أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرات محسن الفراتي - كذبة الثقافة العربية















المزيد.....

كذبة الثقافة العربية


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 10:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هنالك الكثير من الكذبات المتكررة التي قد اعتدنا تصديقها حتى باتت في ذهنيتنا اللا واعية وكأنها حقائق راسخة.. كما الاخطاء الشائعة ندرك بوجودها ونتسابق بالدفاع عنها دون الاكتراث لواقعها.. لدوام شيوعها.. لنتخيل ان شعب بدائي بجزيرة ما يسيرون على ايديهم منذ عصور (فالحضارة لم تصلهم) وبلا مقدمات تلفض الامواج سفينة تائهة في عرض المحيط نحو هذه الجزيرة البدائية.. فيخبرهم بحارة السفينة بأن السير البشري الصحيح هو على الاقدام وليس على الايدي.. لنتخيل كيف ستكون ردة فعل السكان البدائيون؟ سيثورون ام يغضبون؟ قد يقتلون البحارة؟ ام يسخرون منهم ويضحكون على سذجهم وغبائهم لآنهم يسيرون على اقدامهم؟ نعم هذه هي الاخطاء الشائعة وسذج الدفاع عنها ابشع منها.. بل ان الاخطاء الشائعة تتصالب بالتقادم.. لتتشعب!
الثقافة العربية احدى هذه الاخطاء الشائعة! هذا هو الواقع البسيط الذي لا يحتاج الا لقليل من التركيز وكثير من القراءة للوصول له.. اننا نعيش وسط كذبات كبيرة تغلف بأطار اسمه الثقافة العربية.. وهي مجموعة كاتلوجات جاهزة تستخدم كمقبلات تقدم مع وجبات الدين والسلطة والنظم الاجتماعية البدوية على طاولة التخلف العربي.
الثقافة العربية مفهوم لا يمتلك الخصوصية فهو مرتبط من جهة بالدين وهذا بحد ذاته اشكالية فالفكر الديني المهيمن على الثقافة العربية هو فكر ماضوي يدعو بعلنية للعودة للماضي، كما ان المعيار للثقافة العربية هي اللغة العربية والجميع يعلم ان اللغة العربية في طور الانقراض وهذا ليس كلامي بل كلام منظمة الثقافة العالمية (اليونسكو) وان كانت القصة لا تحتاج لليونسكو للتأكد فلغة ليست محور بأي جامعة عالمية معترف بها.. وليست اساس بأي علم لكي يتعلمها شاغلوه.. بل ان مستوى الكتابة والتأليف والقراءة بها يكاد لا يقارن مع ما تنتجه اللغات الحية العالمية.. لنترك مثال اخير ان مجموع ما موجود على الانترنيت من مواد باللغة العربية هو حوالي 2% فقط من اجمالي ما موجود من مواد.. والعرب لا يكفون بترديد ان اللغة العربية بخير لآنها لغة القرأن.. وهذا الكلام مبرر بمنطقهم المؤمن بالخرافات والمعجزات متناسين ان قطار الحداثة والعلم والمعرفة مر دونهم ومنذ عقود وربما قرون!
قبل فترة قرأت كتاب بعنوان (تاريخ ضائع) يحاول ان يبحث بأسماء كتاب وفلاسفة وعلماء عرب (مسلمين) عاشوا بالقرون الوسطى وقام العديد منهم بالاستفادة من النصوص اليونانية الاغريقية وتطويرها لتأخذها منهم اوربا لاحقاً عند بداية عصر النهضة.. والكتاب كما هو واضح من مؤلفه وهو رئيس لمنظمة مدنية لحوار الحضارات ولداعميه من الخليج والاردن كان الهدف منه تجميل الصور وارسال رسائل معينة ولم يكن يحمل اي من معاير البحث العلمي الرصين، الا ان الغرابة بل المفارقة ان معظم ان لم يكن جميع الاسماء التي ذكرت كعلماء واطباء وفنانين وفلاسفة وقدم الكاتب لنبذة من سيرهم اتضح بهذه السير وبداخل ذات الكتاب بأنهم اما من اصول فارسية او من سمرقند او الاناظول اي ليسوا عرباً او ملحدين او يهود او مندائيين اي ليسوا مسلمين.. والاهم من هذا وذاك ان معظمهم وهذا ما تعامل معه المؤلف بتجاهل او تغاضي او تلميع بسيط، اما قتلوا او عذبوا او جرموا بسبب معتقداتهم المتنافرة مع الدين الاسلامي.. ويبقى الاكثر ايلاماً بأن اولئك العلماء قاموا بدراسة فكر الاغريق وطوروه.. بالوقت الذي اصبح الخطاب الديني اليوم يخشى اي شيء غير اسلامي ويعتبره كفراً لا يجوز التعامل به.. رغم ان هذه الفتاوي تكتب وتوزع عبر حواسيب مايكروسوفت الامريكية.. انها احدى تناقضات التيارات الدينية يدعون لمقاطعة او حرب الغرب الكافر من خلال وسائل يستوردوها من ذات من يدعون لمقاطعته!
