|
عشر سنوات.. والعراق جريح
كاظم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 15:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرت عشر سنوات على غزو العراق واحتلاله.. عشر سنوات عجاف انتهت واستمرت أخبارها تتجدد مع ذكراها في مثل هذه الأيام من كل عام طيلة عقد كامل. لم يتعظ منها بما يناسبها، كما يبدو واضحا الآن، لا العراقيون ولا غيرهم من العرب خصوصا. وكأن ما حدث لم يحفر وقائعه الصارخة ويترك دروسه التاريخية ولم يقدم حتى لمن لا يبصر أو يمتلك بصيرة آثارا كارثية لم يتخيلها حتى من يقرا الأبراج. حين غزت قوات الاحتلال الأمريكية وأتباعها وبالأساليب التي تمت وأبرزها التخريب والتدمير والقتل والتفتيت والتضليل كان الحديث يجري على أن إعادة اوضاع العراق إلى طبيعتها، بعد كل ما حصل، يحتاج إلى عشر سنوات. وها قد مرت السنوات والحال ينطق بمأساته والأسئلة، ماذا أنتجت ولماذا وما هي ثمارها؟. بكل وضوح وبلا تردد أنتجت تلك السنوات ما تعمدت إدارات الاحتلال تنفيذه وما زالت آثارها ماثلة وواضحة وموثقة تصرخ بكل من يتعامى عنها، رغبة واختيارا أو جهلا وقصدا. لكن بعض وسائل الإعلام تحاول استقراء ما جرى وتذّكر به، سواء بالرأي أو بالتحقيقات والتقارير الإعلامية فتعيد للسنوات التي انفضت بعض تداعياتها وآلامها وأحزانها. فقد سجل بعض الآراء عن دروس لإدارات الاحتلال في واشنطن ولندن خصوصا، معتبرين منها، بينما لم يستفد منها ضحاياها وذوو قرباهم أساسا. فبعد قرار الحرب على العراق ومن ثم احتلاله جرت أحداث كثيرة وكان من بينها ما حصل في الانتفاضات والثورات العربية والتي أطاحت وغيرت كحد أولي بالعديد من رؤساء البلدان العربية. أشارت افتتاحية صحيفة الفايننشال تايمز (4/3/2013 ) بعنوان "دروس من العراق بعد مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب". إلى انه " ما زال شبح هذا القرار المصيري يخيم على الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بعد مرور عشر سنوات على غزو العراق". وهناك سؤالان يجب الإجابة عليهما، هل كان غزو العراق مبررا؟ وما الذي تعلمناه من ذلك؟ والإجابة عن السؤال الأول هو "لا" مع أن صدام كان طاغية وسجله في الكويت وضد الأكراد يشهد على ذلك ولعل هذا ما أقلق الغرب. وذكرت الصحيفة إن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالغا في الحديث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، ليتورطا في صراع دام 8 سنوات. ورأت الصحيفة إن "غزو العراق يعد من أكبر الأخطاء الدبلوماسية ما بعد الحرب العالمية الثانية". أما بالنسبة للدروس التي تعلمت من هذا الخطأ الكبير فهو "الحذر من إرسال جنود إلى ساحة المعارك"، "ففي ليبيا، تمت المشاركة عسكرياً من خلال الضربات العسكرية الجوية والضربات العسكرية البحرية مما قلل خسائر في الأرواح من قوات الناتو ومن المدنيين"(!). في صحيفة الاندبندنت (5/3/2013) كتب دومنيك لوسون تحليلا عن العراق تحت عنوان "بناء الدولة عمل أحمق قبل العراق، وهاهو الآن يثبت أنه كذلك من جديد". وأورد "إن المستعرِبة البريطانية "غيرترود بيل" هي التي رسمت خارطة العراق عبر وضع خطوط مستقيمة ورمت بالسنة والشيعة والأكراد والمسيحيين تحت حكومة ملك واحد ظنت أنه سيكون مواليا لبريطانيا". واضاف "كانت بريطانيا تريد أن يكون العراق نموذجا للشرق الأوسط في مطلع القرن العشرين، تماما كما ظن الرئيس جورج بوش أن الديمقراطية التي فرضتها الولايات المتحدة على العراق ستكون