أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلفيستر جافار - ما هو الدياليكتيك؟















المزيد.....

ما هو الدياليكتيك؟


سلفيستر جافار

الحوار المتمدن-العدد: 4740 - 2015 / 3 / 6 - 08:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بوجه عام، ينتاب المناضل/ة، أول ما يصادف كلمة «دياليكتيك»، انطباع أن الأمر يتعلق بمفهوم معقد. إذ غالبا ما يستعمله أستاذ جامعي، أو مناضل متقدم في السن، وذلك لتفسير فكرة تبدو متناقضة، ومستعصية عن الفهم. على سبيل المثال «لا يمكن تغيير المجتمع عن طريق الانتخابات، ولكن على الثوريين المشاركة في الانتخابات... إنها مسألة دياليكتيكية!» أو « نناضل من أجل إقامة عالم بدون عنف، لكن يجب استعمال العنف لبلوغ ذلك... إنها مسألة دياليكتيكية!»

من المفهوم أيضا أن بقاء التفسير عند هذا الحد، سيجعل المناضل/ة الشاب يستنتج بسهولة أن الدياليكتيك مفهوم غامض يفيد في تبرير كل شيء وأي شيء...

وفي الواقع،الدياليكتيك طريقة تفكير، ومنهجية لفهم الواقع بقصد التمكن من استيعابه على نحو أقرب مما هو عليه فعلا. وهو، من حيث أسسه، بسيط للغاية، وكل فرد يفكر بشكل دياليكتيكي يوميا مرارا عدة دون تبين ذلك. ومن جهة أخرى غالبا ما يمكن كشف فكر غير دياليكتيكي في استدلالات وظيفتها تبرير نزعة المحافظة والحفاظ على النظام.

مبادئ

كل شيء في حركة. هذا طبعا صحيح عندما يقع حدث فجأة كتشييد بناية، وتأسيس نقابة، وشن إضراب. ولكن الأمر صحيح أيضا بالنسبة للأشياء التي تبدو جامدة. قال الفيلسوف الإغريقي هرقليطس «لا نسبح في نفس النهر مرتين». وفي الواقع يتدفق الماء باستمرار، وتتغير أشكال التيارات المائية الخ. وحتى منزل مضت عليه مائة سنة يشهد تغييرات، تبدلات على واجهته، وقد تتصدع عوارضه تدريجيا، إلى أن يتشقق جداره يوما ما، ثم ينهار. ما هو صحيح بالنسبة لنهر ينطبق بالأحرى على حزب سياسي (الذي يتغير أعضاؤه، وتتبدل أيضا توجهاته، ونشاطه) أو طبقة اجتماعية. وحتى منظمة عتيقة جدا وقائمة على عقائد جامدة مثل الكنيسة الكاثوليكية تتغير باستمرار، وتشهد صراعات خفية أحيانا، وأزمات مفتوحة أحيانا أخرى...

يبدو هذا، وقد قيل على هذا النحو، أمرا جليا. غير أنه غالبا ما ُيزعم في وسائل الإعلام والمدرسة والكتب، أن ثمة «مؤنث أبدي»، و«طبيعة بشرية»، الخ. وقد يكون حدث ما يخص بلدين موضوع تبرير ارتكازا على «الطابع القومي» لهؤلاء وأولئك، وغالبا بالاستشهاد بأمثلة تاريخية عريقة لكن منتقاة بعناية. وبما أن الإيديولوجيين الرجعيين مضطرون مع ذلك للاعتراف بوقوع أحداث، تراهم يرتدون إلى رؤية قوامها «تكرار أبدي» للأحداث: إن سيرورة الصراع الاجتماعي، والإضراب والثورة، يمكن أن تحدث، ولكن لا يمكنها أن تحصل سوى على طريقة واحدة. على سبيل المثال تصبح الستالينية نتيجة حتمية لكل ثورة بسبب «طبيعة الشيوعية»، ومن المستبعد مستقبلا أن تفضي ثورة إلى نتيجة مغايرة...

لا يتغير كل شيء وحسب، بل أيضا يتغير كل شيء تبعا لتفاعل عناصر مختلفة. ها هو النهر يغير مجراه من سنة إلى أخرى: لماذا؟ لأن النهر شهد فيضانا، وأن هذا الفيضان بدوره سبب انهيار حواجز، و هذا الانهيار بدوره غير هندسة المنطقة، ما أدى بالنهر إلى تغيير مساره.

شهدت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ازدهارا في متم القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين. وردا على ذلك اعتمدت الطبقات المهيمنة استراتيجيات مبنية على تسويات واستقطاب قادة هذه الأحزاب. بلغت هذه الاستراتيجيات ذروتها مع إدماج هؤلاء القادة في مختلف «الاتحادات المقدسة» خلال الحرب العالمية الأولى. وغيرت هذه الاستراتيجيات بدورها طبيعة لهذه الأحزاب الداخلية، وطورت البيروقراطية فيها، الخ.

