دومام اشتي
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 09:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يصدق قسم كبير من الشعب السوري حين قالها بشار الأسد؛ سوريا ليست ليبيا, وسوريا ليست كغيرها من الدول التي أطاح الربيع العربي برؤسائها, قالها وصدق في ذلك, وكان يستند إلى مقولته تلك استناده إلى توصيات ومقترحات وتضمينات القطب الدولي والنظام العالمي الذي لا يزال حتى هذه اللحظة يتلاعب بمصير الشعب السوري, بمنحه جرعة من الآمل تارة وتركه عرضة للاستباحة والعيش في القنوط تارة أخرى, هي لعبة مسك العصا من المنتصف وعدم السماح بفقدان النظام لقوته تتقهقر أمام قوة الثورة والشعب والحق, والعمل جاهداً للإبقاء على حالة التوازن في وضعية العصى المعلقة بطرفيها وضعية النظام ووضعية الثوار, هي إذاً حالة ألا استقرار التي يسعى النظام العالمي جاهداً لزرعها في الوسط الثوري السوري, وكما نجح في تراجع الثوار في كثير من الأحيان عن الوصول إلى مواقع حساسة, فقط نجح في دعم النظام ولو معنوياً أو لوجستياً, والهدف الرئيسي يكمن في تفتيت ما تبقى من سوريا, إن لم يكن إعادة ترسيم الاتفاقيات الدولية القديمة وعلى رأسها أتفاقية سايكس بيكو التي شارفت على تخطي قرن من انعقادها وإقرارها
المواقف المتباينة للمجتمع الدولي
إن المتابع لسلسلة مواقف المجتمع الدولي حول ثورة الشعب السوري, يدرك وبتجلي واضح مدى التواطؤ الحاصل والتغيير المفاجئ الذي كان يحدث بين الفينة والأخرى خاصة منذ بداية الثورة وأضحى أكثر وضوحا رويدا رويدا ولعل ما يسمى بمجموعة أصدقاء سورية ليست سوى نكتة سمجة خاصة أنها الحقت الضرر بالثورة وحاصرتها مع ثوارها اقتصاديا وعسكريا, والكل يعلم انه كان بمقدور الغرب وأمريكا أن تساهم في التخفيف من وطئ الدمار وكثرة القتلى لكنها أكتفت بمشاهدة الشعب السوري وهو يذبح خلال الأشهر الأولى للثورة السلمية والتي كان يخطط لها من قبل جميع الأطراف الإقليمية والدولية والنظام في قلب الثورة الى عسكرية, وليصار بعد ذلك الى تجميع المتطرفين من جهة واتهامهم للثورة بالاسلمة من جهة أخرى, ولعل الصفاقة الكبرى في الموقف الدولي تجاه الثورة السورية تكمن في تأكيد قسم كبير من ثوار الداخل أن قسم كبير من المسئولين الغربيين أردوا الضغط على الثوار لقتال بعضهم البعض حتى يحصلوا على السلاح والمال وخاصة ضرب كتائب تحمل أسماء إسلامية, عدا عن المعضلة الرئيسية التي تمنع سقوط النظام والتي تكمن في حماية إسرائيل وأمنها فلا بد وان كانت الضرورة تقضي سقوط النظام نتيجة الرغبة الشعبية, فلا بد أن يسقط بعد تفتيت البنية التحتية لسورية وبعد أن تكون سوريا ضعيفة ومهمشة ومنهارة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ولا تقوم لها قامة ما لم تعتمد ع المعونات الغربية والتي ستفرض عليها تبعية للغرب. أما موقف روسية واللعب بالدم السوري لحساب الربح والخسارة والمتاجرة والشراء والبيع فكل ذلك بات معروفا للداني والقاصي, عدا عن شعار الروس الدائم "باب الحوار مع الروس مفتوح دوماً" في إشارة الى إمكانية الاستمرار في الارتزاق من أي جهة كانت. لذا لا صديق للشعب السوري سوى الشعب السوري نفسه, ولا سند للسوريين في محنتهم سوى توحدهم وتكاتفهم
النظام وبعض الكتائب والفصائل حرفت مسار الثورة
