|
الاسلام في الفكر المسيحي
تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)
الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 12:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر الاسلام واوروبا المسيحيه متصادمين بشكل متقطع في شبه حرب او حر ب كامله منذ زمن الحروب الصليبيه وهناك اناس في دولة الاسلام ودولة العالم المسيحي يريدون استغلال هذا التشابك في حروب مقدسه بين حضارتين غير متجانستين منذ القدم حول مسالة ايديولوجية الدين وقد تبادل الطرفان على مر العصور ووصولا الى عصرنا الحالي التهديدات والتلويح باستخدام قوة الخراب والتدمير عبر وسائل متعدده تفرضها طبيعة الحياه السياسيه او التنافس على احراز مصلحه او غايه او عبر استغلال حدث والاهتمام به والعناية والحرص في ابراز مخاطره ومن ثم التدخل باعتباره حجة او ذريعه لاستعمال القوى المتعدده الاتجاهات والتعامل مع حكوماتها بشيء من الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري وغالبا ما تكون عبر صفقات سياسيه اعتمادا على منهجية الربط والمقايضه حسب سياسة كيسنجر وزير خارجية امريكا في فترة السبعينات وكان قبلها يشغل منصب مستشار الامن القومي الامريكي حيث عمل عبر زياراته في منطقة الشرق الادنى بشكل خاص على سياسة الابتزاز وتقديم خطوه للعرب مقابل الحصول على عشر خطوات لاسرائيل من خلال توسيع الفجوه والتباعد بين الدول العربيه ومواقفها من القضيه الفلسطينيه واحتلال اسرائيل لاراضي من مصر والاردن وسوريا ولبنان0 وعلى مدى عشرات السنين الماضيه كانت العلاقات الدوليه تتحدد ضمن سياق تنافس القوى العظمى آنذاك بين الشرق والغرب- الاتحاد السوفييتي والولايات المتحده الامريكيه اللتان تجنبتا التصادم فيما بينهما من خلال اقتسام اماكن النفوذ في العالم والاتفاق غير المعلن رسميا بينهما على عدم الوصول الى حالة الخيار العسكري تجاه القضايا المعلقه بينهما 0 وفي فترة ما بعد الحرب البارده بين الطرفين كان لا بد من خلق ازمة لاثبات الوجود او تذكير العالم ان القوى العظمى لا زالت موجوده وعلى الجميع السمع والطاعه00!!فكان العالم الاسلامي هو محط انظار الولايات المتحده الامريكيه وبعض الدول الغربيه المقربه لواشنطن واعتبار ان الاسلام هو التهديد القادم لهم وان صداما وشيكا سوف يحدث00وتعالت في عواصمهم هتافات مثل:المسلمون قادمون0 وقد شارك الساسه والمثقفين والاصوليين المسلمين عبر التصريحات في وسائل الاعلام في عزف لحن الاسلام والدول الكافره منطلقة من جهة ان الاسلام يدعو الى الجهاد المقدس وتحرير الشعوب من الضلال والفساد والانحلال الخلقي وكلها تتعلق بما تظن شرائح واسعه وبارزه في المجتمع الاسلامي لكنها بالتاكيد غير منبثقه او صادره من جوهر الدين الاسلامي ودعوته الى الكره والحقد على الشعوب غير الاسلاميه 0واستمرت الحوادث السياسيه في العالم الاسلامي والغرب من خلال التصريحات والتعليقات من جانب زعماء هذه الدول وحكوماتها واصحاب الفكر وصناع القرار البارزين في اشاعة مثل هذه المفاهيم التي تنذر بصدام وشيك بين الحضارتين0 وقد كان للاحداث التي جرت في مناطق العالم الاسلامي الاثر الكبير في ابراز مثل هذه المفاهيم من خلال الاضطرابات السياسيه التي كانت تحدث في مناطقه وصدام هذه الجماعات مع حكوماتها وبالتالي اضطرارهم او دفعهم الياس الى الهجره خارج اوطانهم وتوزعهم في الولايات المتحده الامريكيه وبريطانيا والمانيا وتشكيلهم هناك احزابا وجمعيات تحت مسميات مختلفه لاقت لسنوات طويله رواجا ودعما وحمايه وتوجيه من حكومات واجهزة امن واستخبارات هذه الدول واستعمالها اخيرا كوسائل ضغط واثارت الحوادث والصراعات في بلدانهم مثلما حدث في الازمه الافغانيه والمساله الجزائريه وفي الاصوليه المصريه واخيرا العراق حتى وصل الامر الى الاعتقاد بأن صداما وشيكا سوف يحدث بين العالم المسلم والغرب وقد انعكس ذلك في امريكا واوروبا من خلال عناوين مثل حرب مقدسه تتجه نحوهما والجهاد في ارميكا والاستجابه اخيرا