النفط في ارض السواد / ومضة سياسة ام قصيدة اقتصاد

ادريس الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 10:37
المحور: الصناعة والزراعة
    

تاريخياً عرف أهل العراق النفط منذ قديم الزمان فقد استخرجوا القار من منابعه على مقربة من المنابع النفطية واستعملوا مشتقات النفط في بناء برج بابل وبناء المنازل وتغطية جدران القنوات والسفن ومخازن الحبوب وفي التدفئة والإنارة ، ومن الرسوبات المتجمعة في بلاد ما بين النهرين ظهر الوهج الأحمر الأبدي للغاز الطبيعي الذي أثبت وجود النفط في أعماق أرض العراق منذ أقدم العصور في التاريخ . وفي فجر القرن العشرين بدأت صناعة النفط وإنتاجه وتكريره وتنظيم تجارته تتقدم تقدماً سريعاً ومضطرداً وازدادت كذلك عملية استنباطه واستخدامه حتى استعمل في البواخر والمعدات الحربية 0
ومن أهم الظواهر التي تميز به هذا القرن هو التقدم السريع الذي حققته صناعة النفط الحديثة وأساليب احتكاره في العالم بسبب أهميته السياسية والعسكرية 0
ورغم هذا الماضي التاريخي المعروف فأن الحدث الجديد المتعلق بالنفط في العراق الآن هو احتلاله التصنيف الثالث في احتياطي العالم ليحقق بذلك انتعاشاً اقتصادياً للبلد من جهة ووباءً سياسياً من جهة أخرى حيث إن صناعة النفط أصبحت عملية سياسية أكثر منها اقتصادية إذ صعب على المختصين حساب نسبة طابعها السياسي إلى طابعها الاقتصادي لان هذه النسبة تنعكس بصورة تقريبية في تسعير برميل النفط الخام المستخرج من مناطق وجوده وهذا ما ينبغي أن نفهمه بوضوح كذلك الأمر الثاني الذي يأخذ أهميته في هذا الجانب إن صناعة النفط في العالم تسيطر عليها أمريكا إلى حد كبير فأكثر شركات النفط الكبيرة أمريكية كما وان نفوذ أمريكا وقدرتها تؤثران تأثيراًُ كبيراً على المسائل الدولية لذلك نرى إن الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد على إبقاء النفط والسوق النفطية تحت هيمنة الدولار الامركي وعدم السماح للعملات الأخرى بدخول هذا المضمار 0
ومما لا شك فيه فأن العالم بمجموعة سيزداد اعتماداً من الناحية الاقتصادية عاماً بعد عام وبصورة ملحة على احتياطي النفط في البلدان العربية الغنية بموارد النفط وفي مقدمتها العراق إذا ما توصل في المستقبل القريب إلى إقرار قانون النفط والغاز الذي تبني عليه الولايات المتحدة الأمريكية آمالا كبيرة 0
الأمر الذي جعل الحكومة الأمريكية تسرع في سحب تأييدها لإجراءات إقليم كردستان الخاصة بحقول النفط كونها قد احست بأن إجراءات حكومة إقليم كردستان النفطية ستؤدي إلى رد فعل كبير ربما يعطل قانون النفط والغاز الذي تراهن عليه الولايات المتحدة باعتباره المنفذ الأساسي لسد احتياجاتهم والسيطرة على احتياجات حلفائهم الأوربيين وغيرهم ومحاولة خنق القوى الصاعدة ذات الحاجة العالمية للنفط لكي يبقى النفط سلاماً سياسياً واقتصادياً بيد الأمريكان 0



أما اليوم وبعد تصريح الرئيس الأمريكي أوباما الأخير ( إن أمريكا ستكون عام 2015 بلداً مصدراً للطاقة من نفط وغاز ولن نستورد بعد هذا التاريخ القريب هاتين المادتين من السوق الدولية عموماً والعربية خصوصاً )
فهذا التصريح الصارخ يعني إن سياسات الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط عموماً ستنقلب رأساً على عقب وستكون منطقة هامشية الأهمية بالنسبة لاستراتجيات واشنطن الدولية التي ستقلل حتما من هذا الاهتمام ، ورغم ذلك فقد تعرض هذا التصريح إلى تقديرات بعض الخبراء حيث رجحوا وجود عوائق تمنع تحقيق استقلال أمريكا للطاقةوتحويلها إلى مصدر للنفط والغاز لاعتبارات كثيرة أهمها موقع العالم العربي الستراتيجي بين قارات العالم وقربه من طرق الوصول إلى المحيط الهادي الذي تعتبره أمريكا بديلاً عن البلدان العربية كذلك إن الحجم الهائل لموارد دول النفط العربية المالية التي تلعب وستلعب غداً دوراً مهما وحاسماً في استقرار الاقتصاد الدولي العام .لا يعني ما تقدم تجاهل الآثار التي ستنجم عن دخول أمريكا كمصدر إلى السوق الدولي وما سينجم عنه من تعقيدات وملابسات لابد أن تخضع لدراسات كبيرة ومتعددة وتعقد حولها مؤتمرات متخصصة تكشف منطويات هذا التطور الفائق الأهمية قبل أن يباغتنا بما لا نتوقع ونريد ونقترف أخطاء لاشك في أنها ستكون مصيرية بالنسبة لنا لما للطاقة وعوائدها من أهمية لاستقرار دولي ونمو مجتمعي .

#ادريس_الحمداني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات