|
بانتظار الموجة الثانية للأزمة
عبد الكريم كامل أبو هات
الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 20:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
سيرجي اجيشيانيتس ترجمة أ. د.عبدالكريم كامل ابوهات كانت الدول المتقدمة تؤكد أن كل شيء سيء قد انتهى وان اوقات الازدهار بدات تحل . فأعلن قادة الدول الثمانية G8 استعادة الاستقرار . منذ عام مضى أصبح واضحا أن ادوات الموازنة لحقن الاقتصاد قد استنفذت مفعولها فقد أعطى انتصار الجمهوريين في انتخابات التجديد للكونغرس الامريكي مؤشرا على التوسع بالمحفزات فاتخذت الادارة الامريكية جملة من التدابير الضريبية الجديدة مع الاحتفاظ بالقديمة منها ، وزيادة النفقات وخطط في السنة الحالية لعجز متواضع بالموازنة الفدرالية بحجم ( 1.5) ترليون دولار ( 10% ) من الناتج المحلي الاجمالي ) وعندما تنبه البنك المركزي الامريكي لهذه الفجوة وأدرك أن سندات الحكومة لن تجد من يشتريها ، أطلق برنامجه الثاني الممتد حتى نهاية حزيران للتنشيط ، وتم طرح سندات بقيمة ( 75) مليار دولار شهريا وأعيد استثمار دفعة من سندات الخزانة الموجودة تحت تصرف الاحتياطي الفدرالي بقيمة ( 35) مليار دولار . لقد قام البرنامج على فكرتين : الأولى / توسيع القاعدة النقدية على أمل أن فائض السيولة يقنع المستهلكين وقطاع الأعمال بزيادة المشتريات ( والبنوك بزيادة الاقراض ) بما يؤدي إلى وضع أساسٍ للنمو الاقتصادي ، والثانية / إن البرنامج دفع بشكل حاد الطلب على السندات ، إذ اشترى الاحتياطي الفدرالي 70% من السندات المصدرة خلال مدة سريان البرنامج . أن نمو الطلب يزيد الاسعار وهذا يعني بالنسبة لسوق السندات خفض الايرادات التي يجب ان تحول إلى السوق لتقليل الفائدة على القروض ، ولكن يبدو أن المحفظة الائتمانية قد تقلصت لا بسبب موجة الغلاء والنقص في كمية النقود عند المصارف ( البنوك كانت ممتلئة بالاصول ) فالمستهلكون وقطاع الأعمال كانوا قد اثقلوا بالديون ، وصار من الصعب عليهم اللجوء إلى التوسع بالاستدانة طالما أن حجوم هذه الديون لم ينخفض إلى المستوى المقبول . وطبقا لبيانات الاحتياطي الفدرالي اتضح ان المستهلكين يخفضون عبء الديون إلا ان ذلك يمثل عملية طويلة فالملاحظ أن ذروة الديون قد تجاوزت ما نسبته 130% من الدخل المتاح ، يضاف إلى ذلك أن الدخل كان يزيد بفعل قلة الاستخدام وضعف الطلب . النهاية تقترب : كان رائد نظرية " النقودية " Menetarizm * ملتون فريدمان قد كتب " أيا كان وضع الانكماش فيجب طبع النقود إلى أن يختفي " ، وقد حاول مناصروه تذليل التضخم الذي ما زال يرغم الجهور على الانفاق ، غير ان التضخم لا يولد نموا في القاعدة النقدية وإنما نموا في المؤشرات التجميعية الكلية لــM3 * * التي لا تتجه بالضرورة نحو الانخفاض ، فلو انخفضت الكفاءة الائتمانية فإن المضاعف النقدي ينكمش ولن ينمو الــM3 . لقد سقطت البيانات خلال 1999 – 2003 بما يشبه فخ السيولة ، فاقترح ضخّ النقود لتوسيع القاعدة النقدية ، بمقدار 30% بالمتوسط سنويا ، وبموازاة ذلك انكمش المضاعف النقدي ، ولم ترتفع المؤشرات التجميعية الكلية تقريبا ، ولهذا استمر الانكماش حتى بدا ان مواصلة الاسعار لارتفاعها إنما هو بمثابة ازدراء لأفكار النقوديين ، فيما تمكنت الحكومة بالكاد من وقف الاصدار ، الشيء نفسه حصل في الولايات المتحدة الامريكية في الفترة 2008 – 2011 ، فقد وسع الاصدار النقدي القاعدة النقدية ، غير أن المضاعف النقدي قد تهاوى إلى أدنى حد له في التاريخ تاركا مؤشر الــM3 عند مستوياته السابقة ، ومع هذا فإن التضخم كان لا كما رغب به برنانكه ،فجزء من الاصدار النقدي تسرب نحو السوق المالية مما أدى إلى تزايد بأسعار السلع الاساسية ( التدفئة – الغذائية – المعادن ........ الخ ) ومن هنا حصل تضخم التكاليف الذي لا يؤدي إلى توسيع الانفاق الاستهلاكي بل بالضد من ذلك يؤدي إلى كبح الطلب . بشكل عام كانت الحقيقة أسوء من كل التوقعات فدفعات الحقن كانت كبيرة جداً ، فما عدا التضخم فلم ينجم عنها هبوط للفائدة وإنما تزايدٌ لها في أسواق المال ، وتصاعدت إيرادات الخزينة تماما كما هي الحال أن بالنسبة للفائدة على الرهون الطويلة المدى ، ونظرا للتوقعات حول بارتفاع التضخم لم يكن أحد يرغب بشراء السندات ومنح القروض مقابل فائدة أقل ، وكان نتيجة ذلك أن ازدادت الديون الحكومية ، واستنفذت الادارة مهلة الممنوح لها من قبل الكونغرس الأمريكي والتي تنتهي في مايس . إن الجمهوريين يرغبون الآن بضغط نفقات الموازنة غير أن ذلك يؤدي إلى التراجع الاقتصادي ولن ينعش الاقتصاد الا بالحقنات الحكومية وبالوقت نفسه فإن الفائدة المرتفعة على الارباح التي جعلت الاقراض مستقرا تعني أن الطلب على العقارات سيتهاوى ثانية . وبالنتيجة يتباطئ نمو الاقتصاد وبالحقيقة كان النمو أقل مما كانت تصرح به المعطيات الرسمية : فحصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة الامريكية ، والدخل المحلي الاجمالي ( الناتج المحلي الاجمالي هنا محسوبا حسب تدفقات الدخل وليس التكاليف ) اتجه عموما نحو التناقص فلو استبعدت محفزات الموازنة فإنه يصبح واضحا ان الطلب الداخلي الخاص خلال المدة ( 2007 – 2011 ) في الولايات المتحدة يتقلص بالمتوسط بنسبة 3% سنويا بالمتوسط . وهكذا تبدو النهاية قريبة ، والنتائج مخيفة ، فالتضخم ارتفع وانكمش المضاعف النقدي وقفزت أسعار الفائدة ، ويتباطئ النمو الاقتصادي وتقلصت وتدهور سوق السكن ، وفي سوق العمل تحول ما بين 600 – 700 ألف شخص فقط من عمال مؤقتين إلى دائميين . حروب الفقاعة : تدنية قيمة الدولار كان بمثابة حجة أخرى فقد حصل أن عرض العملة الامريكية تزايد وانخفضت قيمتها ، وثمة فكرة تقول بأن العملة الرخيصة تحفز الصادرات وتخفض الاستيرادات ، الشيء الذي يعني حصول التوازن في الميزان التجاري ، إن علاقة الاعتماد هذه كانت من خصائص التجارة في القرن العشرين ، حيث كانت ديناميكية العملات تؤثر على التجارة بمعدل وسطي سنويا ، غير أن الزمن الان قد تغير وتغيرت معه خارطة الاقتصاد بسبب المغامرات النقدية ، فالاصدار النقدي وهبوط الدولار يستفزان نحو نمو الاسعار في مجال السلع الاساسية المستوردة من قبل الولايات المتحدة الامريكية ، وبعبارة أخرى ، أن أسعار السلع المستوردة تتصاعد وتقود إلى حصول ميزان تجاري سيء ، فضلا عن أن ضخ النقود يعمل على تشويه خارطة الاقتصاد . إن الأزمة الدورية عادة ما تؤدي إلى خفض أسعار المواد الخام وتسمح للمنتجين ( خاصة في القطاعات التحويلية ) التكيف مع هبوط الطلب بتقليص أسعار المشتريات ، إلا أن هذا غير ممكن الآن ، فالإصدار النقدي يرفع بسرعة