الى ان الغرب المسيحي يعتبر ان الاسلام يشكل تهديدا عالميا لهم وهو عدو تاريخي تتعارض ديانته وايديولوجيته مع ديانة الغرب ومنهجيته للحياه ونظرته للدين وتاييد النظم العلمانيه والحيلوله دون وصول حكومه اسلاميه الى سدة الحكم تتحكم في مجريات الامور وتصدر احكامها وتطبق قوانينها التي تتماشى مع الحياه السياسيه الاوروبيه واعتبار الاسلام معاد للديمقراطيه وانه او الثقافه العربيه لا تعمل على توجيه وتحويل الواقع المتراجع لديهم الى ديمقراطيه حقيقيه ومن بواعث السخريه او اثارة التساؤل لماذا لم يكن هناك اهتمام من الولايات المتحده الامريكيه والغرب الاوروبي وانتهاج مثل هذه السياسه فيما كان يتعلق بالاتحاد السوفييتي والمنظومه الاشتراكيه في شرق اوروبا؟ علما بأن النظام الاشتراكي كان منغلقا على نفسه نوعا ما اكثر من انغلاق العالم الاسلامي وحصاره لنفسه وكان يشكل مصدر تهديد اقوى واكبر من تهديد العالم الاسلامي مجتمعا كون المنظومه الشيوعيه كانت تمتلك من القوه والقدرات تفوق او لنقل لا تقارن بقوة العالم الاسلامي في تهديد المصالح الامريكيه والاوروبيه او الاضرار بأمنها القومي0فهل كان الحكم الشيوعي اقل استبدادا واقل جمودا من العالم الاسلامي ؟ حتى تساهلت معه امريكا واوروبا ولم تحاربه ام ان هناك تراثا ثقافيا وحضاريا مسيحيا - يهوديا مشتركا كان يربط الغرب المسيحي بالشرق المسيحي؟ وهل نسي الغرب المسيحي الصور التي استقاها المسلمون عن الغرب نفسه بأعتباره التهديد الحقيقي لهم0 فالعالم الاسلامي يرى ان تاريخ الاسلام وتعاملات العالم المسلم مع العالم الغربي هو تاريخ من الغزو والقهر والظلم من جانب قوى توسعيه وهم يرددون الشعائر المعاديه نفسها لكن بشكل معكوس مثل : المسيحيه المقاتله واليهوديه المغتصبه وهي الاسباب الجذريه وراء فشل المجتمعات المسلمه في بناء مؤسساتها وعدم استقرارها كما تبينها الحروب الصليبيه ومحاكم التفتيش في اسبانيا والاستعمار الاوربي بعد انهيار الامبراطوريه العثمانيه وتأسيس دولة اسرائيل على ارض فلسطين واحتلال اراض في مصر والاردن وسوريا ولبنان واخيرا احتلال افغانستان والعراق وتهديد دول اسلاميه اخرى مثل ايران 0كل ذلك يعتبر جزءا من التراث الحي والماثل امام من تعرض للغزو والاغتصاب مهما طالت المبالغه احيانا والمزروع بقوه في ذاكرة الكثيرين في العالم الاسلامي تركت جروحا لا تندمل ولا تبراء ابدا0فاذا كان هناك تهديد اسلامي للغرب المسيحي فأن هناك ايضا تهديد اكبر من الغرب المسيحي للمسلمين وبصور مختلفه منها السياسيه والاقتصاديه والثقافيه والفكريه واخيرا احتلال عسكري مصحوبا بكل ما ذكر دون الفهم ومعرفة الاسباب والعلل الكامنه خلف الخطوط العريضه والسير في طريق الحلول الجديده والاسهام في خلق مناخ ديمقراطي شمولي تسوده لغة الحوار والمناقشه الجاده والاتفاق على التقارب0
#تيسير_خروب (هاشتاغ)
Taiseer_Khroob#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسيحيه في الفكر الاسلامي
-
رحاله غربيين في ديار العرب المسلمين
-
الاسلام الحضاري والاسلام المعاصر
-
الخلافات الامريكيه الاوروبيه..على ماذا...
-
ازدواجية الخطاب الاسلامي واختلاف المعايير الاسلاميه
-
سوريا وتصفية الحسابات الدوليه في ظل القرار 1559
-
الولايات المتحده الامريكيه والمصلحه في اغتيال الحريري
-
اغتيال الحريري والاطراف المتهمه
-
المستوطنات الاسرائيليه والاستثمارات العربيه
-
منهجية ابن خلدون ونظرية التطابق التاريخي
-
دستور الحكم والانظمه العربيه
-
فرنسا والدور القديم00الجديد في لبنان
-
الحريري واغتيال الثالوث المقدس
-
الاداره الامريكيه وما بعد اغتيال الحريري
-
اغتيال الحريري واتفاق الطائف
-
اغتيال الحريري وسياسة تمرير الصفقات السياسيه
-
العنف والارهاب00وسياسة التكفير الاسلاميه
-
هيفاء وهبي00سيقان تغني
-
ايران وسياسة عرض العضلات 0
-
دراسة ظاهرة الارهاب الاسلامي وعلاقة الدين في العلاقات الدولي
...
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|