واليوم عند الحديث عن نتاج ثقافي عربي معاصر نجد ان معظم من يقدموه بمجالات الثقافة المختلفة من الكتابة والفكر والفن هم اشخاص لا يرتبطون بمحاور الثقافة العربية.. ان معظم من نعتبرهم رموز للثقافة بالعالم العربي هم يقدمون ثقافة حداثية ليست عربية لا بجذورها ولا بطروحاتها.. بل هم ذاتهم يطالبون اما بالتغير والتغريب والعيش مع البشر لا العيش على هامش الحياة، او يدعون للتجديد خوفاً من التصريح بضرورة التبديل.
يقول الفيلسوف المصري طارق حجي بأن العرب لا ينتجون سنوياً الا القليل جداً من الكتب ومعظم هذا القليل هو كتب مدفوعة الاجر عبر (البترو دولار) الخليجي وهي كتب دينية ليس لها قراء.
ثم ولنتوقف عند نقطة هامة.. قد يشعر القارىء بالانزعاج وهو يشعر اني اوجه اتهام للثقافة العربية وانا اجردها من صفة الكينونة واعتبرها مجرد مضاهر او اشخاص محدودين، لكن لا تستعجل الاحكام عزيزي القارئ فلنتأمل شيء مهم.. اليس المثقف (الشخص) هو روح الثقافة وجسدها المتحرك.. ترى كيف يتعامل المثقف في اطار الثقافة العربية؟ وهنا ارجو ان نطرد الشعارات والكذبات الشائعة ونترك صدرنا يتسع لآلم الحقيقة المرة.
قبل فترة قرأت كتاباً بعنوان على صليب الابداع للكاتبة السعودية زينب البحراني وهو مجموعة حوارات للكاتبة مع ادباء وكتاب عرب من عدة جنسيات عربية من الشرق والغرب، مثقفون متباينون بالاعمار والتجارب وحياة المجتمعات والتجربة والابداع.. يجيبون عن اسئلة حول كيفية تعاملهم مع المجتمع والنخبة (مع تحفظي على فكرة النخبات الثقافية بالعالم العربي)، الكتاب وعبر سرده السلس لأراء المثقفين عبر اجاباتهم.. يعري كذبات الثقافة وواقعها.. وكشف عن الوجه الملوث للواقع الثقافي العربي والذي لا يحمل من الثقافة سوى اسمها ومن الداخل فهو خالي من اي محتوى.. وما المثقفون العرب (وهم قلة) وسط مجتمعات متخلفة.. وعلى قلتهم الا انهم يعانون شتى انواع المعاناة.. مع المجتمع ومع الناشرين ومع اداراة التحرير ومع النقاد المزاجيون ومع المال الذي لا يمتلكوه.. ويستخدمه من يمتلكه لآرتزاقهم عبر تحويلهم لآبواق يسلي بها انامله.. والمثقف ذو المبدأ ستكون نهايته بمنتهى البؤس.
المشكلة التي لا يفهمها العديد بأن الثقافة هي ضاهرة جماعية ولن تنجح فردياً.. فلن تنجح معارض الكتاب او مؤتمرات المعرفة البروتوكولية ولن تنجح توزيع الكتب المجانية بجلب القراء.. ان صناعة المناخ الثقافي شيء جماعي يحتاج الى (الحرية) لينمو بأبداع.. ليست الجامعة والمتحف والمعرض وحدهم وليس المقهى والنادي والتجمع كذلك ليست جلسات الانس وسهرات السمر والطرب وحدها وليست تجمعات الفيسبوك ونقاشات تويتر وتقاذف معلقي يوتيوب والمنتديات كذلك وليست المكتبة وحدها وليس المتنزه الادبي وحده ليس القراءة والكتابة فحسب ولا التناضر والتشاطر بالاراء وليس النقد والتجادل وليس الرسم والتصوير والسينما والمسرح والتلفيزيون وليس وليس وليس ...
الحراك الثقافي والمنتج الثقافي والواقع الثقافي والوجود الثقافي هو منتجات جماعية وليست هذه دعوة لخلق واقع ثقافي عربي فهذا الشيء لن يكون وهذا ليس تشاؤماً بل واقعية وخروج عن نمطية النصيحة التي يقدمها الكتاب والمثقفون العاجزون عن اي شيء.. فأنا لست قادم لآلقاء نصائح او ترك مشاريع للمعالجة من اناس ادرك عجزهم بجدية.. انا هنا اكتب رأيي فقط وبحرية...



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصابئة المندائيين الاقلية المهاجرة جبراً من العراق
- تجذر الخرافة بالعقل المسلم.. تنبؤات نهاية العالم انموذجاً
- ان كنتم تستخدمون الدين لمصادرة الحريات وقتل الاخريين.. فأنا ...
- روح الاوان السبعة
- وهم الانفتاح الثقافي وازمة الترجمة
- على مشارف السبات
- ملل المعاناة
- قراءة في الدور التركي في ازمة المختطفين اللبنانيين بسوريا
- مشكلة الاقليات الدينية في مصر
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة
- تراجع الذائقة الفنية بين جمعية الثقافة وعولمتها
- اخر حوار صحفي مع النحات محمد غني حكمت قبل رحيله
- ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية
- كذبة الديمقراطية
- التعليقات في عالم الانترنيت
- الحريات و الحقوق و الخصوصية .. في ضوء ظاهرة رسائل الهاتف الج ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرات محسن الفراتي - كذبة الثقافة العربية