|
خطوات عملية لتبشير المسلمين
إبراهيم عرفات
الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 00:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يأتي السؤال: زملائي في العمل مسلمون وأحبهم وتجمعنا أوقات جميلة، ولكني لا أعرف من أين أبدأ؟ لا أريد أن أجرح مشاعرهم ولا أن يغضبوا مني ولكني أشعر برغبة قوية داخلي في أن يتعرفوا على إلهي الذي أحب، أبي السماوي. من أين أبد؟
التبشير ليس في العبارات التي نقولها وحفظناها في الردود على من هم من الطرف الآخر ولكن التبشير هو أنت، بشحمك ولحمك، أنت بكل كيانك، حينما تقابل هذا المسلم وتعرف أنه ليس خصم لك وأنك لست بصدد كسب معركة أو جولة كلامية وإنما كل ما يهمك أن يتراءى له الإله المحبة الذي يكشفه لنا المسيح. يكفيك أن تكون أخًا وصديقًا له والروح سيحركه هو ليسأل فتكون المبادرة جميلة لأنه هو الذي بدأ ويحركك روح الله ويعطيك أباك السماوي ما تقوله في تلك الساعة، وعندها تندهش لأنك ستقول كلامًا يفوق قدراتك الذهنية ومعارفك إذ روح الآب قد تكلم ولا يخضع لمنطقنا أو قياسنا الفلسفي.
التبشير يشبه الحب ذلك أن التبشير هو "خطاب حب": كلاهما لا يقفان عند "ألفاظ" معينة بذاتها بل يتجاوزا الألفاظ لمرحلة التعبير بالكيان كله. أحب بكل كياني وأبشر بكل كياني.
لسان حال البعض من "جماعة المؤمنين" هو: ما أقدرش أمنع نفسي يا محبوب الرب إذا الضرورة موضوعة علي. هابشر يعني هابشر وماحدش يقف في سكتي. شفت كل الناس دول؟ أرثوذكس وكاتوليك ومسلمين؟ كل دول رايحين على جهنم وعشان كدة لازم أبشرهم. وكله معلب وجاهز من الكتاب و"الكتاب بيقول". . يا هانم واصحي معايا لحصة الدين ياختي!
ولمثل هذا أود أن أقول: من قال إن التبشير هو أن تتقيأ كم من أية تحفظهم فوق رؤوس الناس؟ هل تتحدث إلى قلوب الناس أم أنك ماكينة أيات وبكبسة زر تخرج منك أيات الإنجيل؟ لكي تتحدث إلى قلوب الناس لابد أن تستحوز على قلوب الناس أولاً وتجذبها إلى المسيح الساكن فيك. هل تجذب؟ عندك جاذبية المسيح؟ هل كونك تستشهد بالكتاب المقدس وتنقل آيات الإنجيل يجعلك تظن أنك تبشر؟ أنت مخطيء هنا، يا عزيزي، فالتبشير معناه أن تصبح أنت بجملتك "بشارة حية" أمام الشخص الذي تبشره بما لذ وطاب من خبر الله المحبة. التبشير كأي تفاهم؛ لازم يكون فيه إرسال وإستقبال ويلزم أن تتأكد من تفاعل الطرف الآخر مع ما تعرضه من بشرى مفرحة. ما أخشاه إن طريقة عرضك تجعلني أكره المسيحية لأنها ليست بشرى بالمرة بل هي تهديد ووعيد، ترغيب وترهيب؛ وخاصة بأسلوبك السلطويّ التحكمي المزعج وأنت تندفع فوق رؤوسهم بمطرقة الآيات. باختصار، التبشير أن تكون أنت المسيح وليس مجرد أن تحدث الناس عن المسيح.
نعم، التبشير فرض على كل مسيحي ولكن كيف يكون التبشير؟ التبشير يتحقق بأن تفوح رائحة البشارة منا ونجذب الآخرين بكل ما فينا من كيان إلى جمال المسيح. أحيانا الكلام يكون جزء من هذا ليتحقق التبشير وأحيانا يمكنك أن تبشر بحياتك كلها ومع الوقت سيزداد فضول الناس للتعرف على المسيح ويسألونك وعندها تجيب بروح النعمة. ذات مرة استضفت تركي مسلم في بيتي هنا في نورث كارولينا ولم أتحدث عن المسيحية وإنما سألته عن تركيا وتاريخها العريق.. وهو استغرب. هو توقع أني سوف "أصطاده" في بيتي وألقي عليه مواعظي. وقبل أن ينصرف إلى بيته قال: في المرة القادمة أتمنى أن تتيح لي المجال حتى ما أسئلة بعض الأسئلة التي تشغل بالي حول المسيحية. أجبته: تحت أمرك. سأكون سعيد بالحديث معك عن المسيحية وقتما تحب. وبهذا أنا حركت عنده الرغبة ليعرف ودون أن يشعر هو. كانت مبادرته وأنا أعمل في صمت وفي قيادة الروح القدس متكئًا عليه لكي يقود. وعلينا أن نحترس من طريق الجسد والذي فيه ندفع بأفكارنا ونقحمها على الناس وهنا اندفاع الجسد لا قيادة الروح.
الشهادة للمسلمين بالإنجيل، عن المحبة الإلهية، لا يتطلب إليك أن تكون ضليعًا في الكلام أو أن تقدم رصفًا معينًا من التعاليم أو أن تتحف المسلم السامع بـ "عظة تبشيرية" أو "عظة خلاصية". لاتعظ. كف عن الوعظ! المطلوب منك هو أن تعطي المسلم مجالاً كيف يتعرف إليك كـ شخص له حياة إيمانية ويحتك بهذا الإيمان في حياتك فيشع منك الإيمان ويشرق في قلبه ودون أن تدري أنت. المسلم ليس "مشروعًا" تبشيريًا أو "خدمة تبشيرية" وإنما هو نفس حية مثلك ويتوق الله إلى أن يفيض بحبه بالكامل فيها فتعرفه على أنه أب. وكيف يعرف المسلم الله على أنه أبوه؟ بالوعظ؟ كلا! أجمل التبشير هو ما يحدث منك دون أن تدري فتكون كالمسيح إذ تخرج منه قوة تصنع معجزة وتشفي نازفة الدم ثم تعود كالمسيح وتتساءل: من لمسني؟!
دورنا كمسيحيين ليس "تنصير" المسلم ولا هو "مسحنة" المسلم وجعله يتحول عن دينه إلى فريقنا ولكن دورنا هو "إعلان" كلمة الله، إذاعة البشارة/ البشرى الإلهية لكل إنسان، والبشارة (الإنجيل) ذاتها هي التي سوف تقوم بدورها في قلب السامع وتحت تأثير عمل الروح القدس في قلب السامع. نحن شهود على ما اختبرناه ولا نلوي ذراع أحد، حتى ولو معنويًا كي يؤمن بمسيحيتنا. نُلقي عليهم البشارة، نقدم لهم الماء الحيّ ورؤوسنا مرفوعة وقلوبنا واثقة في إلهنا الذي يخلص النفوس، ونطلب منه هو أن يخلص النفوس، لا أن نأخذ مكان الله ونقوم نحن بتخليص النفوس فننتزع لأنفسنا ما لا يحق لنا. دورنا هو استثارة العقول لا استفزاز المشاعر، واستثارة العقل تقتضي أخذًا وعطاءًا من جانب الطرف المتلقي، فإن لم يرد أن يسمع لنا أو شعر بازدراء معتقده، وجب علينا أن نسكت، لا أن نصر على فرض حقائقنا عليه.
استفزاز المشاعر لا يقيم اعتبار لرحلة الضمير التي يمر بها الشخص الذي نحاوره، ولكل إنسان منا رحلته في الوصول إلى "الحقيقة" ولا أحد يصل بين عشية وضحاها. لعل دورنا هو أيضا صناعة المفكر، ودعم كل منحى يسعى نحو إزكاء الإنسانية فوق الاعتبارات والأعراف الموروثة. لا نقدر بسهولة أن نصدر أحكامًا على الآخرين فنقول نحن على صواب وهم خطأ بل نسأل أنفسنا: إلى أين وصلوا في ترحالهم؟ وهل هم في حركة؟ يتحركون نحو الله؟ هل نقدر أن نشجعهم في ضوء ما وصل إليهم من نور؟ هل نحترم ما بلغوا إليه أم أن أننا ننسف كل موروثاتهم هكذة "بـجرة قلم"؟
التبشير ليس موهبة ولا يُطلب إليك أن تكون موهوبًا أو طليقًا في الكلام أو فصيح اللسان حتى تبشّر، كما أن التبشير ليس حكرًا على طائفة دون سواها بل بما أنك مسيحي فأنت تلقائيا مبشر لأنك تحمل بشارة قد ارتسمت معالمها الحية في كل كيانك وقلبك يشتعل بحب النفوس ورغبتك في أن تنتشلها لمحبة الله الفائقة. ولكن ماذا تقول عند التبشير؟ لا تقل شيئا وإنما ابتسم فقط، وهذه الابتسامة هي رسول الحب بينك وبين من تريد تبليغهم محبة الله، ومن كيانك كله سوف يفيض الإله المتجسد ويجتذب بنفسه النفوس إليه. هو يجذبك إليه فتجري وراءه وأنت بمحبته تجتذب النفوس لحضنه الأبوي ومحبته التي تفوق كل عقل بشري. عندها يواجهنا السؤال: هل نقيم في المحبة؟ هل نلتهب حبًا للنفوس البعيدة عنه أم نقول عبارات مثل "التبشير لا يخصني وليس لي فيه"؟ هل أحيا أنا البشارة أم عندي شيزوفرونيا الفعل بخلاف القول؟
قد يقول واحد منا: الرب لم يدعوني لخدمة المسلمين أو تلك الخدمة الفلانية. نتحدث عن "الخدمة" وكأنها تخصصات بالجامعة مع أن الأمر ليس بالضرورة كذلك. يضع الرب فلان أو فلانة في طريقك لتشهد عن محبة الله فلا تفكر في ما إذا كان هذا تخصصك أم لا ولكن بروح الصلاة اجتهد أن تقدم شهادة حية عن الإله الحي الذي أظهر لنا ذاته في المسيح. من أكثر الناس الذين أثروا في حياتي كان رجل قبطي أرثوذكسي عجوز عينيه غائرتين ويذكرني بسمعان الشيخ في الإنجيل. كان يحب الكلام عن المسيح وكان يتهلل لرؤيتي. كنت أقطع الأميال تلو الأميال حتى أصل لبيته ونجلس تحت شجرة المانجة ونتسامر ولكم أحببت حديثه وكل كلمة قالها بحق الإنجيل والمسيح. هذا الرجل ترك أقوى انطباع في قلبي وعقلي ونفسي ومن الركائز الأساسية في تحولي للمسيحية. ذات مرة نظر إلي محدقًا النظر وقال: لازم يابني تسيبوا البلد.. هايضربوكوا زي ما عملوا مع ولاد عم سمير لما أسلم. بيعوا البيت وشوفوا مكان تاني وتبدأ من جديد. استغربت جدًا من جرأته لأني كنت إلى تلك اللحظة التي يتحدث فيها لا أزال مسلمًا ولكنه رأى بروح النبوءة ما الله مزمع أن يعمله في حياتي وأنها سوف تنقلب رأسًا على عقب وتكون بالكامل للمسيح. ثم واصل حديثه وقال: سيدنا موسى نبي.. سيدنا نوح نبي.. سيدنا محمد نبي.. كل دول أنبياء ربنا.. لكن المسيح له المجد ما حدش يقدر ينكر ألوهيته يابني. شعرت بشعاع يخرج من قلب هذا الرجل ويقتحم قلبي في الحال ويؤثر في كياني كله بقشعريرة وشعرت بأن كل كياني يردد وراءه كل ما قال كلمة بكلمة وحرفًا بحرف بروح النبوءة: "لكن المسيح له المجد ما حدش يقدر ينكر لاهوته يابني". شعرت أني بموجب إعلانه هذا قد تحولت للمسيحية فورًا لسبب ما.. شعرت أيضًا أني أتعلم أولى دروس التبشير .. وتحت شجرة المانجو.. وليس في كلية اللاهوت... ما تعلمته من هذا القبطي العجوز يفوق كل ما تعلمته بالسميناري اللاهوتي في أميركا وسيظل يحمل بصمة باقية للأبد. كم أحب هذا الرجل وأذكره بقلب دامع!
نتحدث عن التبشير.. تبشير، تلك الكلمة التي يهابها الكثيرون لما قد توحي به من أن هناك أجندة وراء العمل. . . ولكن ما هو التبشير؟ الفعل هو "يبشّر" أي يلقي الأخبار السارة المفرحة على "الآخر". بعض الناس يهابون كلمة تبشير لما قد توحي به من أن هناك أجندة وراء العمل . . . ولكن
التبشير ليس "أجندة" عمل وليس حركة تنصيرية فيها مؤامرة على الشخص الآخر في حياتنا.
التبشير هو إعطاء "الآخر" فرصة.. فرصة لقاء وتواصل..
وهنا يتعرف إلينا ويحتك بنا ويعيش معنا فيشم دون أن يدري رائحة المسيح الزكية ويتلامس دون أن يشعر مع "بُشرى الله السارة" والتي نصطلح على تسميتها باليونانية والسريانية بلفظة "إنجيل". نتيجة هذا الاحتكاك الحياتي المستمر وتلك المعايشة، وأحيانًا دونما حاجة لوعظ أو كلام، تسري أشعة البشارة في عروق الشخص الآخر الذي تلمسه محبة ربنا من خلالنا. كلما أكثرنا من الكلام عن المسيحية، كلما أكثرنا من الجدل، كلما ازداد دفاع الشخص الآخر عن دينه لأن الدين هو أعز ما يملك؛ وكل إنسان يتعصب تلقائيًا لما يدين به، وحيثما زادت حمية دفاعه عن دينه زاد تحصنه ودون قصد منا ضد البشارة ويغلق باب قلبه فينغلق على نفسه إذ هو يخشى أن يخون ما هو عليه وقد أخذه أبًا عن جد. كم سيكون أفضل لو كنا أذكياء وحرصنا على أن لا يتحصن إنسان ضد البشارة بل ينفتح كل إنسان بكامل القلب وبأذرع مفتوحة على البشارة لأن بُشرى الله يجب أن تعمل كما يعمل المغناطيس فتستقطب النفوس وهذه النفوس مغلوبة على نفسها أمام حبًا عظيمًا هذا مقداره، حبًا يأخذ بمجامع القلب ولا يقدر القلب أن يقاوم حبًا إلهيًا جارفًا كهذا فيصرخ صرخة إرميا النبي في إرميا 20/ 7: لكم فتنتني يا رب فافتتنت بك وقويت على كياني فغلبت واستوليت.
الروح القدس سوف يقود وأما الجسد فينا فيريد اضطرار الناس ودفعهم وإجبارهم لما نرى ونريد، ولكن خير لنا أن ننقاد بقيادة الروح القدس وما فيها من رقة ووداعة ولطف. ولكن عن أي مسيح نتحدث؟ مسيح نعرضه من جملة ما عندنا من معلومات عامة ومعارف لاهوتية؟ كلا! بل نقدم المسيح الذي يلتقينا في الصلاة ويتلامس مع قلوبنا ويغيرنا ونرى قوته الفعلية الحقيقية في غرس الاشتياق في قلوبنا نحو الله؛ وعندئذ تكون الكرازة بالقوة لا بالكلام، كرازة نارية تشتعل بنيران الروح القدس. خدمة المسلمين تعني أن تصبح أن خادم حقيقي للمسلم أي "خدّام عنده" فيرى فيك روح البذل قدر المستطاع وهي تفيض من الصليب. الناس قد تكون عندها منغصات تنخسها هنا وهناك وهذه المنغصات قد تبدو لنا صغيرة ولكن في واقع الأمر هي كبيرة كما يشعر بها أصحابها لا كما تبدو لنا نحن فلا داعي للاستخفاف أو الدروشة أو الروحنة المزيفة هنا. مادام الناس يحتاجون إلينا يجب أن نكون إلى جوارهم ونصغي إصغاءًا حقيقيًا لا أن نمطرهم بنصائحنا التي نظن أنها "ياما هنا يا ما هناك"! كل الواجبات المطلوبة منا يجب أن تتساوى في نظرنا ولا نعطي لواجب أهمية أعلى من واجب آخر مادام هذا الواجب نؤديه بمحبة وفي خدمة ربنا. هذا لربما يعني أننا غير مطالبون للقيام بأشياء عظيمة ولكن نقوم بما هو مطلوب منا كـ خدمة لربنا. أعظم التزام علينا ليس ما نقوم به من واجبات ولكن مشيئة ربنا ذاتها وما تقتضيه منا. الحاجات الصغنطوطة دي.. الإشياء الصغيرة جدًا هي جبارة لو نحن قمنا بها بدافع من رغبة حقيقية في أننا نرضي ربنا. وعليه يبطل السؤال: ماذا فعلت؟ وهل خدمتي جبارة أم "ع القد"؟ الخادم الحقيقي هو الله هنا ونحن بيده يعمل بنا وهو الذي يحدد طبيعة العمل.
كلنا بحاجة للدعاء (الصلاة) وكلنا يطلب وجه الله. اطلب من المسلم أن يدعو الله لأجلك وهو في المقابل سيتعرف على إله تدعوه أنت وتصلي له. هنا الصلاة مفتاح للكلام عن الله لأننا نعبر عن احتياجنا لربنا. يا أخي المسلم ادع الله لأجلي. والصلاة المسيحية هي ديالوج (حوار) بيني وبين الله وأتحدث أو بالأحرى أدردش فيها مع الله كصديق يكلم صديقه. أتكلم هنا مع الله وجهًا لوجه تماما مثلما فعل المسيح في صلاته مع أبيه: وجها لوجه وبوضوح وبدون ألغاز فأبصر وجه الآب. هو يتكلم وأنا أسمع وأسمع وربما لا أجد ما أقوله له لأن الحبيبين لا يجب أن يتنافسا في من يتكلم أكثر بل يكفي المحبوب أن يكون في حضرة الحبيب. وقد أرد عليه رد حب وطاعة وامتثال حريصًا على أن تتوافق مشيئتي مع مشيئته وأن تكون طرقه هي طرقي فأتوافق في كل أساليب حياتي معه فأحظى بالانسجام معه. وأيضا أكلمه فيرد عليّ في قلبي وأسمع صوته واضحًا وهذا الصوت يكون لي وحدي وبه رسالته لي حيث يهديني لسبيل بره.
بتواضع نقترب من المسلم وليس أبدًا بطريقة "ديني أفضل من دينك" أو "أنتم الغزاة" أو "أنتم أولاد الجارية" وسائر كل أشكال هذا الخطاب القبيح. هل أنظر مثل سيدي المسيح نظرة الشفقة والحنوّ أم التعالي؟ وما الذي يمكن أن أتعلمه من أخي المسلم؟ رصيد الفكر الإنساني يجود على الجميع والمسلم يمكن أن يعطيني مثلما أنا أريد أن أعطيه. هل قلبي نظيف؟ أم أني أدع الأحداث الجارية تشوه قلبي وتجعلني إنسان قبيح؟ الله ناطق في الخليقة كلها ويجب أن نعاين وجهه في كل إنسان نلقاه وفي كل شيء من حولنا. كل مسلم ألقاه أنظر فيه صورة وجه الله. هل تترك الله يفتن الناس بحبه أم لا زلت من الصنف الذي يحب أن يجادل؟ صديقي الدكتور (ن) وبخني وقال لي إنه يعيبني إني ميال للجدل؛ وأمام توبيخ كهذا تراجعت مائة وثمانين درجة.
أحيانًا عند الكلام التبشير نفكر في الناس على أنهم "جماعة" ونقول إننا يلزمنا أن نبشر الجماعة الفلانية وأن الضرورة تلزمنا ومن هنا نتحدث بصيغة الجمع وعلى وجه الإطلاق. في إنجيل لوقا 15، يضرب ربنا الأمثال فيتحدث عن الخروف الضائع، وقطعة النقود الضائعة، والابن الضائع. هذه الأمثال تتحدث عن خروف "واحد"، عملة "واحدة"، إبن "واحد". قطعة نقدية وسط عشرات القطع النقدية، وابن واحد من اتنين. تحرص الأمثال على التحديد بأنه "واحد"، وهذا الواحد يجب أن نوليه كل اهتمامنا ولا نستخف به لمجرد أنه واحد بل ينصب كل افتقادنا على هذا "الواحد"". هل هناك "واحد"، من بين ناس كثيرين تعرفهم، وقد وضعه الرب في حياتك لسبب ما ويستحق منك كل اهتمام وحب؟ إلى قرية كبيرة بها آلاف الناس، يتحرك صديقي بالمراسلة "جون ماكلين" ويترك بلدته في أميركا ليأتي خصيصًا لهذا الواحد من أبناء القرية ويسعى في أثر هذا الواحد المسمى "إبراهيم عرفات". لو أنك قابلت هذا الـ "إبراهيم" في ذلك الوقت لما أعرته كثيرًا من الاهتمام فهو شخص نحيف، ربما هزيل البنية، تراه كثيرًا على المصطبة يعمل سمكري بوابير جاز ويلحم "ياتيرات السيارات". سمعت بخبر دخوله المسيحية أم هالة والتي لم تكن قد رأت وجهه من قبل. شقت طريقها وسط جموع المسلمين الغاضبين المحتشدين في بيته وصاحت غاضبة: أين هو؟ أريد أن أراه! وأخيرًا ألقت نظرة عليه ولم تصدق ما رأت، وفي صدمة قالت للمسلمين الجالسين بهدف استتابة هذا المرتد الذي خرج عن ربقة الدين: هو ده؟! والجواب على سؤالها هو: نعم، يا أم هالة، هو ده. هذا الشخص "الواحد" بعينه، وهو الشخص الذي تحرك لأجله مؤمن مسيحي أميركي وشق الأميال وأقام معه مثلما سبق أن سبق أن ترك كلمة الله جلال السماء ومجدها وأتى ليتلاحم بنا فحل بيننا وأقام عندنا كي ما يهبنا الخلاص. هذا "الواحد" الذي لا يبهرك شكله سيكون أداة طيعة في يد الرب الجبار وبه سوف يعلن الخلاص لمئات وآلاف المسلمين.