تغير خط الثورة من المطالبة بالإصلاح والدولة المدنية والتعددية ومن المطالبة بحرية الرأي والتظاهر والحق في العيش بشكل كريم ولائق, إلى ثورة مسلحة ساهمت في ذلك وبالدرجة الأولى مخططات النظام التي سعت نحو إجبار الشعب على حمل السلاح, لخلق ذرائع وحجج في استمرار النظام لإقحام الجيش والأمن والاستمرار في آلة القتل, مترافقة مع غض نظر المجتمع الدول عن كل الانتهاكات والممارسات القمعية الكبرى ضد المتظاهرين السلميين, بغية تأريق كاهل الشعب السوري في ثورته السلمية والتي استمرت قرابة نصف عام أو أكثر, لكن تمادي النظام في القتل واستمرار المجتمع الدولي في التعامي عن كل هذه الانتهاكات, كانت كفيلة بدفع الشباب السوري الى المطالبة بإسقاط النظام عبر القوة العسكرية, وحينها بدأ النظام وبعض الكتائب الوهمية منها والحقيقية وهي من صنيعة النظام نفسه, للالتفاف على الثورة والثوار, وقطع الطرق عبر عصابات نهب وسلب وإجرام, ترافق ذلك مع تهديدات مباشرة للأقليات بعضها نفذ عبر تفجيرات واغتيالات وتصفيات جسدية, والبعض الأخر أكتفت بالخطف وطلب الفدية, وبين الحالتين لم يكن الهدف سوى حرف الثورة وحرق الثوار بنار الانحراف
اللعب على وتر الطائفية والأقليات
دأب المجتمع الدولي وعلى مدار أشهر الثورة السورية إلى إرسال إشارات للأقليات القومية والطائفية, مفادها أن لا ملجأ أمن لها سوى الحضن الدولي, مستندة في ذلك على تخبطان المعارضة السورية والنظام السوري, وعدم إثلاجهم لصدور تلك الأقليات وعدم ضمان أي حق أو إزالة أي مخاوف لهم, بل أن النظام نفسه وفي كثير من الأحيان يثير قضية الأقليات ويثير التصريحات ألا مسئولة لبعض قيادات المعارضة السورية, وبطبيعة المخاوف المتواجدة لدى الأقليات كالكورد والدروز والمسيحيين والأسماعيليين والمرشدين واليذيديين والشراكسة والأرمن وغيرهم, وإن استثنينا الكورد من معادلة النيء بالنفس المتبعة لدى الأقليات المتواجدة في سوريا, فإننا نجد أن لوحة الثورة السورية ناقصة وغير مكتملة وهي أشبه بمسلسل يفتقد لبضع حلقات واستحالة الوصول إلى الحلقة الأخيرة ما لم يعثر على تلك الحلقات,
الأكراد الأكثر مشاركة وفعالية في الثورة من باقي الأقليات
أن المتتبع لسير العملية الثورية في سوريا يدرك وبجلاء واضح أن الكورد كانوا السباقين الى التظاهر ضد النظام والمطالبة بإسقاطه, وما خروج مدينة عامودا عن بكرة أبهيا للتتظاهر إلا خير دليل على ذلك, وقامشلو هي الآخرة التي رسمت لوحة سوريا مصغرة في ميادينها عبر لافتاتها وفدائها لباقي المناطق بدمائها وخروجها بعد حمص ودرعا, وشمول التظاهرات والاعتصامات والمطالبة بإسقاط النظام, والحالة الثورية المستمرة حتى هذه اللحظات ما هي إلا خير دليل على انخراط الكورد في الثورة السورية, لكن ممارسات بعض الكتائب والمدعمة إقليميا من جهة وتصريحات ابرز أقطاب المعارضة السورية من جهة أخرى, أدخلت الكورد في دوامة الخوف من المستقبل الكوردي في سوريا سواء في حالة بقاء النظام أو انتصار الثورة, مع ذلك فإن رفض الكورد للحوار مع النظام وإصرارهم على جعل القضية الكوردية قضية وطنية بامتياز, وإصرارهم على إسقاط النظام وإيوائهم لأغلب النازحين السوريين, سيكون بمثابة الصفعة القوية لجميع القوى المتآمرة على الثورة وعلى الكورد, وللإنصاف فإن الكورد نفسهم يتحملون شيء من مغبة تجاهلهم من قبل المعارضة لعجزها عن إيصال صوت الكورد إلى شركائهم, في مقابل إتقانها اللف والدوران على الذات والاكتفاء بصناعة الأحزاب, لذلك لابد من التعايش الثوري بمنظار كوردي وسوري ودولي وليس فقط من منظار كوردي بحت, وضرورة الانضمام إلى الائتلاف الوطني السوري والمساهمة معه في رسم خارطة إنقاذ الثورة السورية وإنجاحها.
[email protected]
#دومام_اشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