عوني زنون أبوالسعيد
الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 20:22
المحور:
القضية الفلسطينية
حكاية فلسطينية في يوم المرأة العالمي
عوني زنون أبوالسعيد
في يومٍ كانونيٍ قَارِس البَرد شديد المطر عَصَبَت جرحها بعناية حتَّى لايراه و رَبَطَت علَى قَلْبِهِا المَفْطورِ حُزْنَاً و كَمَداً .
ثم ركبت صهوة الليل لتطارد المسافات وتلاحق الزمن لتسترق بضع لحظات تسمع فيها صوت ابنها الأسير
وتشبع ناظريها من وجهه متفقدة جسمه عضوا عضواً .
فلم تكن تعرف للسكون معنىً تنتظر مواعيد الزيارة كما ينتظر الطفل هلال العيد ، تجوب فلسطين المحتلة من أدناها لأقصاها متحملة وعثاء السفر
و حقارة جنود الحواجز وجلافة رعاع الإحتلال وقسوة الصحراء وهجير الصيف وصقيع الشتاء من أجل بضع دقائق يسمح بها بالزيارة .
من سجن سرايا غزة إلى معتقل عسقلان (المجدل) إلى نفحة الصحراوي والنقب (كتسيعوت) وسجن الرملة وكفار يونا (بيت ليد ) وسجن بئر السبع .
تذهب كاتمة همها و شَظَف العيش ، مُحمَّلة بالحب والأمل وبأسرار الحياة وبما يحتاجه من متاع ،
تبيع بعض متاع البيت وأغراضها الشخصية حين لم تجد مصاريف السفر لزيارة المعتقل وشراء إحتياجات ولدها لتبدو أمامه قادرة على تلبية كل ما يحتاج .
أخيراً بعد طول وَعْثاء السَّفر عانقت بعينيها ولدها و تمنت لو تحطم الجدران و الاسلاك و حاجز الشبك المعدني الذي يحول بينها و بينه .
و بينما تهمس لابنها بقلبٍ حانٍ ؛ فجأة أقامت الدنيا وملأت باحة الزيارة في السجن لعنات وصراخ على رأس جندي صهيوني تجرأ ووضع يده على كتفه ،
وإستحلفته بأغلظ الأيمان أن يغتسل و يطهِّر قميصه الذي مسَّه اليهودي الصهيوني الدنس النجس .
خلال ثورتها وقع ما كانت تحتاط له و تحذر منه ، فقد كُشفت عصابة جرحها ، و ألحَّ ابنها على معرفة سبب الجرح الكبير أعلى جبهتها ،
فصارحته مرغمة أن جنود الاحتلال أوسعوها ضرباً بأعقاب البنادق والهروات لأنها خبأت بعض المتظاهرين و رماة الحجارة ، و هرَّبتهم عن أعينهم .
في هذه اللحظات كان حراس السجن اللئام يتجهزون لحجزها بسبب شتمها للصهيوني الذي دنس قميص ولدها ، ولولا أنَّ الله أعمى بصيرتهم
و انشغلوا باستجواب شبيهة لها ، أفرجوا عنها بعد لحظات لعدم معرفتها بالامر ، لحجزوها في الزنازين .
هذه المرأة هي أمي .
سيدة العناد التي شج رأسها وأصيبت بالسكري و العَصَبِي و هدم العدو منزل أسرتها بعد اعتقال ابنائها الثلاثة .
إنها الحنونة الحانية
أكرمني الله بأن أنجبتني من رحمها و أرضعتني شموخها .
إنها أمي رحمها الله وجزاها أجر المجاهدات المرابطات .
#عوني_زنون_أبوالسعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