|
المرأة: في دائرة العنف..!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 21:02
المحور:
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
العنف بذاته؛ حالة تعبر عن قصور في التحكم الإرادي للشخص، إتجاه الطرف الآخر، بغض النظر عن طبيعة العلاقة الرابطة بين الإثنين، ولذلك من الأسباب ما لا تحده حدود؛ وبمعنى آخر، هو الفعل المعاكس لفعل الرقة واللين الذي يمثل الحالة الطبيعية لتصرف الفرد، إمرأة كانت أم رجل، وفي الحدود المقبولة من قبل المجتمع بعيداً عن الإفراط أو التصنع، ولكل هذا أسبابه ودوافعه المتعددة..!
فالعنف الذي يقع على المرأة هو في جوهره لا يختلف عن طبيعة العنف الذي يتعرض له الطفل، أو العنف الذي يمكن أن تمارسه المرأة نفسها ضد المرأة أو الرجل أو الأطفال في البيت أو المدرسة أو في رياض الأطفال..!
والعنف الجنسي ضد المرأة في حقيقته وفي جوهره، لا يختلف عن باقي أشكال العنف الأخرى، إلا في حدود القصد والهدف، وليس التحرش الجنسي _ في سياقه السلبي _ إلا أحد أشكال هذا النوع من العنف الذي تتعرض له المرأة بشكل عام، وله صوره المختلفة، منها "المبطن" ومنها المعلن الصريح، ومنها الذي يرقى الى مستوى الإعتداء الجسدي المباشر، كما هو في حالة الإغتصاب..!
وليست حالة التحرش الجنسي مقصورة على المرأة حسب، بل قد تتعداها الى الأطفال من الذكور أوالأناث، التي قد تتخذ في بعض الأحيان، أشكالاً من اللاعنف، بل قد تبدو من خلال حركات من اللّطف والمداعبة، التي لا يمكن نسبها في ظاهرها، الى باب "التحرش الجنسي"، الذي يمكن أن يقع تحت طائلة العقاب القانوني، بقدر ما يمكن أن تكون مجرد إيماءات أو مجرد إشارات قد تؤخذ على محمل الجد في ظروف معينة..الخ
وليست حالة "التحرش الجنسي" وليدة يومها، فهي في قدمها قدم البشرية، ولا يقتصر إنتشارها على أمم أو بلدان محددة، أو يغلب عليها الإنتشار في بلدان تميزت بتحضرها وتفوقها الحضاري من بلدان أخرى لا زالت تحبو في مستويات تطورها الإقتصادي والإجتماعي، فالحالة موجودة في جميع المجتمعات، ولكن شيوعها، يختلف نسبياً من مكان الى آخر، وهذا يعتمد على مستوى التطور القانوني والقضائي لهذا البلد أو ذاك، ناهيك عن طبيعة تطور مستوى الوعي الثقافي للمجتمع نفسه، وبكلمة أدق، يعتمد ذلك على نسبة المستوى العملي والتطبيقي الذي وصل اليه مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، على الصعيدين السياسي والإجتماعي، الذي يقابله وقريناً له، المستوى العملي الذي وصلت اليه المرأة في مجال المشاركة في العمل وبشكل خاص في مجال العملية الإنتاجية للمجتمع..!(*)
أما الخوض في أسباب تلك الحالة، أو فيما إذا كان بالإمكان إعتبارها ظاهرة شائعة في البلدان العربية على سبيل التخصيص، كما أوردت بعضاً منها الأسئلة الموجه من قبل الحوار المتمدن - مركز مساواة المرأة، فالكثير من هذه الأسئلة تبطن أجوبتها في دواخلها، ومن غير اليسير الإجابة على تلك الأسئلة بإجابات قطعية، من حيث نعم أم لا، فالأمر في حقيقته يغور بعيداً في جذور المسائل التي تناولتها أسئلة الحوار المتمدن، مثل الكبت الجنسي، ودور السلطة، والتربية البيتية الذكورية، والتوجهات الدينية، وطبيعة التعليم، والتفريق بين الجنسين في مراحل التعليم المختلفة، وإتساع ظاهرة الحجاب و"الصحوة الدينية"..الخ من الأسباب والعوامل التي تضعها وتفترضها الأسئلة في وارد الأسباب التي تقف وراء شيوع ظاهرة التحرش الجنسي ضد المرأة في مجتمعاتنا العربية، فكل ما تقدم من هذه العوامل يمكن أن يكون لوحده كافياً أو مشاركاً مع العوامل الأخرى، في بروز ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع..!؟(**)
فالحالة نفسها يمكن أن يواجهها المرء في أرقى الدول حضارة كما وفي نفس الوقت، في العديد من الدول المتخلفة إقتصادياً والبعيدة في سلم الحضارة، وهناك غير قليل من العوامل التي تقف وراء تحول الحالة نفسها الى ظاهرة إجتماعية بالصورة التي يتوقعها مركز مساواة المرأة، ولعل من أحد تلك العوامل، ظاهرة إنتشار البطالة لأي سبب من الأسباب، أو التدني في مستوى الوعي القانوني في المجتمع، وغياب القاعدة القانونية العقابية الرادعة، على صعيد المجتمع، والمقصود تلك القاعدة التي تتعامل مع الحالة نفسها على قدم المساواة بالنسبة للجميع، وليس بعيداً عن ذلك ما تتعرض له بعض الدول العربية وشعوبها اليوم، من حالة إنتشار الفوضى والإرهاب والحروب الأهلية، ما يفاقم من حالة "التحرش الجنسي"، ويعمق من عزلة المرأة إجتماعيا، ويزيد من تعرضها للإنتهاك المعنوي والجسدي، وغير ذلك من التجاوزات على حقوقها القانونية والدستورية، وهذا ما يدفع الى التفكير بإستنباط الحماية المناسبة للمرأة من قبل السلطات الحكومية، من جهة، وتفعيل دور النخب المثقفة على صعيد الجنسين، بما فيها الحماية الدولية، الأمر الذي تمت معالجته في مقالة سابقة، ولا يخفى على العيان الدور الذي يلعبه مركز مساواة المرأة لموقع الحوار المتمدن في هذا المجال..!؟(***) باقر الفضلي/ 3/3/2013 ____________________________________________ (*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=59024 (**) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=195947 (***) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=342111
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين: الأسيرُ الشهيد..!(*)
-
أبا غانم .. سلاماً...!(*)
-
تونس: شكري بلعيد يتهم..!!؟(*)
-
سوريا: أبعاد العدوان الإسرائيلي الجديد..!؟
-
مكانة المرأة في الشرائع الدولية..!(*)
-
العراق: المشهد السياسي بين العقلانية والتراجيديا..!!
-
صورة للحزن..!
-
مصر: من أجل الديمقراطية؛ حينما تعني اللاء (نعم)...!؟
-
مصر: الطريق الى الديمقراطية..!
-
العراق : القوات المسلحة ودلالات حيادية السلطة المدنية..!2_2
-
فلسطين: شعب ودولة..!
-
فلسطين : المجتمع الدولي أمام الإمتحان التأريخي..!
-
مصر: الى أين..؟!
-
فلسطين : الأمانة العامة في ربيعها العربي..!؟
-
فلسطين _ غزة : شدي على الجرح..!
-
فلسطين: -عامود الضباب- ، عدوان سافر..!؟
-
فلسطين: لا تُلجِمْ السَفنَ..!(*)
-
العراق: -البرلمانية- وتاء التأنيث..!!؟
-
سوريا: بين النخوة العربية والصولة التركية..!؟
-
سوريا: حرب غير معلنة أم ثورة شعبية..؟؟! (*)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|