|
حول الدور الرقابي المتبادل بين المنظمات الأهلية والحكومة
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4027 - 2013 / 3 / 10 - 13:05
المحور:
القضية الفلسطينية
حول الدور الرقابي المتبادل بين المنظمات الأهلية والحكومة
بقلم / محسن ابو رمضان
يدور الحديث مؤخراً عن ظاهرة الفساد بالمنظمات الأهلية ، ذلك بعد خبر صدر عن دائرة الجمعيات الأهلية في وزارة الداخلية تم من خلاله الإشارة إلى الاشتباه بفساد عشرين منظمة أهلية منها منظمتين أجنبيتين ،وذلك من أصل 874 منظمة أهلية مسجلة في قطاع غزة . واشار التقرير إلى تهرب بعض المنظمات الأجنبية من الرقابة، إلى جانب الجهد الذي تقوم به الوزارة بالتنسيق مع الاتحادات والشبكات لبلورة نظام للرقابة يعتمد على معايير الحكم الرشيد. يكمن تعريف الفساد باستخدام الموقع والنفوذ لتحقيق المنافع والمكتسبات الفردية ، كما يكمن في غياب آليات الرقابة والمسائلة والمحاسبة، الأمر الذي يعطى المجال واسعاً لتحقيق المكاسب الخاصة على حساب المنفعة العامة . هناك اختلاف بين منظمة أهلية واخرى وبالتالي يجب أن لا يتم وضع جميع المنظمات في سلة واحدة حيث تحرص البعض منها على تعزيز آليات الحكم الديمقراطي الرشيد المبنى على آليات المشاركة والرقابة والمسائلة ، وذلك عبر اشراك الجمعية العامة أو هيئة الرقابة الداخلية المنبثقة منها ، وكذلك تعزيز الدور الرقابي والإشرافي لمجلس الإدارة تجاه الإدارة التنفيذية، كما تلتزم تلك المنظمات بقانون الجمعيات وتعمل على الفصل بين الحكم والإدارة وتعزز علاقتها مع الفئات الاجتماعية المهمشة والضعيفة والتي تعمل مشاركتها أي مشاركة تلك الفئات على تعزيز المسار المبنى على المشاركة والديمقراطية معها ويتم الاستناد إليها ليس فقط في عملية التنفيذ بل كذلك بالمراجعة والتقييم وتحديد الأولويات أيضاً . إن الحيز يعكس ان حالة العمل الأهلي بخير بعكس ما تناولته بعض وسائل الاعلام خاصة حينما يتحدث عن عدد محدد من المنظمات التي يشتبه بفسادها المالي ، كما يشير إلى التعاون مع الاتحادات والشبكات باتجاه بلورة آليات تحفز وتضمن تحقيق الحكم الرشيد المبنى على أسس سيادة القانون الأمر الذي يعنى ثقة الوزارة بتلك الاتحادات والشبكات بدليل اختيارها شريكاً في مشروع يعمل على توفير معايير الحكم الصالح لدى المنظمات الأهلية، كما يعكس ذات الملاحظات التي ترفعها المنظمات الأهلية عن دور و آداء المنظمات الدولية غير الحكومية التي تحاول ان تعلب دوراً من الوصاية ضمن سياسة الإحلال والاستبدال والتي يعمل البعض منها بأجندة مسيسة ولا تستقيم مع الأولويات التنموية المحلية . تمارس الرقابة على المنظمات الأهلية من المانحين ومن الفئات الاجتماعية المستهدفة ومن الجهات الرسمية الحكومية، الأمر الذي تتحقق بموجبه آليات الإدارة الرشيدة المبنية على الشفافية والنزاهة في تلك المنظمات ، ولعلنا ربما نبدأ بالقلق تجاه عمل المنظمات وأدائها وشفافيتها عندما تعطل تلك الآليات من الرقابة وخاصة الرقابة الذاتية التي تشكل الضمان الوحيد لاستمرارية عمل تلك المنظمات وفق أسس مهنية وشفافة وذلك رغم الرقابة الرسمية وغيرها . فالرقابة الذاتية هي الأضمن والأكثر قدرة لاستمرارية الحكم السليم في تلك المنظمات وهي موجودة ومؤثرة وفاعلة علماً بأن العديد من المنظمات الأهلية وهي الأغلب قد وقع على ميثاق شرف وآخر للممارسات المقدم من مركز تطوير المؤسسات الأهلية بما يلزمها بإتباع أنظمة إدارية ومالية تضمن النزاهة وتبتعد عن الفساد. إلى جانب دور المنظمات الأهلية في تقديم الخدمات وتمكين الفقراء والضغط والمناصرة ، فهي من الهام أن تعطى نموذجاً مشرقاً بالعمل النزيه والشفاف ، حتى تستطيع ان تلعب دوراً رقابياً على الأداء العام للحكومة ، وهذا من حق تلك المنظمات وقوى المجتمع خارج السلطة أو الحكومة . لقد ضعف الدور الرقابي للمنظمات الأهلية لأنها أصبحت تقاسي جراء حالة الانقسام السياسي، حيث استهدفت تلك المنظمات على خلفية سياسية في اطار تحجيم حالة الحريات العامة وحقوق الإنسان بما يشمل الحق في تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، هذا الاستهداف ساهم في اضعاف الدور الرقابي والتنموي للمنظمات الاهلية . لقد آن الآوان لاستعادة هذا الدور بغض النظر عن حالة الانقسام فهناك حكومتين واحدة في غزة والثانية بالضفة الغربية ، ويجب أن تخضعا للمسائلة المجتمعية والتي من الضروري أن تكون أحد أدواتها المنظمات الأهلية . فعلى تلك المنظمات أن ترفع صوتها بصورة ديمقراطية وسلمية عن حالة الموازنة العامة وإذا كانت تناصر مصالح الفقراء والمهمشين وتدعم الانتاج أم الاستهلاك ،وعن السياسيات الاقتصادية والاجتماعية وعن العلاقة بين التوظف والتسيس ، وعن مدى استقلالية ومهنية جهاز القضاء وعن التشريعات أو القرارات بفعل القوانين إذا كانت مبنية على رؤية حزبية تعمل على الانقسام أم رؤية مهنية وحدوية وديمقراطية ، وعن حالة الحريات العامة والأداء العام فيما يتعلق باحترام حقوق الانسان بما في ذلك الحق بالرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات ، وكذلك من حقها أن تسلط الضوء على المشاريع الاقتصادية والامتيازات والاحتكارات وهل السوق يخضع للمنافسة الحرة أم للنفوذ السياسي ،وهل تلك المشاريع مرتبطة بالحكومة أم بالحزب السياسي أم بشركات خاصة على علاقة مع القوة السياسية الحاكمة ، والعديد العديد من الاسئلة والتي هي بحاجة إلى تسليط الضوء باتجاه تصويب الأداء وتطويره ليصبح اكثر انسجاماً مع مصالح الفقراء والمهمشين والقطاعات الاجتماعية الضعيفة . لم نسمع عن تقارير هيئة الرقابة تجاه أداء المؤسسات الحكومية، ولم نسمع عن مسائلة قانونية وجادة لأياً من الوزراء ، الامر الذي يعكس غياب آليات الرقابة الداخلية التي بدونها لا يمكن أن يتم تصويب الأداء وإصلاحه وتطويره . لا توجد منظمات أهلية منزهة عن الأخطاء وهذا منطبق على المؤسسات الحكومية ايضاً الأمر الذي يجب أن يعزز الرقابة المتبادلة بين المنظمات الأهلية والحكومة لكي يصبح المجتمع صورة نموذجية للحكم الرشيد المبني على أسس سيادة القانون ، فهناك دور رقابي أيضاً للمنظمات الأهلية من أجل تحقيق معايير تضمن العدالة في توزيع الثروات كما تضمن المساواة وعدم التمييز واحترام الحريات ومبادئ حقوق الإنسان.
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنظمات الأهلية وتحديات التمويل
-
الانتفاضة الثالثة بين الموضوعي والذاتي
-
لقاء القاهرة - اجراءات تعيق القرارات
-
المصالحة في سياق فلسطيني ملتبس
-
سب التصدي لمشكلتي البطالة والهجرة لدى الشباب
-
عن الانقسام وحقوق الانسان مرة أخرى
-
المصالحة الوطنية بين الشكل والمضمون
-
لماذا حملة المقاطعة
-
من اجل البناء على خطوة الاعتراف بالدولة
-
صمود غزة دروس وعبر
-
المنتدى الاجتماعي العالمي ساحة صراع محتدم
-
قطر بين الاعمار والانقسام
-
المنتدى الاجتماعي العالمي انتصارا لفلسطين
-
نحو حكومة ظل فلسطينية موحدة
-
الاحتقان بين السلطة والاحتلال
-
المنطقة التجارية الحرة الفرص والمخاطر
-
أزمة الهوية
-
نحو تفعيل المبادارات المجتمعية
-
مجزرة الماسورة ....وماذا بعد ؟؟؟
-
حركات الاسلام السياسي واهمية التغيير
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|