مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 4028 - 2013 / 3 / 11 - 22:51
المحور:
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
الجسد ..
الجسد الجسد .. منذ الخطوة الأولى منذ القُبلة الأولى ُطردت من " الجنة " !؟
هكذا قالوا لنا ..
ما هذا الظلم والإضطهاد , منذ أن اكتشفت جسدها , أصبحت الأنثى خاطئة مُتّهمة اّثمة وشريرة ؟!! يا للهول
حين قامت تتمتع بجسدها وتحتفل به الذي سيحضن " الإله المتجسّد " في أحشائها التي أرحب من السماوات " ... اتهمت بالتعدي على الحقوق والأوامر .. كيف تم ذلك ؟؟
فقد قدّستها ومجّدتها الديانات والشعوب القديمة في طور امتد اّلاف السنين والعصور ..
من جَعلها ناقصة عقل ودين ؟ من قال أنها ممنوعة من معرفة وممارسة الطقوس الدينية وترأُسُّها أوهي غير قادرة وجديرة وأمينة عليها ؟؟ وممنوع كذا وكذا وكذا.. وحرام كذا !؟ .. فالمرأة نجسة .. المرأة شيطان !؟
يا للرعب وكُساح الذاكرة الشعبية !
ماذا فتكوا ونخروا في نصف المجتمع ورُكنه الثاني ..؟ أي مصيبة لحقت في جسدها وعقلها حتى يومنا هذا ونحن نقيم ونعلن الحملات وراء الحملات والإحتجاجات والكتابات والمحاضرات على استعبادها ورجمها وختانها واحتقارها وإذلال شخصيتها وتشويه واغتصاب جسدها المقدس ..!؟
العالم في انحطاط حقاً وفي منتهى الرذيلة والسقوط والتراجع نحو قاع الجهل والتخلف .. كل يوم يسقط صنم ويعلو صنم اّخر وديكتاتور اّخر سياسي وديني وإنتهازي ..
الجسد .. الجسد !؟
الجسد روح .. طاقة .. جاذبية .. حركة .. حياة .. حب .. جمال .. حرية .. مشاعر .. أحاسيس ..
الجسد زوّد ووهب الحواس الخمس والعقل والتفكير والذاكرة والإرادة
المرأة جسد وروح إذاً , الجسد سيلبسه الرجل والمرأة
العلماء, وداروين شرحوا تطور الإنسان وفسروا هذا الجسد
والكتب المقدسة الدينية لها تفسير مغاير تفسير اّخر .
الدين , اعتبر المرأة أول خاطئة , الخطيئة الأولى ارتكبتها الأنثى أي أول جرم يلصق بالمرأة !؟ ألصق بالمرأة أول إتهام أول سهام أول حَجَر ... وقالوا : هي الغاوية والخاطئة والرافضة والمعتدية - وكان الطرد هو الحكم – مسكينة يا حواء أي جرم ارتكبت في حق نفسك وجسدك لتولد البشرية من أحشائك ؟
إذاً هذا الجسد منذ استفاق وتحرر هو مُتهم .. مُراقب .. مُحاكم .. منبوذ ..مهاجم .
صورة مشوّهة ألصقت بالمرأة منذ بدء الخليقة ب ( التوراة ) لحقتها حتى المماة , كيف ستلغيها الأجيال ؟
هي لم تعلم ولم تدرك أن عصيانها وتمردها ومبادرتها ستبني البشرية بالمحبة والحب لأنها هي الثورة و الفداء والعاطفة
الجسد سكن " الجنة " , منبته الجنة أي الأرض الغناء وخصبها , إذا هو إبن الطبيعة فيه العطر والألوهية
... وكثرت الأمثال والأحكام الرعوية عليها عندما اختلّ وتغير نوع العمل والدور الذي كانت تقوم به ومثلته في قوى الإنتاج ,,, وحين ابتدأت الغزوات والحروب والسبايا والجواري وتعدد الزوجات والختان وتشويه الجسد والإعتداء عليه واغتصابه وإذلاله وحرقه ورجمه ووأده ,, , انتقل الدور من القيادة إلى التبعية والعنصر الأضعف و الضعيف " يا حرام " إمرأة ؟ ولحقها مسلسل اللعنات والإتهامات والممنوعات فانزوت في البيت تتقبل الأوامر والطاعة للسيد ..!؟
... كم صبرت وصُلبت وأهينت واسُتعبدت وتحملت أيتها الفدائية أيتها الشهيدة أيتها المقدسة والقديسة .. !؟
أيتها الأم الاّمرة والناهية والسيدة والكاهنة والنبية والأميرة والملكة والأمبراطورة .. أيتها المُنتجة العاملة الفلاحة الصيدلية والطبيبة الأولى والمربية والحاضنة والقابلة والمعلمة الأولى والأخيرة .. !
..........
الجسد الجسد ؟
حين تذوقت فاكهة الطبيعة , الكرز , التفاح , أو العنب , اتهمت بعدم الطاعة ( لا تأكلا من شجرة التفاح ) فحواء " الاسطورة " - الأنثى فكرت وأخذت القرار أي تمرّدت ,, متمرّدة !؟ فطردت .......
