|
عجلة الإنتاج المزعومة
فاطمة رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 07:51
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
ذكرني الحديث الدائم عن عجلة الإنتاج، التي ترتوي بدم وعرق العمال المصريين بالأمثال القديمة في بداية ظهور طواحين الدقيق، التي كانت تقول بضرورة أن تتزفر الطاحونة بدم آدمي حتى تدور وتنتج. يبدو أن الحكام من كبار المسؤولين في الحكومة ورجال الأعمال قرروا أن العجلة التي بدأت تتباطأ من كثرة ما علق بها من عرق العمال على مدار عشرات السنين، وبعد أن أصبح العمال من كثرة ما استنزفوا لا يستطيعون تدويرها بنفس السرعة التي تدر لهم نفس الأرباح، التي يكنزونها علي حساب حياة العمال، وحياة أبنائهم، بل على حساب صحتهم، وبعد أن بدأ العمال يقفون ويسألون أين يذهب ناتج العجلة ونحن المنتجين جوعى ومرضى، ولا نستطيع حتي إطعام أبنائنا. يبدو أنهم قرروا أن يزيدوا من سرعتها، ولكن هذه المرة عن طريق دم العمال وحريتهم. إن ما يحدث مع العمال تعدٍ سافر وصل للهجوم على عمال عُزّل يصلون الفجر أثناء اعتصامهم داخل شركة بورتلاند بالإسكندرية بأكثر من 25 عربة أمن مركزي، ويطلقون عليهم الكلاب البوليسية المسعورة لتنهش في عظامهم بعد أن أنهى الجوع والفقر ما تبقى لهم من لحم، لدرجة أن يلقي العمال أنفسهم من الأدوار العليا بالشركة للتخلص مما يتعرضون له من ضرب وتعذيب. ولم تكتف حكومة ما بعد الثورة بذلك، بل إنها تقوم بالقبض علي العشرات من العمال، ليتحول العمال المجني عليهم لمتهمين، وما يزيد الطين بلة أن يمتنع المستشفى الميري عن تقديم العلاج للمصابين منهم، ثم تقوم الشركة بحرمان ما يقرب من 500 عامل من عملهم. كل هذا يحدث، ولم نسمع صوتاً لمسؤول يرى أن ما حدث من جرائم ضد العمال فيه أي مشكلة، بداية من فض اعتصامهم بوحشية، أو القبض عليهم وتلفيق التهم لهم، أو امتناع أطباء عن علاج مرضى ومصابين، وصولاً للفصل بالجملة! وإذا نظرنا لوجدنا نفس السياسة والفلسفة في التعامل مع العمال المحتجين في كل مكان خلال الأسابيع القليلة الماضية. ففي الأقصر امتنع مستشفى الأقصر عن تقديم الرعاية للمضربين عن الطعام من عمال مصنع الأنابيب، الذين دخلوا المستشفى، وفي قنا تم القبض على العمال، وإصدار أمر قبض على عمال آخرين لكي يقايضوا العمال على حرية زملائهم مقابل فض الإضراب، والتخلي عن الحقوق. والآن يخرج صاحب مصانع فرج الله من لقائه مع محمد مرسي، لكي يتمادي في ظلمه وذله للعمال المحرومين منذ أكثر من عشر سنوات من حقهم في العلاوات السنوية، وحقهم في الأرباح، التي يجنيها من عرق وصحة عمال مصانع شركاته، فبدلاً من الجلوس على مائدة التفاوض مع العمال ونقابتهم، نجده يرسل لمرسي يحرضه على العمال، مهدداً بإغلاق المصانع، وتشريد العمال، ويخرج في الإعلام ليشوه العمال، ثم تقوم إدارته بالتحايل على العمال، وخداعهم، ويجعلونهم يوقعون على محضر ضد زملائهم، بعد أن أفهموهم أنهم يوقعون على مطالب بتشغيل الشركة، وقبض الراتب، ثم في أول يوم تشغيل يتم القبض على قيادات العمال بتهم لا يصدقها عقل، فهل يعقل أن يستطيع حوالي 20 عاملا التغلب علي أكثر من 2000 عامل وإجبارهم على الإضراب؟! هجمة جديدة على عمال مصر وكادحيها لا لشيء سوى أنهم يستخدمون حقا من حقوقهم المشروعة، وهو الحق في الإضراب والاعتصام السلمي، علماً بأن عمال مصر لا يلجأون للإضراب والاعتصام إلا عندما تسد في وجوههم كل الطرق، وتغلق في وجوههم كل الأبواب. يأتي إضراب واعتصام العمال في مواجهة أصحاب أعمال يستبيحون حقوقهم حتي الوارد منها في القانون، ولا يستجيبون لأي مطالبة بتنفيذ هذه الحقوق، متعللين طوال الوقت بالظروف الاقتصادية. رجال الأعمال لا نسمع كلمة منهم عن الظروف الاقتصادية ومعاناة الفقراء، وهم يرفعون في الأسعار يومياً، ولا أحد يحاسبهم. فوق كل هذا التعسف والجرائم، التي تُرتكب في حق العمال نجد هجمة إعلامية من رجال الأعمال ضد العمال يتهمونهم بالابتزاز، ويطلقون على مطالبتهم بحقوقهم بأنها مساومة رخيصة، وانحراف أخلاقي، ونسمع ممن يخرق القانون ولا يقوم بتنفيذه بالنسبة لحقوق العمال من يتحدث عن خرق العمال القانون، ويستفيض في شرح شروط الإضراب في قانون العمل، وينسى أن في نفس القانون-سيئ السمعة الذي وضعه رجال أعمال مبارك، وما زال يستخدمه رجال أعمال مرسي ضد العمال- مواد عن ساعات عمل والحق في العلاوة الدورية والاجتماعية، وأنه يُضرب بها عرض الحائط، لدرجة أن بعضهم تحدث عن أن ظاهرة الإضرابات يجب تفسيرها من قبل خبراء نفسيين. أقول لمرسي وحكومته ورجال أعماله إنكم لا تريدون استيعاب الدرس حتى الآن، وهو أن القتل لم يوقف خروج الشعب المصري للتظاهر والمطالبة بحقوقه، وإن ما فعلتموه في بورسعيد حول مدينة بورسعيد بكل طوائفها، وبكل تلاوينها السياسية من السلفيين وصولاً لليبراليين والاشتراكيين والناس العاديين في الشارع إلى أن أصبحوا على قلب رجل واحد، وربما نجحت في أن تكون الشرارة لبدء عصيان مدني ينهي عهدكم. كذلك لن يوقف تعسفكم وجرائمكم ضد العمال إضرابات العمال واعتصاماتهم، ولن تنجحوا في تشويه صورة العمال فكذبكم وتلفيقكم سرعان ما ينكشف، يكفيني أن أقول لكم ما قالته إحدي أمهات العمال في وادي القمر «أنا عرفت دلوقتي مين البلطجية، زمان كنت بصدقهم لما يتكلموا عن البلطجية، بس دلوقتي ولادنا مش بلطجية هما اللي بلطجية».
#فاطمة_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمال يحاربون الفساد
-
لماذا يقول العمال «لا» للدستور؟
-
جداول وإحصاءات عن احتجاجات العمال
-
فاطمة رمضان - ناشطة عمالية ويسارية وعضوة المكتب التنفيذي للا
...
-
العمال المصريون من الاتهام بالفئوية إلي الاتهام بالعمالة
-
العاملات والثورة
-
آثر اتفاقيات التجارة العالمية علي صناعة النسيج وعمالها
-
فوز مرسي الفرح الحزين
-
العمال في برنامج الرئيس محمد مرسي
-
قانون الأخوان لذبح الحركة العمالية والنقابية
-
إطلالة علي الحركة العمالية في مصر(2007-2009)
-
خطوات للأمام في حق التنظيم والحرية النقابية- خطوة للخلف في ا
...
-
قراءة في أروقة مؤتمر العمل العربي (العفن والبيروقراطية تعشش
...
-
يا ليت من أصدروا ما سمي -وثيقة العهد- صمتوا إلي الأبد؟؟!!
-
قراءة في برنامج مرشحي الرئاسة فيما يخص العمال ومطالبهم
-
الحركة العمالية خلال الثورة المصرية
المزيد.....
-
الحكومة الجزائرية تعلن عن تعديل ساعات العمل في الجزائر 2024
...
-
المالية العراقية تعلن عن موعد صرف رواتب المتقاعدين في العراق
...
-
“الجمل” يتابع تطوير شعبة الفندقة بالجامعة العمالية لتعزيز ال
...
-
وزارة المالية.. استعلام رواتب المتقاعدين وحقيقة الزيادة في ا
...
-
وزارة المالية العراقية تحدد موعد صرف رواتب الموظفين لشهر ديس
...
-
حصيلة بقتلى العاملين في المجال الإنساني خلال 2024
-
4th World Working Youth Congress
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر
...
-
بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
-
النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|