|
فهمي هويدي يحلل من موقع الظالم
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1158 - 2005 / 4 / 5 - 10:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في مقال منشور على صفحات جريدة الشرق الاوسط يوم 30 آذار نشر الكاتب أمين هويدي مقالا بعنوان ( أكراد العراق يلعبون بالنار ) ، حلل فيه وفق فهمه ومعلوماته السياسية مايخص القضية الكردية في العراق ، وتعرض للمطالب الكوردية وحق تقرير المصير وأبدى وجهة نظره في مسائل عديدة ، مما يستوجب ان نتوقف قليلا لمناقشتها وتقليبها بشيء من التفصيل . وبالرغم من كون الكاتب هويدي يؤكد في حيثيات مقالته : (( انني يفهم جيدا معاناة الاكراد وازمة ثقتهم في الآخرين، واكرر هنا ما سبق ان قلته من انني احد الذين عاشوا الهم الكردي ودافعوا عن مظلوميتهم، ودعوا الى انصافهم ووقف الجرائم التي ارتكبت بحقهم. لكنني ازعم ان تلك الصفحة طويت في العراق بوجه اخص. وعلى اكراد العراق ان يدركوا ذلك ومن ثم فعليهم ان يطووا بدورهم صفحة الاحزان والمرارات. )) الا ان الرجل يعود ليتناقض مع كلامة متخوفاً من أن يقرر الأكراد حق تقرير المصير الذي كفلته لهم الشرائع السماوية والأنسانية والعهود الدولية وناضلت من اجله الحركات السياسية العراقية ، ، فقد بدا وجلا وخائفاً من ان ينفصل الاكراد ، وعرض ان هذا الانفصال والأستقلال ستتم مواجهته بالقوة التركية الغاشمة ، ووصف القضية الكوردية عموما بانها قضية تركية ، وهذا التحليل يخرج من عقدة الخوف التي تأصلت في الذهنية العربية من القوة التركية نتيجة الأستكانية والخضوع للأستعمار التركي فترة طويلة من الزمن ، وكذلك وبالرفض الايراني والسوري الذي يهدد امنهما حتماً فيقول : (( ذلك ان استقلال كردستان العراق، يمثل دعوة الى اعادة رسم خرائط المنطقة، بما يشكل تهديدا للأمن القومي لتركيا ولايران وسوريا، ولم يعد سرا ان تركيا مستعدة لأن تخوض حربا تستمر سنوات للحيلولة دون انفصال الجزء الذي يسكنه الاكراد في الاناضول، وقد اشرت الى تركيا بوجه اخص، لأن تعداد الاكراد فيها يتراوح بين 10 و 12 مليون نسمة، كحد ادنى، الامر الذي يعني في حقيقته ان القضية الكردية تركية أكثر منها عراقية. )) ويبتعد السيد هويدي كثيرا عن المنطق التحليلي المقبول حين يربط حق تقرير المصير بأمن الدول الاخرى ، وأن ما يقرره اليوم اكراد العراق لايسري على مايقرره الأكراد المسلوبي الحرية والأرادة والقدرة على تحقيق التطلعات الأنسانية المشروعة في تركيا وأيران وسوريا ، وخصوصية المسألة العراقية لايمكن أن تنسحب بأي شكل كان على خصوصيات الدول الاخرى ، أما أن يحسم الأمر كون القضية التي نحن بصدد مناقشتها كونها تركية اكثر منها عراقية فلايعدو الا خلط في التحليل ،وتبرير ليس له اساس من الواقع مادام السيد هويدي يدخل في قضية مثل قضية حق الأكراد في العراق ومطالبهم التي أسماها مطالب تؤدي الى اللعب بالنار ، ووقوع تحت تأثير الخضوع والأستكانة التي خضع لها العقل العربي طيلة فترة الأستعمار التركي وهيمنته على العرب فترة ليست بالقصيرة . ومن الطريف ان يتحدث السيد هويدي عن نصوص قانون أدارة الدولة للمرحلة الأنتقالية فينسب للشعب الكردي حقه في ( الفيتو ) الذي منحه القانون لكل 3 محافظات ، غير انه يبدو لم يتمعن من كون النص مطلق لم يخص الشعب الكردي في العراق ، وانما جاء عاماً يشمل جميع أطياف الشعب العراقي ، وأن هذا الحق يمكن ان يتمتع به أي مواطن في أي 3 محافظات من العراق الفيدرالي والديمقراطي . عليه فأن القضايا الثلاث التي اورها السيد هويدي والتي يرى ان على الاكراد ان لايلعبوا بها لأنها ستحرقهم بالنار كما يقول ، هي قضية الفيدرالية والبيش مركة وقضية كركوك ، ويعرج قليلاً على قضية العلم العراقي الذي اقرته سلطة صدام وكتب فوقه بخطه عبارات الحق التي اريد بها الباطل . والمتمعن في مقالة السيد هويدي يجد انه لمح الى موافقة المعارضة العراقية قبل سقوط الطاغية على الفيدرالية ، وبالرغم من كون هذا الخيار قرره شعب كوردستان بموجب قراره البرلماني بالأجماع في العام 1992 ، لإان الفيدرالية نص عليها قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية في المادة الرابعة منه حين حدد شكل نظام الحكم بأنه جمهوري أتحادي ( فيدرالي ) ديمقراطي تعددي ، ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية والمحافظات والبلديات والادارات المحلية ، ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على اساس الاصل أو العرق أو الآثنية أو القومية او المذهب . وقضية كركوك التي تم احالة ملفها الى هيئة عراقية وطنية برئاسة السيد حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي ، والتي انيط حل القضايا العالقة في كركوك بها ، وكون قراراتها ستكون قطعية ومبزمة للجميع ممايدلل على حسن النية وتقبل الجميع لحل الِكاليات بروح نابعة للتوصل الى نتائج مرضية لجميع الاطراف ، على أن لايغب عن بال الجميع أن جميع الحلول يجب ان تمسح المخطط الأجرامي والتخريبي الذي قامت به سلطات الدكتاتور صدام بشأن قضية كركوك ، وبهذا فأن السيد هويدي لم يزل يعتبر تلك القضية مشكلة قائمة مع ان العراقيين وأصحاب القضية توصلوا الى حلول تضع لها نتائج مقبولة . أما قضية ( البيش مركة ) فأن السيد هويدي لايعرف ان هذه القوات لاتعني ميليشيات تابعة لحزب من الاحزاب ، لأنها تتشكل من كامل شعب كوردستان في العراق اولاً ، ولكونها الظهير المسلح الجاهز للدفاع عن حقوق الشعب الكوردي في العراق في كل زمان ثانياً ، ولكون هذه الفصائل الشعبية لم تتشكل لأسقاط سلطة صدام البائد وانما تشكلت منذ عشرات السنين قبله ثالثاً ، بالأضافة الى الدور الوطني المشهود لهذه الفصائل ممايجعلها في مكانة لاترتقي اليها الميليشيات المسلحة التي تتشكل بشكل آني أو لظرف معين تنتفي الغاية من وجودها بأنتهاء الظرف ، فكل كوردي هو بيش مركة والتي تعني فيما تعني الفدائي او المتقدم من المقاتلين . ويبدي السيد هويدي حلين سبق ان تم طرحهما هما الحل الأمثل الذي يكمن في حق الكورد بتقرير مصيرهم ، او الحل الناقص كما اسماه السيد هويدي ، والحل الناقص في تقديره هو مايشتغل عليه الان شعب كوردستان العراق مما سيجر عليهم الوبال والنار فيقول : ((في دفاعي عن فكرة «الحل الناقص» استشهدت بالقاعدة الاصولية والمنطقية التي تدعو الى القبول بالضرر الادنى تجنبا لضرر آخر اكبر وافدح. وهي القاعدة التي تنطبق بشدة على الملف الكردي، باعتبار ان بقاءهم في اطار الدولة العراقية لا يلبي رغبتهم في تقرير المصير الذي يطمحون اليه، لكنه اذا ما حفظ لهم كرامتهم وهويتهم، فإنه يجنبهم ويجنب المنطقة بأسرها ضررا محققا من جراء اعادة رسم خرائطها الجغرافية والسياسية، وما يستصحبه ذلك من شرور لا حدود لها. )) . وأزاء تلك المطالب التي طرحتهاالقيادة الكوردية بأسم جماهير كوردستان العراق فأنها لم تبتدع هذه المطالب ولم تجعلها تعجيزية أو مستحيلة ، وكل المطالب تدور ضمن لائحة الحقوق التي كانت جميع الفصائل العراقية السياسية تدعو لها وتجاهر بها قبل ان يسقط الطاغية ، كما ان مايدعو للفخر والأعتزاز كون الطاغية كان من اشد المعادين للتطلعات الكوردية ، وأذا كان السيد هويدي ومعه عدد آخر من المتابعين للهم العراقي ممتلئين حزنا على العلم الذي خطه صدام بيده المجرمة وأستعملته قوات الجيش والأمن والمخابرات في حرب الأبادة ضد الكورد ، وصار رمزاً للمهانة والموت والتخريب والخنوع ، ولم يعد اي عراقي يفتخر بشكل هذا العلم مما ينبغي ان يتفق الجميع على علم له لون العراق وتتقبله جميع قوميات وأديان وطوائف العراق ، نظيفاً خالياً من عبارات خطها الطاغية بيده الملوثة بالدم والتي دنست كل قيم الأنسان في العراق ، علماً عراقياً لاصدامياً ، وحده من يرف فوق روابي كوردستان وكل مناطق العراق الاخرى . ومن موقع الظالم نجد ان السيد هويدي ينتخي بالجامعةالعربية للتدخل لأنقاذ العراق من الكورد الذين سيبتلعونه ويستعمرون بلدانه ويحكمون شعبه الذي كان يرفل بالديمقراطية والعز العربي فيغيرون هويته وخارطته فيقول : ((ان ما تمارسه القيادات الكردية الراهنة ليس سوى لعب بالنار، لم تحسب عواقبه جيدا، من حيث انه يتعلق بالاماني والطموحات، متجاهلة حقائق الواقع المعقد وخرائطه، ووحدها تلك القيادات القادرة على إطفاء تلك النار. اخيرا، يلح عليّ سؤال هو: اين الجامعة العربية من ذلك الخطر الذي يهدد دولة عضوا بها، ولماذا لا نرى سوى تركيا في الساحة تعمل جاهدة للحفاظ على وحدة العراق؟ )) وأستثارة الجامعة العربية مسألة مهمة في تصور السيد هويدي للتدخل في الشأن العراقي ، فهو بدلأً من أن يتمعن في المشهد العراقي ويقترح او يحلل الوضع بعقلانية او واقعية يلجأالى الأستنجاد بطرف هو اكثر الأطراف بحاجة للمساعدة بالنظر للتدهور الحاصل في بنيانها ، مبتعداً عن الواقع والحقيقة حين يتصورأن هناك خطراً يحل بالعراق يحاول الكورد ان ينشروه بين ربوع العراق ، وفي هذا التوصيف المخل يقع السيد هويدي في مكمن الخلل والظلم المروع حين يتصور أن المطالبة بالحق والحقوق خطراً حال بالعراق دون ان يكون هناك سند أو ارضية لهذه المخاطر مع مطالبة واقعية ومنطقية تدلل على تمسك الكورد بالشراكة الحقيقية وليس بالشراكة مع العقليات الشوفينية وتتعارض مع كل المخططات الصدامية التي ارادت بحق تخريب العراق بأسم القومية والوطن ولجأت الى تسخير حتى أسم الجلالة في مخططاتها الباطلة . وبالرغم من ان السيد هويدي يطالب الكورد بالأمتثال الى الحل الناقص كما اسماه فأنه يقول : (( ما ادعو اليه ليس امرا شاذا او غريبا، فذلك هو وضع البربر في شمال افريقيا والاذريين في ايران والاوزبكيين في افغانستان. اذ بقيت تلك الجماعات كمواطنين في دول اخرى غير وطنها الأم، او توزعت على اقطار عدة، مرتضية العيش ضمن حدود الجغرافيا السياسية التي استقرت منذ عقود ولم تجد في ذلك غضاضة، طالما وفر لها ذلك الوضع حق المواطنة، وفي ظله احترمت هويتها ضمن النسيج العام. )) . ودون ان ندخل في حقائق الجغرافية ووجود الكورد في كوردستان الجنوبية منها وبقية اجرائها منذ ان نشأ الأنسان في هذه الأرض ، ودون ان نحاول أن نتلبس تجارب لأتمت للواقع الكوردي أو العراقي بشيء ، لإان ماتضمنه مقال السيد هويدي مجافاة للحقيقة والواقع العراقي ، أذ ان تخوف السيد هويدي في محله ازاء المطالبة الشعبية الكوردية في حق تقرير المصير ، وأن هذا الحق يتزايد امام الأصوات النشاز التي تنطلق من بعض الجهات التي لم تزل تستكثر على الكورد حق تقرير مصيرهم ، وهم الذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل هذا الحق ، وأمام مطالبتهم بأدنى الحقوق المشروعة فأن للسيد هويدي منتهى الحق في الشك من كونهم يريدون الأنفصال عن العراق ، مع ان الواقع والحقيقة تعاكس ذلك الموضوع . وحين يتم انتخاب المواطن الكوردي ليصير رئيساً شرعياً للبلاد ، فأن مايعنيه هذا الامر ، ان العراق ولأول مرة بالتاريخ سينتخب رئيساً من اهله الكورد ، وسيتوجب على هذا القائد الرئيس للبلاد ان يقف تحت علم غير علم صدام ، وان يكون نظامنا في العراق ديمقراطيا وفيدراليا وتعدديا .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السنابل العراقية تصير 71 سنبلة
-
مظفر النواب الساكن في ضمير العراق
-
الايزيدية والدستور¨- القسم الأول
-
المرأة العراقية مساهمة وفاعلة في بناء العراق الجديد
-
فلسطين محطة الصداقة الاولى لشعب كردستان
-
هل نسيتم اهلنا في رفحاء
-
الأرهاب واحد في كل مكان
-
النص الدستوري بين الشكل والحقيقة
-
الجامعة المفتوحة بادرة عراقية تستحق الاهتمام
-
المرأة الايزيدية
-
أبعاد موقف قطر المعادي للعراق
-
العرب والكرد في الانتخابات العراقية
-
المحكمة الجنائية العراقية الخاصة
-
الشرعية
-
الأنفلات الأمني في العراق مفتعل أو مخطط له ؟
-
شمعة على قبر هادي العلوي
-
بيان التجمع العربي لنصرة القضية الكردية
-
اخلاق المهنة
-
حقا انه فلم هندي
-
المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|