مثال آخر: تَكَّسر أنفي: لماذا؟ لأنني أهنت جاري، و هذا الأخير وجه لي لكمة مباشرة بيده اليمنى ردا على ذلك، والآن أنفي مكسر.

كما يمكن، بصدد كل مثال، تحليل التطور الجاري من وجهة نظر معاكسة: المنطقة التي تغيرت بفعل تفاعلها مع النهر، والطبقات الاجتماعية التي تغيرت بسبب تفاعلها مع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، وجاري التي تغير مزاجه وأصيب في يده نتيجة مشاجرتنا.

هنا أيضا، يبدو كل ذلك جليا بما فيه الكفاية. ولكن غالبا ما يجري في التحليل تجاهل التفاعل مع العناصر الأخرى، فتاريخ الفن والتاريخ السياسي والاقتصادي لبلد ما يجري تدريسهما كمسألتين منفصلتين تماما، ويجري تحليل الثورة الروسية دون اعتبار السيرورة الثورية بالمجر أو بألمانيا أو عدوان الجيوش الأجنبية الأربعة عشر خلال الحرب الأهلية، وتعرض وسائل الإعلام الحركات الاجتماعية بمصر والكفاح من أجل تحرير فلسطين كعنصرين لا يتبادلان التأثير، الخ.

إن واقع تغير كل شيء باستمرار تبعا لتفاعل عناصر عديدة يعني من جهة أن كل شيء يتشكل بفعل ما يتناقض معه، ومن جهة أن كل شيء يضم في داخله بالذات تناقضات. وهذه التناقضات بالضبط هي التي تجبره على أن يكون في حركة دائمة. هكذا، جلي أن وعي الطبقة العاملة يتشكل بفعل مكانتها في المجتمع، و نتيجة الاستغلال والاضطهاد من قبل الطبقة المهيمنة –هذا التأثير يولد فيها تبنيا لأفكار الطبقة المهيمنة، أو أفكارا تتناقض معها.

بفعل هذا، يولد التعارض بين العمال والبرجوازية تعارضا بين العمال أنفسهم –على سبيل المثال بين المضربين وغير المضربين في أثناء حركة نضالية ما. ويمكن أيضا كشف هذا التناقض بين أجزاء مختلفة من وعي عامل فرد. وقد سمى الثوري الايطالي أنطونيو غرامشي هذه الظاهرة بـ«الوعي المتناقض» ورأى فيها مصدر النزعة الإصلاحية [1].

علم الحركة

يتيح لنا هذا المثال الأخير رؤية مدى فائدة فكر دياليكتيكي بالنسبة للمناضلين الثوريين: إذا كانت الإصلاحية معطى جامدا، وفكرة قد تأتي مباشرة من القادة الإصلاحيين ويقبلها العمال كتلة واحدة، فإن ثمة قليل من الأمل في إقناع معظم العمال الإصلاحيين –وبالتالي قليل من الأمل في اندلاع ثورة يوما ما. ولكن إذا جرى تحليل الإصلاحية بما هي النتيجة غير الثابتة لتأثيرات متناقضة، نفهم بيسر أن من الممكن تماما أن يختل التوازن الهش الخاص بهذه الإصلاحية، تبعا لوضع الصراع الطبقي و أنشطة المناضلين الثوريين. و إنه لنموذجي أن يحدث التغيير على نحو سريع جدا: يمكن لتجربة سلطة العمال الجماعية، وقمع الدولة، والصلة بالأفكار الثورية أن تتضافر وتساعد على التخلي عن الأفكار الإصلاحية التي كانت قائمة لعقود.

وكذا في النضال الثوري ذاته، يجب على التحليل الدقيق لاختلالات جهاز الدولة وتوتراته وللطبقة الحاكمة، أن يتيح في كل لحظة توجيه فعل نضالي يسرع ردود فعل متسلسلة تسير في الاتجاهات المأمولة: إضراب عام، شل جهاز القمع، تنامي ثقة العمال، تصدعات في صفوف الطبقة الحاكمة، وانضمام قسم من الجيش إلى صفوف الثورة، الخ. وكل حدث يطرح مشاكل جديدة، وفي الآن ذاته مخاطر جديدة وأسس تقدم جديد.

للقراءة

ننصح بنصين قصيرين وتعليميين: الأول لإنجلز، الفصل الثاني من كتابه الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية، والثاني من تأليف الفيلسوف الماركسي جورج بوليتزر، مقتبس من كتابه مبادئ أولية في الفلسفة، الفصل الثاني.




إحالات

أنظر سارة بنيشو، «أنطونيو غرامشي، الهيمنة بما هي استراتيجية»، », Que faire ? ancienne formule, n° 9, http://quefaire.lautre.net/que-faire/que-faire-lcr-no09-aout-octobre/article/antonio-gramsci-l-hegemonie-comme

تعريب:المناضل-ة



#سلفيستر_جافار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلفيستر جافار - ما هو الدياليكتيك؟