أسعار المواد الخام مما يفقد المنتجين سلاح السعر ، ولكن ضعف الطلب على كل حال قائم ومما يرغم قطاع الأعمال والشركات إلى البحث عن وسائل أخرى لضغط التكاليف وهنا ( الخيارات ) ستكون صعبة ، ويبقى الفرد بمثابة الوسيلة الرئيسة للتوفير حيث يتعرض الفرد إلى خفض الأجور أو إلغائها مما يقود إلى كبح الطلب الكلي ، وبالنهاية لن ينشط الطلب في أي مجال . لم تتأخر الدول المتقدمة الاخرى ، فقد أوقفت بلدان آسيا نمو العملة ورفعت من أسعار الفائدة ، والصين ( باعتبارها أحد أبرز اللاعبين هنا ) بسماحها بإعادة تقويم ألوان فإنها بالواقع سمحت له أن يرتفع بسهولة مقابل الدولار ، و الدولار في هذا الوقت كان رخيصا مقابل اليورو والين ، وهذا يعني أن الوان كان أرخص في محافظ شركاء الصين التجاريين ، ومع ذلك لم يكن من الممكن فعل أي شيء ، فحينما تحاول الولايات المتحدة الضغط على الصين ، فإن الأخيرة هذه ترغم الامريكان على إعادة الحساب ، اما اليابان فإنها ببساطة تتبع الولايات المتحدة الامريكية ولكن في مجالات معينة ، فبعد كارثة الزلزال لم يعد أحد يرغب بأن يترك في اليابان أي شيء فيما اعتمدت دول آسيا الأخرى سياسات نقدية تدخلية ، وفرضت الضرائب على تدفقات العملات الاجنبية إلى محافظ موجوداتها . وهنا تنبغي الإشارة إلى أن الصين تقوم هي أيضا بإصدار النقود على نحو يجعلها متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الكتلة النقدية بشكل مطلق ونسبي ، فلـــM2 في الصين بلغ نسبة 80% من الناتج المحلي الاجمالي ، فيما كان يبلغ في الولايات المتحدة الامريكية نسبة 60% فقط . أما أوربا فقد وجدت نفسها بين نارين ، وحاولت إغراق السوق العالمية بهواجس المصاعب في القطاع الزراعي ، لكن هذه المصاعب لم تتفاقم مباشرة ، فعندما قامت منطقة اليورو كان ثمة من يحاول التحذير من مخاطر توحيد العملات واختلاف السياسات النقدية لدول متباينة اقتصاديا ، وقد تأكدت هذه التحذيرات في السنوات 2000 – 2003 عندما سقطت الدول القائدة في الاتحاد الاوربي ( ألمانيا وفرنسا ) في الركود ، الشيء الذي أدى إلى قيام البنك المركزي الاوربي تخفيض أسعار الفائدة الأساسية مما قاد إلى رخص ليس فقط في القروض الانتاجية بل والعقارية أيضا ، فأصبح أمر الحصول على القروض العقارية في دول أوربا الجنوبية أكثر يسرا مكونة مصدرا لفقاعة هائلة ، وفي اليونان والبرتغال استفادت من أسعار الفائدة المنخفضة ، وباتت هذه الدول لا تعرف كيف يمكن سداد الديون المتراكمة في الدول الاوربية التي لايتخذ العجز فيها صيغة واحدة و من هنا تصبح مهمة المسؤولين الاوربيين إيجاد الصيغة المفيدة لإعادة هيكلة الديون ، إلا أن هذا ليس امرا سهلا ، ففي موازنة البنك المركزي الاوربي ، تستقر ديون الخزانة اليونانية بمقدار 50 مليار يورو ، إضافة إلى 90 مليار دولار ، منحها البنك الأوربي إلى المصارف اليونانية ، بعبارة أخرى أن العجز يهدد البنك المركزي ، فإذا توقف البنك عن قبول الاوراق النقدية اليونانية كديون ومن ثم إقراضها فإن النظام المصرفي لهذا البلد سيتهاوى بسهولة . إشارات سيئة لقد آثرت النزعة الجديدة على مجال الادخارات الخاصة ، التي عادة ما يتم توظيف الجزء الأكبر منها في موجودات لا تتصف بالخطورة ( سندات وودائع ) ، غير أن المعدل الوسطي لمردود الموجودات التي يتضمنها الــM2 خلال الأزمة قد انحدر إلى أدنى مستوى له ، بشكل لا مثيل له سابقا و بنسبة 0.2 % سنويا ، وكان من الواضح أن التضخم الاستهلاكي أعلى من ذلك الرقم ، والشيء الذي يعني أن كل التوظيفات التقليدية بالمعنى الفعلي قد تعرضت للهبوط . وبالوقت نفسه كان نظام الاحتياطي الفدرالي يحثّ الجمهور على التوظيف في الموجودات التي تتصف بالمجازفة ، وحسبه في ذلك أن توجيه كميات كبيرة من النقود إلى الاسهم ، يعني ان الجمهور سيشعر بما يعرف بــ" أثر الثروة *** " فالنقود الموجودة لدى الجمهور ستكون أعلى قيمة مما يسهل على الناس / الإنفاق بشكل مريح . عمليا اتجهت حصة الأسد من نقود المضاربة نحو الأسواق الناشئة حيث مستويات النمو فيها أعلى ، فأدت هذه العملية إلى صعود أسعار العملات المحلية وأرغمت السلطات على التحوط ضد تدفقات النقود العولمية الساخنة بفرض الضرائب . لقد انقسم النظام العالمي إلى أقسام وبدت الحماية ليست ببعيدة ، ففي نهاية عام 2010 أوصل المتعاملون في بورصة نيويورك للأوراق المالية وبمساعدة السماسرة الأوضاع إلى ذروتها التي كانت في عام 2008 ، فبدأ الافراد يضاربون ثانية بالقروض الشيء الذي حصل من جرائه تدهور حادا بالأسواق . إن تأثير الاصدار النقدي على أسواق السلع كان كبيرا ، حيث ارتفعت بشكل حاد أسعار التدفئة والسلع الصناعية والمعادن النفيسة والمواد الغذائية والمواد الاولية للصناعات النسيجية ومن بين هذه السلع من بلغ المستوى الذي كانت عليه عام 2008 ، وهنا تجب الاشارة إلى أن التغيرات الحاصلة في العالم العربي أسهمت بدورها في ارتفاع أسعار نفط برنت إلى 127 دولار للبرميل الواحد فيما وصل الذهب إلى 1575 دولار للأونس الواحد ، و سعر الفضة إلى 50 دولار ، وهنا حصلت تعديلات فبورصة كوميكس Comex ولثلاثة أيام متوالية رفعت شروط التأمين الالزامي على الفضة بالدفع الاجل ، مما أدى إلى مضاعفة أسعارها ، فأًصبح المضاربون على حين غرة مقيدين ، وتهاوت الأسعار خلال أسبوع بمقدار المرة ونصف . إن التغيرات الاقليمية المتسارعة في الفترة الاخيرة فاقمت من التأثيرات في قطاع السلع الزراعية فارتفعت أسعار القمح والزيوت النباتية والاعلاف والمنتجات الغذائية والسكر والقهوة والكتان والصوف . لقد تحدث بيرنانكة قائلا : أنه لن يمضي وقت طويل حتى يستقر نمو الاسعار في أضيق مجال سلعي ، وسيتوقف عموما تضخم الانفاق الاستهلاكي ، لكن مثل هذا الحديث اوشك أن يكون مجرد فكاهة ، فخلال الفترة من كانون الثاني حتى نيسان تزايدت أسعار السلع الاستهلاكية بالمتوسط بمقدار 0.7 % شهريا ، وبنسبة زيادة سنوية بلغت رسميا 3.2% حيث بلغت الذروة التي كانت في شهر تشرين الثاني 2008 ، لكن هذا ليس نهاية المطاف ، ذلك أن أسعار الشراء للمنتجين خلال الاثني عشر شهرا ، انفجرت بنسبة 10% ونيف ، واتجهت المدخولات بالنهاية نحو الانحدار وتدهور وضع الاقتصاد وحلت النذر السيئة . استنتاجات وتوقعات : لا بد من التذكير بجوهر الازمة الحالية ، بدء من سنوات الثمانينات اعتمدت الدول المتقدمة سياسات دعم الطلب باستخدام فوائض الائتمان ، فنشأت بوساطة الطلب المتضخم هذا في العديد من الدول إمكانيات لإعطاء زخم لنمو الانتاج ، ومع بداية القرن الواحد والعشرين تحمل المستهلكون وقطاع الأعمال اعباء استثنائية فصارت الية النمو عبر الائتمان غير مجدية ، ففي إطار سعيها للحد من تأثيرات أزمة 2000 – 2003 سمحت السلطات بحدوث انخفاض بأسعار الفائدة الأساسية لتصل إلى أدنى مستوياتها ، وقد أدت هذه الخطوة وبمعونة تدابير أخرى إلى حصول " الفقاعة**** " في مجال الأصول الثابتة التي سبق وإن رهنت بعقارات سهلة ومن خلال إدخال أدوات مالية جديدة في التداول ( CDO , CDS ****) خلال الفترة 2007 – 2009 انفجرت الفقاعة . مشكلة زخما لحصول قفزة الركود ، فأغلقت بذلك الباب بوجه آلية الائتمان القديمة لتوسيع الطلب ، وهذا يعني عودة الطلب إلى مستوياته الطبيعية التي كثيرا ما كانت أقل من مستويات العرض التي تحددت بوساطة مشتريات القروض المتضخمة فتكونت اختلالات لا يستهان بها لم تعمل السلطات على تذليلها بتعزيز الطلب بالسعر الملائم . إن القطاع الخاص كمصدر للنمو قد فقد مكانته خلال دفعة الائتمان في الاعوام 2003 – 2008 ( لن يتمكن من أن يكون فاعلا بعد هذا ) وإن الوسيلة الوحيدة لإنعاش الاقتصاد هي برامج التحفيز الحكومية الممولة بالقروض غير أن التقديرات الإحصائية في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى امتداد 210 سنة كانت أكثر ارتفاعا مما هي عليه الآن فارتفاع الدين الحكومي كان قد وجد فقط خلال الحرب العالمية الثانية . إلا انه في عام 1950 كان أقل مما هو عليه حاليا ( تقريبا 100 % من الناتج المحلي الإجمالي ) فيما كان الدين أثناء فترة الكساد العظيم قد ارتفع إلى 40% فقط .من الناتج المحلي الإجمالي ، وواجهت برامج العمل الاجتماعية للرئيس الامريكي روزفلت انحطاطا في مستوياتها ولم تشكل غير نسبة قدرها 8% من الناتج المحلي الإجمالي . حاليا عجز الموازنة ولثلاثة سنوات متوالية قد استقر عند ما يقرب من الــ10% من الناتج المحلي الإجمالي بينما الاقتصاد لم يكن بعد قد شهد بعد تراجعا ملموسا، فماذا سيحصل للاقتصاد عندما تؤدي عملية التخلص من الاختلالات إلى إيصاله إلى أدنى مستوياته ؟ إن حجم الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ 150 – 200 % من الناتج المحلي الاجمالي وعليه فإن المهمة الرئيسة للسلطات ستتمثل بالتخلص من النقص ويعني هذا أن ليس انعدام فرص تنشيط الاقتصاد باستخدام العجز . ومن الملاحظ أن الاحتياطي الفدرالي يركز على خفض التضخم وأسعار الفائدة بالأسواق بتحاشي التشديد الاستثنائي للمنهج النقودي ، فنحن نرى موجة أخرى لنمو أسواق السلع وأسواق الاوراق المالية ، وذروة للتضخم وتدهورا نهائيا للدولار في فترتي الصيف والربيع ومن المحتمل أن تقدم بورصات السلع على رفع سقف الشروط الالزامية بعقود الدفع بالآجل على المواد الاولية والغذائية ، وبالنهاية من الممكن أن حصول ثورة صغيرة في الاستهلاك الجديد الخاص باستخدام محفزات الموازنة ، غير أن نطاق انفجار أيه فقاعة سيكون محدودا ، وعندما تدرك الأسواق بشكل نهائي أن الازمة العميقة حتمية وإن العبء الأكبر يقع على الحكومات وإن النظام المالي سيعيد توازنه وإن الحمائية حلت بدلا من العولمة ، فإنها ( الاسواق ) ستطرح ثقتها بالسندات الحكومية ، الأمر الذي يؤدي إلى القفز بأسعار الفائدة مما يرغم الحكومات على تقييد الانفاق ( كما تفعل حاليا دول أوربا الزراعية ) وعندها سيدخل الاقتصاد مباشرة في ركود تضخمي . وحتى يحدث مثل هذا فانه من المبكر القول أن ذلك مستحيلا .
إيضاحات ( للمترجم ) * ملتون فريدمان / رائد النظرية النقدية ويعتبر الاب الروحي لرئيس المصرف الاحتياطي الفدرالي الامريكي / بول برنكانة . ** يتكون عرض النقد من - M1 = النقد المتداول + الودائع تحت الطلب . - M2 = ودائع الادخار الزمنية + M1 . - M3 = ودائع شبه النقد + ودائع الادخار الزمنية + النقد المتداول . *** أثر الثروة : صياغة بديلة لنظرية كمية النقود تركز على كمية الثروة في الاقتصاد كمتغير يؤثر في الطلب على النقود بدلا من الدخل وقد ارتبطت هذه الصياغة باسم الاقتصاديين متزلر وبرونر . **** الفقاعة : في المجال المالي تتكون الفقاعة نتيجة ازدياد أسعار الاصول بأكبر من قيمتها فيندفع الافراد لشرائها على أمل تحقيق أكبر قدر ممكن من الارباح ثم لن تلبث الاسعار طويلا ويصبح انحدارها أمرا لا مفر منه . CDS , CDO ***** ويشيران على التوالي إلى التزامات الدين المهيكل وعقود مبادلة الديون وهذه المصطلحات ابتكرتهما المصارف الامريكية لتسهيل عمليات التوسع في تداول القروض وضمن ما اصطلح على تسميته بالتوريق Securitization وهو عملية تجميع لديون مضمونة ومتجانسة ووضعها في صورة دين واحد معزز ائتمانيا .
الترجمة عن الروسية مجلة فينانس العدد 20 حزيران 2011
#عبد_الكريم_كامل_أبو_هات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصر التنافسية
-
الخصخصة في الاقتصاد العراقي
-
توجيه الانفاق الحكومي في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي
-
العراق والنظام التجاري المتعدد الأطراف
-
ظاهرة افساد الاقتصادي
-
خفض الديون العراقية .. ماذا يعني للمستقبل ؟
-
العرب… والليبرالية الجديدة
-
التغيرات الاقتصادية و الثقافة
-
الاقتصاد العراقي … ما بعد المحنة … ثمة آمل
المزيد.....
-
الدولار بأعلى مستوى في 13 شهرا وبيتكوين تقترب من 100 ألف دول
...
-
مرسيدس تعتزم خفض التكاليف واحتجاجات في مقر فولكس فاغن
-
-غولدمان ساكس- يتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولاراً
-
أكبر متجر إلكتروني روسي يطرح قميصا بصورة بوتين وخلفه صاروخ -
...
-
كم حصتك من -أموال العالم مجتمعة- لو وزعت على سكان الأرض بالت
...
-
إيران تتقدم بطلب للانضمام إلى بنك مجموعة -بريكس-
-
خبراء يحذرون من تأثر إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا بسبب
...
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا ضخما
-
أوغندا تضع حجر الأساس لمشروع سكة حديد تصل كينيا
-
سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|