|
هل ينجح جون كيري في نزاع الصحراء بعدما أيدَّ سابقا البوليساريو ؟
منافع محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 19:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل ينجح جون كيري في نزاع الصحراء بعدما أيدَّ سابقا البوليساريو ؟
في شهر أبريل المقبل، سيعالج مجلس الأمن النزاع المفتعل لوحداتنا الترابية، مما يطرح معه الكثير من تساؤلات حول الموقف الأمريكي الجديد بعد تولي جون كيري عمادة الدبلوماسية الأمريكية، الذي يعتبر من السياسيين الأمريكيين الأكثر تأييدا "للبوليساريو" وضغط رفقة أعضاء من مجلس الشيوخ في الماضي لكي تؤيد واشنطن بشكل صريح ما يسمى بـ "تقرير المصير".
مرة أخرى وعلى غير العادة تجد الدبلوماسية المغربية نفسها في وضعية محرجة، بعد تولي جون كيري وزارة الخارجية الأمريكية عوض الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون التي تعتبر حسب العديد من المراقبين المغاربة من أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين التي دافعت عن مصالح بلادنا داخل جدران البيت الأبيض طيلة تاريخ العلاقات المغربية- الأمريكية، ويشكل رحيلها على رأس الأم العمادات الدبلوماسية الأمريكية خسارة للمغرب خاصة في وقت دخل فيه نزاع الصحراء مرحلة حساسة للغاية وشكلت كلينتون توازنا للتقليل من العلاقة الباردة التي طبعت الولاية الأولى لرئيس الأمريكي بارك أوباما مع المغرب، رغم رسائل الود التي ما فتئ يواجهها المغرب خلال كل المناسبات الأمريكية. المقلق لدى الدبلوماسية المغربية بعد تولي جون كيري عمادة الدبلوماسية الأمريكية، يبرز حسب بعض المحللين في أن العلاقات مع البيت الأبيض طيلة فترة حكم بارك أوباما اتسمت بطابع البرودة بين البلدين، إذ لم يزر الملك محمد السادس واشنطن كما لم يسبق للرئيس باراك أوباما أن هاتفه مباشرة، زد على ذلك رؤية وزير الخارجية الجديد جون كيري إلى العالم والتي لا يتردد في توجيه النقد اللاذع إلى بعض الأنظمة التي لا تحترم الديمقراطية، في هذا السياق يؤكد عبد الفتاح الفاتحي، أن جون كيري ليس بمقدوره أن يبتدع ما سماها مقاربة دبلوماسية جديدة مغايرة لسياسة سابقته هيلاري كلنتون في قضية الصحراء لاعتبارات عدة منها، يحددها في أن كيري بإمكانه أن يطبع ملف الصحراء بأسلوبه الخاص بما يعرف عنه من اطلاع كبير على ملف الصحراء، إلا أنه لا يمكنه أن يحيد عن الخطوط الكبرى الذي حددها الرئيس الأمريكي بارك أوباما أو بالأحرى أجندة الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له جون كيري، زد على أن هيلاري كلينتون وإن كانت لها رؤيتها الخاصة في سياق ملف شديد التعقيد كمسألة النزاع في الصحراء، فإنها ترجمت روح السياسة الخارجية لبارك أوباما والحزب الديمقراطي، وأسلوبها سيبقى ذات المضمار الذي يسير عليه جون كيري، ويردف الخبير في قضايا الصحراء والشأن المغاربي أن التكهنات حول نموذج سياسته الخارجية مثيرة للجدل، لاسيما أنه كان عراب مطلب انفصال جنوب السودان عن شماله، ومدافعا عن تقرير المصير في الصحراء، ويعد سندا لكيري كيندي رئيسة مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان، مضيفا أنه من طبيعي أن تزداد توجسات المغاربة من أن يباغتهم بمواقف ليسوا مستعدين لها سيما وأن للرجل مواقف سياسية متطرفة حيال قضية النزاع في الصحراء، إذ سبق أن وجه سنة 2001 أيام كان عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي رفقة أعضاء آخرين رسالة قوية إلى وزير الخارجية وقتها، كولن باول يدعوه فيها إلى الدفاع عن تقرير المصير في نزاع الصحراء، مبرزا أنه في سنة 2003 أجمع مجلس الأمن الدولي على استحالة إجراء الاستفتاء ليدعو إلى البحث عن حل سياسي توافقي، ولذلك فإنه من المستحيل حسبه أن يعود كيري إلى موقفه السابقة، كما أن مرور أزيد من عشر سنوات على موقفه ذاك معرض لكثير من المراجعة، وهذه إحدى المؤشرات التي لا تفيد بأنه لا ينتظر أن يكون لكيري مواقف مؤيدة لتقرير المصير كما سبق وأعلن عنها منذ عشر سنوات مضت.
المغرب وأمريكا...علاقات راسخة رغم المسافة الشاسعة بين البلدين الصديقين، تبقى العلاقات المغربية الأمريكية راسخة في التاريخ الذي يشهد على عظمة العلاقات المتميزة بينهما، ورغم أن المغرب لا يحظى بأولوية في الأجندة الأمريكية الخارجية الحالية التي تركز على الملفات الكبرى مثل الملف النووي الإيراني والقضية الفلسطينية ومحاولة التأقلم مع الخريطة الإستراتيجية الجديدة التي أفرزها الربيع العربي ببعض بلدان المنطقة، إلا أن الرباط ترغب في توازن لجون كيري مستقبلا وأن لا يتغلب عليه تعاطفه في الماضي على المواقف الكلاسيكية لواشنطن من النزاع المفتعل للصحراء المغربية، ويرى بعض المتتابعين للشأن المغربي-الأمريكي، أن موقف الأمريكي الداعي إلى بذل الجهود لإيجاد حل سياسي دائم متوافق عليه مبني على الواقعية للنزاع مبرزين أن الاقتراح الذي تقدم به المغرب من أجل حل هذا النزاع في إطار حكم ذاتي موسع في إطار السيادة المغربية يمثل أرضية لإيجاد هذا الحل، إلا أن جبهة البوليساريو لا تتمسك بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة الداعية لإجراء استفتاء يقرر الصحراويون من خلاله مصيرهم في دولة مستقلة أو الاندماج بالمغرب. في هذا الصدد يبرز عبـد الفتـاح الفاتحـي، أن زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون مؤخرا إلى المغرب ولقائه بالملك محمد السادس، وما عبر عنه من إشادة في أسلوب أداء محمد السادس بعد انسحاب زوجته هيلاري كلينتون من الخارجية الأمريكية، في ذلك الكثير من دلالات دعم الحزب الديموقراطي الأمريكي للسياسة المغربية وعلاقاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك ضمانات بأن جون كيري لا يمكنه أن يعمل على حل نزاع الصحراء على حساب الحليف الاسترتيجي لأمريكا في محاربة الإرهاب وغيره، مضيفا أن قراءة في أول خطاب رسمي وعلني لكيري بجامعة فرجينيا يتلمس أن مواقفه ستكون أكثر براغماتية في أدائه الدبلوماسي تجاه كل القضايا، حيث سيتم الرهان على اللين الدبلوماسي في حل العديد من القضايا الشائكة في نزاعات العالم. ويتعزز هذا الطرح بإعلانه قبول زيارة إيران كأكبر مسؤول أمريكي منذ ثورة 1979، يترأس وزارة خارجية الولايات المتحدة. مردفا أن رصد التحركات الأولى لكيري بعد زيارته لمنطقة الشرق الأوسط عقب تسلمه زمام الخارجية الأمريكية وما صدر عنه من تصريحات لا يشي بأن أسلوبه سيختلف كثيرا عن أسلوب كلينتون. ولذلك فمن المستبعد أن يأتي كيري برؤية مغايرة للسياسة الخارجية الأمريكية القائمة على مبدأ القوة الناعمة، وهو ما يتماها معه كيري كلية، فضلا عن ما عبر عنه في خطاب فرجينيا حينما قال بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل على حل النزاعات في العالم عبر الدبلوماسية بدلا من القوة العسكرية، مؤكدا حتى وإن كان ولابد من بصمة خاصة للرجل في أدائه الدبلوماسي إلا أنه لا يمكن لجون كيري أن يتجاوز مسارا تاريخيا للولايات المتحدة الأمريكية في تحالفها الاستراتيجي مع المملكة المغربية، كما أن أسلوبه قد لا يتجاوز أخذ العصا من الوسط، ولذلك فإنه من الوارد جدا دعمه لمنهجية عمل المبعوث الشخصي للأمين العالم بان كيمون إلى الصحراء كريستوفر روس لمواصلة جولته المكوكية بحثا عن حل سياسي متوافق عنه، ودعمه لأمم المتحدة حينما تنكب على صياغة تقرير مجلس الأمن الدولي تقرير الحالة حول الصحراء لأبريل 2013، وكذا حين تقييم سيرورة المساعدات العسكرية الأمريكية للمغرب خلال فترة 2013، لاسيما وأن المملكة المغرب تعيش على وقع ضغط حقوقي قوي عقب محاكمة متهمي مخيم اكديم إيزيك بأحكام سجنية طويلة.
أمريكا ووحدتنا الترابية بعد كل مرة تلوح فيها نقطة ضوء في عتمة مسار المفاوضات بين المغرب والبوليساريو حول الصحراء، واستعداد المغرب لمناقشة مبادراته التي تحظى بإجماع دولي وعربي، تأتي تحذيرات جديدة لدبلوماسيين أمريكيين سابقين من تدهور الوضع الإنساني في مخيمات تنذوف حيث آلاف الأشخاص يحتجزون في ظروف غير إنسانية ضدا على الاتفاقيات الدولية المعنية، في الوقت التي مازالت تمارس فيه البوليساريو سياسة التخوين والكيل بمكيالين في سبيل عرقلة مسار المفاوضات، وعليه سيعالج مجلس الأمن النزاع المفتعل لوحداتنا الترابية، خلال شهر أبريل المقبل، مما يسيل الكثير من المداد حول إبداء كيري لانشغاله بمسألة السلم والأمن حيال أزمات التوتر في العالم، وهو ما يؤكده الخبير في قضايا الصحراء والشأن المغاربي مبرزا "إنه على هذا المستوى تتوحد رؤيته بما سبق وأعلن عنه كريستوفر روس حين دعا في تقريره الأخير حول الصحراء إلى عدم الاستهانة بنزاع الصحراء لضمان الأمن الإقليمي في منطقة الساحل والصحراء. حيث يشترك الرجلان في العمل على ضرورة تسريع حل نزاع الصحراء للقضاء على ما من شأنه تهديد الأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، إذ تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية خطرا استراتيجيا على مصالحها الحيوية في المنطقة، لاسيما بعد مقتل سفيرها ببنغازي الليبية، ولذلك لإزالة هذا التهديد فقد أقامت على الأراضي النيجيرية قاعدة جوية لطائرات بدون طيار". ولهذا فإن عبد الفاتح الفاتحي يتوقع أن تشهد قضية الصحراء ضغطا في اتجاه تكثيف المفاوضات، إلا أنه من المستبعد جدا أن يتم إيجاد تسوية على حساب الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي المغرب، لكن، وعلى الرغم من استبعاد بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "المنورسو" من تغييرات حفظ السلام، فإن الورقة الحقوقية ستبقى جد مؤثرة حين عملية صياغة تقرير الحالة حول الصحراء لأبريل 2013، مما سيكلف المغرب الكثير من المكتسبات السياسية التي دعم بها موقفه التفاوضي. وإن يكن أن لاشيء جديد يمكن أن يثيره جون كيري تجاه المغرب أكثر من الورقة الحقوقية، وهو أمر سيتكرر أكثر من خلال تقارير مجلس الأمن لحقوق الإنسان بجنيف، وكذا بعد صدور تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان في المغرب. أي أن الضغط الأمريكي سيتم فقط على هذا المستوى، وذلك عبر مراجعة إجراءات استفادة المغرب من المساعدات الأمريكية العسكرية حيث تدافع اللجنة الخارجية الأمريكية على ربطها حكرا بمسألة تطور مسار حقوق الإنسان في المملكة المغربية.
#منافع_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحات -سكوب- المغربية..مرآة مجتمع فقد عذريته
-
تقرير حول الزيارة الميدانية لمحطة الجهوية للشركة الوطنية للإ
...
-
يوم بالمديرية الوطنية للأرصاد الوطنية الدار البيضاء
-
وضعية المرأة القروية المغربية
-
الهروب الكبير
-
الرجل المغربي والمرأة المغربية أية علاقة
المزيد.....
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|