أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دولة على ظهر حمار !















المزيد.....

دولة على ظهر حمار !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 10:52
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قد يكون عنوان مقالتي هذه يزعج البعض ممن هدهم الانتظار ، وهم يتشوقون لبزوغ فجر حكومة أمريكية بشخوص عراقية ، أخذت الصبر من نفوسهم ، فظلوا يلهثون على مدى شهرين ويزيد ، يضربون الاخماس بالاسداس ، ويرمون باسباب تأخر قيامها على هذه القائمة الانتخابية الفائزة أو تلك ، فمرة كانت قائمة الكرد هي السبب وراء ذلك التأخر ، فقد قالوا إن الاكراد طرحوا مطالب تعجيزية رفضتها قائمة السستاني ، ثم عادوا فقالوا : إن السبب في تأخر اعلان تشكيل تلك الحكومة هو أن قائمة الشمعة تريد للشريعة الاسلامية أن تسود المجتمع ، وأنها لا تقبل حكما لا يقوم على الاسلام ومبادئه ، وثالثة : رموا الاسباب كلها بوجه رئيس الوزراء ، أياد علاوي ، الذي لا يريد المشاركة في تلك الحكومة إلا بمنصبه الحالي كرئيس للوزراء، أما حسنو الظن من كتابنا فقد رموا اسباب عدم قيام تلك الحكومة المنتظرة على الظرف العصي الذي يمر به العراق ، حيث يعيش الشعب فيه بين حرائق الارهاب، ونيران الفاقة والعوز ، وعصي عصابات : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، المستوردة من الجمهورية الاسلامية جدا ، والقادمة من أيام معاوية بن سفيان الذي إذا جلس جلس كرشه على ركبتيه لشدة شربه الخمرة ، أو ايام هارون الرشيد المبراد الذي كان يدثر جسده بالنساء المسلمات عند النوم ، فإذا ما نام نامت امرأتان على جنبية وقت شدة القرّ في بغداد الحزينة أبدا ، والتي أذلتها جيوش الغزاة من كل حدب وصوب ، وفي هذا الزمن أوذاك العصر ، تلك المدينة العصية التي خاطبها شاعرنا الراحل مصطفى جمال الدين القادم من اهوار الجنوب بقوله :
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصرُ = = = إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ
في بغداد الحزينة هذه تأخر قيام الحكومة الأمريكية المرتقبة ، وكان السبب الأوحد والوحيد هو رغبة الساسة الأمريكان في الحصول على فترة زمنية مناسبة ، يدرس فيها دهاة المخابرات الأمريكية ، ونابهو الكونغرس الأمريكي نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرا في العراق ، ويقرؤون عن كثب عقول ونوايا الرجال الذين سيحكمون نيابة عن سادة البيت الابيض في العراق ، وقد ارتكز تحقيق هذه الرغبة على ركيزتين أساسيتين أولهما : الخبرة البريطانية الغنية عن العراق ، حيث حكمته السفارة الانجليزية الجاثمة على سفح دجلة من الكرخ عقودا طويلة، أصغى فيها حكامه على مختلف ألوانهم وأشكالهم ، وعلى أمتداد تلك العقود الى الحكمة الانجليزية المنطلقة من أفواه سفراء الامبراطورية التي لا تغرب الشمس عن مستعمراتها ، أو سفراء تلك الامبراطورية حين غربت شمسها ، وصارت عجوزا تتعلق باستار البيت الابيض الأمريكي . وانا هنا لا أزجي التهم جزافا ، فقد صرح السفير البريطاني الحالي في العراق ، أدوارد شابلن قائلا : " اننا على اتصال مع الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في الجمعية الوطنية العراقية ونقلنا لهم الاراء حول ضرورة الاسراع باختيار رئيس ونائبين له ليقودوا عمل الجمعية الوطنية " ، جاء قول السفير البريطاني هذا بعد أن اكتملت تلك الدراسة ، وتلك القراءة اللتان أشرت إليهما من قبل ، وبعد أن أعلن السيد جورج بوش التعجيل بتشكيل الحكومة في بغداد أمام عراقيي أمريكا في لقائه الاخير بهم ، كما أن السفير البريطاني في تصريحه ذاك لم ينس الاعلان عن مباركته للسيد الجعفري الذي سيتزعم تلك الحكومة ، مثلما صرح السفير ذاته بذلك ، وبعظمة لسانه .
أما الركيزة الثانية فكانت الزيارات المتكررة التي قام فيها أعضاء بارزون من الكونغرس الامريكي لبغداد ، خلال فترة الشهرين اللذين أعقبا ظهور نتائج الانتخابات ، وكان أبرز عضو من بين أؤلئك الاعضاء هي سيدة أمريكا الأولى السابقة ، هلاري كلنتون ، زوجة الرئيس الامريكي الديمقراطي السابق ، بيل كلنتون ، وقد قامت وفود الكونغرس الأمريكي هذه بعقد لقاءات مع السيد ابراهيم الجعفري ، ومع غيره من العراقيين ، واطلعوا عن كثب على نواياهم ، ومكامن عقولهم ، حينها زال الحذر الامريكي على ما يظهر ، وكتبت العهود والمواثيق التي لا يعرف عنها الشعب المغلوب على أمره شيئا ، مثلما لا يعرف عنها اصحاب الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولا يفقهون كنهها ، مثلما يفقهون حكمتهم القائلة : العصا لمن عصت من نساء العراق .
بعد ذاك أفتى الرئيس الامريكي بضرورة قيام الحكومة العراقية على عجل ، مثلما أشرت الى ذلك من قبل ، وكأنه لا يعلم بأن تعطيل قيام تلك الحكومة لمدة شهرين كان بعلم مسبق منه . بعد تلك الفتوى تحركت عجلة تشكيل الحكومة الامريكية في العراق ، فعقد المجلس الوطني العراقي جلسته يوم الاحد المنصرم ، لينتخب رئيسه ونائبيه ، مثلما أراد السفير البريطاني في تصريحه الذي مر في هذه المقالة قبل أسطر ، وكان الثلاثة كلهم ( الرئيس ونائباه ) ، على ما يبدو ، من التكنوقراط الدارسين في الغرب ، أو من الذين عاشوا فيه ، وهذه السمة الأبرز التي ستتسم بها الحكومة المرتقبة ، وقد أشار الى هذه الحقيقة وزير الدفاع الامريكي ، رامسفيلد ، في تصريح قريب له بما معناه : أنهم أنفقوا أموالا طائلة في العراق ، ولا يمكنهم أن يسلموا الحكم في العراق الى حكام لا يتسمون بالسمة التي أشرت إليها أنا في الاسطر القليلة الماضية .
لقد تحقق الكثير مما أشرت اليه أنا في مقالات سابقة عن أمر الحكومة الأمريكية- العراقية المنشودة ، خاصة في مقالتي : الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الأمريكي ، والأعجميان وفوض الحكم في العراق ، وها أنا أكرر هنا ما قلته سابقا من أن الحكومة القادمة في العراق ستكون على ذات نمط الحكومة في كوريا الجنوبية التي تحكمها القواعد ، والحراب الأمريكية ، حكومة يجب أن يصغي رئيسها ووزراؤها للسيد الأمريكي الذي أنفق المليارات تلو المليارات ليغفو بهدوء عند حقول نفط الرميلة ، أو هناك على نسائم ريح شمال رخية عند بابا ?ر?ر ، ممزوجة بأريج النفط الذي يستهوي نفوس حراس الرأسمالية في هذا العالم الفسيح الذي أحاطوا به من جهاته الأربعة ، وعلى هذا فإذا ما سولت نفس حاكم عراقي له معاداة سيده ، أوأظهر تمردا عليه ، مثلما أظهر صدام ذلك ، ومن قبله نوريقا ، رئيس جمهوية بنما ، فإن مصيره العيش في حفرة ، أو الانقضاض عليه في قصره الجمهوري بطائرات الاباتشي انقضاض الصقور ، ساعتها تحمله تلك الطائرات بمخالبها الى سجن تحت الارض ، في ولاية ميامي الامريكية ، مثلما هي الحال مع رئيس جمهورية بنما السابق ، نوريقا ، الذي يقبع الآن في ذلك السجن ، محكوما بثمانين سنة ، بعد أن تمرد ، وهمّ بتأميم قناة بنما الخاضعة للرأسمال الامريكي ، والتي قرّبت المسافة ما بين المحيط الاطلسي ، والمحيط الهادي خدمة لعباد المال في مدينة المال ، نيويورك .
هذه الحقيقة يجب أن يواجه بها الشعب العراقي ، كما يجب أن يعيها الناس في العراق ، وأن يتعاملوا مع الحكومة المنتظرة على ضوئها ، وكل من يرى غير ذلك ، فهو على وهم كبير ، والايام القريبة الآتية أمامنا ستغرد لنا هذه الحقيقة بصوت تراجيدي ما سمعه زرياب حتى !! لكن صديقي الذي أزعجه كلامي هذا قال لي متسائلا : ألا تعتقد أن هذه الحكومة ، على أية حال، أفضل من حكومة صدام في بغداد ، أو الحكومة التي يريد اشادتها الشيخ أسعد البصري في البصرة ، ووفقا لنظريته البالية التي ما أنزل الله بها من السلطان ، والقائلة : العصا لمن عصا ؟ لم أجب عن تساؤل صديقي ، لانني ببساطة لا أملك علم الغيب ، ولكنني ذكرته بكلام لي قد أزعج صديقا فلسطينيا لي حين قلت له : كيف ترضون أنتم الفلسطينيون بدولة فلسطينية منقوصة السيادة ، لا يسمح لكم قيام جيش فيها ، ويكون أمن حدودها بيد اسرائيل ؟ فأجابني منزعجا : اسمع - يا أخي - اننا مللنا من الترحال ، مثلما مللنا من الدول العربية ، نحن نقبل بدولة حتى ولو كانت على ظهر حمار !!



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
- الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
- البصرة وضراط القاضي !
- شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
- الى وزير خارجية العراق ونوابه !
- الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
- قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
- التوافقية !
- المقهى والجدل *
- جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
- ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
- الجلبي يفتي بحمل السلاح !
- أوربا وقميص عثمان !
- الما يحب العراق ما عنده غيرة !
- من أسقط صداما ؟
- ما كان أهل جنوب العراق سذجا يوما !
- نيران الفتنة قادمة من أيران ! سهر العامري
- الجلبي دولة مرشدها آية الله الخامنئي !
- الانتخابات خيط من فجر الديمقراطية في العراق !
- ما بين الجبهة الوطنية وائتلاف المرجعية !


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دولة على ظهر حمار !