حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 11:58
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
هل تعرف ين نفسك؟
اخترت لغة المتكلم لأساب أهمها نفسية_ لا أعرف لماذا بالتحديد: هكذا أرتاح
*
لو أن السؤال طرح علي منذ عشر سنوات, لاعتبرته حشرية زائدة وربما ترفّعت عن الإجابة وحتى التفكير بالسؤال من أصله.
واليوم( 5أذار 2013 ) أدرك كم أخطأت بحق نفسي وغيري, وخسرت بسبب جهلي لنفسي أولا, وحتى لا أقع في مصيدة الغرور_ توأم الجهل السيامي, أحاول أن أفكر قبل أن:
*
لمعرفة أي كيان حي نحتاج لأدوات وتصورات ومعلومات ,متعددة ومتنوعة, في الأساس منها الحدود والعناصر والمسافات و شرط آخر_ دائما هو الأصعب : تصّور قريب من الدقّة للتغيّرات التي تحدث في الشروط القياسية ثم الطبيعية, وأخيرا في الشروط الحرجة.
ألا تتطلب معرفة النفس كل هذا الجهد والتعقيد, وتستحقهما؟
ربما التجربة الغريبة إلى حدّ كبير ( فيزا هجرة شرعية لأمريكا مع إقامة وعمل ,منع سفر, خسارة الوظيفة والبطالة, طلاق,العلاج النفسي, رحلة اكتشاف الذات,....وما تزال في بدايتها على الأرجح), ساهمت مع قراءة كتب عظيمة, والحظوة بصداقات وعلاقات رائعة مع تغيير في السلوك ونمط التفكير, ذلك ساعد في توضيح بعض المفاهيم والقيم والأفكار_ وهي مجتمعة سبب هذه التجربة الجديدة في الكتابة.
لا يختلف تصوري الحالي حول النفس, عن الخارطة الأساسية التي رسمها فرويد ثم أضاف لها يونغ اللاوعي الجمعي ثم تتالت الإضافات والتوضيحات وصولا إلى الصورة المتفق عليها أيامنا, النفس الإنسانية بقطاعاتها أو مستوياتها الثلاث:
1_ المعتقدات والأفكار الثابتة مع القيم والمفاهيم الأساسية,أغلبها موروث وهي نتاج الثقافة والمجتمع وبقية مؤثرات البيئة_وجزء منها أفكار جديدة هي مصدر التفكير الايجابي والفرح
2_ العواطف والمشاعر والأحاسيس, متغيرة بدرجة كبيرة, مع حفاظ نسبي على خطوط رئيسية: من جهة يحددها المجتمع وفي القطب المقابل الشخصية الفردية الخاصة بك وبي.
3_ اللاوعي بجزئيه الفردي والجمعي, خزان الشخصية واحتياطيها اللامحدود.
حدود الشخصية ليست واضحة تماما. في الأسرة يختلط التأثير الاجتماعي مع العوامل النفسية_ الفردية, ويزداد التعقيد مع الثقافة ونظم الأخلاق والقوانين والأعراف الاجتماعية. كذلك الأمر بالنسبة لعناصر الشخصية, كل العلاقات دينامية_ تأثر وتأثير متبادل وفي حالة الحركة المستمرة, والتغيرات أكثر سرعة من إمكانية الضبط اللازمة للقياس واستخلاص نتائج ثابتة. ومع ذلك المعرفة النسبية (بالنفس) يمكن مشابهتها بمعرفة الكون أو الذرة, هي أفضل من الجهل التام_ وتعبيره الأساسي في العنف أو الأحادية أو التقليد أو التكرار.
معرفتي وتجربتي وخبرة حياتي مجتمعة, جزء ضئيل من المجهول الهائل الذي أعيش فيه_ بالكاد أتلمس بعض خطوط تقريبية, كما يحدث الآن, مع إدراكي لما "لا أعرف" واحترامه.
*
السؤال المباشر: أي جواب يناسبك( أين تجدين نفسك):
_ معرفة جيدة بالنفس: رؤية وخطط واضحة لخمس سنين قادمة, في الشروط الطبيعية
_ معرفة متوسطة : رؤية وخطط لسنة واحدة
_ معرفة سيئة :رؤية ضبابية للشهر نفسه الذي تعيشه, وينحدر الوضع أكثر إلى يوم.
الخيار الأخير عشت معه خمسين سنة وأنا أظنها استجابتي للخيار الأول.
معرفة النفس السيئة _ الجهل الذاتي, هو الوضع الشائع والعام, اختباره متيسر بسهولة. عدم المقدرة على الالتزام: التناقض بين الرغبة والمقدرة, ونتيجته المباشرة الكذب الصريح وبصورته البدائية. لا يدرك المرء أبعد من شهر. الحياة بمجملها سلسلة من ردود الأفعال, والشخصية في حالة غضب وتذمر أو صمت مقهور واجترار صورة الضحية _البطل.
كثيرون يعلقون في هذا الوضع مع بداية الشباب, استبدال العيش الفعلي كما تعطيه الحياة والمجتمع بأحلام يقظة تتحول مع الزمن, إلى عقيدة ودين شعبويين لا يفهمهما حتى الشخص الغافل نفسه. والنتيجة تعميم سلوكيات وحتى عبارات بعينها, فارغة من المعنى (الدلالي والاجتماعي), ومظهرها المشترك: الاحتقار الذاتي_ الاجتماعي المتبادل.
المعرفة المتوسطة يمثلها إلى درجة كبيرة الشخص الناجح اجتماعيا. يعرف الشخص بوضوح ما الذي يريده في حياته ومنها, يعرف كذلك العقبات والعوامل المساعدة, حياته لمدة سنة قادمة تحت سيطرة الوعي والإرادة. وفي هذا الحيّز تبرز العبارة الذهبية: العدو للأفضل دائما الجيد. بمعنى التهويل من حجم الخسارة في حال محاولة تغيير الوضع إلى الأفضل, والتقليل من شأن المعرفة والجديد. ما يصيب الحياة بالجمود والتحجر بعد حين
هل تعرفني أكثر مما أعرف نفسي؟
أكثر الأخطاء الشائعة يضمرها هذا السؤال, ويظهر النرجسية المعممة بعد تمويهها جيدا بالمنطق! لا, بالحذلقة اللغوية التي هي الشرط الأول للاحتيال على النفس وعلى الآخر.
بعدما تفرغ اللغة من المعنى, ما الذي يتبقى؟ كيف نتفاهم, نختلف, كيف يعبر شخص عن أي شيء! في كل أسرة الجواب واضح وساطع: الأخوة والأهل يعرفون الصفات الشخصية الأعمق لبعضهم خصوصا جوانب الضعف_ ويبقى الجهل الذاتي, ربما لغياب الثقافة النقدية؟
كيف يعرف إنسان نفسه؟
كم نسبة الذين يحاولون معرفة أنفسهم بجدّ وصبر وتفهّم؟....
السؤال: أين أنا
يمكن معرفة المشترك الإنساني عبر الثقافة والاطلاع وهو كثير جدا. كافة العلوم الحديثة تبرز الخطأ القاتل في فكرة العنصرية( الذي أخطأته بعض كبار عقول البشرية...وهل القومية بعيدة عن الموقف العنصري!) ليست في المجال البيولوجي فقط, بل الاجتماعي والنفسي. تقوم كل العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية على حقيقة المشترك الإنساني .
ويبقى الجانب الشخصي_ الفردي والفريد في كل منا, كيف يمكن الوصول إليه وإدراكه؟
لا أعرف أكثر من تجربتي الشخصية مع سنة 2011 .
لم يكن يخطر لي على بال, أن بمقدور الشخص تغيير مشاعره؟
نشأت مع جيل كامل يمتدح الثبات على الرأي والفكرة, ويعتبر التغيير أو التذبذب بتعبير تلك الأيام أقصى درجات السوء.والشعارات :الحياة موقف. وقفة عزّ. نكون أو لا نكون. وغيرها.
وأكثر ما كان يخيفني العزلة والنبذ الاجتماعي. لقد عشت شبابي كله تحت رهاب النبذ, ومع وصول الخمسين تحصل أكثر خبراتي دهشة وغرابة: أتدبر أموري جيدا بمفردي!
في السنوات الأربع الماضية كنت أتعرف على نفسي( وما أزال) وأكثر ما أثار دهشتي, أن الكثير من مواصفاتي يعرفها المقربون وأجهلها تماما. لقد اكتشفت أفضل صديق_أنا. ونحن نمضي أوقاتا طيبة بالفعل.
_ كيف تبقى لوحدك كل هذه الأوقات؟ ألا تضجر, تتعب, تخاف...
_ أنت في موقف الحب
*
عادات قديمة تنازعها عادة أو اثنتان جديدتان على مركز القيادة والتحكم في الذهن.
هكذا ترى نفسك اليوم
اليوم كل يوم
أي عادة تتحول إلى إدمان بالتكرار
كل إدمان يستهلك من طاقة الاحتياط الاستراتيجي_ ويدفع بالشخصية إلى العصاب
لا يمكن التخلص من عادة قديمة إلا باستبدالها بأخرى جديدة
الخطأ السلوكي الشائع: تريد أن تعيش يومك بنفس الطريقة التي عشت فيها بالأمس, ولكنك ترغب بالحصول على نتيجة مختلفة!
هذه أوهام وغير قابلة للتحقيق في العالم الفعلي
تريد تغيير النتيجة يلزم تغيير الطريق كله: من الفكرة إلى....... النتيجة
_ يوجد تعريف حديث للإنسان: مجموعة من العادات
*
الفارق بين عادة جيدة صحيحة وصحية_ للنفس وللآخر أيضا, واضح ولا يمكن تخطئته:
_ العادة السيئة سهولة كبرى في ممارستها وتكراراها, وبالعكس صعوبة قصوى في تغييرها
_ العادة الجيدة صعوبة ومشقة في بدايتها وتكرارها, وبالعكس سهولة قصوى في تغييرها
العادة السيئة السهولة : ضيعتني الطرق السهلة
وأنت؟
*
الغضب قميص الجهل
*
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