أي أصبحت حرف ناقص !
واستمرّ هذا النقصان حتى اليوم , وهو في ازدياد مع هبوب الرياح الخماسين الصحراوية والرياح القارية الجافة النفطية ,
الصراع سيستمر حتى يسود الإعتدال والرياح الندية والنسائم الربيعة المنعشة .
********
نعود للجسد .. والجنة .. والطرد
أي .. أن المرأة لديها جينات حب المعرفة والإكتشاف , أحبت الإكتشاف ومعرفة ما وراءها , وما طعم التفاح لأنه طال الزمن وهما لايعلمان أين هما , ولماذا هنا , ما هذا السرّ في اللامعرفة ؟ واللاهدف ؟ واللارسالة ؟ وهل ستبقى إلى ما لا نهاية شخصين فقط تائهين في الأرض الجميلة الخصبة ؟ هل ستبقى البشرية مغلقة الأبواب إلى هذا الحد في النسل فقط عدد 2 ؟ لما لا نحاول أن نصبح 3 و6 وووووو ؟؟
لما لا نكتشف الجسد وما في داخل الجسد ؟؟ علنا نفك اللغز ؟؟
فحاولت حواء معرفة السر أي سر الحياة فبادرت متحملة العواقب وكانت الغاية ليس عصيان الأوامر ونبذ فعلها , بقدر ما أحبت الإكتشاف , إكتشاف سر الشجرة وثمارها , فكانت النتيجة أنها اكتشفت سر جسدها وأنوثتها وكانت الحياة و ( الثورة الأولى ), ثورة الحب التي فجرتها ( حواء ) أي المرأة - فكثرت الصفات وانهالت الطعنات والألقاب السيئة عليها ولاحقتها حتى اليوم , فتحملت واستمرت بالإكتشاف اليومي وسبر معنى الحياة والحب والطبيعة والكون فهي جُزء من هذا الكون الفسيح ... وجُزء من قلب الله .. بما تحمل من صفات في قلبها وروحها وعقلها ومشاعرها وأحشائها من فرح وجنان ...
- " إن البرايا بأسرها تفرح بك يا ممتلئة نعمة .... محافل ملائكة .. وأجناس البشر لك يعظمون .. أيتها الهيكل المتقدّس .. والفردوس الناطر .. وفخر البتول .. من هي التي منها تجسّد الإله , تجسّد الإله وصار طفلاً.. وهو إلهنا قبل الدهور.. لأنه صنع مستودع عرشه .. وجعل أحشاءك أرحب من السماوووووووووووات... لذلك يا ممتلئة نعمة تفرح بك كل البرايا وتمجدّك ) . .
هكذا ترنم لها الكنيسة بالأصوات العذبة
هل أرقى وأروع من هذا الكلام , من هذه الترنيمة ؟ من هذا الإعتراف والتقدير للمرأة ودور جسدها في الحياة والوجود على الأرض وفي السماء ؟
المرأة ممجدة ومحترمة دوماً وأبدأً .. لنبدأ صفحة جديدة معها ولتبدأ الثورات الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية هذه الخطوة
.........
حواء المرأة من عبث بصورتها البهية ؟ .. صوروها واتهموها بأنها غير مطيعة سارقة غاوية أي ( متمردة ) يعني ثائرة .... وشبهوها بالحيّة ونسوا أن الحية رمز الحكمة , والدواء – الحية رمز الصيدليات ؟ ...... ( كونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمام )- الإنجيل .
........
..................
في أدبيات وفنون الحضارة الاّشورية صُورت المرأة " حواء" مع الرجل " اّدم " رفيقها واقفان تحت الشجرة *شجرة العنب يقطفان من الدالية العنب و يتذوقا حباته - وعند السومريين شجرة النخيل , وعند الفينيقيين أو الكنعانيين شجرة التفاح - ( شجرة التفاح ) , أي شجرة المعرفة معرفة الخير والشر .... يا لها من أسطورة مجّدت المرأة للدخول في عالم الوعي واكتشاف الجسد , أي بداية الإنسانية والخليقة والخروج من عالم الوحدة والسهو واللهو واللاشئ واللّاّخر ( الجنة بلا ناس ما بتنداس ) , وهكذا أحبت حواء العالم ... " وأحب الله العالم " .. واحب الله حواء لانها تلميذة ذكية ومُحبة ومطيعة وطاقة حب وقد هيأها لذلك - ودشنت الجسد المقدّس - وعبّرت عن عواطفها وعقلها - قبل أن تأتي ( التوراة ) وتلعنها وتطردها وتسئ لهذه الصورة والمشهد الجميل المتساوي في القيمة والجوهر والجمال وتجرّمه و تخطئه وتضع أمامها قائمة طويلة من الممنوعات والمحرمات وتحط من قيمة المرأة وقيمة الحب - الوظيفة والتصرّف الطبيعي للجسد -
مذ تمردت حواء على الجمود والصمت واللاوعي والرومانسية والعالم الهلامي أنتهى الحلم واستيقظت المرأة من نومها الدهري ,, أي استفاقت من ليلها الطويل , ففجرت الثورة ومزقت الحجاب ودانتيل الحواجز للدخول إلى عالم الوعي والنور واليقظة ,, لمعرفة الحقيقة التي خلقت لأجلها .. فابتدأت البشرية بها مع رفيقها الرجل ( اّدم ) حسب الرواية والأسطورة - مشوار الحياة .
فلولا هذه الخطوة المُعدّة لها الخطوة الجريئة من المرأة والرجل معاً لما وُجد العالم إذاً ..
هذا هو المنطق والتحليل الواقعي المنطقي الثوري ( لأسطورة حواء واّدم والجنة ) بمعناها الرمزي , والواقعي العملي , والدور الذي لعبته المرأة والرجل في نشوء البشرية والعائلة الأولى نتيجة تطور وتدرّج الوعي لدى الإنسان البدائي وبناء الحضارات الأولى ودور المرأة الرئيسي فيها ...
فالرسم والفنون والتماثيل والأساطير وهذا التراث الأدبي والديني والثقافي العريق في القدم جاء قبل كتابة ( التوراة ) العبرية وأسطورة حواء واّدم باّلاف السنين , فيجب أن يكون لصالحها ومدحها وليس للعنتها وطردها من الجنة التي ما زالت تلاحقها ( الخطيئة الأولى ) حتى يومناهذا في الثقافة الجمعية لشعوبنا وأدياننا وتتمثل بكل أسف في الميادين العربية أمام الكاميرا والصورة بأبشع اضطهاد ولا مبالاة !؟
الجسد الجسد
فالأنثى , والمرأة هي هي في كل العهود .. مازلت تُقصف كل ساعة بالإهانات والإتهامات والإعتداءات النفسية والجسدية والقتل والأسلحة الفتاكة والتحرش الجنسي لتخويفها وإبعادها عن الساحة والتغيير والدور الجديد لها المكمل لثورتها الأولى لبناء عالم جديد تكون هي والرجل يداً واحدة لبناء المستقبل الجميل الخالي من الطبقية والتمييز والتُهم المُسبقة الصنع ..
***
المرأة .. ثورة في معرفة واكتشاف الأرض والطبيعة والخصب والمواسم والفصول والأسرار , النبات والأعشاب والأشجار , الطقس والمناخ , الضوء والنور والشمس والقمر والكواكب وحركة الأرض ... عند ثورتها أدخلت البشرية في قاموس الأشياء والأسماء والألوان والتوازن , فتكوّن الجنين والالّم والولادة .. فتكونت العائلة والجماعات وبدأ الصراع .. وما زال هذا الصراع يكبر ويكبر من قابيل وهابيل حتى القنانة والإقطاعية والبرجوازية والإستعمار والنظام الرأسمالي العالمي الجديد .. والعولمة والجشع واللصوص والشركات والمافيات العالمية والتجار والمال والأساطيل عابرات القارات وأنظمة الإستبداد وقتل الأطفال ومجازر الإبادة على كرسي الحكم والعصابة والتوريث , أو أو على قاعدة .. وبئر نفط ..والجبال والأنهار .. والممرالبحري .. والمعبد والهيكل والكنيسة والمسجد ... والحارة ..!
****
نحن من هذا العالم
ما زلنا مطرودات من ( جنة عدن ) وممنوعة علينا ثمارحقولنا وأرضنا وجناتنا , لأننا تحرّرنا من الموات والقيد والخطيئة و " ضلع " الرجل والتحرّش والإستغلال والسجن والثقافة الفوقية الذكورية والحلال والحرام والإبعاد والتهميش والإحتقار والتهم ..
.... فلقد تفكك النظام البطريركي الجاثم لعصور وعقود وسنين بعد هذه الثورات الشعبية الجارفة .. وتهاوى الإمبراطور والفرعون والديكتاتور والجلاّد والصنم والعصا ..
لقد استفاقت الشعوب من نومها المُخدّر , خرجت من جحيمها نفضت خوفها ومزقت قيدها ورفضت احتقارها وذلها وطردها من موقعها ودورها وقرارها , صنعت الثورات التاريخية المجيدة .. ودخلت عصر المعرفة والتغيير عصر النور والحرية ..
إن تحرر المرأة من تحرر المجتمع , فلقد انتصر العقل والفكر والجسد والإرادة وانتصرت المرأة لأنها كانت نار ومحرّك هذه الثورات والمتغيرات الجذرية .
أهنئ المرأة في عيدها وثورتها المستمرة لتحقيق المساواة الكاملة
مريم نجمه / أذار , 8 Mart
------------------------------------
حاشية : * في المتحف الوطني لمدينة الموصل – العراق : منحوتة جدارية حجرية ضخمة جداً وكبيرة , لرجل وامرأة واقفان تحت شجرة العنب -
مريم نجمه / أذار
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