فؤاد الهيلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 15:15
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 - 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثالثة: -أوراق من ساحة النضال الثوري - الورقة السادسة.
تقديم:
بعد انتفاضة 23مارس 1965 بالدارالبيضاء, وهزيمة 5 يونيو1967 المذلة التي سقطت على إثرها سيناء المصرية والجولان السورية وما تبقى من فلسطين( القدس الشرقية, الضفة الغربية وقطاع غزة) في أيدي الإحتلال الصهيوني , انطرحت أسئلة كبيرة أمام المثقفين الثوريين المغاربة, والشباب الملتزم التواق إلى التحرروالثورة على كل القيم البالية والتصورات الرجعية ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا. وكان على هذا الجيل أن يكتشف النظرية الثورية التي تسلحه بالمنهج العلمي في تحليل مجتمعه, وإيجاد الوسائل الثورية للإنخراط في سيرورة التغيير الجذري لمجموع البنى السياسية والفكرية والإديلوجية والإجتماعية,المتخلفة, التي تكبح تقدم البلاد وترزح تحت نيرها أغلبية الجماهير الكادحة.وسيكتشف هذا الجيل بعد بحث مضني النظرية الثورية بامتياز, نظرية الطبقة العاملة ومشروعها الإشتراكي المضاد للإستغلال والإضطهاد والإستيلاب,إنها النظرية الثورية حتى النهاية: النظرية الماركسية اللينينية.
لم يكن البحث سهلا, ذلك أن غلافا سميكا من التشويهات كانت قد أحاطت به التحريفية العالمية كل الجوانب الثورية لهاته النظرية العظيمة.لكن تلك القشور التي كانت تقدمها التحريفية باعتبارها ماركسية-لينينية سرعان ما تكسرت وظهرت عارية للعيان كإحدى الأقنعة التي يرتديها الفكر البورجوازي في حربه ضد إديلوجية الطبقة العاملة ونظريتها الثورية.
لم ينطلق الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية-اللينينية المغربية من أفكار مجردة عن الواقع, فسبح في أول موجة وصلته من الخارج. بل انخرط في طرح الأسئلة على الفكر السياسي السائد آنذاك داخل الأحزاب" التقدمية" التي كان ينتمي إليها. ولما أدرك طبيعتها البورجوازية سار على درب تكسير الأوهام الطبقية التي كانت تلف بها تلك الأحزاب قواعدها ومعها الجماهير الواسعة من الشعب الكادح.
إن العلاقة النظرية تعكس دائما العلاقة التاريخية. فكان دور النقد النظري هو بلورة الأدوات النظرية القادرة على جعل الواقع قابلا للفهم عقلانيا ومن ثمة تغييره كذلك عقلانيا بتوافق مع غايات وقيم الذات الثورية.
تاريخيا,لعبت مجلة "أنفاس" دور مختبر الأفكار الثورية بالنسبة لجيل جديد من المناضلين الثوريين. لقد أنتجت صواريخ نظرية عابرة للقارات بتفاعلها مع المحيط الجيو-سياسي والتاريخي والقاري والأممي, حين بوتقت الثورة المغربية في سياق هاته الأبعاد . استطاعت مجلة أنفاس المغربية أن تتحول إلى منبع لفكر جديد ذو أبعاد متعددة فكرية, ثقافية, سياسية, اجتماعية واقتصادية.
في هذا السياق العام تبلور فكر سياسي جديد استعصى على النظام هضمه, لأنه كان شاملا في مواجهته للنظام القائم ولمن يدور في فلكه إصلاحيا كان أو تحريفيا.ومن هذا الفكر الثوري الجديد تولدت الأبعاد المتعددة للإستراتيجية الثورية بالمغرب التي قادت النشاط السياسي للمنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام".
على امتداد المرحلة الأولى من تاريخها(1970-1980) , ظل خطها السياسي الثوري تحكمه خمس أبعاد استراتيجية:
-1- البعد الأممي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العالمية الذي دشنه نقد التحريفية العالمية على يد الثورات الصينية والألبانية واليسار الثوري الماركسي اللينيني عالميا.
كانت سمة هذا الخط العامة, هي معاداته للإمبريالية والتحريفية السوفياتية والدفاع عن الماركسية- اللينينية وخط الثورة البروليتارية العالمية, بما يعنيه من ثورات اشتراكية وثورات تحرر وطني بقيادة البروليتاريا وأحزابها الماركسية اللينينية الحقة.
-2- البعد العربي:
وكان يعني الإنخراط في أفق الثورة العربية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة وأحزابها الماركسية اللينينية.
البعد العربي كان يعني أن الثورة العربية هي الإطار العام لأي ثورة تقوم في بلد من البلدان, مع أخد بعين الإعتبارالخصوصيات المحلية, ومراعاة التطورالمتفاوت بين التشكيلات الإجتماعية المختلفة لكن ضمن مشروع اشتراكي واحد يروم الوحدة والديموقراطية والمساواة والإشتراكية.وكان من الطبيعي أن يكون هناك نقد للأحزاب التحريفية العربية وللأنظمةالمسماة"وطنية"(مصرالناصرية,سوريا البعثية....) والتي تحولت من رأسمالية الدولة إلى أنظمة كمبرادورية.
في ظل هذا المنظوراحتلت الثورة الفليسطينية موقعا مركزيا وطليعيا.وتحرير فلسطين مرتبط جدليا بتحقيق الثورة العربية كثورة معادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
3- البعد المغاربي:
انطلاقا من تقييمها للإجهاض الذي تعرضت له طموحات الشعوب المغاربية في الوحدة, وفشل حركات التحرر الوطني بقياداتها البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تحقيق ذلك, ودور الإمبريالية ( خاصة الفرنسية) والرجعية, دافعت منظمة "إلى الأمام" عن فكرة "مغرب الشعوب" التي كانت تعني توفر قيادات جديدة ترتكز إلى الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
-4- الغرب العربي كبعد للثورة المغربية:
في خط" إلى الأمام" يتشكل الغرب العربي من المغرب وموريطانيا والصحراء الغربية , ويجمعهما تاريخ مشترك واهداف واحدة في مواجهة الإمبريالية والرجعية وتحقيق إعادة بناء وحدتها ضمن مشروع ديموقراطي شعبي يراعي المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
-5- البعد الإفريقي:
ويقوم على دعم الثورة الإفريقية كمنظور شامل وضمنها ثورات التحرر الوطني, ونقد وفضح السياسات الإستعمارية الجديدة بإفريقيا والأنظمة الدكتاتورية العميلة التي تستند إليها, إضافة إلى التغلغل الصهيوني بإفريقيا.لقد جعلت المنظمة من التضامن مع الشعوب الإفريقية مهمة أساسية في عملها الدعائي بالإعتماد على مبدأ الأممية والتصدي للشوفينية والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.
وللمزيد من الإطلاع على أدبيات "إلى الأمام" نقدم للقارئ هاته الورقة.
الورقة السادسة
المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية-إلى الأمام-
لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
25أبريل 1977
-1-أساليب امبريالية عدوانية جديدة
إن التدخلات العسكرية التي قامت بها الإمبريالية طيلة المرحلة السابقة في عديد من المناطق لم تكن من نتائجها غير إثارة حقد كل الشعوب و تصعيد كفاحها ضد النظام الإمبريالي و تعميق أزمته . كما أن الانتصارات التي حققتها حركات التحرير في الكثير من البلدان الأسيوية و الإفريقية و تنامي كفاحات الطبقة العاملة في البلدان الغربية , قد ضيقت الخناق على الإمبريالية و أصبحت تهدد بنيانها بالانهيار.
إن هذه النهاية الحتمية التي يسير نحوها النظام الإمبريالي تفزع الإحتكارات الكبرى و كل قوى التأخر في العالم و تثير طبيعتها العدوانية أكثر مما مضى . فلإنقاد نفسها من الدمار تتجه تلك القوى إلى انتهاج أساليب عدوانية جديدة أشد شراسة و أكثر ملائمة مع تطور الصراع .
فمن وراء ديماغوجية حوار الشمال – الجنوب و تحت لافتة " الأفارقة يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم " تعمل الإمبريالية في ارتباك على إقامة أحلاف في كل من الشرق الأوسط و في إفريقيا ( المشروع الذي أثير في مؤتمر القمة الفرنسي – الإفريقي في دكار أخيرا حول إقامة جيش رجعي موحد ) .
إنها أيضا , و في نفس الاتجاه تعمل على إقامة قلاع حراسة في بعض المناطق الإستراتيجية , عن طريق تقوية الأنظمة العميلة المتسلطة على تلك المناطق . إن مهمة تلك الأحلاف العسكرية , و تلك الأنظمة العميلة هي التدخل العدواني المباشر مكان الإمبريالية و تحت أمرها . و بديهي أن خلفية هذه الاستراتيجية الجديدة هي تجنب التدخل المفضوح ما أمكن , أما الهدف فهو تصعيد العنف الرجعي لتوقيف المد التحرري و الحفاظ على " الأمن " : أمن الاحتكارات الإمبريالية و حريتها الوحشية في قهر الشعوب
-2-الإمبريالية في المغرب تعمل على تحويل النظام العميل إلى كلب حراسة قوي
إن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب ,و تنامي كفاحات شعبنا و اندلاع الكفاح التحرري المسلح في الصحراء الغربية, و ضعف النظام الموريطاني, و حدة الأزمة التي وصلها الحكم في بلادنا , كل هذه العوامل بارتباط مع تطور الوضع العام في المنطقة و على الصعيد العالمي دفعت الإمبريالية إلى المراهنة على الحكم العميل في المغرب , و تجهد نفسها عبثا لإعادة ترتيب أوضاعه عسكريا و اقتصاديا بشكل ينطبق مع أهدافها و مخططاتها العدوانية الجديدة .
إنها تعمل على تحويل الحكم العميل في المغرب إلى كلب حراسة قوي في المنطقة , و تحويل بلادنا إلى قاعدة عدوانية ضمن شبكتها العسكرية الأطلسية , و استعمال أبناء شعبنا من فلاحين و عاطلين و شباب إلى وقود لإشعال حروبها المضادة لتحرر الشعوب الإفريقية و العربية .
لقد سبق لمنظمتنا الثورية " إلى الأمام " أن نبهت منذ 74 إلى هذه المؤامرة الإمبريالية, و دعت ولا زالت تدعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى إدراكها جيدا و العمل على إحباطها , و لنرجع إلى البعض من أبرز تلك الأحداث المشهودة في الفترة الأخيرة و التي تكشف بدورها عن التوجه الإمبريالي المذكور:
-لقد أثار الحكم اللاوطني مسألة الصحراء في منتصف سنة 74 فجأة . و لقد سارعنا فورا إلى فضح هذه المناورة موضحين أهدافها الخطيرة , و أنه لا يمكنها أن تكون إطلاقا موقفا وطنيا اتخذ تحت الضغط المزعوم للقوى التقدمية كما روج لذلك الانتهازيون من كل لون , بل توجيها امبرياليا يقوم بتنفيذه حكم العمالة في الرباط تحت أوامر باريس و واشنطن . و أن هدف ذلك التوجيه هو تضليل جماهير شعبنا و ضرب الحركة التحررية الصحراوية في وقت لم تكن فيه الإمبريالية قادرة على التدخل العسكري مباشرة في الصحراء ., و لم يعد فيه الاستعمار الاسباني قادرا على تمديد وجوده الاستعماري العسكري . و بالفعل بعد سنة جاء التدخل العسكري الملكي في الصحراء بموافقة الحكم الإسباني , و تمت تحت رعاية الإمبريالية اتفاقيات مدريد و تقسيم الصحراء بين الحسن و ولد دادة . إن تلك الاتفاقيات و ذلك التقسيم يشكل اليوم الأرضية المادية التي على أساسها أقيم تحالف متين بين النظامين للتحرك كقطعة واحدة لمواجهة الحركة الوطنية للجماهير الشعبية في موريطانيا و الصحراء و المغرب باسم " الدفاع عن الوحدة الترابية المهددة". إنه لتحت هذا الشعار المزيف يجب أن ننتظر مستقبلا تحرك قوى النظامين معا لقمع نضالات الشعب الموريطاني و حماية حكم ولد دادة و مصالح الإمبريالية هناك .
-إن استعمال الموانئ و البواخر المغربية لنقل الدعم الإمبريالي ( سلاح , مؤونة ...) الموجه للكتائب بلبنان ضد المقاومة الفلسطينية و الحركة التقدمية اللبنانية , و كذا منح تكنة بن كرير ( قرب مدينة مراكش ) لتدريب المرتزقة و نقلهم للهجوم على الحكم التقدمي في البينين ( الداهومي سابقا ) , تبرز مدى حاجة الإمبريالية لاستعمال بلادنا , و من هنا ضرورة تقوية الحكم المسلط عليها ليكون قادرا على لعب الدور العدواني المرشح له .
إن هذا الدور يقبله النظام طوعا , و إن تصريحات الحسن حول " خطة باريس –الرباط " و حول " الشجرة التي تمتد عروقها في إفريقيا و تتنفس بأوراقها في أوروبا " ( الندوة الصحفية بعد المسيرة الصفراء ) , لهو تعبير فصيح عن استعداد الحكم لأن يقوم بكل المهام الوسخة الموكلة إليه من طرف قيادة أركان الحلف الأطلسي .
إنه في هذا الإطار يجب وضع تدخل القوات الملكية في الزايير ( "إن شجرة الشر امتدت عروقها قبل الأوان و حتى قبل أن تتصلب ") تحت غطاء الدفاع عن " السيادة الوطنية" للزايير و أن " خط باريس – الرباط " دخل حيز التطبيق على شكل جسر جوي لنقل أبناء شعبنا إلى المجازر في الزايير , تماما و بالضبط كما فعلت الإمبريالية سابقا عندما كانت تدفع بالمغاربة إلى الموت في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية ضد الشعب الفيتنامي , و عندما كان فرانكو يجند بالقوة حتى أطفال بلادنا في حربه الفاشية ضد القوى الثورية في اسبانيا(1934).
فتدخل النظام لإنقاد مصالح الاحتكارات الكبرى في الزايير ليس حدثا منعزلا عن مخطط امبريالي متكامل . إنه خطوة أخرى في تطبيق الاستراتيجية العدوانية الجديدة الموجهة ضد حركات التحرر الإفريقية و العربية و التي كشفنا عنها منذ مدة .
و إنه لضمن هذه الاستراتيجية أتت اتفاقيات مدريد و حرب الإبادة التي شنها الحكم ضد أبناء الصحراء , و كامتداد لنفس الدور الموكل إلى النظام من طرف الإمبريالية كانت مساعدة الكتائب في لبنان و المساهمة في الهجوم على البينين , و اليوم التدخل في الزايير و انطلاقا من هذا الأساس فإن إدانة التدخل الملكي الأخير لا يمكنها أن تكتسي فعاليتها و مضمونها التحرري إلا بالإدانة النضالية المطلقة للمخطط الإمبريالي ككل .
-3-هل تصعيد الإمبريالية لعدوانها ضد العديد من الحركات التحررية الإفريقية دليل على قوتها و تجاوزها لأزمتها الخانقة ؟ هل تدخل الحكم في الزايير دليل على تجاوزه هو الآخر لأزمته الاقتصادية و السياسية ؟
قد يتبادر إلى ذهن من يكتفي بالنظر إلى الأحداث بمعزل عن الأسس المادية التي تتحكم في تطور الأوضاع و تصنع الأحداث , بأن تدخل الحكم في الزايير و تصعيد الإمبريالية للعدوان دليل على قوة النظام و قوة الإمبريالية . و نظرا لمدى الإساءة التي تلحقها هذه النظرة السطحية بمسيرة النضال الوطني الثوري , فإننا نذكر بأن تقييم وضع الحكم يجب أن ننطلق فيه :
أولا : من واقع ارتباط احتداد أزمته باحتداد الأزمة التي وصلت إليها الإمبريالية , ثانيا : من الدرجة التي وصلها الاتساع الموضوعي للهوة الفاصلة بينه و بين الجماهير الشعبية و التي تحدد حسب الواقع المادي المعاشي و السياسي ( مسألة الدموقراطية ) الذي تعيشه تلك الجماهير . ثالثا : من مدى صلابة البنية الاقتصادية للنظام و التي تشكل المستند الأساسي في مدى قدرته الموضوعية على مواجهة السخط الجماهيري .
إذا اعتمدنا هذه المنطلقات في التحليل فإننا نخلص إلى ما يلي :
-1- أن الإمبريالية إذا كانت قد رسمت الخطوط العريضة لأساليبها العدوانية الجديدة , فإنها لم تستطع بعد ان تجد استقرارا مرحليا ضمن موازين القوى التي تغيرت في السنوات الأخيرة على حسابها , كما أنها لم تستكمل بعد كل التدابير التي تتطلبها المرحلة الحالية :
- أن حوار الشمال – الجنوب لم يلد بعد ما تنتظره الإمبريالية من إعادة تقسيم العمل على الصعيد العالمي بشكل يسمح لها بتثبيت الأنظمة الموالية لها في نفس الوقت الذي يسمح لاقتصادها الإحتكاري المنخور من التنفيس عن أزمته.
- أن عمق هذه الأزمة الاقتصادية بدوره يحد من إمكانياتها للجواب على المتطلبات الحالية لعملائها اتجاه تصاعد المد التحرري.
- أن تصاعد كفاحات الطبقة العاملة داخل البلدان الغربية ضد سياسة التقشف و تضييق الحريات , يساهم هو الآخر في أزمة الإمبريالية و عرقلة حركتها و قدرتها على المبادرة .
أما بالنسبة لوضع الحكم, فإننا إذا نظرنا إليه من خلال أسس التقييم المادي الذي حددناه سابقا , و بالإضافة إلى انعكاسات الأزمة الإمبريالية التي تلعب دورا أساسيا في وضعه الذاتي , نجد :
-أن الأسس الاقتصادية للنظام لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لحد الآن ولا زالت تعاني من نفس الهشاشة التي عرفتها في الماضي , بالرغم من إرادة الإمبريالية و إرادته في تقويتها.
- أن مختلف المساعدات و القروض الممنوحة من طرف الإمبريالية و الأنظمة الرجعية العربية التي ازداد حجمها فعلا خلال السنتين الأخيرتين تلتهمها نفقات الحرب في الصحراء و أجهزة القمع المتسلطة على الشعب المغربي ( العجز في ميزانية الدولة الذي زاد هذه السنة ب 50 في المئة عما كان عليه في السنة الماضية وحدها , توقف العديد من مشاريع التصميم الأخيرالخ ...) .
- أن السخط الجماهيري ازداد تعاظما نتيجة لتضخم جيش العاطلين و تدهور الأوضاع المعيشية للجماهير بشكل مذهل ,و تضييق الحريات السياسية و النقابية . و لعل ابرز الأمثلة على تعمق ذلك السخط و اتساع الهوة بين الحكم و الطبقات الشعبية كان الرفض الجماهيري القاطع لقرض الصحراء , و جواب شعبنا على النداء الملكي للسلم الاجتماعي بتصعيد نضالاته المطلبية . و هذا بالرغم من اشتداد القمع و مساهمة القيادات اليمينية لأحزاب البرجوازية إلى جانب الحكم في تضليل الجماهير و العمل على تحريف مسيرتها النضالية .
-إن ثقل المهمة الإجرامية التي ينفذها الحكم في الصحراء إلى جانب متطلبات مواجهة نضالات شعبنا و حماية نظام ولد دادة المهلهل , أي تحمله القسط الأكبر في الدفاع عن مصالح الإمبريالية في الجزء الغربي من الوطن العربي , لا يفعل بالإضافة إلى باقي المميزات غير توريطه في الأزمة التي عاشها من قبل .
لكن بالرغم من الأزمة الحادة التي تعيشها الإمبريالية و عميلها في المغرب , فإن الإمبريالية لا يمكنها أبدا أن تستسلم أمام تنامي حركات التحرر أو تنتظر حل كل معضلاتها الذاتية لمواجهة ذلك المد . إن مصالحها المهددة تفرض عليها الدفاع عن نفسها بكل شراسة, بالوسائل المتوفرة لديها , و في نفس الوقت الذي تعمل فيه على ترتيب أوضاعها بشكل أفضل .
و بالضبط نظرا للأخطار المحدقة بأمن الاحتكارات الرأسمالية في إفريقيا الأوسترالية و نظرا لما يشكله الحفاظ على الزايير من أهمية للتخفيف من تلك الأخطار , كان التنسيق بين مختلف الإمبرياليات و تم تكليف الحكم الكمبرادوري في المغرب بالرغم من أوضاعه الخاصة إلى الإسراع بإنقاذ موبوتو .
و لنفس الاعتبارات , و في إطار توزيع الأدوار تحمل الحكم الإمبريالي الفرنسي بصفة رئيسية مسؤولية ذلك التدخل بالرغم من الهزيمة التي لحقته في الانتخابات الأخيرة و تنامي قوى اليسار الفرنسي .
فالتدخل العسكري للقوات الملكية في الزايير ليس دليلاعلى تجاوز الحكم لازمته . إنه تنفيذ العبد المريض لأوامر سيده القلق . و الأهداف الخاصة للحكم من التدخل فإن أهمها هو :
- العمل على كسب رضى الإمبريالية و الأنظمة الرجعية الإفريقية في ظرف تتزايد فيه حاجاته إلى المزيد من الدعم المادي و السياسي و العسكري في حرب الصحراء .
-أداء واجب رجعي –امبريالي مشترك لمواجهة الزحف التحرري الذي يهدد كل الأنظمة الرجعية .
- إظهار القوة على المستوى الداخلي و الخارجي خاصة اتجاه الجزائر لإخفاء أزمته .
-4-الأسباب المباشرة للتدخل العسكري الإمبريالي الرجعي في الزايير
اما بالنسبة للدوافع الأساسية و المباشرة التي تكمن وراء هذا التدخل فهي كما يلي:
1-الوضع المتفجر في إفريقيا الأوسترالية :
إن الانتصار الذي حققته حركات التحرير في الموزمبيق و أنغولا إلى جانب حركات التحرير المتنامية في كل من جنوب إفريقيا و زمبابوي و غيرها من البلدان الإفريقية , يجعل من سقوط نظام موبوتو في الكونغو ( الزايير ) ليس فقط ضربة قوية في وجه المصالح الاقتصادية الإمبريالية ( النحاس , الزنك , الماس ...) و لكن كارثة بالنسبة لها , إن معناه فتح الأبواب على مصراعيها لانتصارات سريعة للعديد من حركات التحرر في المنطقة , بالإضافة إلى قطع الطريق على المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية في الوقت الراهن لضرب الحكم التقدمي في أنغولا .
2-إن حكم موبوتو ليس فقط حكما ضعيفا, بل وصل درجة من الانحلال و التفكك دفعت بالإمبريالية منذ مدة أن تبعث بالعشرات من خبرائها عسكريين و مدنيين للعمل على إصلاحه و تنظيم قواه القمعية أو على الأقل تحضير بديل فعلي له .
3-إن جماهير الشعب الكونغولي ( الزايير ) تحت نظام موبوتو تعاني منذ سنوات من شتى الوان القهر . و بالرغم من القمع الوحشي فإن الشعب الكونغولي الذي اكتسب من خلال تجربة حكم لومومبا وعيا متقدما , قد استطاع أن يعطي لنفسه قوى وطنية و تقدمية لمكافحة الاستغلال و السيطرة الأجنبية ( جبهة التحرير الوطنية الكنغولية - حزب الشعب الثوري ).بالإضافة إلى العديد من المناضلين التقدميين الذين التجأوا إلى الخارج أثناء المجازر التي نظمت خلال تصفية حركة باتريس لومومبا أو فيما بعد .
إن مختلف هذه القوى هي التي تتحرك اليوم للإطاحة بموبوتو و ضرب الاحتكارات المستغلة لخيرات الكونغو . كما ان هذه القوى هي التي تريد الإمبريالية إخفاءها وراء ما تسميه " رجال الدرك الكتنغيين " لتبرير تدخلها من أجل " حماية الوحدة الترابية للزايير " .
إنه في ظل هذه الأوضاع انفجر الكفاح المسلح بدعم جماهيري ملحوظ و اتضحت آفاق السقوط الحتمي لنظام موبوتو .
لمواجهة هذا الخطر الأكيد تحركت طوابير الإمبريالية في هلع تحت شعار " مواجهة التدخل الأجنبي " و محاربة " الشيوعية " ..
فدفعت الإمبريالية بحكم الخيانة في الرباط إلى تزعم عدوان القوى المضادة لتحرير الشعوب . فتكفل الحكم الفرنسي بالنقل الجوي بالإضافة إلى العشرات من أطره العسكرية العاملة هناك منذ مدة جنبا إلى جنب مع الخبراء الأمريكيين و الإسرائيليين . هذا في حين تعهدت فيه الإمبريالية الأمريكية بالدعم السياسي و إرسال الأسلحة و النظام الرجعي المصري بمسألة الطيران .إنها فعلا " حركة " (بسكون الراء ) رجعية امبريالية يتصدرها النظام الكمبرادوري في المغرب و يدفع حطبا لها أبناء شعبنا المنخرطين تحت وطأة القهر في جيشه .
-5-فما هو موقع و موقف القيادات الحزبية البرجوازية من هذا العدوان الإمبريالي الرجعي ؟
إن القيادات المتخاذلة للأحزاب البرجوازية في المغرب تتحمل مسؤولية خطيرة في التدخل الإجرامي الذي يقوم به الحكم بالزايير , ليس فقط بعدم اتخاذ موقف لإدانة التدخل الملكي في الزايير, و لكن أكثر من ذلك بمشاركتها في حكومة نظام الخونة . هذه الحكومة التي انضموا إليها على أساس المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى للدولة ( انظر البيان الرسمي حول تعيين الزعماء الوزراء ) و ليس فقط لمراقبة الانتخابات كما يدعون عن قصد لمغالطة الجماهير .إن هذه القيادات الانتهازية و إن كانت ليست العدو الأساسي فلقد انجرت وراء مناورات الحكم, و ان موقعها اليوم هو التحالف معه . فبمشاركتها في الحكومة الملكية اللاوطنية واللاشعبية و بعدم فرز موقفها عن موقف تلك الحكومة العميلة, تتحمل بوضوح في مسألة الزايير المسؤوليات التالية :
-1-مسؤولية تزكية أمر الإمبريالية العدواني الموجه ضد الشعب الكنغولي و كافة شعوب إفريقيا .
-2-مسؤولية الموافقة على نحر أبناء شعبنا و أبناء الشعب الزاييري خدمة لمصالح الإمبريالية و الرجعية .
-3-مسؤولية خنق الطاقات النضالية الموجودة وسط الجماهير و ضمن قواعدها نفسها , و قطع الطريق امام تحركات هذه الطاقات لإدانة مخطط الحكم و الإمبريالية و آخرها التدخل في الزايير . إن موقع و موقف هذه القيادات من التدخل في الزايير ليس إلا امتدادا طبيعيا لمواقفها لما يجري في بلادنا منذ سنتين و انطلاقا من موقعها داخل ما تسميه " الإجماع الوطني " -إجماعها كقيادات انتهازية مع الكمبرادوريين و السماسرة و عملاء الإمبريالية- و ليس أبدا إجماع الشعب الرازح تحت القمع و القهر و انها بإجماعها هذا و باستغلالها ليافطة التقدمية و الوطنية التي أدى ثمنها العديد من المناضلين المخلصين , لتعمل على ستر الطبيعة اللاوطنية للنظام و تبرير جرائمه و خياناته امام الجماهير الشعبية . و لنذكر بالبعض من مسلسل مواقفها خلال السنتين الأخيرتين فقط :
لقد توجهت في 74 إلى عواصم العالم أجمع لشرح موقف القصر الملكي في مسألة الصحراء مبررة ذلك بان القصر تبنى موقفا وطنيا, في الوقت الذي لم يتبنى فيه غير أوامر الإمبريالية .
-لقد عملت بجهد على بث سموم الشوفينية و الحقد بين الشعب المغربي و الشعب الجزائري , و على تأييد اليمين الجزائري ( جماعة لحول بن خادة ) مكملة بذلك دعاية النظام .
-لقد أيدت المسيرة الصفراء بحماس و سمتها مسيرة وطنية تخدم مصلحة الشعب , في الوقت الذي يسقط فيه القناع ليتضح أن الذين أوحوا بفكرة المسيرة و خططوا لها هم خبراء الإمبريالية في الدعاية الرجعية و على رأسهم "جان جاك كو دوفرجاك " هذا المرتزق الذي كان أيام الحرب الجزائرية – الفرنسية مكلفا بقسم الدعاية المضادة لجبهة التحرير .
-لقد تمت اتفاقيات مدريد الإمبريالية الرجعية و تدخل الحكم عسكريا في الصحراء الغربية لينفذ تلك الاتفاقيات بقوة المدافع و النابلم فانطلقت تنشر الأكاذيب وسط الجماهير حول " التحرير "و " عناق الأخوة ", في نفس الوقت الذي تحت فيه على الدفع بالمزيد من أبناء شعبنا إلى الموت في سبيل مصلحة الإمبريالية و كمشة من الكمبرادوريين. .
-لقد قام الحكم طيلة السنتين الماضيتين بعدة حملات قمعية اعتقل خلالها العشرات من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و من المناضلين النقابيين , فلم تنظم ولو احتجاجا جماهيريا واحدا للدفاع عن الحريات و توقيف الاختطافات و التعذيب , بل استمرت في المراهنة على " المغرب الجديد "و التطبيل للمسيرة الديموقراطية المزعومة .
-لقد تم اغتيال المناضل عمر بن جلون في واضحة النهار من طرف عصابة " الإخوان المجرمين " المسخرة من النظام , فعملت على تبييض وجه هذا الأخير ووجهت سخط الجماهير و المناضلين ضد " الأيادي الآثمة" ممتنعة عن فضح مسؤولية الحكم في تلك الجريمة النكراء .
-لقد اضطر البوليس للاعتراف بتصفية المناضل الشهيد عبد اللطيف زروال, فلم يتجرأ ولا زعيم واحد من أدعياء الديموقراطية على إدانة الاغتيال .
-و قد أعلن النظام عن مهزلة الانتخابات فزكتها و بعد انفضاح التضليل و إطلاق النار على المحتجين ضد المهزلة الانتخابية ( أحداث بني مطهر ), اتجهت القيادات الحزبية المتخاذلة إلى تبرئة الحكم و تحويل سخط الجماهير ضد المجهول : " أعداء الديموقراطية " ؟ ...
-لقد نظم الحكم أكبر عملية نهب ضد جماهيرنا سماها " قرض الصحراء " كما أعلن عن السلم الاجتماعي فكان موقفها هو الموافقة على القرارات الملكية. .
-في بداية هذه السنة ( 3 يناير 77) قام النظام بمحاكمة صورية في حق 176 من مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتهمة" المس بأمن الدولة " . لقد عرفت هذه المحاكمة منعا كاملا لأدنى حق في الدفاع , كما أنها تميزت من جانب آخر باستماتة مناضلي حركتنا في التشبت بمواقفهم و قناعاتهم و على رأسها الموقف الوطني الثوري من مسألة الصحراء , و كذا جرئتهم في إدانة تلك المهزلة القضائية و مقاطعتها . في هذا الوقت بالذات حيث كان من المفروض من أي ديموقراطي أن يقف للدفاع عن حريات التعبير و الرأي , التزمت القيادات الحزبية البرجوازية الصمت و لم تتخذ أي موقف احتجاجي على ما يجري داخل المحاكمة .بل أن علي يعته استغل المناسبة ليساهم بوقاحته المعهودة إلى جانب ابواق الحكم في تحضير الرأي العام لأحكام مشددة في حق المناضلين الثوريين و صدرت تلك الأحكام : من بينها 44 حكما بالسجن المؤبد .
فلم يتحرك الدعاة المزيفين لحريات الرأي من أجل إدانة تلك الأحكام , بل التزموا الصمت المطلق ليدخلوا بعد بضعة أسابيع إلى الحكومة الملكية" لإنقاذ المسلسل الديموقراطي" .
إن هذا المسلسل من المواقف المتخاذلة و آخرها تدخل الحكم في الزايير, هو الذي يجعلنا نقول بأن القيادات الحزبية البرجوازية تقف اليوم في تحالف مكشوف مع العدو بل و في حكومته . لقد تنكرت في الممارسة العملية لشعارات التقدمية و الوطنية و أفرغتها من كل مضمون لتستعملها لتزيين صدرها و مخادعة الجماهير .
-6-واجب كل المناضلين الوطنيين و الديموقراطيين الحقيقيين
إن منطلقاتنا في معالجة القضايا الراهنة في الصراع, هو عزل العدو الأساسي , الإمبريالية و حكمها الكمبرادوري العميل, و رفع كل لبس يمكنه أن يعيق الجماهير عن النظر بوضوح للعدو و مناوراته .
على هذا الأساس يجب تعبئة كل الطاقات النضالية لتعميق أزمة العدو, و بهدف تحويل موازين القوى لصالح الجماهير في استراتيجية بناء حكم وطني ديموقراطي شعبي .
إننا نعتبر أن الخط الفاصل في المواقع و المواقف هو ذلك الخط الذي يضع في تناقض تناحري اثنين :
-معسكر الحكم و من ورائه الإمبريالية و معسكر الشعب .
و إننا لندعو كافة المناضلين الوطنيين إلى الالتفاف و التكتل داخل معسكر الشعب , و التوجه نضاليا لضرب العدو و فضح المتخاذلين و المتحالفين معه .
وبخصوص التدخل العسكري الحالي في الزايير , فإن على كل الوطنيين ان يظلوا أوفياء لتاريخ شعبنا النضالي الذي هب في مظاهرات صاخبة ليقف إلى جانب الشعب الكونغولي ( الزايير حاليا ) و إدانة اغتيال المناضل باتريس لومومبا , هذه الجريمة التي ساهم في تنفيذها آنذاك نفس النظام الذي يرسل اليوم جيشه من أجل تقتيل الثوار و خدمة مصالح الإمبريالية و شقيقه نظام موبوتو المتعفن .
- فلنجعل من التدخل العدواني في الزايير منطلقا للوقوف في وجه المخطط الإمبريالي الذي يحاك و ينفذ ضد شعبنا و شعوب المنطقة .
-لاقرش و لا رجل واحد لخدمة حروب الإمبريالية و الرجعية .
-الخزي لحكم الخونة و المرتزقة .
-عاش كفاح الشعب الكونغولي .
-عاشت حركات التحرير الإفريقية و العربية .
#فؤاد_الهيلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