الناس اليوم عطشى؛ عطشى لمن يفهم إنسانيتها ويقدرها. هل مسيحيتك إنسانية وتقدم الجواب الإنساني لإله إنساني يشفق على الإنسانية؟ أكثر شيء يسعدني هو أن لا يقول لي الناس إني مسيحي متدين بل لا أعتبر هذه تحية بالمرة وإنما العكس وأكثر شيء يسعدني هو أن يقول الناس عني عبارات مثل: إبراهيم جميل بإنسانيته. ما هو الوجه الإنساني في المسيحية؟ المسيحية ليست أبراجًا عاجية من الوهم الزائف والمثالية الخيالية بل هي دائما تخاطب واقعنا الحياتي اليومي في صميم إنسانيته لأن المسيح كان إنسانًا كامل الإنسانية ولم يحدث أبدًا أنه تنّكر لإنسانيته. كان المسيح يعلم أن الصليب بانتظاره وأن كل شيء لابد وحتما أن يؤدي في النهاية إلى الصليب لأنه لهذا جاء... ولكن هذا لم يمنع المسيح من أن يعيش إنسانيته ويعيشها عيشًا وافرًا مبتهجًا فذهب للأفراح وأكل الطعام وشرب الشراب وضحك من كل قلبه . . . لم يكن تقشفيًا مسرفًا على نفسه بل كان هو الحياة أي تجسيد الحياة ذاتها لأن الحياة من الله والله هو الحياة. لذلك لنقل نعم للحياة ولا نيأس أبدًا من ضيقات الحياة الحاضرة؛ فـكل يوم هو عطية من ربنا ولذلك فلنحياه ونجعل منه أفضل أيام حياتنا رافضين اليأس والقنوط والاستكانة للحزن. البعض منا عابس ويكثر من الكلام في ما بعد الموت والسما وأمجاد السما إلخ لأننا نؤمن بمسيح عابس لا يعرف الضحك. في كثير من الصور المسيح ضارب بوز. يذكر ميخائيل نعيمة أن جبران كثيرًا ما أراد عرض المسيح بصورة مختلفة عما يظهر في الأيقونات وكأنه إمرأة بلحية. لكن المسيح كان إنسانًا كامل الإنسانية وعاش إنسانيته مثلنا حتى التمام، مع فارق أنه لم يخطيء. لم يكن متقشفا مثل يوحنا المعمدان وهذا ما لاحظه خصومه فقالوا: ابن الإنسان جاء أكول وشريب، فرد عليهم المسيح: هكذا الحكمة تبررت من جميع بنيها. أجمل ما في المسيح أنه لم يعطله شيء عن تحقيق مشيئة الآب في اللحظة الحاضرة بل تممها بالكامل يوم بيوم، وانطلقت الأبدية من اللحظة الحاضرة. نسأل نفسنا: ربنا.. ماذا يريد مني اليوم؟ وبهذا نعمل أفضل ما يمكن أن نعمله فيه، إنْ استطعنا. قال المسيح: يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. مادام النهار بين أيدينا فهو عطية من الله لنستخدمها لمجده وخير اسمه ولخير البشرية كذلك.
مادمت تريد تبشيره بالإنجيل فعليك أن تكون أنت أولاً متشرب بالإنجيل والروح المسيحية ويسري كل ذلك بصدق في كيانك ولا تتحدث إلا في ذلك وبشكل عفوي تلقائي دون افتعال للتقوى. لا تتكلم إلا عن شخصية المسيح وتعاليمه وكيف أثرت فيك أنت. المسلم قد يريد أنك تدخل في مجادلات ومناظرات. المسلم ابن بيئة غرست فيه أخلاق الجدل. ارفض الجدل. هو سيأتيك بقائمة من المتناقضات في نصوص الكتاب المقدس. لا تتجاوب مع ذلك وإنما أمسك أنت دفة المناقشة وعُد بالمسلم للحديث عن شخصية المسيح. المسلم سيستفزك بالحديث عن عيوب المسيحية. لا تكن غبي وتنجرف وتجاريه وترد الصاع صاعين وتتحدث عن عيوب الإسلام. عار عليك كمسيحي أن تجعل شغلك الشاغل الحديث عن رضاع الكبير مثلما يفعل البعض في الفضائيات المسيحية. أين ذكاؤك؟ هل تنتظر من الإسلام أن يكون في نفس المستوى مع المسيحية؟ ومن قال لك إن المسيحية من الأساس هي موضع مقارنة مع الإسلام؟ المسيح يتحدث عن نفسه ولا يوضع في موضع مقارنة مع أي واحد.
لذلك، وجب الحديث عن الإسلام بذاته كما هو وبتقدير صادق من جانبك لما فيه من مساهمات لا الحط من قدر الإسلام. تكلم مع المسلم عن الجمال الذي تراه في الإسلام وأظهر احترام صادق لما يعجبك في الإسلام. إن كنت قد فشلت في رؤية الجمال عند الآخرين فهذا يعني أن نفسك قبيحة وبحاجة للخلاص من جديد.
تعلم فن الإصغاء ولا تتكلم بكثرة بل اسمع للمسلم وبتقدير وبانتباه وسجل ملاحظاتك واجعل المسلم يشعر أنه مهم جدًا بالنسبة لك لأن إنسان كما أن أسئلته مشروعة وخطرت ببالك أيضًا؛ وكلاكما يمكن أن تبحثان عن الجواب معًا.
إن أردت أن تقوم بتبشير ناجح للمسلمين فابتعد عن مشاهدة الفضائيات المسيحية قدر المستطاع واقض أوقات أطول في التأمل والصلاة وكيفية عرض هذا الكنز الجميل المسمى بالإنجيل للمسلم الذي تحبه/ تحبها. هل تحب المسلم؟ إن كنت تحبه فلما مشاعر التعالي تجاه المسلم يا منافق؟ اغسل ما بداخلك بدم المسيح وتطهر أولاً ثم تعالى إلى المسلم وعانق نفسه وستجد أنه أداة طيّعة بين يديك ويشرب كل ما تقوله عن المسيحية.
نظر هذا الرجل إلي بشيء من الإعجاب ثم أخذ نفس عميق من السيجارة بيده ثم بقال بشيء من الرضا عن نفسه: "وانتة بتشرح الثالوث للمسلمين إزاي؟" شعرت ساعتها أن الكلام تجمّد في فمي وأن معلوماتي عن الثالوث لا قيمة لها. أردت أن أقول له إن لم تعش أنت مع الثالوث يومًا بيوم ولحظة بلحظة، ويعيش الثالوث فيك، رجاء لا تتحدث عنه. لو تحدثت عن الثالوث بروح الزهو هذه، فما كلامك إلا نحاسًا يطن وصنجًا يرن. عندها تذكرت ما قرأته في كتاب توما الكمبيسي "الاقتداء بالمسيح": ما جدوى أن تتحدث عن الثالوث حديث المتعلمين وأن ينقصك التواضع وعندها لا ترضي الثالوث؟ أجل، كل منطق له منطق مُقابل، وكل واحد يبرع في الرد على الفكرة بفكرة آخرى، وأما كلام الروح مختلف لأنه خارق الي مفرق النفس، ولا يمكن مقاومته؛ يصيب الأفئدة وينفد إلى صميمها؛ إنه حق مُغيِّر..
عندما نبشّر، هل ندافع أم لا ندافع؟ وهل يمكن إثبات صحة المسيحية؟
بعض خدام الإنجيل بلعوا الطعم وانساقوا وراء المناظرات والجدل الديني العقيم. هذا يظن أنه سوف يفحم بارت إيرمان وهذا يظن أنه سوف يفحم الشيخ فلان، وتبديد مؤلم للوقت. البعض انجرف وراء جدال ما يسمى بالنقد النصي للكتاب المقدس وكأن الله أراد بوحي الكتاب المقدس "تنزيل" نصوص. إنهم يفترضون على المسيحية ما ليس فيها ثم يضعون أنفسهم "في خانة اليك"، في زاوية ضيقة وما هم على ذلك مجبرين.
من قال إن الله عندما أوحى نصوص الكتاب المقدس قد أوحاها كمن ينزل كتاب من السماء؟ هل الكتاب المقدس كتاب "نزل" من السماء؟ الجواب لا. الكتاب المقدس لم "ينزل" وإنما أوحى به الله للرسل والأنبياء، والوحي يختلف تماما عن التنزيل. كلمة الله التي ينطقها هي طاقة حركية حية فعالة تبث الحياة وليست مجرد نص من النصوص القديمة. كلمة الله هي أمره وفعله في الكون. كلمة الله بها يخلق الله الكون وإن كان الله يرسل كلمته فتخلق فكيف أختزلها لمجرد حروف وألفاظ ونصوص ونقد نص كتابي هنا ونص كتابي هناك وتقول لي لازم أرد على فلان وما فلان! ما هذا الكلام! ألا يجدر بك أن تفرغ طاقتك كلها لشرح المسيحية وتبسيطها لغير المسيحيين بأكبر شكل جذاب عوضًا عن الانشغال بجدل نقد النص الكتابي العقيم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟ أين جاذبية المسيحية في حياتك؟ أين قوة كلمة الله وتتحدث عنها وكم أنها تحرك الجبال وتنقلها وتغير الأوقات والأزمنة؟ أين قوة الصليب والذي دحر إبليس على عود الصليب منذ ألفي عام؟
قد يأتيك شخص محب للجدل ويقول لك: هات لي الإثبات على كذا وكذا. هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادقين. لاحظ إنه غير باحث عن الله ذاته والله ليس هدف بحثه هنا ولكنه يريد أن يبدد طاقتك الثمينة ويضيع وقتك بالمهاترات والجدل. وما أشبه الليلة بالبارحة! جاء الكتبة والفريسيون إلى المسيح من قبل يطلبون الطلب نفسه وقالوا: "يا معلم نريد أن نرى منك آية". هل انساق المسيح وراء هذا الطلب؟ لا أخذ ولا عطاء مع هذا النوع من التحدي، ولذا أجابهم الإجابة الصارمة: جيل فاسد فاسق يطالب بآية ولن يُعطى سوى آية يونان النبي، مشيرًا بذلك إلى أن الصلب والقيامة هما أعظم الأيات في تاريخ المسيحية كلها. وكأنه يقول لهم: إنكم تطلبون الآية لذاتها ولكن لم ترغبوا في الرب نفسه لذاته هو ولم تضعوا إيمانكم في الرب صانع الأيات والكلي الاقتدار. أنتم لا تطلبون الله ولا ترغبون فيه لذاته هو وإنما تريدون بديلاً آخر ترضون به ذواتكم.
بوجه عام، في أمور الإيمان والروحانيات، لا تعقلن! ولا تكن منصاعًا وراء إبليس فتدخل في حجج ومناقشات. يأتيك إبليس بالوساوس والشكوك والحجج والبراهين التي تسحر العقل. لا تدخل في مناقشة بل استخدم سلاح الهجوم هنا مع إبليس. الأسئلة تنهار عليك كالسيل "وماذا لو... طب إفرض..."، فلا تدخل في مناظرات وتسعى لإقامة الحجة وإثبات ما أنت عليه بل هنا حارب بسلاح مختلف وهو سلاح الإعلان. أعلن من أنت في المسيح. أعلن من هو المسيح بالنسبة لك. أعلن من هي الكنيسة بالنسبة لك. الإعلان هو الحل.
في وقت من الأوقات كنت أشتري أي كتاب يرد على الهجوم الذي يتعرض له الكتاب المقدس وكنت أنظر لهذه الكتب على أنها ذهب أو "ألماز" مثلا... وشيئا ما في داخلي كان يقول إن هذه الأجوبة غير مقنعة تماما.. إلى أن قرأت كتب الأباء اليسوعيين وتعلمت أمر هام بخصوص الكتاب المقدس وهو أنه لا تنزيل في المسيحية وأن الله لا ينزل كتاب من السماء وأن هذا الفكر لا وجود له بالمرة في المسيحية.. تعلمت أن الكتاب المقدس هو كتاب إلهي مائة بالمائة وأيضا كتاب بشري مائة بالمائة كما قال لي أبونا سمير خليل اليسوعي مُشبِّها الكتاب المقدس بشخصية المسيح. ومن يومها وأنا أنظر لهذه الكتب بابتسامة ولم تعد لها أي حاجة عندي.. القضية ليست في الإجابة على المعضلات التي تثار حول الكتاب المقدس ولكن في كيفية نظرنا نحن للكتاب المقدس. إن كنا نؤمن بالإملاء والتنزيل فسوف نحتاج لخمسين ألف كتاب من هذي النوعية. ولكن لو نظرنا للكتاب المقدس برقي وعلى أنه كتاب الصلاة ونقرأه بروح الصلاة فسوف تتغير الأمور تماما ولن نعد كما كنا من قبل.
