعل حب المرء لأخوانه في الانسانية مبدأ مستحيلا . كما أراد أن يخلق مجتمعا يكون فيه حب الآخرين هو الأساس وليس المعاناة . ومن جهة اخرى ، فان ماركس لم يكن مسيحيا البتة وهذا مايقوله الاستاذ الدكتور هانس يورغن تومسن من معهد الدراسات التاريخية في جامعة اوغهوس . لم يكن لماركس أية تصورات حول مستقبل العلاقة بين الناس في المجتمع الاشتراكي ، وقد ترك هذا المجال للآخرين . كما لم يكن هناك أي وصف في كتبه ، للعلاقات الانسانية أو عن أي حب للمرء لأخيه الانسان في مرحلة مابعد الثورة . فقد رآى ماركس أن الزمن كفيل بتبيان ذلك . يقول هانس يورغين تومسن : - ان ماركس لم يشأ أن يعطي طابعا طوباويا. لقد اعتبر اشتراكيو السبعينات ، على وجه الخصوص ، ان أساس الانسان في مفهوم ماركس هو الخير وحب الآخر . أو أن حقيقة الطبيعة البشرية لدى ماركس هي توخي الخير لبعضنا البعض . يجيب هانس :- ان ذلك هو مفهوم خاطئ. فقد كان ماركس متفقا مع المبدأ المسيحي القائل بوجوب هيمنة رسالة حب الآخرين على أنانية الانسان وحسده ولؤمه . وعلى الاشتراكية ان تمثل اجراءات وتدابير اقتصادية سياسية وعملية تتمكن من القضاء على الضغينة وخلق مبدأ حب الآخرين . لقد تجامع الجناح اليساري في السبعينات يمينا ويسارا ، فتبادل الحبيبات والجنس الجماعي وهو يعزو ذلك الى المثل والمبادئ الاشتراكية . وكذا مارس أصحاب ماركس ، لينين وانجلز، هذه النظرية القائلة ان ليس على وسائل الانتاج فقط ان تكون مشتركة ، وانما ان تكون متعتنا ، نحن الذين نعيش في وحدة كبيرة ، مشتركة أيضا . كان التصور أن الانسان في المجتمعات البدائية – النظرية الطوباوية – قد عاش بشكل جماعي فتشارك في كل شئ حتى في الحب . وحتى حق الملكية الذي أوجده الانسان في مرحلة تطورية خاطئة ، يجب أن يكون مشتركا أيضا . يقول هانس يورغن تومسن : " لم تكن نظرة ماركس هكذا ، كما ان تبادل الزوجات والجنس الحر لم يكن صادرا عن نظرياته البتة ". ويضيف هانس " من بين الاشتراكيين ، اليوم من اعترف بضلال ذلك . لقد خلق ستالين الفوضى لأنه أراد أن يجعل أدوات الانتاج جماعية ومشتركة ، فتصور أنتَ الحالة فيما لو أراد جعل الحب على ذات المنوال " كان ماركس ذاته عاطفيا في عشقه للنبيلة جيني فون وستفالن . وهذا ما أظهره في رسائله الغرامية المشبوبة التي وجهها الى جيني ابنة مدينته تيرير في المانيا ، والتي فاز بها . فتزوجته جيني بالرغم من مخاوف عائلتها من انحدار منزلتها الاجتماعية . الاّ ان ماركس وجيني عاشا سوية حتى الموت ، وأنجبا أطفالا ، لكن حياتهما كانت قاسية وغير سعيدة وذلك بسبب ابعاد ماركس وطرده من مكان لآخر . يقول هانس تومسن : " رأى ماركس قوة عظيمة ، بل ثورية أيضا ، في الحب مابين شخصين . فانه لمجرد أن يرغب اثنان ببعضهما فانهما يحطمان كل القوانين والاصول الاجتماعية ، وهذا ماتمثل في حب ماركس أو في روميو وجولييت شكسبير . وطبقا لماركس ، فان للحب تأثيرا حضاريا على الانسانية ، وهو في نظره ، مفهوم بالغ الأهمية . وهنا يذكر هانس تومسن مثالا من دانمارك اليوم : نحن نرى قوة التمرد في الحب ،عبر انتفاضة الجيل الثاني والثالث على عادات آبائهم المغتربين ، وذلك فيما يتعلق بالزواج المتعارف عليه والذي لم يحظَ بالقبول . فتغدو هنا الانتفاضة الثقافية مشروع حب ذا قوة بالغة في حياتهم . لم ينشغل فكر ماركس ، وعلى وجه الخصوص بمسألة الحب لأطفالنا . كما انه لم يتضمن موقف لينين من جماعية الحب ولا موقفه من أطفالنا بالذات . وعلى كل حال وجدت هذه الفكرة قبولا واسعا في الدانمارك أكثر من أي بلد آخر . لقد طبق لينين تقليدا في روسيا مفاده ان المجتمع يجب أن يهتم بتربية الأطفال . ان الكثير من النظريات التقدمية ، ومن ضمنها أيضا علم تربية الأطفال في الدانمارك ولسنوات خلت قد انحدرت من الحقبة السوفيتية . وكانت النظرية حتى ماقبل الشيوعية تقول ان كل شئ في المجتمع كان مشتركا – وبضمنه الحب والمسؤولية . يقول هانس تومسن " اعتدنا سابقا في الدانمارك ، على أن ينظر المربون باستصغار الى الوالدين ، اعتقادا منهم بأنهم الأفضل في تربية الأطفال . وعلى أية حال فقد اختفت ، هنا في الوطن ، فكرة الغاء حق الملكية للأطفال . " مع ذلك ، فقد أفرد ماركس حيزا واسعا للأطفال في كتبه ، وتضمن الكثير من أجزائها حوادث أصابت الأطفال الانجليز العاملين في المناجم . ومن خلال النظريات الماركسية ، لايعتقد هانس البتة أن ماركس يتفق مع اسلوب الدانماركيين في تربية أطفالهم . ويضيف هانس قائلاً : " ان الأطفال هم ضحية هذا المجتمع الدانماركي ، وذلك بسبب الميل الى فكرة جماعية الحب . ان هذا الميل هو ضد النظريات الماركسية . ان كلا الأبوين يؤثران وضعهما الاقتصادي ومستقبلهما على حبهما لأطفالهما ، وهذا محط سخرية ماركس .. لقد دخلت النساء سوق العمل للحاجة العملية ولرغبتهن ، وبذا فانهن يتركن اطفالهن لدى مربيات يتقاضين اجورا وذلك لتعويض حب الوالدين ...وينتهي هانس تومسن الى القول بلا أهمية مايعتقده الآباء الدانماركيون ، فالأطفال هم الخاسرون . ***********
#خلدون_جاويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراقيون وأدب الرسائل العاشقة - عبد الغني الخليلي نموذجا
-
هل ستبقى ليلى بلا ذئب ؟
-
اللآقاعدة الفكرية في العراق ستكون هي القاعدة الذهبية
-
الشاعربدر شاكر السياب .... هل هو من جماعة القاعدة ؟!
-
الجواهري روح العراق وعنفوانه الفكري والعاطفي ...هل سيعمم شعر
...
-
الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن
-
كتابات في الحرية ألمعية الأديب في كسر القاعدة والمسلّمات
-
اوروك والتاو الصيني والآخرون
-
قوس الفلسفة في قزح الشعر
-
أُمهات البلاد الحبيبة
-
الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس
-
على هامش الفلسفة الوجودية
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|