هنيئا لكم يا شباب وطوبى لكم يا احرار

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 1156 - 2005 / 4 / 3 - 17:50
المحور: القضية الكردية
    

من الطبيعي في مثل هذه الحالات ان تعم الفرحة الجميع أهلا وخلانا وابناء القوم والصديق القريب والبعيد ولكن في حالة اطلاق سجنائنا الشباب فللمناسبة طعم آخر ونكهة أخرى.
هؤلاء الاحرار ومن سبقهم على طريق الشهادة ومن بقي منهم في المعتقلات ومن لم يظهر لهم أثر حتى الآن ، ومن لم تطلهم ايادي ادوات القمع كانوا على موعد مع قدر شعبنا في احداث الثاني عشر من آذار من العام المنصرم .
كانوا نواة "الهبّة" الشعبية الدفاعية السلمية بسلاح الارادة الشجاعة والايمان العميق بمبادئ الحق والعدل، والتفاني في سبيل قيم الحرية، لقد مثلوا شعبهم بجدارة واداروا عملية المعركة الدفاعية باتقان ودون تخطيط مسبق , أو اجتماعات تحضيرية ,أو لجان تعبوية,أو مساعدات خارجية، كانوا محميين فقط من شعبهم , وكانت الجماهير سياجهم.
جسّد هؤلاء الشباب معاناة الكرد الطويلة القاسية، واطلقوا نداء الحرية والخلاص ومزقوا ستار الخوف من الامن والمخابرات والشرطة والعسس والعسكر وكل مايرمز الى السلطه الاستبدادية وحكام قانون الطوارئ ودكتاتورية الحزب الواحد القائد .
صرختهم المدوية في شوارع المدن والبلدات في المناطق الكردية والمدن السورية كانت أيذانا للحاكم ولكل من يهمه الامر بأن مرحلة من الحياة السياسية في سورية قيد الانقضاء وأن زمن التغيير قد حان وان الجمود المزمن في البلاد لن يستمر والحراك قد بدأ من الكرد اكثر الناس اضطهاداً وحرمانا واحوجهم حرية وخلاصاً وديموقراطية.
هؤلاء الشباب "بهبّتهم" المجيدة أظهروا للقاصي والداني للداخل والخارج للكردي والعربي ان قضية كرد سورية القومية طالت وتفاقمت باحثة عن حل سلمي ديموقراطي وأن هناك مسؤولية تقع على عاتق العرب السوريين وعلى الرأي العام العالمي وجميع محبي الحرية والسلام.
كان " لهبّة" هؤلاء الشباب الشجعان وقع كبير على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية في سورية ، وضعت السلطة الحاكمة في مأزق كبير أمام الشعب السوري والقوى الدولية، ودفعتها باتجاه البحث- مرغمة- عن حلول توفيقية أو ترقيعية لبعض جوانب الشان الكردي، وتقديم الذرائع- واكثرها مضلله- امام المنابر الدولية ومنظمات هيئة الامم المتحدة المعنية بشؤون حق الشعوب وحقوق الانسان. ودفعت الحركات السياسية في البلاد من قوى ديموقراطية وحركات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان الى اعادة النظر في الموضوع الكردي ومراجعة حيثياتها القانونية والسياسية والاخلاقية لتقترب خطوات نحو مواقع الموقف السليم ولتنفتح اكثر على القضية القومية الكردية وتتعامل بصورة اكثر جدية مع الحركة السياسية الكردية.
نعم لقد مهّد هؤلاء الشباب السبيل لأن تعيد الحركة القومية الكردية انتاج ذاتها من جديد. وهم لم يحضروا من كوكب آخر بل كان حراكهم استكمالا لما بدأه السلف منذ عقود ولهم الفضل في ابتكار ادوات جديدة من النضال اكثر فاعلية ومتناسقة مع الظروف المحيطة وفي مستوى متطلبات اللحظة الحاسمة التي طال ما تخلفت عنها القيادات الحزبية الكردية وعجزت عن استثمارها في الوقت المناسب.
نحن الآن الى جانب مختلف المكونات القومية والسياسية في سورية والمنطقة عموماً على ابواب مرحلة جديدة يعاد فيها الاعتبار من جديد الى القواعد الشعبية والكتل الجماهيرية التي بدأت تبتكر لنفسها وسائل جديدة تهز العروش وتسقط الانظمة وتلاحق الظالمين والفاسدين والمفسدين وتقدم مجرمي الحروب ومستغلي الشعوب وناهبي خيرات الاوطان الى العدالة، ومن هذه الزاوية دون غيرها يجب الانطلاق في قراءة الاحداث الكردية السورية طبيعة وادوات ووقوداً. وعلى المجموعات الحزبية الكردية التعامل مع الحدث على هذا الاساس مع ترك الابواب مشرعة لمختلف انواع التقييم والنقد الذاتي ومحاسبه الذات ومن ثم ترجمة ذلك في الواقع العملي باتجاه التغيير الجذري واعادة انتاج العوامل الذاتية والموضوعية دون تردد.
شبابنا الاحرار من قادة ووقود " الهبّة" الشعبية الذين يكرمهم شعبنا ويستقبلهم كابطال بعد تجربتهم ومعاناتهم منذ آذار الماضي وحتى الآن خلال الاحداث أو داخل المعتقلات حري بهم وبالترافق مع اوجه حياتهم العادية ان يكملوا مسيرتهم الوطنية في قلب الحركة السياسية الكردية خاصة وانهم منذ عام يتصدرون شؤون وشجون قضيتنا القومية في الداخل وفي المحافل العالمية، ومن المأمول أن يشكلوا عامل دعم واسناد لعملية التغيير في الهيكلية الاساسية لادواتنا النضالية في المستقبل القريب على اسس سليمة وعلى قاعدة الوحدة والتماسك.
طوبى لكم ايها الاحرار ومرحى لكم ايها الشجعان وتحية من القلب الى الشهداء الابرار.

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات