|
الاحتفال بواسطة اللا إحتفال .
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 19:51
المحور:
سيرة ذاتية
عام 1961 شدت ام كلثوم بالحان رياض السنباطي وكلمت صلاح جاهين أغنية ثوار .. وكان ختامها ، تعالوا يا أجيال يا رمز الأمل ...من بعد جيلنا و إحملوا ما حمل...وإفتكرونا وإذكرونا بخيرمع كل غنوة من أغانى العمل. هيلا هيلا هيلا هيلا ثورتنا عمل وكفاااح هيلا هيلا هيلا هيلا هبوا واصنعوا الامجااااد هيلا هيلا هيلا هيلا وابنوا فوق بنى الاجداد ثم تنبأ .. بأن اول طريقنا بعيد واخره بعيد ، وإن الثورة قائمة والكفاح دوار . لقد كنت من هذه الاجيال التي دعاها لان تحمل ماحمل وبصراحة حملنا ما هو فوق طاقتنا بمراحل ولم نرى بعد اول الطريق . بعد ساعات محدودة سأنهي العام الثالث بعد السبعين وأبدأ الرابع .. ولقد قرر مجلس العائلة الموقر المكون من الزوجة والابناء وزوجاتهم و الاخت و الكريمات أن لا نحتفل باى عيد ميلاد لاى فرد من أفراد الاسرة (وأولهم الجد )علي اساس ان العامين الماضيين لا يعتبران قد مرا علينا، لقد ضاعا، اتلفا بواسطة الغزاة المنحرفين من رجال الاخوان والسلفيين بحيث لازلنا محلك سر نناطح حكم مبارك بعد أن اطلق لحيته . وفي الحق لقد سرق عمر كامل منا.. فنحن بعد انتشار الاغنية بيننا ، لم نثر ،أو نعمل ،أو نكافح ،أو نصنع الامجاد ولم نضف علي ما قدم الاجداد الا كل جحود ونكران وتخلف وانحطاط . كلما نظرت للوجوه التي اتت بها عاصفة(الربيع ) الترابية وجعلت منهم قادتنا ولكلمات العته التي يتداولونها بثقة اجد ان من الصعب ان نذكر جيل اصحاب غنوة(الثوار) بالخير كما طلبوا منا، لقد اسسوا بناء من ورق طار مع اول هبة هواء ثم تركونا بعد ذلك فريسة لمجموعة من المهاويس يريدون تأجير الهرم وابوالهول مفروشا (لبتوع الجاز) و تفريغ متاحفنا من ما تركه الاجداد وديعة بعد أن قرر رجال المرشد و تابعيهم من السلفيين تحويلها الي سبوبة واكل عيش تدر ما يملأ بيت المال ليجدوا ما يسرقون . عندما غنت ام كلثوم( ثوار) كنت لازلت طالبا في هندسةعين شمس ادرس العمارة و كانت احلامي لاحدود لسقفها فالميثاق حولنا من عبيد الاقطاع والاستعمار واعوانه الي احرار نسعي بالحرية والديموقراطية الي اسمي الافاق والعمل سيجعل منا الامة الاقوى والاعظم والاقدر في المنطقة،عندما انضممت لجيش العمل الذى قال عنه جاهين ((أطلب تلاقي تلاتين مليون فدائي )) لم ابخل ابدا بالجهد والاخلاق الحميدة المسئولة و تطبيق ما تعلمته من الزعيم الذى يعرف تماما اين موقع قدميه .. عندما التحقت بالقوات المسلحة كنت انتمي الي اقوى جيوش الشرق الاوسط واكثرها مهابة ..ولكن لم تمض سنوات معدودة حتي وجدت نفسي في سهول وادى حرض بين الثعابين والعقارب الحشرية والادمية من فئة بني سعود و تابعيهم من الاخوان المسلمين اشيد سدا ترابيا ينظم مياة السيول ليجعلها مفيدة لليمنين . وكنت رغم المخاطر،الامراض غير المعروفة ،الاوبئة والعشرة الاف ريال المرصودة علي رأسي اعمل بجدية وحب وتنظيم اقود الفريق حتي شاهدنا السيول تقف امام السد وتستدير بعيدا عن السعودية لتروى اراض يمنية . لقد رأيت احلك الايام والليالي ومع ذلك ،كان الزعيم هو الذى امر وعلي جيشه ان ينفذ مهما كان الثمن . عندما امر ان نتحرك الي سيناء وجلسنا مع مشيرة عامر وهو يؤكد انه قادر علي حماية بر مصر وتحقيق نصر في سيناء واليمن .. لم اشك الا قليلا لقد كانت ثقتي في قادتي لا حدود لها .. حتي تبخر الجيش في ساعات محدودة و سقطت سيناء بيد العدو يلهو بقتل واسر ومطاردة فلول جيش عامر وناصر .وبدأ السقوط المتتالي .. لتصبح حياتي كما وصفها امرؤ القيس : وليل كموج البحر ارخي سدوله علي بانواع الهموم ليبتلي . فقلت له لما تمطي بصلبه واردف أعجازا وناء بكلكل . الا ايها الليل الطويل الا إنجلي بصبح وما الاصباح منك بأمثل . لقد أسرت ثم عندما عدت كان علي المشاركة في اعداد قواعد حائط الصواريخ و التجهيزات الدفاعية علي حدود القناة و العمل تحت وقع قنابل وطائرات العدو المتفوق و المغرور .. وخرجت من خدمة القوات بعاهه مستديمة ومعاش لا يسمن ولا يغني من جوع . لقد تغير الحال بعد ذلك في جيش ابو غزالة ثم اصبح نعيما مقيما لضباط جيش طنطاوى و لكنني عشت أكثر أيامه مراره ،المبيت في حفرة او ملجأ و تناول طعام مخلوط بالتراب والرمل و دخول دورات مياة ميدانية شديدة البدائية والقذارة اتنقل من الدفرسوار لابوقير الي تأمين خطوط الضعط العالي للكهرباء في الصعيد وبمرتب محدود لا يكفي . عندما عبر القوات القناة كانت قد تدربت لعشرات المرات واعدت الخطة علي مهل واحتراف .. عندما بدأت المعارك ظهر الفارق بين القيادتين وانتهت بوصول قوات العدو حتي حدود القاهرة واتفاقيات فك الاشتباك المهينة ثم بكامب دافيد التي انهت لعشرات السنين التالية وحتي الان استقلالية مصر واكدت تبعيتها لامريكا واهواء اسرائيل . كل هذا يهون عدا ما فعله انور السادات باعطاء الضوء الاخضر لضوارى الاسلامجية لتعمل كثقل توازن مع اليسار الممتلك للشارع و الجامعه .. وسرعان ما انتشر الوباء من الجامع الي النقابات الي تكوين طابور خامس له مليشياته في كل مؤسسات الدولة.. لقد كان زمن ركود عصابة مبارك البيئة المناسبه لانتشار الفيرس وتمكنه من جسد الضحية (مصر) باستخدام اموال بتوع الجاز و جهل واميه المصريين الذين يتزايدون بمعدلات فلكية لا يوازيها انتاج او اعمال تستوعب طاقتهم العمل في الاوساط غير المستعدة للتطور عذاب ولكن الاكثر عذابا ان تعمل في اجواء فاسدة وليس لديك اى اختيار اخر .. انها موجات ليل امرؤ القيس حيث الفاسد المرتشي يصعد ويتفوق و ينال من ضعفاء القوم الذين يحتفظون بقيم ومباديء الميثاق وأغاني صلاح جاهين عن ان العمل واجب ،العمل حق ،العمل حياة. تمر الايام تتوالي وكل يوم اتساءل هل سيأتي الفجر هل ستتغير الاحوال هل سنصبح امة تعمل وتنتج وتشارك في ركب الحضارة .. كل يوم تأتي لنا منتجات اعمال الاخر في الغرب والشرق و عندما ننظر الي ما بين ايدينا لا نجد الا دعاوى سلفية شديدة الرجعية تريد عودة المرأة للبيت وتضطهد المخالفين دينيا او عقائديا و تحول الشارع الي غابة يتصارع فيها وحوش البزينيس و فتواتهم . اليوم بعد ان انقضي العمر وفتر الجهد و لم يبق الا نتاج ما زرعت اجد انني بذرت بكل سذاجة حبوبا لا تنمو في الارض المشبعة بالمجارى و قاذورات عصابات مبارك والمرشد .. ولم يبق لي الا الستر المكتسب بصعوبة في مواجهه المليارات السهلة .. فانظر الي صلاح جاهين واقول نشنت يا فالح لقد حملنا ما حملتم فكان بالتركة عقارب وتعابين لن تهدأ حتي تقضي علي هذا الشعب المسكين . عندما يسقط منطاد (اكثر وسائل النقل الجوى امنا ) و تتصادم القطارات و تغرق المراكب والعبارات و تسقط المنازل علي رؤوس السكان وتباع العذارى لاجلاف السعودية في القرى وحتي في مدينة الرحاب .. وعندما تفتح القنوات الفضائية برامجها للمتخلفين الذين يأكلون لحم الجان ويتزوجون منهن.. عندما يتحول الدواء الي بول ابل و الموسيقي و البالية الي فجر ومجون ..ويهرب السياح ،عندما تذاع حديث رئيس البلاد الساعة الثانية صباحا لكثرة اعمال المنتاج .. عندما ينظر مجلس الوزراء في دراسة لتأجير اثار مصر .. نصبح شعبا يحتاج لثورة حقيقية تهزه من الاعماق و تعيد له رشدة وتجعله يعمل ، يصنع الامجاد ، يضيف لما قدمه الاجداد (مثل أمل صلاح جاهين )حينها سنعيد النظر في قرار الاحتفال بالا احتفال .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماعت، كارما ومفهوم العدالة.
-
تهافت القداسة أم استقالة البابا
-
التوحد والزهايمر في القمة الاسلامية.
-
تلويث الميدان بسلوكيات الاخوان
-
د.جمال حمدان وشخصية مصر
-
نكبة،نكسة ،وكسة وهزيمة
-
كلمات القدرة ولغة الضاد
-
ايش تعمل الماشطة في الوش العكر
-
هل سنزرع الأفيون في 2013
-
وضاع كفاح قرنين..يا مصر.
-
تأملات في مفهموم الجمال
-
محمد حسين يونس - كاتب وروائي مصري - في حوار مفتوح مع القارئا
...
-
يا شباب إسلامهم غيرإسلامنا
-
قوانين سيدى مرسي علية السلام .
-
هذه الخرابة تسمي مصر
-
بشرالقاع يتحدون العالم
-
الاستراتيجية الامريكية بلاء لبلادنا
-
تغير المفاهيم السائدة للاخلاق
-
الإنزلاق الي أسفل سافلين.
-
الحياة.. ليست عادلة.
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|