|
من الحقيقة المُرة ما يسمونها جرأة
سونيا ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 01:13
المحور:
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
« بداية فانتازيا »
" هل يصْدُق الرجل الشرقي عندما يُقطِّع شفتيها في تلك الساعة المغضوبة و هو يقول : سوف أتزوجك بعد أن تتوسله أن يتركها ؟ "
لا شئ يسبب للمرأة الخوف ، و يُلحق المجتمع بمجموعة من الصدمات النفسية ، التي تخلف آثاراً سيكولوجية على مدى طويل ؛ لتتوارثها الأجيال ، سوى مدى الإحباط الذي يتوارثه جنس النساء عبر تيار / مذهب يوجه الغالبية البسيطة من المجتمع إلى هاوية النسيان . أتحدث عن الجهل في الدول العربية . لم نكن نتوجه من موجة ثقافية و سياسية و اجتماعية إلا بتأثير من قوى العالم الأول ، و بالتالي صرنا نتوجه إلى أسفل السافلين ، و نحن نحدد أولوياتنا إلى دون ناهية في العالم الثالث . **** ممثلات جميلات من زمن الثلاثينات إلى التسعينات يتركن أنفسهن بعيداً عن الأضواء ، بعد أن تختر قليلات منهن الحجاب ، و ينتاب بعضهن شعور بالندم حول كل الأعمال الفنية التي قمن بأدوار مهمة فيها .. أما الأخريات يفضلن الابتعاد عن الشهرة بسبب علامات التقدم في السن و الصحة .. العرب يقلدون ، و لاينتجون إلا القليل ، و من ثم يأت جيل بعد آخر يشعر بفقدان حلقة التواصل مع الجميع ، و بالرغبة بالانفصال عن الواقع . **** " عندما تكون انتصاراتك التي حققتها هي الأوهام بعينها . اترك المكان . فما تبقى منك هو ما تخسره الآن "
ولدت ، و كبرت في الشرق الأوسط لسوء حظي مثل باقي النساء لم تستطع والدتي أن تهتم بي ، أو أن تحماني منذ أول مرة في الصحراء التي فتحتُ عيوني على قسوتها ، استغلوني فيها ، و .. لم يفرق لديهم سني الصغير ، لم يتركوني بشأني . الكل يطمع بالصغار . لم أجد بداً من أن أنسى و أن أتغافل . لم أجد بداً من أن أتجاهل نفسي . ليس صوت بكائي المكتوم في الحمام ، و أنا أبكِ ، و ليس تواجدي في المكان الخطأ الذي نشأت فيه ، و ليس أي منهم . عدم قدرتي على الهرب كلّفتني نفسي ، كرامتي ، طفولتي ، و الأشياء الصغيرة التي أحتفل بها مثل باقي البنات . أذكر قريبتي الصغيرة في الثانية عشر من عمرها تسألني بعد أول بلوغ حيض لها . تشعر بالثقل ، و العبء ، و الكل يلح عليها في المدرسة ، باعة المحلات الصغيرة حول المنزل ؛ بأن تتحجب . من حسن حظها أن والدها لا يصغِ للمتخلفين ، الساديين .. و لكن نفسيتها تتراجع ، و هي تحتار لما كل هذا الحنق على جسد أنثى للتو بدأ يكتمل ؟ هل لأنه كثيرٌ عليها أن تحظَ بطفولة سعيدة ، ومرحلة مراهقة طبيعية ، ألا يكفِ وجه المعلمة المنقبة الذي يتلون بتعبيرات متوعدة كل مرة عندما يراها ؟؟ سألتني سؤال محير : هل هناك ما سيساعدني على إتمام الصيام في رمضان ؟ هل هناك حبوب أستطيع تناولها لأمتنع عن الإفطار ؟ الفتاة في الثانية عشر من عمرها ، و هي لا تود إلا أن تكون كاملة .. إذا استمرت بهذا الفكر ، ستكره جسدها حتى تصل لمرحلة التمرد .. سيحاولون في مجتمعنا أن يصيبوها بالعمى ، و لكن عينيها قوتين ستكرهان الظلم ، و الاضطهاد لأنها ترى نفسها انسانة طبيعية .. كم أكره دائماً الأسوار ، الحيطان التي تخبئ عيوبهم .. لست فقط أعيش في مجتمع يخضع لظلم الاحتلال ، الإسطوانة التي نسمعها كل مرة نرى فيها ظلماً و اضطهادًا لم نبذل جهدًا كافياً لإخماده ، بل أعيش في مجتع فاقد الوعي يعتقد أن الصمت هو الحل الأفضل لتفادي المشاكل . يقولون - مثل الجزارين المستعدين- دوماً : أعطونا حقوقنا ، و لكننا لن نبذل أي جهد لمحاولة تنوير الآخرين . مجتمعي مجتمع الأمراض النفسية ؛ حيث تكبر الطفلات صغيرات حائرات و تتوجه غالبيتهن لإحتقار الذات و تقبل الظلم ، و الاستعباد . يمارس الجميع الضغوط على المرأة منذ طفولتها ، و يستخدمون أسلوب الترهيب و الترعيب ؛ حتى تفقد الأمل . كم نحن مجتمع يُرثى لحاله ؟ يعاقب الضحية مائة مرة حتى تخجل أن تكون بينهم سوى جانية ؟ في مجتمعي الكل غارق بالسواد . الطريقة الوحيدة التي إخترعوها لتخطي الألم هي بمضاعفة الشعور بآلام أخرى ، حتى لا تستطيع التمييز بين كل أماكن الوجع .. مجتمعي العربي وصل لمرحلة الإنحطاط و هو لا يعلم بذلك . مجتمعي العربي يقتلني و هو يعتبر أن ذلك هو قضاء و قدر كما أن يديه كل مرة تفلت لتخنقني أكثر مع جموع النساء أيضاً .. **** " المشكلة ليست في بيوت الناس ، المشكلة في قلوب الناس "
من ستثق بطبيب نفساني ، و الدولة/ الحكومة ديمغاجوجية تكترث بالأصوات أكثر ممن سيمثل مطالب الأفراد الذين أوصلوها للحكم ؟ هل كانت الخيارات هي مسألة حرية رأي و تعبير أم أنها تكليف لنا فوق طاقاتنا حتى نقبل بما هو موجود – دون أي اعتراض ؟ **** " من سيُداوي جراح المسكينة في البرد ، و الله وحده الذي آمنت بوجوده يقر بأنه غير موجود ؟ "
ذكرياتنا نحن النساء المضطهدات في العالم العربي ، و ذكريات الطفولة و المراهقة ستجعلنا حتما ندفن جزءاً من الوجع حتى يخرج بدلاً منها زهرة . في العادة يقولون لمن يواسونه/ا : " ستكون الحياة أفضل " .. أقرر هذه المرة أن الحياة يجب أن تكون أسوأ لمن سيحاول أن يدمر ثمار من عانيناه .. ستكون الحياة سجن في الواقع و ليس في الخيال لمن سيحاول أن يزرع الأشواك في طريقنا .. الخسارات ستظل معدودة من أجل الحقيقة - فحسب ..
« نهاية الفانتازيا : قُبلة على الجبين »
#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين مازوشية السلطة الوطنية الفلسطينية و سادية حماس - لا أحد
...
-
هل يحتاج الشباب العربي للدولة أم للجنس؟
-
رسائل - صريحة - لا أتلوها في وجه النهار
-
أنين ( قصة قصيرة من نسج الخيال )
-
الشرق الأوسط و باقي الخيانات
-
هل ستدق النساء العربيات أجراس الخطر ؟
-
هل القبلية هي عملية ممنهجة في نظام العالم الجديد ؟
-
الكراهية المدعية في وجه الريح
-
ما نحتاجه بعد المجزرة الانسانية في غزة!
-
أن تثق فيمن لا يثق بنفسه .. وهمٌ آخر في الأراضي المحتلة
-
هكذا يقول - الشعب - لحكام الفساد : كنت دائماً لوحدي !
-
هل يحب الآباء الفلسطينيون أبناءهم ؟
-
تحية مباركة و إغلاق مبكر
-
متلازمة ستوكهولم .. هل بعض الفلسطينيون مصابون بها ؟؟
-
العدوانية
-
من أجل رقي حركة حماس
-
الهوس الجنسي في غزة
-
صورة عن الشرق المرئي في غياب الحل الأوسط
-
حجة خروج
-
متعة الفراق المذّل
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
|