أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل















المزيد.....

»ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1158 - 2005 / 4 / 5 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الخميس الماضي.. أقر مجلس مديري البنك الدولي للتنمية والتعمير تعيين بول ولفويتز رئيساً جديداً للبنك.
وفي العادة لا يهتم الرأي العام العالمي بشخصية الجالس علي قمة هذه المؤسسة الدولية التي لا تحظي بأية شعبية، بل ربما كان العكس هو الأقرب إلي الحقيقة، حيث يضمر الملايين في سائر انحاء قارات الدنيا العداء لهذا البنك الدولي وسياساته.
وربما كانت مصر بالذات من أكثر بلدان الدنيا التي يوجد فيها »تراث« من الحب المفقود معه، واشتمل هذا التراث علي أغنية لعبدالحليم حافظ رددتها وراءه الملايين من المصريين عندما قرر البنك الدولي ـ بإيعاز من الإدارة الأمريكية ـ سحب تمويله لمشروع السد العالي في خمسينيات القرن الماضي، فسخر منه الشاعر العبقري صلاح جاهين قائلاً: »وراح علي البنك اللي بيساعد ويدي.. قالنا ملكمش عندي«!
وخلافاً لتجاهل الناس العاديين لشخصية رئيس هذا البنك، غير الشعبي، حظي الرئيس العاشر الذي سيخلف الرئيس الحالي جيمس ولفنسون، باهتمام بالغ من الجميع، سواء الرأي العام أو دوائر المتخصصين.
وسر هذا الاهتمام أن الرئيس العاشر للبنك هو بول ولفويتز بالذات.
ومعروف للقاصي والداني أن ولفويتز هذا هو نفسه نائب وزير الدفاع الأمريكي، وأنه هو المهندس الأكبر لعملية احتلال العراق، والعضو القيادي الأكثر تأثيراً في مشروع »القرن الأمريكي الجديد« PNAC الذي هو بمثابة إنجيل المحافظين الجدد الذين استطاعوا اختطاف مراكز صنع القرار في واشنطن، ومشروع القرن الأمريكي الجديد الذي رأي النور عام 1997 يقوم علي أربع ركائز:
1 ــ الحفاظ علي التفوق العسكري الأمريكي الكاسح من خلال زيادة هائلة في الانفاق العسكري.
2 ــ تغيير النظم المناهضة لأمريكا، حتي لو اقتضي الأمر مسحها من الوجود.
3 ــ ترويج المفهوم الأمريكي عن الحرية الاقتصادية والسياسية وفرضه بالقوة إن لزم الأمر في سائر أنحاء العالم.
4 ــ إعادة تشكيل النظام العالمي بالشكل الذي يجعل هذا النظام خادماً للمصالح الأمريكية.
وباختصار فإن مشروع »القرن الأمريكي الجديد« الذي ساهم ولفويتز في صياغته وإخراجه من الأدراج المغلقة وتحويله إلي واقع ملموس ومخضب بالدماء يعني ضمان هيمنة أمريكا ـ بشتي السبل ـ علي كوكب الأرض بأسره وقطع الطريق علي أية قوي صاعدة تحاول أن تكون قطباً يناطح الولايات المتحدة بالرأس أو ينافسها في قيادة العالم.
ولم يكن الغزو الأمريكي للعراق سوي أحد التطبيقات الفظة والدامية لهذا المشروع.
وليست »المصالح« الأمريكية هي الهدف الاستراتيجي الوحيد للسيد ولفويتز، وإنما هو يسعي أيضاً وراء »مصالح« إسرائيلية عنصرية لا تقل تطرفاً عن غلاة زعماء الليكود. والسر في ذلك أنه يهودي الديانة، أبوه أستاذ رياضيات بولندي يهودي، ورغم أنه ولد في نيويورك في 22 ديسمبر 1943 فانه عاش فترة في إسرائيل كما أن أخته تقيم في الدولة اليهودية حالياً.. وليست المشكلة هي ديانته اليهودية، فهذه مسألة شخصية وتندرج تحت باب حرية الاعتقاد.. ولذلك فإن هناك يهوداً طيبين وجيدين، المشكلة أنه صهيوني متطرف ومتعصب وكاره للعرب والمسلمين.
وهو يعتبران مساندة السياسة الليكودية العنصرية والاستعمارية جزء لا يتجزأ من الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وليست المشكلة كذلك في أنه شغل منصب نائب وزير الدفاع، فهذه المناصب ـ بما فيها المناصب القيادية في البنتاجون ـ مواقع سياسية بالدرجة الأولي، وهو من هذه الزاوية حاصل علي الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو، وله خلفية أكاديمية إن لم تكن عبقرية فإنه لا بأس بها.
وانتقاله من وزارة الدفاع إلي البنك الدولي ليس سابقة، فقد حدث ذلك مع روبرت مكنمارا الذي قاد حرب فيتنام من البنتاجون ثم انتقل إلي رئاسة البنك الدولي من 1968 حتي 1981.
وليست المشكلة أيضاً أنه مرشح أمريكا، فهناك اتفاق غير مكتوب أن رئاسة البنك الدولي للأمريكيين، بينما رئاسة صندوق النقد الدولي للأوروبيين.
ورغم ما ينطوي عليه هذا الاتفاق من تقسيم للأدوار ومناطق النفوذ بين الكبار، فإنه علي أي حال إحدي حقائق ما بعد الحرب العالمية الثانية.
أين تكمن المشكلة إذن؟
تكمن المشكلة في شخص ولفويتز، كما تكمن في السياق العام لتنصيبه.
مشكلة ولفويتز الشخص.. أنه ـ علي حد تعبير الكاتب الكبير جهاد الخازن ـ هو الذي قاد عصابة المحافظين الجدد والتي قامت بدورها في دفع الولايات المتحدة نحو حرب غير مبررة علي العراق، قتل فيها حتي الآن نحو 1600 جندي أمريكي، وأكثر من مائة ألف عراقي، وبدل أن يعاقب، أو يحاكم، أو يفصل علي أقل تقدير، كافأه الرئيس بوش بترشيحه لرئاسة البنك الدولي، وهو ما يعني أن الضربة مضاعفة، خسارة ولفنسون، وخلافة ولفويتز له.
وقد نشر جهاد الخازن مقالات كثيرة عن »صديقته« شاهة علي رضا، وهي تونسية ترعرعت في السعودية وتحمل الجنسية البريطانية، واسمها يعود إلي مطلقها بولنت علي رضا، وهو قبرصي تركي، لكنه استدرك قائلاً: »لا أجد لعلاقات الرجل الخاصة أهمية، فهو حر، ولكن أصر علي أنه يستحق العقاب لا رئاسة البنك الدولي.. فهو كان المحرك الأول وراء الحرب، وثبت في شكل قاطع أن حججه لخوض الحرب خاطئة أو كاذبة، فلا أسلحة دمار شامل، ولا علاقة مع القاعدة، وهو قدر أن دخل بترول العراق سيغطي إعادة التعمير في سنتين أو ثلاث، فكان هذا في حجم خطأ أسباب الحرب.. وقد دفعت الولايات المتحدة حتي الآن 200 مليار دولار ثمن مغامرتها العسكرية، ولو كانت هناك عدالة لخصمت من مرتبات ولفويتز وكل من طالب بالحرب«.
المشكلة الثانية المتعلقة بشخص ولفويتز أن مدة خدمته في المجال الأكاديمي والخدمة العامة، التي تمتد لحوالي 35 عاماً، تفتقر بشكل ملحوظ إلي الخبرات المباشرة بالبنوك أو التنمية، ناهيك عن القضاء علي الفقر الذي يعد المهمة الرئيسية للبنك.
وحتي في إطار هذا التاريخ الوظيفي فان هناك نقاطاً سوداء أخري غير وصمة العراق.. منها مثلاً أنه عمل سفيراً لبلاده لدي أندونيسيا بين عامي 1986 و1989 في ظل الحكومة التي كان يترأسها سوهارتو. ويسجل التاريخ علي ولفويتز أنه أشاد علانية بهذا الدكتاتور الذي حكم اندونيسيا 32 عاماً وأغرقها بالفساد وأثني علي قيادته »المتماسكة والمميزة«.
وبهذا الصدد يقول عبدالحكيم جارودانوسانتارا رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأندونيسية أن ولفويتز كان أقرب سفراء أمريكا إلي سوهارتو وعائلته وأنه لم يظهر أبداً اهتماماً تجاه قضايا الديموقراطية أو حقوق الإنسان التي يصدع رءوسنا بالحديث عنها اليوم في معرض تبريره للسياسات الإمبراطورية الأمريكية النابعة من مشروع القرن الأمريكي الجديد!
المشكلة الثالثة أن البنك الدولي اهتم خلال العقد الأخير بمشكلة الفقر، وقدم »المساعدة« الفنية للعديد من الدول النامية لصياغة تصور مستقبلي لتقليص دائرة الفقر، ليكون هذا التصور الأساسي المرجعي للدعم المالي الذي يقدمه البنك لهذه الدول.. ويخشي الكثيرون أن هذا التوجه أصبح عرضة للتغير بعد وصول ولفويتز إلي رئاسة البنك الدولي، بل يري البعض أكثر من ذلك أن إصرار إدارة بوش علي تنصيبه إنما هو بمثابة إعلان حرب علي الفقراء، وبدلاً من أن يكون شعار البنك الدولي هو القضاء علي الفقر، ستكون سياساته ـ في التحليل النهائي ـ هي القضاء علي الفقراء!
المشكلة الرابعة المتعلقة بسياق تنصيب ولفويتز أن اصرار إدارة بوش علي شغله لرئاسة البنك الدولي لم يكن قراراً وحيداً، بل هو جزء من كل، وحلقة في سلسلة.
فقد جاء القرار الخاص بتعيين ولفويتز في البنك الدولي في أعقاب قرار آخر للرئيس بوش بتعيين جون بولتون مندوباً دائماً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة. ومعروف أن هذا الأخير من أعدي أعداء هذه المنظمة الدولية، وأبدي إزدراءه لها علناً، وطالب بتفكيكها، كما أنه من غلاة »الدبلوماسيين« الأمريكيين الكارهين للتعددية في النظام العالمي، بل حتي الكارهين للتشاور.. مجرد التشاور، ناهيك عن الوفاق الدولي أو الانفراج.
وكان تعليقاً لاذعاً من جريدة »لوس أنجلوس تايمز« عندما اختار بوش ولفوتيز لرئاسة البنك الدولي بعد اختياره بولتون لتمثيل أمريكا في الأمم المتحدة: »لم يعد باقياً إلا أن يختار بوش وزير دفاعه رامسفيلد لرئاسة اليونسيف المعنية أساساً بالأطفال«!
والخلاصة أن هناك مخاوف جدية في أوساط عديدة بالعالم المتقدم والنامي علي حد سواء من أن يكون اختيار إدارة بوش لشخصيات من نوع ولفوتيز استكمالاً للهيمنة الإمبراطورية علي العالم بكماشة لها فكان: فك »عنيف« متمثل في نموذج احتلال العراق، وفك »لين« متمثل في استخدام مؤسسات بريتون وودز وفي مقدمتها البنك الدولي لفرض الإذعان علي خلق الله



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاطرة مشروع الشرق الأوسط الكبير .. تدخل المحطة اللبنانية
- الفشل التاسع والعشرون
- يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية
- إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال ...
- الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
- أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
- باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي ...
- »ملاسنة« بين أصحاب المعالي
- -يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
- ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
- اغرب انتخابات فى التاريخ
- !عـــدلى .. ولينين
- برلمان العرب .. كوميديا سوداء
- ديمقراطية .. خلف القضبان !
- رجل الأعمال يحاور.. ورئيس التحرير يحمل مقص الرقيب
- لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم !
- حرب عالمية ضد إرهاب الطبيعة
- إعادة انتخاب بوش أخطر من انفلاق المحيط الهندى
- !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل