أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - أحداث جامعة البصرة، خطوة نحو الأستبداد














المزيد.....

أحداث جامعة البصرة، خطوة نحو الأستبداد


نجيب المدفعي

الحوار المتمدن-العدد: 1158 - 2005 / 4 / 5 - 10:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


وقف الطفل أمام الدكان متحيرا في شراء شيء بالمبلغ البسيط الذي كان في يده، فطلب علكة. و كم كانت دهشته عندما نهره البائع مقرّعا إياه و واصفا العلكة (بالحرام). لم يحاول الطفل فهم السبب بل أطلق ساقيه للريح فرارا من غضب البائع الذي راح الشرر يتطاير من عينيه لهذا الطلب (الغير شرعي).

كنت أنا هذا الطفل، و الحادثة مضت عليها عقود من السنين. كنت في حينها في زيارة ـ صحبة والدي ـ لبعض معارفنا في أحدى المناطق ذات الأغلبية "الشيعية"، و كان الوقت هو أيام عاشوراء. حكيت لوالدي ما حصل لي مستفسرا عن السبب الذي يجعل العلكة ـ التي طالما اشتريتها ـ حراما. و لا أذكر الآن التفسير الذي قدمه لي في حينها. و لكنها كانت صورة أولى من صور الأستبداد و القمع.

و تكرّ ُ السنين، و ذات يوم برز في حيينا صندوق خشبي مهول، سكنه جمعٌ من الناس، خليط من الجنود و المدنيين. بعد الاستفسار تبيّن أنهم (حماية) لأحد قيادي انقلاب 17 تموز 1968. و كان عناصر هذه (الحماية) في غالبيتهم من أقارب هذا القيادي الذين جاءوا من الناحية التي ينحدر منها. كانت في ذاك الحين قد سادت في العالم صرعة شبابية هي (الخنافس) و قد اعتدنا على مشاهدة بعض الصبية في الحي و هم يجارون هذه الصرعة.

ذات يوم من أيام صيف 1968، كان فتى من (المتخنفسين) يسير في الشارع صحبة فتاة ترتدي أخر صرعة في مجال الأزياء النسائية. لم يرق الأمر لأفراد الحماية (القرويون) فلاحقوا الفتى و الفتاة و ضيقوا عليهما ثم اعتدوا على الفتى بالضرب و بشكل لم أكن قد شاهدته في حياتي حتى حينه. لم يعترض أحد و لم يحتج أحد على ما حصل جراء الخوف. كانت تلك بداية زحف القرية بقيمها على المدينة حتى تحول الوضع إلى (قرية تحكم العراق). و تلك كانت صورة أخرى من صور الأستبداد و القمع.

ما جعل الحادثتين أعلاه تتداعى في ذاكرتي، هو ما حصل من اعتداء على طلبة كلية الهندسة بجامعة البصرة. فهل نحن مقبلون على استبدال قرية بأخرى لتحكم العراق. إن التسربل برداء الإسلام لفرض ممارسات معينة على المجتمع من خلال إضفاء القدسية عليها، هو أمر لا يخفى على إدراك الناس. لكن السؤال الأهم هل نحن على استعداد للوقوف بوجه هذه الممارسات و أدوات فرضها، أم سنستسلم لموجة (العربان) الجديدة.

إن إقامة دولة القانون و العمل على تدعيمها و ترسيخ مفهوم القانون بين الجمهور و تشجيعهم على التصدي لمن يخرج عن حدود القانون، هو الكفيل بحماية المجتمع من تمكن أصحاب المآرب الخاصة من امتطاء صهوة السلطة و تحويلها إلى مؤسسة مقدسة لا يجوز المساس برموزها كما كانت على أيام صدام حسين في العراق و في أكثر بلداننا العربية. و بالتالي شرعنة كل ممارسات رموز السلطة مهما كانت صارخة في مخالفتها لأبسط القيم الإنسانية.

يتمترس الانتهازيون و أصحاب المصالح الشخصية و الرؤى الضيقة وراء مختلف المسميات، و في زمن غير بعيد كانوا هم (البعثيون) و اليوم يتمترسون وراء الأصولية الدينية التكفيرية بشقيها (السُـني و الشيعي). و إن كانوا قد نجحوا في الوصول إلى تولي السلطة في البصرة بالقانون، فعليهم أن يثبتوا أنهم أهلٌ لحماية القانون وفرض سلطته، و أن يتنصلوا مِـن كل مَـنْ يدّعي أنه يمثلهم و يعتدي على الناس. قد يكون من حق السادة في التيار الصدري أن يفرضوا على النساء في البصرة رداءا يمنع عنهن حتى الهواء أو سلوكيات اجتماعية معينة، ولكن ليكن هذا من خلال تفعيل سلطة القانون و سن التشريع الذي ينظم هذا الأمر، لا أن يترك الموضوع لاجتهادات شخصية تتحكم بها الأهواء و الأغراض. و ما الضير لو حاولوا الاستفادة من التجربة الإيرانية، حيث هي مرجعيتهم. ففي إيران يتم إشعار الوافدات إلى تلك البلاد بنوع الملابس المقبولة فيها و العقوبات القانونية المترتبة على عدم الالتزام بها. أي إن الموضوع يطبق بالقانون، لا بالقتل كما حصل في البصرة.

و الحل الذي اتبعه الصدريون في البصرة يجعل الناس تخافهم و لكن لا تحترمهم، و تتحين الفرص للإيقاع بهم و الاستعانة بالغريب عليهم. و حال صدام حسين ليس ببعيد على كل لبيب و كان من الذين يعقلون. و بافتراض استمرار اللعبة الديمقراطية في العراق يكون السؤال (هل إن الصدريين بغير حاجة لأصوات الناخبين؟). إن نظام السوق الحر يتطلب منك عرض بضاعتك بأفضل طريقة لاجتذاب الناس إليها. و هو أمر ينسحب على الساحة السياسية، فكيف للتيار الصدري أن يجتذب الناخبين لبرامجه السياسية إذا كانت هذه الصورة القمعية هي بعض مما يقدمه من خدمات للمجتمع.

إنّ شكل الدولة و نظامها لا يجوز فرضه بالقوة ففي ذلك تنفير للقريب قبل الغريب، و بالتالي يكون بناءها قابل للتقويض عند أولى الملمات. دعونا أيها السادة نبني وطنا نحسّ ُ بانتمائنا إليه، و امتلاكنا له بشكل مشترك و لا ينفرد بتملكه صدّاميون أو صدريون أو تكفيريون...الخ. وطن يحفظ كرامة أبناءه لكي يستحق أن يُخدم.

وكلمة عتاب للقوى الديمقراطية و الليبرالية التي آثرت السكوت. يا سادة إن سكتم اليوم فسيأتي الدور عليكم غدا، و هي نفس خطوات صدام حسين الذي فرض ديكتاتوريتا أوصلت الناس إلى حد الكفر بالثوابت الوطنية و تسليم الوطن للاحتلال عن طيب خاطر.

على مدعي الإسلام أن يتخلقوا بأخلاق الإسلام و أن يكونوا منصفين. فمن لا أخلاق له لا قدرة لديه على الإنصاف، و أن تكون منصفا يتطلب منك أن تكون عادلا و العدل يستلزم الانتصار على الكراهية. و اختلال العدل يقود إلى اختلال الضمير. كونوا صادقين مع أنفسكم و مع أتباعكم و مع الشعب. ارحمونا يرحمكم الله، لا نريد ديكتاتورية جديدة.



#نجيب_المدفعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 14 تموز و تقييم التاريخ
- فقط اجعله سعيدا
- المرأة العراقية و الفرصة التاريخية
- محاولة لقراءة نتائج الأنتخابات العراقية
- نريد مشاركة المرأة بقوة
- رسائل إنتخابية
- أنا أنتخب..إذا أنا موجود
- لا يهمني مَـن يكتب الدستور
- النابلسي و العرب و العراق
- عباس المستعجل
- رأس الدولة والقانون..حكاية من العهد الملكي
- انطباعات حول جلسة التحقيق الأولى مع صدام
- أعطوا الناس فرصة...ثم احكموا


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - أحداث جامعة البصرة، خطوة نحو الأستبداد