|
مذكرة دفاع شخصي
نقولا الزهر
الحوار المتمدن-العدد: 1157 - 2005 / 4 / 4 - 10:18
المحور:
حقوق الانسان
1- المقدمة
في السنين الأخيرة ، أصبحت تشكل ، مقولات إعادة الحياة للمجتمع المدني ، والمؤسسات الأهلية ، وسيادة القانون ، حيزاً مرموقاً من الإنتاج الفكري في بلدان العالم الثالث . وأصبحت منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن المعتقلين السياسيين ،وسجناء الرأي ، تشكل ضغطاً ملموساً على حكومات هذه البلدان .وأخذت المطالبة بالديموقراطية ، والتعددية السياسية تهز أركان الأنظمة الإستبدادية . ثم كان هناك الزلزال ، وهو سقوط الأنظمة الشمولية ، في الإتحاد السوفييتي وشرق أوربا ، وقد بدأ أيضاً صندوق الإنتخابات الديموقراطية والنزيهة والمراقبة دولياً ، يضرب بمطرقته ، على أبواب الوطن العربي ، في الظروف هذه لم يكن الأمر مفاجئاً ، أن يلجأ النظام في سوريا إلى وسائل ، تؤمن له بعض التغطيات القانونية الشكلية ، ليمتص بعض ضغوط الرأي العام العالمي . فقد بدأ النظام في إجراء محاكماتٍ للمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ، لتغطية اعتقالهم العرفي ، منذ ثلاثة عشر عاماً أو أكثر ، ويقدم هؤلاء ، في ظل قوانين الطوارئ والأحكام العرفية، أمام محكمة استثنائية ليس لها أي علاقة بالسلطة القضائية . بل إن هذه المحكمة تخضع للسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية العليا مباشرة ، ولاتتوفر فيها أبسط حقوق الدفاع ، ولا حق الطعن بالأحكام الصادرة . إن الإتهامات التي وجهت لهم ، تعسفية إلى أقصى الحدود ، وإن مفهوم التعسف لايعبر عن حقيقتها الجائرة ، كل هذا من أجل تجريم الأحزاب السياسية المعارضة لسياسة النظام . وهذه الإتهامات لاتستند الى الأدلة والبينات ، وتفتقد إلى أية موضوعية ، ولاتمت إلى واقع الأمور باية صلة. بالإضافة إلى أنها تعتمد في الأصل إلى قانون غير دستوري ،لا يضاهيه في جوره وافتقاره إلى مفهوم العدالة ، أي قانون في العالم . إن المتهمين الماثلين أمام محكمة أمن الدولة ، هم مناضلون سياسيون شرفاء ، مخلصون لوطنهم ، بعيدون كل البعد عن مفاهيم المؤامرات والجنايات والجرائم ، بعد الأرض عن السماء . إنهم يناضلون بأفكارهم وآرائهم وضمائرهم وأقلامهم ، من أجل تكريس المجتمع الوطني الديموقراطي ، وأسس المجتمع المدني ، والحقوق المدنية والسياسية، وسيادة القانون . إن معظم المتهمين قضوا ربع أعمارهم أو أكثر في السجون ، وتعرضوا لأبشع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي ، بالإضافة إلى آلام ذويهم وأسرهم وأطفالهم . وقد أصبحت أساليب التعذيب والإعتداء على الجسد في بلادنا ، معروفة على مستوى الوطن كله ، بأسمائها { المشهورة } المتداولة بين مواطنينا ، وكأنها ليست غريبة على أسماعهم وعلى حياتهم اليومية . وتتصاعد بانوراما التعذيب شاقولياً من { الدولاب } ، الذي هو الإفتتاحية ، إلى أشكال أكثر تعقيداً وتنوعاً وتقنيةً ، للإعتداء على الإنسان وإهانته . ولقد استشهد الكثير من معتقلي الرأي ، من مختلف الإتجاهات السياسية أثناء حفلات التعذيب ، ومنهم من مات في السجن من وطأة الإعتقال الطويل والمرض في ظروف مأسوية لا إنسانية . إن تقديم المواطنين للمحاكم بعد عقد او عقدين أو أكثر من السنوات ، هو مفارقة لم يعرف مثلها التاريخ ، منذ شريعة حمورابي ، مروراً بالشرعات الدينية التوحيدية ، وانتهاءً بالشرعات المدنية المعاصرة في أواخر -القرن العشرين . إن التوقيف العرفي في معظم البلدان التي تسود فيها حالة الطوارئ والأحكام العرفية ، مدته محددة ، بينما هذا التوقيف في وطننا لا يعرف الحدود على الإطلاق ، وقد يصل إلى الربع قرن أو أكثر ، قبل أن يحال المعتقل السياسي إلى محكمة ، أو لا يحال أبداً ، هذا اللهم إذا بقي على قيد الحياة . وإذا أحيل ، فسيمثل أمام محكمة لا تتوفر فيها أبسط حقوق الدفاع ، ويأتي مسلسل الجلسات المزمن ، ويدخل المعتقل في تقادم من نوع جديد أثناء المحاكمة لا يعرف الحدود أيضاً . 2- حول عدم مشروعية محكمة أمن الدولة أ- إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1-12-1948 وساهمت سورية في صياغته تضمن ما يلي : كل الناس سواسية أمام القانون . / لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات ، الواردة في هذا الإعلان ، دون تمييزٍ في اللون أوالجنس او العنصر أو الراي السياسي . / لكل إنسان حق التمتع بالمساواة مع الآخرين ، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً ، للفصل في تهمة جنائية توجه إليه . ب-إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت اليه سوريا أيضاً والنافذ من تاريخ 23-7-1976 يتضمن ما يلي : المادة - 9/3 : يقدم الموقوف أو المتهم بتهمة جزائية ، سريعاً إلى المحكمة والتأخيرلا يتجاوز أياماً معدودة . المادة-14 : لكل فرد حق في أن تكون قضيته ، محل نظر منصف وعلني ، من قبل محكمة مختصة ومستقلة وحيادية . المادة –14/5 : لكل شخص أدين بجريمة ما ، حق اللجوء وفقاً للقانون إلى محكمة عليا كيما تعيد النظر في قرار إدانته ، وفي العقاب الذي حكم به . ج-يقضي الدستور العربي السوري الذي صدر في عام 1973 بما يلي : المادة-25/1 : الحرية حق مقدس وتكفل للمواطنين حريتهم الشخصية . المادة-25/3 :المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات . المادة-28/4 :حق التقاضي وسلوك سبيل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون . المادة-130 : السلطة القضائية مستقلة ، ويضمن رئيس الجمهورية هذا الإستقلال ، يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى . د-حول استمرار حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي تستند إليها محكمة أمن الدولة : إن حالة الطوارئ التي يحيل بموجبها القضايا الحاكم العرفي،منذ أكثر من ثلاثين عاماً في 8-3-1963 بقرار من المجلس الوطني لقيادة الثورة باطلة بطلاناً مطلقاً للأسباب التالية : 1-لم يحدد قرار المجلس الوطني رقم{2} بإعلان حالة الطوارئ ، القيود والتدابير التي يجوز للحاكم العرفي اتخاذها . 2- لم يعرض هذا القرار على مجلس الشعب حتى الآن ،وهذا يعني أن قرار إعلان حالة الطوارئ غير معترف به من السلطة التشريعية . 3-وباعتبار أن الإتفاقات الدولية مقدمة أثناء التطبيق على التشريعات المحلية ، بالنسبة إلى الدول التي انضمت إليها ،وأن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، قضى أن تكون حالة الطوارئ ،وهي حالة استثنائية أصلاً ، مؤقتة وحصرية ومحددة للإستثناءات ، وبالتالي فإن إعلان حالة الطوارئ لاغياً ، بموجب قانون تصديق اتفاقية العهد الدولي الوارد ذكره أعلاه . 4- إن قانون الطوارئ ، وهو قانون استثنائي ، شرع لمواجهة الحروب والكوارث والإضطرابات التي تهد أمن البلاد والشعب ، وطبيعي أن حالات كهذه ، تمتد أياما أو أسابيع أو شهور ، ولم يكن بتصور الدستور ولا بنية المشرع ، اوأي شخص كان ، ان تمتد حالة الطوارئ لتزيد مدتها عن ثلاثين عاما ، وأن تشمل جميع أرجاء القطر ، خاصة وأن تطبيق أحكام قانون الطوارئ ، يعلق أحكام الدستور والقوانين ، ولايمكن أن يكون منطق الشارع هو إلغاء الدستور والقوانين طوال هذه المدة . ه-حول عدم مشروعية القانون رقم {6} لعام 1965: لقد استندت محكمة أمن الدولة على مواد هذا القانون في توجيه التهم للمعتقلين السياسيين . لكن القانون رقم {6} لعام 1965هو مستوحى من قانون الطوارئ والأحكام العرفية ، وهومخالف للدستور جملة وتفصيلاً ، ومخالف للعهود والمواثيق الدولية . وقد قال الدكتور {مصطفى محمود} عميد كلية الحقوق الأسبق في جامعة القاهرة ونائب رئيس { الجمعية الدولية للقانون الجنائي } في محاضرة ألقاها في فرع نقابة المحامين بدمشق في 2-6-1978 عن هذا القانون : "هذا قانون لا نظيرَ له في العالم ..!!!! " و-حول موقف المحكمة من التعذيب أثناء التحقيق : لم تأخذ المحكمة أي موقف اتجاه هذه المسألة . مع العلم أن المادة26/ف3 من الدستور نصَّت على مايلي : "لايجوز تعذيب أحد جسدياً ومعنوياً أو معاملته معاملة مهينة ، ويحدد القانون من يفعل ذلك . ولكن " عل من تقرأ مزاميركَ يا داوود " ، فالتعذيب والإهانات والإعتداء على المواطن ، هو العرف السائد في الأجهزة الأمنية ، وهذه المسألة إلى الآن هي خارج القانون . ز- حول التقادم : نصت المادة 28/ف من دستور 1973 عل مايلي : " كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم ". وكذلك نصت المادة 11/ف- أ- من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948على مايلي : " كل متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة علنية تؤمن فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه". بينما في بلدنا ينفذ العقاب على المواطن الذي يتعاطى حقه الطبيعي في الممارسة السياسية ، سلفاً ، بتوقيفه مدة غير محدودة قد تمتد سنين وعقود بشكل كيفي ، ثم يحال إلى المحكمة بعد هذه الفترة الطويلة جداً من الإعتقال ، ليصدر عليه حكم مبرم ، غير قابل للطعن ، مفصلاً ليتلاءم مع رغبات السلطة السياسية . فلقد قلبت الآية وطبقت المادة الدستورية حول قرينة البراءة بشكل معاكس : " المتهم مدان حتى يأتيه الفرج بحكم مبرم يصدر عليه ليضع حداً للإعتقال اللامحدود " ، هذا إذا افترضنا أن المحكوم سيفرج عنه بعد قضائه فترة حكمه . أليس ذلك يشكل مفارقة تاريخية في تطبيق الدساتير والقوانين وأصول المحاكمات . في ظل هذه الظروف ، التي يتعرض فيها المواطن لمثل هذه الإنتهكات ، التي تنال من الدستور والقوانين والسلطة القضائية بشكل عام ، ومن المواثيق والعهود الدولية ، أرى أن هذه المحاكمات الجارية للمعتقلين السياسيين ، هي محاكمات سياسية وأمنية . ولابدَّ هنا من أن نذكر ما قاله الأستاذ { نصرت ملا حيدر } رئيس المحكمة الدستورية العليا في المقال المنشور في مجلة { المحامون } في العددين {1} ، {2} لعام 1993 ص19 حول محكمة أمن الدولة العليا :" إنها محكمة استثنائية ، تستند إلى إعلان حالة الطوارئ ، وتحال القضايا إليها بأوامر عرفية ، ولاتتبع السلطة القضائية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى ، وأن ضمانات المتهم لديها غير كافية ، بسبب دمج سلطات الإدعاء والإتهام والتحقيق فيها ، بينما هذه السلطات منفصلة في القضاء العادي . وأن قرارات هذه المحكمة غير قابلة للطعن ، وتصدق من السلطات الإدارية ، الشيء الذي يتنافى مع مبدأ استقلال السلطة القضائية، ومبدأ المساواة بين المواطنين المتهمين ، لأن من يحال للقضاء العادي من المتهمين لديه ضمانات وفرص أفضل ،مما لدى القضاء الإستثنائي ، الشيء الذي يشكل خرقاً دستورياً ، ومخالفة لأحكام الدستور الذي كفل حق الطعن ، واستقلال القضاء ، والمساواة بين المواطنين ، عدا أن محكمة أمن الدولة العليا تفتقد أصلاً لمشروعيتها الدستورية ، غذ لم ينص الدستور الصادر على تشكيلها ." وقد ذهب أيضاً الأستاذ نصرت ملا حيدر ليقول في مقابلة صحفية في جريدة الثورة الدمشقية رقم العدد 9275 في23-11-1993 : " حتى يستطيع القضاء القيام بمهامه لابد أن ينطلق من الديموقراطية كنظام ، يستند إلى القضاء كوسيلة لحماية هذا النظام . وأن لا يحال بين الفرد ومقاضاته ، بتشريعات غير دستورية تحجب هذا التقاضي ، وأن لا ينتزع الفرد من قضائه الطبيعي ، ليلقى به في براثن القضاء الإستثنائي . وفي كل الأحوال، لن يامن الأفراد على أنفسهم إلا بقيام قضاء مستقل عن السياسة ، وأن لاسلطات على قضاته لغير سلطات القانون . ولا ضمان لحقوق الناس وحرياتهم سوى شرف القضاة وتجردهم . وأن أي مجتمع خال من قضاة على هذه الصورة ، سيكون محروماً من ضوابط القانون التي تحمي الحريات العامة والحقوق من العدوان عليها والعبث بها ...." ويذهب في هذا المجال الدكتور في القانون { مبدر الويس } في مقاله المنشور في دورية { الأسبوع الأدبي } في 2- 12-1993 بعنوان [ التعددية السياسية في الدولة الديموقراطية المعاصرة ] في أطار زاوية [ قضايا ومواقف ] فيقول : " إن القانون هو الذي يحدد اختصاص السلطات العامة ويخضعها للرقابة المستمرة ، وأن الفصل بين سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، هو من المبادئ الأساسية في دولة المؤسسات . كما يضمن هذا الفصل ، الحد من سلطات الحكام ويمنعهم من الإستبداد بحقوق المواطنين ، والإعتداء على حرياتهم ، وفي الوقت نفسه يحقق هذا الفصل للسلطة القضائية ، ضمان تحقيق مقاضاة عادلة ومحايدة بين كافة المواطنين . لأن عدم الفصل بين السلطات في الدولة ، يؤدي بها من الناحية الفعلية ، لأن تندمج جميعها في سلطة واحدة ، يستغلها الحكام للقيام بأساليب وتصرفات ديكتاتورية غير مشروعة بحق الوطن والمواطنين". 3- حول حرية العمل السياسي ومشروعيته لابد من العودة في تحليل مشروعية العمل السياسي ، في أي مجتمع مهما كانت خصوصيته ومهما كانت هويته، إلى جوهر مفهوم السياسة وفلسفتها . فإذا عدنا إلى المعلم الأول { أرسطو} ،فنرى أنه لم يعبث على الإطلاق ، حينما أطلق موضوعته الشهيرة في وصف الإنسان ب { أنه حيوان سياسي } . ألا نرى في هذه المقولة أنها ساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار ، في دلالتها إلى التفريق بين الإنسان والحيوان ، وأن الإنسان أصبح سياسياً ، منذ أن انتقل من حياة القطيع إلى الحياة الإجتماعية . إن السياسة وجدت منذ نشوء المجتمعات . فما أن يضطر الأفراد إلى التعايش بشكل جماعات ، حتى تظهر شروط الحياة السياسية ، وينتقل الإنسان من فرديته إلى النظام العام ، أي إلى المجال السياسي . أي أن الجماعة الإنسانية لا تستطيع أن تنمو وتتطور قبل أن تصبح سياسية . وقد أكد { هوبز } مقولة أرسطو حول السياسة حينما قال : " من غير الممكن أن تبقى العلاقات الإجتماعية مستمرة ، إن لم توجد علاقات سياسية " . وإذا كانت السياسة موجودة في المجتمع موضوعياً ، فهل يمكن ان توجد بدون ممارسين للعمل السياسي ؟ . لذلك من العبث تصور نفي العمل السياسي وإلغائه في المجتمع ، ومنع الأفراد والجماعات من ممارسته واقعياً ، بأوامر الأنظمة والحكام ، أو بقوانين تصاغ من قبلهم . وإن النظام الذي يطلب من مواطنيه الإمتناع عن ممارسة العمل السياسي بالقوة والإرهاب ، عليه أن يتذكر المحكمة الكنسية الظلامية الشهيرة التي حاكمت { غاليلي } ، حينما طلبت منه إنكار كروية الأرض ، كيف ، حينما ابتعد عن المحرقة { وسيلة الإعدام في تلك الأيام } قال الحقيقة العلمية الموضوعية التي اكتشفها بصوت هامس : "ولكنها تدور " . ينطبق هذا المثل على السياسة ، لأن الإختلاف السياسي في المجتمع ، بين الطبقات والفئات والجماعات والأفراد ، هو حقيقة موضوعية مثل كروية الأرض . والتناقض هو من أصول البنية الإجتماعية . لذلك ، فالنظام السياسي الذي لايستند إلا للعنف، في مواجهة معارضيه السياسيين ، هو نظام لايمكن أن يدوم ويتأبد ، حتى عندما يعمد في الذود عن نفسه ، إلى تنظيم القمع والإرهاب تنظيماً شاملاً . وإذا أجيز لنا، أن نشبه النسق السياسي ،الذي هو قديم وتاريخي ورئيسي ومسيطر في المجتمع ، بالنهر الجارف ، فهل يمكن تصور بناء السدود الشاهقة عليه ، دون بوابات كبيرة تنظم جريانه ؟. يذهب { هارولد لاسكي } في كتابه { أسس السيادة } ليقول في هذا المجال : " إنني أعتقد أن مشكلة الحقوق هنا تصبح ذات أهمية خاصة ، لأنه لا يمكن الوفاء بواجبات المواطنة ، إلا في ظروف معينة ، ومن الضروري ضمان تهيئة تلك الظروف ضد طغيان السلطة ، وإن حقوق المواطنة في القول والكتابة والتعبير وشحذ القوى من أجل تحقيق مجهودات اجتماعية ، هي حقوق طبيعية ، بمعنى أنها لاتعتمد على الدولة في مشروعيتها ، وهي حقوق كامنة في قيمة الشخصية الإنسانية السامية ، وحينما تكبت هذه الحقوق ، يصبح من الواضح أن الدولة تقضي على أي مطالب لها في ولاء الناس " . فالدولة التي ترفض إطلاق العنان أمام الجهود الإبداعية لدى الناس ، وتحرم مواطنيها الذين هم الأساس في تكوينها ، من حقوقهم السياسية والمدنية، تنتقل إلى مستوىً هو { تحت الدولة } . وهنا يلجأ المواطن لحماية نفسه إلى الكيانات الصغرى كالعائلة والعشيرة والطائفة والمذهب وكل أشكال { ما قبل الدولة الوطن } . وتتسع الفجوة بين النخبة الحاكمة والأكثرية الشعبية ، ويبدأ صراع { الفوق والتحت } ، وأحياناً يكون صراع الحلقة المفرغة ، كالصراعات التي تجري في أكثر من مكان ، في الوطن العربي الآن . من هنا لايمكننا أن نربط مشروعية العمل السياسي للأفراد والجماعات والأحزاب السياسية ، بمدى ولائها لسياسة النظام الحاكم في مجتمع ما . إن مشروعية الحركات السياسية هي طبيعية وواقعية في الأساس ، وإن الإباحة والسماح لها بممارسة العمل السياسي ، هما الأصل . إن القانون في هذا المجال لايتصف بوظيفة منع العمل السياسي ، بل يتصف بوظيفة نظم هذه الممارسة السياسية ، أي نظم ما هو موجود في الواقع الإجتماعي بشكل طبيعي . وفي حال عدم وجود مثل هذا القانون الناظم ، لا يعني أن العمل السياسي محرّمٌ وغير مشروع ، بل هذا يعني أن الحكومة منعزلة عن المواطنين ، وتخدم مصالحها كنخبة فقط . وإذا كانت الدولة هي مجتمع إقليمي ، يتالف من حكومة ورعايا بالتعريف ، فصيانة هذه الدولة تتطلب حماية كل مكوناتها ، اي يجب حماية مصالح المواطنين في الدرجة الأولى ، وليس فقط حماية مصالح السلطة . وعلى أية حال يجب الحكم على النظم السياسية ليس وفقاً للغايات التي تحكمها فحسب ، بل وفقاً للطريقة التي تخدم بها تلك الغايات . وقد أباحت كل المواثيق والعهود الدولية ، حق العمل السياسي ، وصانت هذا الحق . وقد ورد حق العمل السياسي في الفقرة الأولى من المواد { 12-19-20 } من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والمواد{ 18/1} و{ 19/1 } من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .وقد حظرت المادة {21} منه أية قيود على حق تكوين الجمعيات والهيئات الإجتماعية والسياسية والثقافية . ونص الدستور السوري الراهن صراحة على حق المواطنين في التعبير عن رأيهم بحرية وعلنية بالقول والكتابة ، وعلى حق المواطن في الإجتماع والتظاهر سلمياً ، وحقه بالإسهام في الحياة السياسية , وكذلك طالب قرار مجلس فرع نقابة المحامين بدمشق في 22-6-1978 المؤيد بقرار المؤتمر العام لنقابة المحامين رقم {21} في29-1-1978 مايلي : " اعتبار مبادئ الإعلات العالمي لحقوق الإنسان ، الدستور الأساسي للمواطن ، وتقديم أحكامه عل اي نص تشريعي محلي مهما كان نوعه ، في حال تعارض أحكامهما . وكذلك اتخذ الموقف نفسه ، المكتب الدائم لإتحاد المحامين العرب في اجتماعه في دمشق في 6-9-1979 . ويقول الدكتور في القانون { مبدر الويس } في مقاله المنشور في الأسبوع الأدبي في 2-12-1993 : "إن التعددية السياسية تمثل حقاً جوهر النظام الديموقراطي وتعبر عن وجوده ، وهي تعني قبول الرأي الآخر أو المخالف، والمعارض لسياسة النظام وفكره أو لفلسفته السائدة لحكم الدولة والمجتمع .....ويكون لكل شخص في المجتمع يتمتع بحق المواطنة والأهلية القانونية ، حرية إنشاء مايريد من وحدات سياسية أوإجتماعية من أحزاب أو جمعيات ونقابات ومؤسسات ..إلخ ، كل ذلك بدون أي تدخل من الدولة أوهيمنتها تحت أي شكل من الأشكال .." وكذلك إذا كان لايوجد في سوريا ، قانون ينظم الحياة السياسية للأحزاب بالرغم من توصية دستور 1973 بإصدار مثل هذا القانون منذ عشرين عاماً ؛ فإن حقوقنا كمواطنين بممارسة العمل السياسي والتعبير عن آرائنا ، تعتبر حقوقاً مشروعة ومحمية دولياً من خلال انضمام سورية كدولة ، للإعلانات والعهود والمواثيق الدولية التي شرعت لحقوق العمل السياسي . إن الأحزاب السياسية في سورية موجودة واقعياً وتاريخياً .فالحزب الشيوعي السوري وجد منذ مؤتمره التأسيسي في عام 1924 وكذلك حزب البعث وجد واقعياً منذ عام 1947 ، وكذلك معظم الأحزاب السياسية السورية الموالية للنظام ، والمعارضة له ، وجدت في الواقع وليس بالقانون . أما الأحزاب المنضوية في إطار { الجبهة الوطنية التقدمية } فلا يوجد قانون ينظم عملها السياسي ، ونشاطاتها ومقراتها ، وصحفها ومطبوعاتها، وإذا قال قائل: إن ميثاق الجبهة هو قانون هذه الأحزاب ، فلماذا أوصى الدستور بسن قانون ينظم حقوق المواطنين السياسية في تشكيل الأحزاب ، ومن المعروف أن الدستور صدر بعد ميثاق الجبهة . وهنالك أحزاب كانت في إطار الجبهة ، في أوائل السبعينات ، كان النظام يعتبرها آنذاك ، علنية ومشروعة ، هي الآن تحاكم من قبل محكمة أمن الدولة ، على أنها أحزاب سرية وغير مشروعة . وكذلك ما هو الوضع القانوني لأحزاب { البين بين } التي ذهبت تنشط في السنين الأخيرة يضوء أخضر من النظام ، والتي تروج لنشاطاتها وبياناتها ومؤتمراتها الأجهزة الإعلامية الرسمية ؟؟. مع أن هذه الأحزاب ليست رسمياً في إطار الجبهة . وإذا كان لديها تراخيص رسمية ، وإذا كان لديها مثل هذه التراخيص ، فما هو القانون الذي استندت إليه الحكومة في منحها؟؟.وخاصة أن { قانون الجمعيات } الرمادي الذي كان موجوداً في سوريا قد ألغي في عام 1969 رسمياً . 4- عرض تاريخي مع الوحدة والحرية والإشتراكية في سوريا : إن الوحدة والحرية والإشتراكية ، شعار عظيم جدير بالإحترام ، والنضال من أجله، وهو يعيش في ضمير كل عربي منذ بدايات هذا القرن . ولكن هذا الشعار في الأصل ، ليس اختراعاً أو ابتكاراً من صنع أشخاص، بل هو يتألف من مفاهيم تاريخية تتعلق بمصير كل شعوب الأرض ، بمعنى أن هذه المفاهيم لاتتصف بالخصوصية ، بل هي كونية . فالحرية شكلت ثلث الشعار الرئيسي للثورة الفرنسية { الإخاء والحرية والمساواة } في عام 1987 ، وكذلك الحرية كانت شعار {جفرسون} منظر الثورة الأميركية ، وشعار الكثير من الثورات التي قامت في العالم . أما الإشتراكية فكانت شعار ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 ، والصين الشعبية في ثورتها عام 1949 . وبالنسبة للوحدة فهو شعار الفرعون المصري { مينا } حينما عمل على وحدة مصر قبل الميلاد . إنني إذ احلل هذا الشعار تاريخياً ، فهذا لايعني التقليل من شأنه أو التقليل من شأن المناضلين العرب الذين صاغوه في هذا القرن ، فهو شعار استراتيجي للأمة العربية جمعاء ، وهو شعار أكثر الأحزاب التي تمثل أمام محكمتكم الآن . ولكن الذي أود قوله حول الوحدة والحرية والإشتراكية ، أنه شعار ليس حكراً لأحد ولا من ابتكار فرد ، وإنما أملته ضرورات تاريخية ، يعيها شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج .بينما الأنظمة العربية الحاكمة ، كما رأينا بالتجربة التاريخية لم تعمل على إنجاز هذا الشعار الذي كان يتناقض مع مصالحها القطرية الضيقة . لقد صحوت مبكراً على الأوضاع السياسية في بلادنا ، فمنذ أن كنت على مقاعد المدرسة الإبتدائية في بلدتنا {صيدنايا} ، كان يرسلني والدي وهو يعمل وراء نوله، إلى غرفة بريد البلدة لآتي إليه بجريدة {صوت الشعب} العلنية في تلك الآونة ، التي كانت تنطق باسم الحزب الشيوعي في سوريا ولبنان . فإذا ذهبنا في عرض تاريخي لسوريا بعد الإستقلال وجلاء الفرنسيين، ربما يمكننا القول بأن البرجوازية التقليدية التي حكمت سوريا بعد الإستقلال في عام 1946 ، قد اتسمت بضعفها وتفككها ، وتضارب مصالح الفئات المكونة لها ، عدا عن ارتباطها العضوي بالمركز الرأسمالي العالمي في الخارج من جهة ، وتحالفها مع الإقطاعيين وملاك الأراضي وزعماء العشائر في الداخل من جهة أخرى . فاقم من ضعف البرجوازية وانقساماتها وتناقضاتها ، وتوزع ولاءاتها الإقليمية ، وكذلك هزيمتها أمام العدو الصهيوني في حرب عام 1948 . هنا أخذ الجيش يلعب دوراً حاسماً في إدارت سوريا ، فراحت تتتالى الإنقلابات العسكرية ، ثلاث انقلابات في عام واحد ، انقلاب { حسني الزعيم } في أذار من عام 1949 ، انقلاب { سامي الحناوي } في آب ، ثم انقلاب العقيد { أديب الشيشكلي } في كانون الأول من العام نفسه . فقد كانت الأزمة الزراعية وأوضاع الفلاحين المتردية في هذه الفترة التاريخية ، تدفع بعشرات الألوف لأن يهاجروا من الريف إلى المدينة .وهنا أخذ الريف يفعل فعله في تغيير المدينة السورية ، وراح تركيب المجتمع بشكل عام يتغير ، وكذلك تركيب الحركات السياسية . وقد نال هذا التغيير من بنية الجيش أيضاً ، فلقد انخرط الكثير من أبناء الطبقة الوسطى المدينية والفئات الريفية في صفوفه ، وأخذت القوى السياسية الممثلة للفلاحين والطبقة العاملة الناشئة والفئات البينية في المدينة ، من اشتراكيين وشيوعيين وبعثيين ومستقلين تلعب دوراً سياسياً أكبر في المجتمع السوري. واستطاعت هذه القوى أن تدفع بسوريا ، إلى مواقف وطنية معادية للمشاريع والأحلاف الاستعمارية ، وكان (مؤتمر حمص ) الذي ضمَّ كل القوى الوطنية المعادية للديكتاتورية [ في بيت النائب عبدالله فركوح ] مقدمة ذات دلالة تبشر بسقوط ديكتاتورية الشيشكلي، وبالفعل سقط هذا الأخير في شباط من عام 1954 وغادر سوريا على أثر حركة شعبية عارمة شملت كل المدن السورية، متحالفة مع حركة عسكرية ، انطلقت من مدينة حلب بقيادة { مصطفى حمدون } ، وأعيد العمل بدستور 1950 وعاد {هاشم الأتاسي} رئيساً للجمهورية ، وشكلت وزارة { سعيد الغزي } التي أشرفت بنزاهة على انتخابات صيف عام 1954 ثم كانت معركة الرئاسة التي فاز فيها { شكري القوتلي } متنافساً مع { خالد العظم } . هنا بدأت المرحلة الوطنية ، تأخذ ملامح واضحة معادية للإستعمار وعملائه الإقليميين ، وبدأت ملامح التحالف السوري المصري تظهر للعيان ، وسقطت كل المحاولات لجر سوريا إلى حلف بغداد . وحضرت سوريا ومصر مؤتمر { باندونغ } وأقامتا علاقات دبلوماسية مع الصين الشعبية ، ووطدتا علاقاتهما على جميع الأصعدة مع الاتحاد السوفييتي .ثم جاء تأميم قناة السويس وخاضت سوريا معركة التصدي للعدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي إلى جانب الشقيقة مصر بكل إمكانياتها ، ثم جاء فشل مشروع { فراغ أيزنهاور }، وكان التصدي للحشود التركية على الحدود الشمالية لسوريا عارماً ، وبدأ التنسيق الدفاعي بين سوريا ومصر يأخذ أفاقاً أوسع وأوطد ، ليتوج أخيراً بالوحدة بينهما في 22 شباط من عام 1958 . لم تستطع القوى الرجعية أن تقف في وجه انبثاق هذه الوحدة ، التي كانت من أهم الإنجازات في النهوض العربي الحديث ، ولكن هذه القوى البرجوازية السورية التقليدية ، المدعومة من الغرب الإستعماري وعملائه الإقليميين ، لم تستسلم نهائياً ، بل عملت جاهدة على إسقاط هذه الوحدة بشتى السبل ، مستغلة الفجوة الكبيرة التي نشأت بين عراق 14 تموز 1958 والجمهورية العربية المتحدة المتشكلة حديثاً قبل شهور ، بسبب المواقف الخاطئة ، الضيقة ،المفتقرة لأي رؤية استراتيجية التي وقفتها القوى الوطنية ،القومية والشيوعية في كل من سوريا والعراق. ولقد استغلت أيضاً القوى المناوئة للوحدة السورية المصرية، العالمية والإقليمية، أخطاء نظام الحكم في الإقليم السوري آنذاك ، خاصة فيما يتعلق بالديموقراطية والحريات المدنية والسياسية، وفي المحصلة لم تستطع القوى الوطنية التقدمية في كلٍ من مصر وسوريا والعراق ، صيانة هذا المشروع التاريخي العربي ، وهذا مما أدى إلى انفصال 28 ايلول عام 1961 الذي كان بداية الإنحدار والنكوص في النهوض العربي الحديث . فلقد فشلت البرجوازية السورية التقليدية في إنجاز الثورة الوطنية الديموقراطية ، ومن هشاشتها ، لم تكن سوى لقمة سائغة أمام أول انقلاب عسكري .ثم كررت هذا الفشل حينما تسلمت السلطة ثانية إبان الإنفصال بسبب تخلفها وجشعها في آن، حيث لم تكترث بالأزمة الفلاحية وتدني المستوى المعيشي لمعظم الفئات الشعبية في الريف والمدينة، متجاهلة أو بالأحرى جاهلة بالتغييرات البنيوية التي طرأت على المدينة السورية وعلى الجيش؛ فهي قد أصرَّت عل تهميش مشروع الإصلاح الزراعي وتقزيمه، ثم التراجع عنه ؛ وأصرَّت على التحالف من جديد على التحالف مع كبار الملاكين وزعماء العشائر. وراحت تعاني من عدم الإستقرار والضعف والتمزق ، ثم سقطت في 8 أذار عام 1963 عل أثر حركة عسكرية قام بها الجيش، الذي يسيطر على تركيبه ضباط ينتمون للأوساط الريفية، رافعة شعار الدفاع عن مصالح الطبقات الشعبية، داعية للعدالة والمساواة والحرية والإشتراكية، حاملة شعار الوحدة العربية، في فترة تاريخية لم تزل طازجة انتكاسة أول تجربة وحدوية في الحقبة المعاصرة بين سوريا ومصر . ولكن ما أن استلم البديل الجديد، السلطة السياسية في سوريا ، حتى بدأت السياسة الحزبية الضيقة تتفاعل من جديد داخله ، وكان في هذا السياق فشل مفاوضات نيسان عام 1963 بشأن المشروع الوحدوي بين سوريا ومصر والعراق ، ثم كانت أحداث 18 تموز الدامية في العام نفسه، التي احتكر بعدها حزب البعث السلطة منفرداً ، رافضاً أي تحالف شعبي وطني مع باقي القوى القومية والتقدمية من ماركسيين وناصريين وغيرهم، وحتى رافضاً أن تمارس هذه القوى عملها السياسي. وقد فشل حزب البعث الحاكم في كل من سوريا والعراق ، في إقامة أية بداية وحدوية بين القطرين . وسيطر نظام الحزب الواحد في سوريا على مقدرات الدولة السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية، وأسس قطاعاً دولانياً واسعاً في ميادين الصناعة والطاقة والتجارة الخارجية والداخلية، واحتكر تجارة المحاصيل الزراعية الرئيسة من قطن وحبوب وتبغ ، ثم بدأ النظام في تفكيك المؤسسات الأهلية القائمة ونويات المجتمع المدني الحديث ، معتبراً القيم السائدة، والنظم الأخلاقية والثقافية التقليدية ، امتداداً للثقافة القديمة المتخلفة الرجعية ، فقد أزال من الوجود ماكان قائماً من المؤسسات الأهلية التي كانت قائمة خلال الحكم السابق، وفرض حالة من الوحدة القسرية داخل المجتمع ، وسيطر على النقابات العمالية والمهنية والجامعات والنوادي الرياضية والجمعيات الثقافية، الأدبية والفنية، والصحافة ، وحتى على الجمعيات الخيرية .وحول كل هذه المؤسسات إلى أجهزة ، العلاقة بينها وبين السلطة علاقة أوامرية، إذ أصبحت هذه المؤسسات تفتقر إلى أبسط هوامش المبادرة والتعبير والإبداع، وبالنسبة إلى الصحافة فلقد غدت أوراقاً جافة عقيمة، عوضاً من أن تكون سلطة رابعة ، منبراً للفكر والحوار والنقد. وبوجه الإجمال أصبح النظام يعيش فوق المجتمع ، بينه وبين الشعب هوات سحيقة . 5-حول الإشتراكية في بلادنا : لقد سادت في سوريا بين قطاع الدولة والعاملين فيه ، علاقة رأسمالية تماماً .ولقد سمّيت رأسمالية الدولة بالإشتراكية ، ولكن سرعان ما بدأ يتجه هذا القطاع مع مرور الوقت ، وفي كل الميادين الإقتصادية، نحو المزيد من البيروقراطية والفساد والمراوحة في المكان .فلقد أصبح عرضة للنهب ، ووسيلة للأغتناء وتجميع الثروات .إذ تحول إلى بقرة حلوب يصب ضرعها في جيوب المتسلطين البيروقراطيين وحلفائهم الطفيليين . ودخلت خلال هذه الحقبة كتل هائلة من أبناء الريف إلى حياة المدن ، التي أصبحت محاطة بأحزمة البؤس ، وصار التفارق الطبقي خلال الثلاثين سنة ماضية مذهلاً .فقد تفاقم الفقر ، واستفحلت أزمة الغلاء الفاحش ، وأزمات السكن والوقود والكهرباء ، وقد انعكس هذا التدهور بالفروق الشاسعة جداً بين تغيرات الأسعار الخيالية ، وتغيرات الأجور السلحفاتية ، ولقد تكدست الحصة الكبرى من ثروات الوطن ، في جيوب طغمة من الأثرياء الجدد ، من ذوي النفوذ والسماسرة أصحاب الملايين والمليارات، الذين هربوا أموالهم إلى الخارج . فالبديل الذي جاء على أنقاض البرجوازية التقليدية ، قد تحول هونفسه إلى برجوازية تابعة جديدة ، بالإضافة إلى أن هذه البرجوازية البديلة راحت تتخلى باطراد، عن الطبقات الشعبية الفقيرة ، وبخاصة عن الفئات المدينية البينية، من الموظفين الصغار والمعلمين والمهنيين وصغار الكسبة ، وأكثرية حاملي الشهادات الجامعية ،هذه الفئات التي ساندت في الأصل في بداية الستينات ، الطبقة الحاكمة الآن التي تسلمت السلطة قبل ثلاثين عاماً . وقد فشل هذا البديل في إنجاز ثورة وطنية ديموقراطية ، إذ لم يبن مشروعاً نهضوياً ، ولم يستطع فك التبعية. ولقد جف ضرع قطاع الدولة ، فهو يعاني من أزمات اقتصادية بنيوية عميقة ، على كل المستويات الإنتاجية والتقنية والإدارية ، وربما هذا القطاع الآن في أنفاسه الأخيرة ، إذ يهجره التقنيون والإختصاصيون هاربين إلى القطاع الخاص.وقطاع الدولة الآن مطارداً من التوامين ، صندوق النقد الدولي وتابعه البنك الدولي، ومطالب النظام أن يخضع لشروطهما . 6-حول الحرية والديموقراطية في سوريا: لم يؤسس النظام أي شيء لبناء الديموقراطية والحرية ، ولم يستطع أن يهيمن على المجتمع ، من خلال انتخابات ديموقراطية حرة نزيهة ، بل هو يسيطر عليه عبر نظام استبدادي أوامري ، ويفرض حالة من الوحدة القسرية داخله ، ويسعى باستمرار لأن يزيل بالقوة ، التنوع والتعدد الطبيعيين . 7-حول الوحدة العربية : لم يستطع النظام في سوريا ، مثل كل الأنظمة العربية القطرية الأخرى ، تحقيق أي خطوة على طريق الوحدة العربية .بل إن الذي يجري في العالم العربي الآن هو التفكك في العلاقات العربية العربية ،وعلى كل المستويات الدفاعية والإقتصادية والسياسية والثقافية إن سياسات الحكومات قد عملت وتعمل في الاتجاه المعاكس للمسار الوحدوي ، لابل تعمل على تكريس المصالح القطرية ، وعلى توكيد حدود سايكس-بيكو ، ولربما الخارطة العربية مهددة الآن بحدود وتقسيمات جديدة ، كم هو الحال في الصومال والسودان والمغرب والعراق ،وقد خرجت إلى الوجود { جمهورية أرض الصومال = الصومال الإنكليزي سابقاً } ، ودولة { البوليساريو } التي لا يزيد عدد سكانها عن سبعين الف نسمة .ويتفاقم التشرذم العربي ، والتحارب العربي العربي ، والحصار العربي العربي ، وحتى الجامعة العربية التي تعاني من عجزها التاريخي المزمن ، أصبحت غير مرأية في الساحة السياسية العربية ، والتجمعات العربية الإقليمية دفنت قبل ان تولد . وكان التمزق العربي في أعلى أشكاله بعد حرب الخليج الثانية . فلقد عجز النظام العربي عن حل الأزمة الناشئة بوسائط عربية ذاتية ، مما أفسح في المجال للعدوان الغربي بقيادة الولايات المتحدة أن يعمل على تدمير العراق . ويجب أللا ننسى على الإطلاق في تقويمنا لهذه الحرب ونتائجها ، قبل الخوض في مسبباتها ، تصريح قائد القوات الأميركية الجنرال { نورمان شوارسكوف } الذي قال فيه : " إن هزيمة العراق كانت هزيمةً للعرب جميعاً " وكذلك تصريح الرئيس الفرنسي { ميتران } : " ما قمنا به ضد العراق الآن كنا سنضطر للقيام به بعد أربع سنوات ، وبخسائر أكبر ." ولنرى بتمعن ، كيف أن نتائج حرب الخليج وفشل النظام العربي في احتوائها ومنع وقوعها، قد جعل الطريق إلى مدريد ممهدة من أجل سلام أميركي إسرائيلي ، في ظل أوراق تفاوضية عربية قريبة جداً من الصفر . وحتى مؤتمرات القمة العربية لايمكن عقدها الآن ، دون ضوءٍ أخضر أميركي .ولقد تحولت الثروة النفطية العربية إلى قوة سياسيةواقتصادية بيد الدول الغربية ، وبيد الولايات المتحدة تحديداً ، التي أصبحت صاحبة القرار بالنسبة إلى هذه الثروة ، إنتاجاً وتسويقاً وتسعيراً واستخداماً للأرصدة . وهذه الثروات النفطية تبدد الآن ، في شراء صفقات الأسلحة الأسطورية .وهذه الضريبة المفروضة على الدول النفطية ، ليست من أجل الدفاع عن استقلالها ، وإنما من أجل مساعدة الغرب في حل أزماته الإقتصادية المتفاقمة ومن أجل تجاوز الكساد والركود والبطالة . بينما يحرم من خيرات هذه الثروات المهدورة شعوب البلدان العربية ، التي تعاني شرائح واسعة جداً منها ، من فقر مدقع ، وهي على حافة المجاعة . بعد كل هذا الذي جرى ، ويجري الآن في مجالات الإشتراكية والوحدة والحرية والديموقراطية ، في وطننا سورية وفي العالم العربي كله ، أرى أن من سخرية الأقدار ، أن يأتي النظام السوري الآن ، ليحيل عجزه مع النظام العربي كله ، في إنجاز أي خطوة عل مسار الوحدة العربية ، ولا حتى على مسار التضامن العربي وفشله في التصدي للمشروع الصهيوني ، إلى اتهامات خيالية ، ليس لها وجود على أرض الواقع ، لتوجه إلينا ، من قبل محكمة أمن الدولة ، نحن المناضلين السياسيين ، الشيوعيين والقوميين الديموقراطيين وسجناء الضمير من أبناء شعبنا . 8-حول حجر الزاوية في بناء مستقبل وطننا : في الحقيقة لا يمكن تلمس الطريق ، من أجل البدء في الخروج من الأزمة التاريخية التي تعصف بوطننا في سوريا ، والوطن العربي كله ،على كل المستويات القومية والسياسية والإقتصادية والثقافية ، قبل أن يوضع حجر الزاوية في مكانه ، وهو الإختيار الكبير :" الديموقراطية بديلاً عن الديكتاتورية " .إن الديموقراطية هي فلسفة ومفاهيم وكليات، قبل أن تكون أنظمةً للحكم متعددة الأشكال ومتنوعة الأساليب بحسب الظروف الملموسة الزمانية والمكانية . إن الكلي والعام في الديموقراطية، الذي يجب ان لايغيب عن كل أشكال أنظمة الحكم الديموقراطية ،هو تأسيس المجتمع المدني ، وإقامة مؤسساته الأهلية ، وضمان الحريات العامة ، والحقوق المدنية والسياسية لكل المواطنين ،مثل احترام حق الحياة ، واحترام الجسد وعدم الإعتداء عليه ، وحرية القول والكتابة والإنتظام في هيئات سيلسية وثقافية واجتماعية .إن جميع هذه الكليات في الديموقراطية ، لاتتناقض مع أية خصوصية ثقافية دينية أو مذهبية ،إثنية أو لغوية .ولكن من الملفت للإنتباه أن معظم بلدان العالم الثالث ، في المرحلة الأولى من بناء نظمها السياسية والإجتماعية ، رفعت فيها شعارات أممية وإنسانية ، وشعارات الحرية والمساواة والإخاء والديموقراطية ، واتبعت سياسة تفكيك مؤسسات المجتمع المدني القائمة ، ولكن حينما سيطرت الدولة على كل مقدرات المجتمع، تخلت النخب الإجتماعية الحاكمة عن النظرات الكونية والإنسانية المتفتحة ،ورفعت شعارات جديدة كلها تدور حول الخصوصية الثقافية، والهوية ، وعدم ملاءمةالديموقراطية والتعددية السيلسية لهويات هذه البلدان ، عبر مزاعم واهية بأن الديموقراطية ليست سوى نتاجاً ثقافياً غربياً .أليس هذا الإنتقال من العالمية إلى الخصوصية ، هوتبرير للعنف والتسلط والقمع من أجل المحافظة على { الدولة الأخطبوط } ؟ ليس هنالك أي إمكانية لتبلور ديموقراطية سياسية،بدون إعادة تأسيس للمجتمع المدني ، لأن تحلل المجتمع المتمدن ، الذي يتجسد في فقدان أي معيار مشترك للتفاهم والتعايش بين الأفراد والجماعات المكونة للمجتمع ، يجعل من الدولة على أنها المعيار الوحيد والقيمة الأولى ، وهذا هو الأساس العميق للحكم الإستبدادي ، وهو سيطرة فئة صغيرة على مقدرات الشعب بأكمله . إذا كان الوطن لكل أبنائه ، فإن النضال من أجل التغيير الديموقراطي السلمي في بلادنا ، أي من أجل تأسيس مجتمع مدني ، ومن أجل الإفساح في المجال للرأي الآخر في المجتمع ، أن يعبر عن ذاته دون خوف من القمع ، ومن أجل أن تبادر المؤسسات الأهلية من نقابات وجامعات وجمعيات ونوادي وصحافة في عملية الإبداع والخلق، ومن أجل تكافؤ الفرص لكل المواطنين في مجالات الحياة والعمل والتعليم والإنتساب للجامعات والبعثات ، ومن أجل تكريس سيادة القانون والفصل بين السلطات والإنتقال من حالة السلطة الواحدة ، ولتغليب الإنتماء الوطني عل كل انتماءات ما قبل الدولة القومية، من عشائرية وعائلية ومذهبية وطائفية وإثنية وحزبية ، كل هذه النضالات من أجل هذه الأهداف لايمكن اعتبارها إلا دعماً لتكوين الدولة الوطن واستقرارها وتقدمها . ويجب أن لايغيب عن الذهن ، أن التطرف الذي يهز معظم المجتمعات العربية في الوقت الراهن ، هو بسبب التهميش الواسع لشعبنا العربي من قبل الأنظمة الحاكمة ، وبسبب اتساع الهوة بين الأكثرية الشعبية وبين النخب الحاكمة على كل الأصعدة ، وبسبب افتقاد هذه المجتمعات للتعددية السياسية وعدم تمتع مواطنيها بالحقوق السياسية والمدنية ، وعدم مشاركتهم في إ دارة الدولة . من هنا أرى أن قوننة الإختلاف والتعدد والتنوع في الفكر والسياسة ، داخل مجتمعنا ، من خلال ميثاق وطني ديموقراطي في سوريا ، ومن خلال قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية ، يكرس التعددية الحقيقية المضمون هي مفتاح التقدم في وطننا ، ومفتاح إنقاذه من أخطار التفتت والتمزيق والتشظي والتلاشي التي تعصف بوطننا العربي كله ، في ظل { النظام الدولي الجديد } و { العهد الأميركي الإسرائيلي } . وإن الإفراج عن المعتقلين السياسيين في سوريا ، وإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية وحل المحاكم الإستثنائية هو المطلب الملح بالنسبة لوطننا الآن .. 9- فيما يتعلق بالإتهامات الموجهة إلي من قبل محكمة أمن الدولة: إني أنفي هذه الإتهامات نفياً قاطعاً ، سواءً فيما يتعلق بالإنتماء إلى منظمة سرية غايتها تغيير كيان الدولة بوسائل إرهابية ..إلخ ، أو فيما يتعلق بمناهضة أهداف الثورة عن طريق التجمعات والتحريض والأخبار الكاذبة . وأعتبر هذه التهم باطلة تماماً ولاتستند إلى أي دليل على الإطلاق. وحتى ملفات الأجهزةالأمنية التي بين أيديكم ، التي انتزعت تحت التعذيب ، لاتحتوي على أي بينة تؤيد هذه الإتهامات التعسفية . وليقيني أن هذه الدعوى التي تنظرون فيها ، تفتقر إلى القانونية شكلاً ومضموناً بسبب التقادم وبسبب عدم وجود الأدلة ، فإنني أقتدي بالقديس { بولس الرسول } الذي استجاب له القاضي الروماني في إعادة محاكمته وتبرئته في عام 60 ميلادية في روما بسبب عدم قانونية دعواه [ فلقد حوكم آنذاك في المرة الأولى على أنه عبد من عبيد ال الأمبراطورية الرومانية ، بينما هو كان موا طناً حقيقيا من أبناء مدينة { طرسوس } على الساحل السوري الشمالي في { كيليكيا } وكان ينطبق عليه قانون المواطنين وليس قانون العبيد ، وفي هذه الحالة لا يقاضى المواطن بحسب القانون الروماني على آرائه ومعتقداته ] . فهل ياترى بعد ألفي عام في دمشق في أواخر القرن العشرين ، يمكن إعادة محاكمتي كمواطن أمام قضاء عادل منصف بحضور المواطنين والصحافة ومنظمات حقوق الإنسان ؟؟.. 10 –الخاتمة : وأخيراً لابد من كلمة بسيطة أقول فيها لزوجتي وإبنتي نسرين وسوسن ، ولوالدتي التي تقرع أبواب الثمانين ، ولأخوتي وأخواتي وأصدقائي ، أن الديموقراطية لن تبقى سراباً في سماء سوريا العربية ، طالما هنالك مناضلون سياسيون يقضون ربع أعمارهم أو أكثر في السجون للدفاع عنها ...
معتقل الرأي بقضية الإنتماء للحزب الشيوعي السوري [ المكتب السياسي ] نقولا جرجي الزهر سجن عدرا-21- 12- 1993
#نقولا_الزهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الساحة الفلسطينية ما بين الأمل بالسلام والتقاط الأنفاس
-
المراة في سوريا...أحوال وآفاق
-
العالم العربي يدخل في حقبة نهايات الأحكام السلطانية
-
علمانية طه حسين ومواقف اليمين واليسار
-
رسالة إلى غابة السنديان
-
مفهوم العالم ما بين اللغة والفلسفة
-
مداخلة حول - علمانية لايربطها رابط بالإلحاد
-
في عالم المفاهيم - الفرق بين الأصول والهويات
-
حوار ذو شجون حول السجون
-
حكاية النذور المتراكمة
-
خبر من مقبرة الزمان عن الزيت الغريق
-
في عالم المفاهيم(حول العلاقة بين النسبي والمطلق)
-
سياتل بداية النقد العملي للعولمة
-
سوريا في الخمسينات
-
قصيدة قصيرة من أخدود دمشقي
-
من وادي الآلهة إلى وادي القديسين
-
الحوار المتمدن طريق رحب من الرؤوس والقلوب إلى الورق
-
العلمانية تحرر الدولة والدين من طغيان التحالف السلطوي -الفقه
...
-
مداخلة حول مفهوم الشعب
-
من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية
المزيد.....
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|