يا رب، لسان حالنا لا يختلف كثيرًا عمن يقولون "ما قتلوه وما صلبوه"؛ فنحن كثيرًا ما نعقلن الصلب ونختزله لفكرة قابلة للإثبات وجدل المناقشة، وكثيرًا ما نريد تبرير منطقي للصليب في حياتنا الشخصية، ولكن أنت لم تثبت مسألة صلبك لبطرس حينما قال لك المقولة نفسها وانبرى ينكر عليك كلامك صائحًا: سلمت، يا رب! لا، لن يحدث لك هذا! تيجي إزاي بس دي يا رب! بتقول إيه يا رب! بل تركت بطرس يعيش معك سرَّ الصليب ويدخل في صميم هذا السرّ الإلهي ويطبقه بشكل عملي في حياته إلى أن أصبح هذا السرّ مع مرور الوقت، سر الصليب، كل حياة بطرس وينطلق منه دائما في الكلام عن المسيح.
هل نجادل في سر الصلب؟ هل نعقد مناقشات لاهوتية حول عقيدة الفداء وندعي أننا نعرف أكتر من الأب أو القس فلان؟ أم أننا ندع السر يُستعلَن من تلقاء ذته، وبفاعلية الروح القدس يقتحم هذا السر حياتنا ويحتويها الصليب من كل جهة عندما يصبح الصليب خبرة حياتية عملية؟
المسيحيون غريبون. يبذلون المشقات ويخوضون الجدل الديني مع غير المسيحيين وهم يعلمون علم اليقين أن المسيحية لا تخضع للفطرة الإنسانية. المسيحية ليست ديانة الفطرة وتعاليم المسيح تناقض مشاعرنا الطبيعية وتسمو بها على ردود أفعالنا الغريزية. فكيف أجبر ما يسمو على العقل، ما هو فوق العقل، على أن يكون خاضع لحوار العقل؟ المسيح قال من ضربك على خدك الأيمن حوّل له الآخر أيضًا. من يقدر أن يفهم هذا بالعقل المجرد؟ بدون معونة النعمة الإلهية لا سبيل إلى أن نفهم أو نطبق حرف واحد من تعاليم المسيح.
كلام المسيح ليس مجموعة من الفضائل التقوية والمسيح ما جاء ليؤسس مدرسة الفضائل والأخلاق بل جاء ليؤسس الدعوة لأن نحيا على مستواه هو وأن نحيا بحياته هو العاملة فينا.. وكيف نشرح هذا لعقل بشر؟ لماذا تخضعون المسيحية ورسالتها للجدل الديني؟ البعض منا يبذلون مجهود جبار لإثبات صحة معتقدهم إما لأبناء الطوائف الأخرى أو لمن هم خارج المسيحية وهم بذلك يظنون أنه بـ "الدليل والبرهان" سوف يقنعون أي إنسان، وهذا خطأ وفيه سوء فهم لأن الإيمان المسيحي في كل أبعاده لا يقوم على الدليل والبرهان وإنما على الإعلان. الإعلان هو أن يعلن صاحب الحق عن حقه وبطريقته أو طرقه العديدة الخاصة به. وقتها يتكلم هو في القلب؛ وهذا هو "برهان الروح".
كثيرًا ما جاءتني أفخم الكتب لإقناعي بمسألة ما في المسيحية وما كنت لأقتنع إلى أن يضعني الله في موقف عسير فأصرخ إليه وبسبب هذا الصراخ تتاح لي المناسبة وتتحقق لي الإمكانية لأن "أختبر" ما حدثوني هم عنه لفترة طويلة. وحتى بعد دخولي للمسيحية، ظلت هناك أمور في المسيحية لم تتكشف لي إلا بعد أن مضت 15 أو عشرين سنة وبعد هذا الزمن الطويل أخيرًا أبدً أفهم. ولكني لا أفهم هنا على أساس ما تقوله الكتب لتخاطب عقلي الفلسفي ولكن ما يكشفه الروح القدس لقلبي وفي الوقت المعين الذي يريده الرب إذ أمور الإيمان لا يمكن أن يعلنها أي عقل مهما كان هذا العقل نابغًا ومن يعلنها هو الآب الذي في السماوات وبروحه قدسه الحنّان الذي يرأف بدموع الطالبين للحقيقة ولشرح المستعصي من أمور الإيمان. نقرأ في الدفاعيات المسيحية بهدف أخذ بعض الأفكار ولكن إيماننا لا يقوم على أساس "الدفاعيات" بل يقوم على برهان الروح وقوة كلمة الله، ذلك الكلمة الذي يخترق قلوبنا ويشرق قائلاً هناك بصوته الرقيق الحنون: ليكن نور!
وثمة بعض النقاط هنا:
1. المسيحية لا ينبغي أن توضع في موقف الدفاع عن نفسها أو الهجوم على الآخرين وإنما بالأحرى تقف في موضع "الشهادة" وهي بهذا تقوم بـ "الإعلان" أي "إذاعة" الخبر الإلهي السار، خبر مجيء الله وتلاحمه مع بشريتنا في شخص ابن الله ربنا يسوع المسيح.
2. كثيرًا ما أخوض المناقشات العلنية مع شيوخ المسلمين. بدأت بتكنيك المناظرات و"إثبات" ما عندي ووجدت فشله. كنت أقوم بهذا في ساحات مساجد المسلمين وفي المناظرات في ساحات الجامعة. وجدت بالتجربة أن كل هذا لا طائل وراءه ويزيد الطرف المسلم حمية وهو أصلاً مشتعل غضبًا لأن دينه يؤجج فيه من الأساس "روح الغضب".
3. عندما يقول لي مسلم المخطوطة الفلانية تقول والمخطوطة العلانية لا تقول: أبتسم وأدير دفة الحوار أنا كيفما أشاء وأتحدث في الإله الذي يعلن ذاته في البدء بالأنبياء والرسل وفي ختام المطاف بإستعلان ابن الله (عبرانيين 1/ 1). هو يفترض شيئًا ونحن لا ينبغي أن نجاريه في افتراضاته. هذه هي مسلماته من مخطوطات ونصوص ولكن نحن لنا مسلماتنا كذلك وهي لا تبدأ بالمخطوطات ولكن بـ "الإله صانع العهد"؛ وسواء تم تدوين هذا العهد أم لم يتم تدوينه ماذا يضير! الأنبياء لهم شهادتهم والمهم أن الله يستعلن ذاته بالنهاية في شخص المسيح والذي هو في شخصه وتصرفاته أقرب إلى الإله منه إلى الإنسان الطبيعي.
هذا لا يعني أننا سوف نقوم بالتبشير بالدقة التي نتمناها لأننا ضعاف من حيث نحن بشر؛ وهذا طبيعي وعليه يجب أن نقبل محدوديتنا ونتصالح معها. كثيرًا ما أعثر في المحبة ومشواري مرير وطويل ولم أصل بعد. كثيرًا ما أخجل من نفسي بسبب ما أراه في نفسي. وكيف ألقاك يا ربي وقلبي على هذا السواد المقيت؟! المفتاح يا صديقي يأتي عندنا نوقن في داخلنا أننا بالفعل لسنا أفضل من أحد وأيضا يكون لسان حالنا هو لسان حال المصلوب الذي صرخ في وسط أبشع الآلام التي طالت إنسان وقال: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. وبهذين المبدأين نهزم أنفسنا بالمسيح الذي قهر الذات؛ بالصليب.
عزلة الكنيسة:
لاحظت في حديثي مع المسيحيين أنهم يتحدثون بمفردات من قاموس يعكس بيئة وثقافة مجتمعهم في الكنيسة، وهي مفردات توحي بعزلتهم عن المجتمع الذي يعيشون فيه ومن كثرة تكرارها صارت هذه التراكيب والمفردات في التعبير تحجبهم عن رؤية المجتمع المسلم وواقعه. غير أنه لكي أخاطب المسلم يجب أن أخاطبه بلغته التي يفهمها؛ وهذا يتم بأن أخرج أنا من شرنقتي (ولتكن ثقافة المجتمع الكنسيّ) وأخاطب المسلم بمفرداته هو وقوالب تفكيره كذلك. نقول للمسلم إن الله يخلصه بالنعمة. ولكن ما المقصود بالنعمة؟ مفهوم النعمة المسيحي يدل على تنازل الله وتفضله بأن يعطي ذاته للإنسان ويمنحه الحب الكامل دون شرط بينما النعمة في الإسلام تعني واحدة من البركات الإلهية التي يسبغها الله على الخلائق. الإنجيل يقول "بالنعمة أنتم مخلصون" والإسلام يقول "وأما بنعمة ربك فحدث". إذن اللفظة واحدة ولكن يا للفرق الشاسع بين استخدام اللفظين في كلا المعتقدين!
هناك عزلة لاهوتية وثقافية واجتماعية قد حبس فيها المسيحيون العرب ذواتهم داخلها وبسببها خُلقت فجوة كبيرة في التفاهم بين كلا الطرفين. لدى المسيحي كنز لا يضاهيه كنز في الوجود وهو كنز الإيمان المسيحي، كنز الخلاص، كنز الكنيسة، إلخ ومع ذلك وبسبب العزلة فالأمور قد تصل لطريقٍ مسدود بسبب فشل التفاهم في الأساس. لابد من بنيان جسور صداقة متينة مع المسلمين ودون مأرب شخصي وكأنهم "مشروع تبشيري" بل ندعهم يعيشون معنا ويرقبوننا وبأنفسهم عندها يرون جمال المسيحية من الداخل (من جوا) وهنا ما يحدث ليس تبشير بالمفهوم التقليدي لكلمة تبشير وكأنه إلقاء مواعظ بل يحتكون بنا ويعاينون ويختبرون بأنفسهم شتى جوانب الحياة المسيحية والإنجيل الحيّ. وعندها المسيح من هناك سوف يجذبهم بالتدريج والغيرة ستدفعهم لترك ما عندهم من غث لأنهم حتما سيرون الفرق الشاسع بين الدينين وهذا يؤدي إلى الانجذاب وراء الإله المحبة، الكلي المحبة، الكلي التواضع. على المسيحي الخروج من شرنقته ومد يده بالمصافحة كي ما يعانق كيان المسلم ككل ثم يعرض عليه الإله المحبة.
ابدأ بالصداقة وبالصداقة تقدم شهادة حيّة معاشة وكن مستعد للإجابة بوداعة ولطف عما قد يُطرح عليك من تساؤلات تثير فضول المسلم ولكن لا تبدأ أنت بالكلام فينفر منك المسلم بل كان سامعًا أكثر منك متكلمًا ونحن في زمن قلّ فيه من يحسنون فن الإصغاء والوقوف إلى جوار الناس في شكواهم وهمومهم. وخادم المسيح نفسه لابد أن يكون ملتهبًا في الروح بحرارة حب المسيح وملء الروح القدس قبل أن يُبشر بكامل كيانه المسلمين الذين يضعهم الرب في حياته. حاول أن تبدأ يومك بالتأمل في الإنجيل والصلاة والترنيم. اجبر روحك على الترنيم. انزل على ركبتك وصلّ؛ ومن الجميل لو أنك تضع جبهتك على الأرض وتقول كل ما هو على قلبك لربنا ودون تحفظ أو تكلف في اللغة: يا رب، ليتك تضرم قلبي بروحك. ولا تستعجل. حتى لو نزلت على وجهك على الأرض أمام الرب ومن غير كلام فهذه بذاتها بداية ممتازة.. وكل هذا يا حبذا في أجواء روحانية من التسبيح والترنيم، ولابد من التبسبيح لأن المسيحية ليست معلومات نظرية ولكن فيه لنا كيان يهيم بإلهنا الذي بنحبه. أضرم الروح في داخلك.
والطوائف المسيحية تكمّل بعضها بعضًا عن الكرازة للمسلم. عندما كنت مسلم كنت أنظر لجرس الكنيسة وبنيانها فتأخذني الرهبة. كنت أنتظر بفارغ الصبر وصول القطار ومروره بمحطة فاقوس لأتطلع للمطرانية من شباك القطار وهذا الصليب الكبير فوق الكنيسة. لكم عشقت دقة أجراس الكنيسة. لكم انتظرت بفارغ الصبر الاستماع إلى قداس الأقباط من إذاعة صوت العرب حيث كان المذيع يقول "قداس الأحد" ثم يذكر اسمه مدحت عاصم أو شيء من هذا القبيل. الكلام كان بالقبطي ولم أشأ فهمه ولكني كنت أهمهم معهم وأحس أني قلبي يخفق معهم وإنْ كنت لم أكن حاضرًا بينهم في الكنيسة. كيف تجرد الكنيسة من الرموز الروحانية الغنية ثم تقول عليها فيما بعد أنها كنيسة!! في مخيلتي أنا إبراهيم عرفات هكذا ارتسمت الكنيسة.. ابتسامة الأقباط الوديعة والهدوء الجميل وسكينة النفس.. كل هذه أمور استقرت في نفسي وأنا لا أزال بعد مسلمًا. الأقباط كانوا خائفين ولهم الحق ولا ألومهم.. الله أرسل لي شاب يراسلني من أميركي ويكمل ما بدأه الأقباط بشهادتهم بعبادتهم ووداعتهم وأنا لا أزال بعد مسلمًا. واليوم.. كثير من المسلمات يأتين للمسيحية عن طريق العذراء!! لاحظت هذا الأمر يتكرر مرة تلو مرة.. ما يجذب هؤلاء المسلمات للمسيحية كان وجه الأم في الكنيسة: أمومة مريم والتي تمثل أمومة الكنيسة.
والرب له توقيت في الإتيان بنفوس المسلمين إليه ولا يجب أن نستعجل. نسير في خدمتنا بموجب التوقيت الزمني لدى الله الآب ونعلم أننا لا نقوم بتحويل أي شخص للمسيحية بل هذا دور الروح القدس وعلينا أن نحترم الله في عمله بالروح ولا نقحم أنفسنا أبدًا على عمل الروح. كن واثقًا أيضًا من أن تعبك في المحبة لا يذهب هباء إطلاقًا بل أنت غرست بذار الكلمة في قلب هذا الشخص وفي وقته سوف تثمر ثمار الرب وهذا كله إجمالاً جزء من خطة عمل الله في نفس الشخص البعيد عنه. لا تفقد الأمل فأنا أيضا كنت مثل هذا الصديق الذي قد تتحدث إليه هذه الأيام وأعلنت له أني سأصبح مسلمًا أكثر إسلامًا من ذي قبل وتملكتني الحمية وشخصيتي الحامية العصبية وكنت أتشدد أكثر في الإسلام ولكن عندما أنام لا أذوق طعم الراحة وأشعر بأرق فظيع ليلة تلو ليلة وكأن الله من خلال أرقي يستجيب للصلوات التوسلية التشفعية القائمة بالنيابة عني إذ بينما أنا أعاند وأتصلّب في قلبي وعقلي يأتي الروح القدس وينخسني في أوقات استراحتي إلى أن أصرخ له قائلاً: يا رب، ماذا تريد مني؟ ألست أنا سائرًا على الصراط المستقيم؟ ألست لك من العابدين؟ ما الضرر في أن أستمر كما كنت وكما أهلي؟ أرجوك يا رب، اكشف لي الحقيقة أنت بنفسك فأنا قد تعبت من البحث والحقيقة التي ترشدني إليها سوف أنادي بها طوال حياتي وما هي إلا أيام حتى يتراءى لي المسيح في الحلم ويغلب على قلبي فأنهمر أمامه بدموع: أحبك.. أعرف مقدار حبك لي والذي لم أكن لأفهمه إلا في الصليب. وأريد أن أبادلك الحب كذلك على مستوى الصليب، أيها المصلوب ابن الله الحي.
في خدمة المسلمين بالإنجيل، أحيانًا نريد نتائج فورية ولكن مشيئة الله قد تكون في أن يبدأ شخص وشخص آخر يكمل العمل ويختمه وقد تمتد المسيرة وقد تطول. نريد تبسيط الأمر فنفقول متأثرين بقاموس مفرداتنا الغربية "فلان ربحه للرب" وهذا خاطيء لأن هناك العديدين ممن قاموا بأدوار مختلفة وساهموا مساهمات رائعة في إعداد هذا المسلم ليستعد عبر مرحلة طويلة إلى قبول الإيمان المسيحي. وكل هؤلاء يقومون بدور مميز في سيمفونية الكرازة بإنجيل المسيح ولا يمكن استثناء واحد دون الآخر. ألم يقم داود النبي بجمع المواد اللازمة لبناء الهيكل الذي كان سليمان كان مزمعًا أن يبنيه؟ لكل واحد دوره/ دورها الفريد في مخطط الله الخلاصي؟
قد يصيبنا الإحباط وكذلك الخوف من جراء تداعيات ما يسمى بالربيع العربي وأثاره السيئة على المجتمع المسيحي بالشرق. مع مجييء الثورة الإسلامية لإيران سخط الناس وغمرهم الخوف وقالوا إن المستقبل بات لا يبشر بأي خير. ولكن بسبب ثورة الخميني جاء المئات تلو المئات إلى الإيمان بالمسيح وحدثت نهضة عظيمة وسط الشعب الإيراني وافتقد الله عمله الخلاصي في إيران. والتاريخ دائما يكرر نفسه.. أين الخير في اعتلاء الإخوان المسلمين سدة الحكم بمصر وأين مصر الآن مما كانت عليه في الأيام الغابرة والرقي والتمدن؟ ولكن رأينا بأم أعيننا أنه كلما زاد التطرف الإسلامي كلما زادت نسبة الارتداد عن الإسلام ويرتدون بالمئات والمئات عن دين الإسلام وقد أضحى من الطبيعي لواحد مثلي أن يسمع باعتناق المئات والمئات للمسيحية في مصر دون أن يخشوا من سيف الإسلام. عملك يا رب حاضر في كل تفصيل من تفاصيل وجودنا، التفاصيل التي نحبها والتفاصيل التي نرغب عنها، ومخططك بالتدريج يتكشف لي، ومع الوقت كل شيء يظهر بوضوح أكثر وأفهم قصدك الأسمى وأرى كم أن يدك تعمل بواسطة جميع الأشياء، الحلوة والمكروهة، لخيرنا نحن.
أبونا السماوي الحنون، أيها الضابط الكل، نستودعك في يديك الحانيتين القويتين بلادنا العربية طالبين منك أن تتدخل في حياتها في تلك الأوقات بالذات أكثر من أي وقت مضى. وسط القلق ونفوسنا المضطربة عما قد يحدث الآن وقد يتمخض عنه المستقبل لا يسعنا يا أبونا السماوي سوى أن نضع الأمر كله بين يديك ونترك أنفسنا نحن كذلك بين أيديك واضعين بين يديك الحق المطلق لأن تتصرف أنت كما يحلو لك وكما تحسن المسرة في عينيك واثقين أن خياراتك أنت لنا كعرب هي أفضل ما تجود به عنايتك الإلهية. لا نرى المستقبل ولا نعرف ما هو الأفضل ولكن تعاملاتك معنا تقول إنه لا يوجد شيء حصل في حياتنا، من خير أو حتى شر إلا وأنت قصدت به لنا الخير كل الخير لأنك إله خير ولا يأتي من يديك إلا الخير المطلق. كل ما يحدث في كنيستك هو للخير ولا تجازينا أو تحاسبنا على ضعفنا ولكن تحاسبنا بمقتضى برَّك ولطفك وصلاحك أنت يا إلهنا. أذكر جميع أطراف الشعب من مسلمين ومسيحيين ولا دينيين وبهائيين: نسألك يا أبونا السماوي أن تفيض عليهم من خيراتك فيض لا حد له فيعرفون أنك أنت بالحق هو الأب السماوي وأنت أب لهم جميعا ولا تحجب خيراتك عن إنسان على أساس الديانة ولكن لطفك ورحمتك لا حدود لهم. نسألك أن تهب بروح الاعتدال في شرقنا الحبيب وأن تجعل كل شيء يؤول بإسم المسيح لخلاص أكبر عدد من أبناء شعبنا العربي فيعرفون أن خالقهم صانعهم هو أبوهم السماوي والذي يقدم نفسه لهم بالكامل. آمين يا رب العالمين.
#إبراهيم_عرفات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لو ده الدين الإسلامي أنا خارجة منه
-
زى ما أنت كافر عندي أنا كافر عندك.. ومافيش حد أحسن من حد
-
هل قتل الله ابنه في المسيحية؟
-
الإنجيل من التحريف إلى الدعاء والصلاة به
-
قلب الأم والمسيح
-
تظاهرات المسلمين واهتزازات عرش الرحمن: فائدة النقد
-
عطشت نفسي إلى الصفاء، إليك يا إلهي
-
أطير من نفسيّ إليك يا ربيّ
-
في محراب الحب ناجيتك ربيّ
-
الإسلام.. المسيحية: أيهما أولى بالعقل من الآخر؟
-
واقعنا العربي المنكوب وسبل التعافي
-
الكتاب المقدس رفيق رحلتي من الإسلام للمسيحية
-
ما معنى قول المسيحي للمسلم إن المسيح ابن الله؟
-
مفهوم التنزيل الإلهي والعبور من الإسلام إلى المسيحية
-
شهادة الحب من المسيحيين للمسلمين- الفقرة الأولى
-
تاء العورة والانتكاسة الحضارية في مواجهة الرقي الإنساني
-
ما الهدف وراء أن يصبح المسلم مسيحيًا؟
-
اللهم أعز الإسلام والمسلمين!
-
ما معنى قول المسيحي للمسلم إن الله يحبك؟
-
تنزيه الله أم عزلته؟
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|