نموذجا للمنطقة ككل مع مطلع القرن الحادي والعشرين". ومن سخرية القدر أن يظل المشترك في جريمة الحرب والاحتلال طليقا ومصرا على ارتكاباته رغم كل ما حصل وجرى. توني بلير صرح ( في 26/2/2013) معترفا إن حياة العراقيين اليومية لم ترق إلى ما كان يتمناه، عندما قرر غزو العراق قبل عشر سنوات. وقال في برنامج تلفزيوني بمناسبة ذكرى غزو العراق، إن "تحسنا ملحوظا" طرأ في العراق، إلا أن الوضع "ليس في مستوى التطلعات"، مشيرا إلى الهجمات "الإرهابية" المتكررة. اقر بلير أن قضية العراق تبقى خلافية، قائلا: "لقد اقتنعت منذ مدة بعدم جدوى محاولة إقناع الناس بأن القرار الذي اتخذناه كان صائبا". وأضاف أن فهم تعقيدات القرار له أهمية بالغة لأن العالم يواجه اليوم مشاكل مماثلة بشأن سوريا وإيران، موضحا "ما أحاول أن أقنع به الناس اليوم هو فهم مدى صعوبة اتخاذ القرار. فإذا لم نفهم لا يمكننا أن نتخذ القرار الصائب، بشأن جملة من المشاكل المشابهة ستثار في الأعوام القليلة القادمة، فلدينا واحدة في سوريا اليوم، وأخرى في إيران غدا، والقضية هي كيف نجعل العالم أكثر أمنا". ( اقرأ امن الكيان الإسرائيلي والهيمنة على منابع النفط والغاز).! الوقائع والحقائق المذكورة أعلاه رغم لغتها وخطابها الغربي المقصود في الأغلب والمطلوب تعميمه إلا أن الأمر يتطلب أيضا فهمها بروح المواجهة والخروج بعد تلك السنوات بانجاز مهمات مرحلة تحرر جديدة، تستند إلى الإرادة الوطنية وتبني دولة، عبر العمل الجدي على: - تعزيز الوحدة الوطنية بين القوى السياسية الوطنية والجماهير الشعبية، صاحبة المصلحة بها، وبالتغييرات التي تخدم مصالحها وتساعدها على العيش بحرية وكرامة. - وضع منهج عمل تغييري لإعادة بناء التجربة السياسية العراقية وإدارة الدولة العراقية على أسس الديمقراطية والياتها المعروفة، وبمشروع وطني جامع. - بناء مؤسسات دولة حديثة، وإقرار مبدأ سيادة القانون وعلى قاعدة المواطنة. - إصدار قوانين تلغي الطائفية السياسية، والمحاصصة والإقصاء والتهميش، وإعادة صياغة القوانين العراقية الأخرى بما يحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. - مكافحة كل أشكال الفساد الإداري والمالي والسياسي والقيمي، واستخدام الثروات العراقية بشفافية ولخدمة التنمية للشعب وتوفير ضرورات الحياة للمواطنين. وبذلك تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية السياسية. - دراسة تقييم التجربة الماضية، خصوصا منذ عام 2003 والى الآن، واستخلاص العبر منها وتطوير وتحديث ما يتطلب منها، وإخماد صواعق التوترات الاجتماعية واللجوء إلى العنف، وأية مؤثرات خارجية في الصراعات الداخلية ومن خلال تلك التجربة.
#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد عامين.. الى اين؟
-
قمة تقسيم العالم العربي
-
عدم الانحياز وحكم القانون
-
الوحدة الوطنية صمام الاستقرار
-
غائب وغالب
-
صراع القهر وعبد الصبور
-
إدريس والعالم
-
تنوير العقل عبر ثقب إبرة
-
يتكلمون بغير ألسنتهم..!
-
الشاعر عبد الوهاب البياتي
-
حدود مستباحة
-
أمريكا: كشف المستور
-
غائب طعمة فرمان... روائيا
-
بعد كل تلك السنوات العجاف
-
محاكمة بوش وإدارته، درس ضروري
-
في رحاب الجواهري
-
صراع الإرادات في المشهد السياسي العربي
-
تكامل الشخصية في أدب غسان كنفاني وحياته
-
الطبقة العاملة العراقية ووضعها الاجتماعي والاقتصادي
-
الثورات العربية والتحديات القائمة..!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|