أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - 9مارس 1932 واستقلال الجامعة















المزيد.....

9مارس 1932 واستقلال الجامعة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 21:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


9مارس 1932واستقلال الجامعة
طلعت رضوان
بعد معركة الأصوليين ضد طه حسين بسبب كتابه (فى الشعر الجاهلى) عام 1926كتب طه حسين مقالا فى مجلة الحديث أمشير/فبراير27 انتقد فيه لجنة دستور23بسبب المادة149التى نصّتْ على ((الإسلام دين الدولة)) تربّص القصر به ، وازداد الموقف تعقيدًا حينما أراد الملك فؤاد وبطانته (شراء) عقله بأنْ عرضوا عليه رئاسة تحرير صحيفة (الشعب) لتكون لسان القصر. رفض طه حسين العرض. تغيّر موقف القصر منه فصدر قرار بنقله من عمادة كلية الآداب إلى إحدى الوظائف بديوان عام وزارة المعارف (أى وزارة التعليم) وكان ذلك فى شهر مارس32. فى ذاك الوقت كان أحمد لطفى السيد هو مدير الجامعة. ماذا يفعل إزاء هذا الاعتداء على سلطة الجامعة واستقلالها ؟ لم يتردّد فى اتخاذ الموقف المبدئى الذى يُمليه العقل الحر، فكتب استقالته. ليس المهم الإشارة إلى الاستقالة وإنما إلى الأسباب التى دفعته إليها . ونظرًا لأهمية تلك الأسباب أرى ضرورة أنْ يقرأها أبناؤنا الشباب. وهذا هو نصها :
هليوبوليس 9مارس1932: حضرة معالى وزير المعارف العمومية. أتشرف بإخبار معاليكم أنى أسفتُ لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف. لأنّ هذا الأستاذ لا يُستطاع فيما أعلم أنْ يُعوّض الآن على الأقل. لا من جهة الدروس التى يُلقيها على الطلبة فى الأدب العربى ومحاضراته العامة للجمهور. ولا من جهة هذه البيئة التى خلقها حوله وبثّ فيها روح البحث الأدبى وإلى طرائقه. ثم أسفتُ لأنّ الدكتور طه حسين فى كلية الآداب تنفيذا لعقد تم بين الجامعة القديمة ووزير المعارف وعلى الأخص لأنّ نقله على هذه الصورة بدون رضى الجامعة ولا استشارتها كما جرت عليه التقاليد المطردة . كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريْن لإجراء الأبحاث العلمية. وهذا بلا شك يفوت على أجَلْ غرض قصدتُ إليه من خدمة الجامعة. من أجْلِ ذلك قصدتُ يوم الجمعة الماضى إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء واستعنته على هذا الحدث الجامعى الخطير. واقترحتُ على دولته تلافيًا للضرر من ناحية ، واحترامًا لقرار الوزير من ناحية أخرى ، أنْ يرجع الدكتور طه حسين إلى الجامعة أستاذا لا عميدًا . خصوصًا أنه هو نفسه ألحّ علىّ فى أنْ يتخلى عن العمادة منذ شهر فلم أقبل . فلتقبل دولة الرئيس هذا الاقتراح بقبول حسن .. إلى أنْ علمتُ أنّ اقتراحى غير مقبول وأنّ قرار النقل نافذ بجملته وعلى اطلاقه. ومن حيث أنى لا أستطيع أنْ أقر الوزارة على هذا التصرف الذى أخشى أنْ يكون سُنة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها ، أتشرف بأنْ أقدم بهذا إلى معاليكم استقالتى من وظيفتى . أرجو قبولها وتقبلوا فائق احترامى . أحمد لطفى السيد))
الملاحظ على صيغة الاستقالة الحرص على استقلال الجامعة لأنّ النقل تم ((بدون رضى الجامعة ولا استشارتها كما جرتْ عليه التقاليد.. إلخ)) وفى إبريل عام 35 جاء نجيب الهلالى باشا وزيرًا للمعارف ، فذهب إلى لطفى السيد وطلب منه العودة إلى الجامعة ، فاشطرتَ لطفى عليه أنْ يُعدّل قانون الجامعة ، بحيث ينص فيه على ((أنه لا يُنقل أستاذ منها إلاّ بعد موافقة (مجلس الجامعة) وقد برّ نجيب باشا بوعده وتم تعديل القانون فعلا . عاد لطفى للجامعة ومكث فيها حتى أكتوبر37. فى ذاك الوقت اشتد الصراع الحزبى بين طلبة الجامعة. رأى لطفى السيد أنّ ذلك يضر ب ((الاخاء الجامعى بين الطلبة)) ويُسقط قيمة الأعراف الجامعية ، خاصة وأنّ قادة الأحزاب كانوا يتصلون بالطلبة ويُؤثرون فيهم. فطلب من وزارة الداخلية تعيين كونستبلات لحفظ النظام ((لأنّ البوليس لا يجوز له أنْ يدخل الحرم الجامعى)) رفضتْ وزارة الداخليه طلبه فقدّم استقالته للمرة الثانية. بعد ذلك زاره د. محمد حسين هيكل الذى شغل منصب وزير المعارف ، وطلب منه الرجوع إلى الجامعة ، فاعتذر. ثم زاره مرة ثانية وألحّ فى طلبه السابق وطلب منه أنْ يضع شروطه. فقال له ((لا شرط لى إلاّ أنْ يبتعد رجال الحكومة عن الاتصال بالطلبة ، لأنّ الاتصال بهم كان يُفضى دائمًا إلى فقدان الإخاء الجامعى بينهم وذلك من أضر الأشياء على التربية الجامعية)) قبلتْ الوزارة هذا الشرط ، فعاد إلى الجامعة. ولكن لم يمض وقت حتى أخبره أحد الوزراء أنّ الطلبة يتصلون بوزارء الأحرار الدستوريين ، فقدم استقالته لمحمد محمود باشا الذى اعتذر وأكد له أنه لا يعلم بذلك وأنه سيُصدر أمرًا مشددًا بعدم اتصال الوزاء بالطلبة لأغراض سياسية ، لذلك ظلّ لطفى السيد مديرًا للجامعة إلى سنة 1941.
تلك وقائع ما حدث ، ويتبقى الدرس المستفاد : (1) مدير الجامعة يتضامن مع العميد ، أى أنّ الرئيس يتضامن مع مرؤوسه ، وهى سابقة غاية فى الأهمية تدل دلالة واضحة على قيمة (احترام الذات) فلطفى السيد لم يستقل من هذا المنصب الرفيع لأسباب شخصية وإنما لأسباب موضوعية ، كان من بينها أنّ طه حسين ((لا يُستطاع أنْ يُعوّض)) إلى آخر ما جاء فى الاستقالة (2) ترسيخ مبدأ (استقلال الجامعة) إذْ لا يجوز للحكومة أنْ تتدخل فى عملها خاصة فيما يتعلق بشئون الأساتذة أو شئون الطلبة (3) استبعاد النشاط الحزبى داخل الحرم الجامعى بين الطلبة (4) الحرص على استبعاد البوليس وعدم تدخل رجال الشرطة فى العلاقة بين إدارة الجامعة والأساتذة والطلبة. هذا الموقف من لطفى السيد يجب أنْ تعيه الذاكرة القومية ، حتى نضمن (فى ظل ظروف مصر التى يحلم بها كل الشرفاء حتى لو طال الزمن لتحقيق هذا الحلم) وجود (نخبة) محترمة لا يهمها التشبث بكرسى المنصب الوظيفى مهما كان مغريًا ، وإنما يكون هدفها مصلحة الوطن قبل المصلحة الشخصية. أكتب هذا بوعى من تاريخ مصر الفاصل الذى بدأ فجر الأربعاء 23يوليو52 ، إذْ انقلب الوضع تمامًا ، وشهد تاريخ تلك المرحلة رؤساء جامعات لاتهمهم مصلحة الوطن ، ولا يُدافعون عن استقلال الجامعات ، ولا عن حق الاختلاف الذى كان لطفى السيد يُطالب به. وأكثر من ذلك كان يرى أهمية حق الاختلاف ووفق نص كلامه ((حرية التفكير والنقد على وجه الاستقلال ، لا الحفظ والتصديق لكل ما يُقال)) ولذلك لم تكن مصادفة أنْ ينص قانون الجامعة الذى ساهم لطفى السيد فى كتابته فى المادة الثانية على أنّ ((اختصاص الجامعة يشمل كل ما يتعلق بالتعليم العالى الذى تقوم به الكليات التابعة لها . وعليها تشجيع البحوث العلمية والعمل لرقى الآداب والعلوم فى البلاد)) وكان يرى أنّ من بين رسالة الجامعة ((التطور الاجتماعى بكل ما فى وسعها من ضروب التجديد فى اللغة والنثر والشعر. وفى الفنون الجميلة والبحث فى وجوه ترقيتها وشيوعها وكذلك الموسيقى والغناء)) كما كان له الفضل فى مساعدة الفتيات لدخول الجامعة وكتب فى هذا الشأن ((ولا أخفى أننا قبلنا الطالبات أعضاء فى الأسرة الجامعية فى غفلة من الذين من شأنهم أنْ ينكروا علينا اختلاط الشابات بأخواتهن فى الدرس . وقد حدثت ضجة تنكر علينا هذا الاختلاط فلم نأبه لها.. وكان معنا العدل الذى يُسوى بين الأخ وأخته)) هذا هو لطفى السيد الذى ساهم فى إثراء الثقافة المصرية. تذكرته لسببين : موقفه من استقلال الجامعة ، وحلول ذكرى وفاته منذ خمسين عامًا .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة تأجير الآثار المصرية
- الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة
- اللغة المصرية أم لغات العالم
- أنور عبد الملك : ماركسى بعمة إسلامية
- هل يمكن الجمع بين التراث والحداثة ؟
- تاريخ اليهود المصريين بين لغتىْ العلم والسياسة
- الزراعة ونشأة الحضارة المصرية
- جدل الواقع مع التراث العربى فى رواية (رحلة الضباع)
- حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر
- الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد
- آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - 9مارس 1932 واستقلال الجامعة