|
الصحافة الالكترونية بين الواقع والطموح
هاشم حسين ناصر المحنك
الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 22:35
المحور:
الصحافة والاعلام
الصحافة الالكترونية بين الواقع والطموح هاشم حسين ناصر المحنك مركز دراسات الكوفة / جامعة الكوفة
خطت الصحافة الالكترونية بخطواتها الواسعة في الدول المتقدمة ، حينما مهّد لها الانترنت البُنى التحتية الممتدة حتى البُنى الفوقية ، وفتحت آفاقها داخل بيئة الانترنت بكل الاتجاهات ، وأصبحت خدماتها في متناول الجميع ، وخصوصاً في البلدان الأكثر رواجاً وانفتاحا على آفاق الثقافة والحضارة ، وتطورت الخبرات والحاجة لهذه الخدمات الإنسانية ، ولكل أبعاد الفكر العالمي ليكون بإمكان كل شخص المشاركة وطرح آراءه ليشغل الجزء المتاح له في فضاء الحرية والمعلوماتية ، ليُعبِّر عن آراءه في عالم انطوى في شاشة الحاسوب والفضاء المعلوماتي الرقمي ، وجزء منه ما مهّده له الانترنت ، وبه أصبح يؤثر ويتأثر كنظم وتقنيات ، وأيضاً ينطبق على الشخص في نشر آراءه عبر الفضاء الرقمي ، ومنه فضاء الصحافة والنشر ، وبأسرع وقت ممكن وبالموقع الجغرافي الافتراضي .. وما الصحافة التقليدية ، إلاّ البوابة الواسعة التي استثمرتها المؤسسات المختلفة ؛ الرسمية وغير الرسمية ، لتزدهر بخبراتها الصحافة الالكترونية أو الرقمية ، ويأخذ مجاله عبر مواقع الانترنت المتنوعة والمثمرة في فاعليتها ونتائجها ... فنرى القارئ اليوم ، حتى في كل البلدان النامية ومنها الدول العربية ، أخذ يعوّل فيها على الصحافة الالكترونية ، ويسهم في إنشاء الصحف الخاصة ، فضلاً عن المواقع على الانترنت ، ومنها الإخبارية والعلمية والثقافية والأدبية المختلفة ، رغم كل معوقات الفجوات الرقمية ، ورغم الأنظمة السياسية الشمولية القابعة في طريق الحرية والتنوير .. وأخذت وكالات الأنباء الالكترونية الأهمية البالغة في رفد الصحافة بكل أشكالها وتعدد رغبات وحاجات المُتلقي للمعلومات والبيانات والمنبر الخطابي ، بل الإخباري في كل اتجاهاته وأنواعه ، ومختلف المديات النفعية لهذه الوكالات ، وما تخطوه من تطورات ونمو باتجاه المعلومة والقارئ والناشر ، ومدى نفع المعلومة الرقمية بكل مضامينها الآنية والمستقبلية ، مع جعل خطوط الانترنت والاتصالات مفتوحة بشكل مباشر وغير مباشر ، وبمتناول كل مَنْ يحتاجها بحرية ، مع فسح المجال لجانب الفضاء التثقيفي والتنويري والتربوي والتعليمي ، وحفز المتلقي أو القارئ العربي ليكون منتجاً بقدر الإمكان ، حتى بمستوى الرأي والرأي الآخر ، وبشكل يخدم في كل الأحوال المواتية الجانب النفعي ، وخصوصاً لدى الشخص المتجه صوب الحرية والثقافة ، وبالإمكان استثمار هذا الفضاء لينفتح على منافذ النشر بأفق أوسع وفرص أقرب وبمنوع الاتجاهات .. فكم من عالِم قد يُفتح له نوافذ النشر ، بما فيه النشر في الصحافة الالكترونية ، بعد أن جعل النشر التقليدي حواجزه فضلاً عن مجتمع الجهل والحسد والاحتكار القاتل للإبداع والابتكار والاختراع والمعوق للانفتاح على العالم ، وبطبيعة الحال هذا لا يعني أنّ كل السبل فُتِحت أمامه ، بل هناك معوقات معصرنة ، لكن يمكن تجاوز أكثرها ، والفرصة المواتية أكبر في الفضاء الرقمي أو الالكتروني .. والفرص المحدودة والتحديات والمنافسات الواسعة هي سمة الوسائل التقليدية ؛ كوكالات الأنباء والصحافة والإعلام ووسائله المتاحة التي تتحكم بها خطوط من كبت الحريات وتدمير الإبداع ، وخصوصاً في العالم النامي أو المتخلف .. إلاّ إن في الإعلام الرقمي ومنه الصحافة الرقمية أو الالكترونية ، تختفي الكثير من المعوقات والتحديات ، إلاّ تحدي القدرات والإبداع وما مطلوب من تنمية وتطوير القابليات ومناظرة الآخر ، وغالباً يكون للأفضل ، وخصوصاً إذا ما وجد المُتلقِّي الواعي والمثقف ، لكون الفرص في أغلب الأحوال متساوية .. وتلعب البُنى التحتية للثقافة والتعليم الالكتروني والإعلام الرقمي أو الالكتروني ومنه الصحافة ، ومن البنى التحتية الكهرباء والحاسوب والانترنت والاتصالات ، فلا يمكن لعولمة الفضاء الرقمي إلاّ عبر توافرها وفي تناول الجميع ، لتصبح الفرص متساوية ، ونظرياً ووفق توصيات المؤتمرات المتخصصة في هذا الجانب ، رأت خطورة الفجوة الرقمية الواسعة بين الغرب والشرق ، بين الدول المتقدمة والدول النامية والمتخلفة ، وأوصت بتوافر ما يردم الفجوة التي تتفاقم يوماً بعد يوم ، والعالم في انفجار معلوماتي كبير ومتسارع ومتصارع .. فمثلاً يمكن أن يكون تقليص الفجوة للدول النامية ، تخدم كل الاتجاهات ومنها الصحافة الالكترونية ، وبيان جانب منها بالآتي : 1- توافر الكهرباء بشكل دائم وتطويره ليستوعب ما يتطلبه واقع الالكترونيات .. 2- توافر وإمكانية دعم الأجهزة المتطورة من قبل الدول الكبرى والصناعية ، ومنها الحاسبات الالكترونية ، التي هي بدورها نفعاً متبادلاً استراتيجياً وعلى مختلف الصُعد .. 3- خفض أسعار ورسوم واشتراكات كل أنواع الاتصالات .. 4- دعم وتطوير وتنمية البيئة الافتراضية ، بالاتجاهات الأفقية والعمودية والجانبية ، التي تنمِّي القابليات والقدرات ، وتجعل انسيابية مناسبة للجوانب المادية وغير المادية والبشرية .. 5- توسيع مختلف الخدمات ومنها خدمات ما بعد البيع والتدريب ومعالجة كل المعوقات التي تحول دون تنمية وتطوير النفع المتبادل ، وتحقيق فرص متوازنة ومتوافرة للجميع .. 6- الاهتمام ضمن الخطط وصياغة الاستراتيجيات بتنمية قدرات الإنسان وتوافر ما يدعم تنمية وتطوير قدراته وإشباع ما يتوق لتوافر الفرص ، واعتبارها كحاجات ، ممكن أن تبني استراتيجياً ، المستقبل المثمر لكل الإمكانيات .. 7- الاهتمام بسبل بناء الإبداع التخصصي عمودياً وأفقياً ، فعند توافر الفرص والتدريب والتعلم والتعليم والتأهيل وبشكل يكون الجانب الفكري التنويري في طليعة ، وإتباع أسلوب تعلم كيف تتعلم ثم تعلم لتبدع .. 8- بناء شبكة اتصالات متوافقة مع التطورات وتنمية الشعوب النامية ، فجميع نتائجها الإيجابية سوف لا تكون حكراً على الدول المستفيدة ، وإنما ستمتد بنفعها الكبير إلى الدول الكبرى والصناعية ، وهو أمر بديهي لكل متخصص اقتصادي واجتماعي وتربوي .. 9- لابدّ من معرفة مَنْ يختار المعلومات والبيانات والمعارف ، والمنحى الثقافي ومدى استقلاليته وموضوعيته وإيمانه بحرية الرأي والمحاورة والرأي الآخر ، وممن وماذا يختار بالتوقيت والموقع ، وهي أرضية خصبة تنفع بموجباتها وإيجابياتها لبناء حقيقي للفضاء الصحافي الالكتروني ، وتعطي مستوى انطباعي بمستوى ما تحققه من حيادية وموضوعية ونفعية ، بلا عنف ومسبباته للإنسانية ، ونُبل المواقف في هذا المجال .. 10- لا يمكن اللحاق بالركب العالمي ، إلاّ بمعرفة كيفية اختزال الفضاء المعلومات الالكتروني ، وبث الروح الثقافية في استخدام أفضل المواقع وقنوات الاتصالات ، ومنه المواقع المعلوماتية – الخبرية ، والوصول إلى ما يوصل الصوت عبر أحدث السبل لاستثمار الصحافة الالكترونية ، وبشكل عقلاني ، قد لا يأتي بأكله على المدى القصير .. 11- لابدّ من بث روح الثقافة الرقمية وماهية وكيفية استخدامها ، واختيار التقنيات المناسبة المتواصلة العطاء والبناء الفكري والمهني الصحافي .. لذا فالعالم الرقمي وعالمية الشبكية ، ومدى تغطية أساسياتها المتشعبة ، لا يدعم الاتجاه الصحيح ، إلاّ من خلال الثقافة الرقمية المتواصلة التطوير والتطور والنمو ، والتوسع الكبير والمناسب في عالمه الرقمي ، وما يتطلبه من سهولة وإمكانية جعل كلفتها معدومة ، وخصوصاً ما يأخذ مجاله في إنشاء موقع ويب شخصي نافع ومفتوح على هذا الفضاء اللا محدود ، بما فيه هويته الرقمية الشخصية النابعة من المحلية إلى العالمية ، مع الاهتمام في العالمية على أساس التحديات والمخاطر والمنافسة .. فالخبر والمعلومة وكيفية بناء مكوناتهما وحبكة محتواهما ، فضلاً عن ما تقدم ذكره ، هو جانب مما يحدد ويجدد نجاح الصحافة الالكترونية ، وعلى الرغم من أنّ هناك خطوات لا بأس بها للصحافة الالكترونية العربية ، إلاّ أننا نفقد خصوصية إبداع هذه الهوية المستقلة الجذابة للقرّاء بشكل منتظم ونافع .. لذا تفقد خصوصيات مستقبل الصحافة الالكترونية القائمة بذاتها في البلدان النامية والمتخلفة ، لِما تتحكم القيود بحرية الرأي والرأي الآخر وصميمها الموضوعي العقيم الذي يُبنى على خطط سيناريوهات الإثارة والتمثيل الأجوف ، سرعان ما يزول بفضح مغزاه .. وترى الصحافة الالكترونية الأجنبية لها خطها الواضح بخبراته التخصصية المتكاملة ، وشخصيتها وشخصية مَنْ له مؤهلات الخبرة الإدارية وفن التوجية التنسيق وتمويل ودعم وتسويق الخبر ، وهنا التسويق قوة وفرصة المؤسسة الإعلامية الالكترونية ، البعيدة عن عقدة النقص والامتثال لتقمص شخصية تضعف بعدم تكافؤها وتصنعها في نقل الحدث .. وهو واضح في تصفحنا واستقرائنا لواقع الصحافة في الدول النامية ، ومنها الصحافة الالكترونية ، وقد يكون أحد أسبابها خزين اللاوعي الشمولي المهيمن على سلوكيات الوعي ، وأبسط مثال فكرة الفئوية الشمولية الواحدية المسيطرة بامتثال الآخرين للانصياع لها ، وإن تمرّدت فتتمرد بثقافة العنف ، وأسهلها بالكلمة الخبرية ، وضياع المنهج التخطيطي للتغيير ، وضعف القدرات بقوتها ، لعدم وجود التنسيق المشترك .. وترى الفلسفات بلا شخصية ، والاستراتيجيات بلا إستراتيجية تدعمها بالرؤيا الواضحة بقوة مكوناتها واستثمار فرصها ، فتراها تضعف بلا مبرر ، وتمهِّد للتهديدات باستسلامها لشبح القدر الجاهز بتقنيات الغير ، ويكفي بأقلها أزمة تنهار فيها المجتمعات والاقتصاديات والثقافات ، ومصداقية الحقوق والواجبات والتعدي على مختلف الحريات ، بأعذار واهية .. ومن هنا لابدّ للخطط أن تُدخِل في ذاكرتها الفضاء الرقمي واستخداماته بآلية وأدوات ، تدخل ضمن جميع دوائر وأنماط الفضاءات الشبكاتية الواسعة بلا حدود ، وما تنجح في تنمية شخصية الصحافة الالكترونية الوطنية المفتوحة ؛ للدول والشخوص المعنوية والحقيقية ، واتساع دائرة المعلجة المعرفية التنويرية ، المبنية على أساس المعلومات المناسبة والصحيحة ، وتنمية القدرات الخلاقة ، في ظل الابتعاد عن الخطاب العقيم ، ويبني منهجية الثقافة الموضوعية والاستعداد بالقدرات لبناء إيجابي لوحدة المصير والمستقبل المشترك ، ووضع الحلول لكل مشكلة قبل تفاقمها ، بموجه التقييم والتقويم ، وبإسهام التقنيات الرقمية المستخدمة ، لتكامل مجموعة الحلقات المعرفية وتبادلها النفعي – الإشباعي ..
#هاشم_حسين_ناصر_المحنك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسواق الكوفة في العهد الراشدي
-
استذكار خطط الكوفة
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|